تتويج «كذب أبيض» لأسماء المدير بالنجمة الذهبية

توجت لجنة تحكيم المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، في حفل اختتام الدورة العشرين، أول أمس السبت، بقصر المؤتمرات بالمدينة الحمراء، الفيلم الوثائقي: «كذب أبيض»، للمخرجة المغربية أسماء المدير، بـ»النجمة الذهبية».
ومنحت جائزة «لجنة التحكيم»، مناصفة لفيلمي؛ «عصابات» للمخرج المغربي كمال الأزرق، و»باي باي طبريا» للمخرجة الفلسطينية لينا سوالم «تسلمت الجائزة والدتها هيام عباس».
وحصلت المخرجة السينغالية راماتا – تولاي سي، على «جائزة الإخراج»، عن فيلمها «بانيل وأداما».
إلى جانب ذلك، قدمت لجنة تحكيم المهرجان، جائزة «أفضل ممثلة» لأسيا زارا لاكومدزيا عن دورها في فيلم «نزهة»، للمخرجة البوسنية أونا كونجاك، أما جائزة «أفضل ممثل» فقد عادت لدوكا كاراكاس عن دوره في فيلم «المهجع»، للمخرج التركي نهير تونا.
ويعتبر فوز مخرجة مغربية في هذا المهرجان سابقة في تاريخه، لاسيما وأن أسماء المدير، سبق وأن استفادت من «ورشات الأطلس»، برنامج الصناعة السينمائية للمهرجان، الذي تم إحداثه سنة 2018، وهو البرنامج الذي استفاد منه كمال الأزرق وراماتا- تولاي سي المتوجان أيضا في هذه الدورة.
وتؤكد تتويجات هذه الأعمال الثلاثة، التي تنافست مع 11 عملا آخر، على مدار تسعة أيام، دور منصة المهرجان في دعم المواهب السينمائية الجديدة من العالم العربي وإفريقيا.
وعبرت أسماء المدير عن سعادتها بهذا الفوز، الذي يعتبر تتويجا للصناعة السينمائية المحلية، مشيرة إلى أن هذه النتيجة جاءت عقب تلقيها لمجموعة من التدريبات في ورشات الأطلس بالمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، حيث سبق وأن حصلت على جائزة الأطلس للتطوير (5000 أورو) سنة 2019، وعلى جائزة الأطلس لمرحلة ما بعد الإنتاج (20 ألف أورو) سنة 2021.

تفاعل واسع

 

تكونت لجنة تحكيم الدورة العشرين للمهرجان، من ثماني شخصيات تنتمي للقارات الخمس، برئاسة جيسيكا شاستين، ويتعلق الأمر بالممثلة الفرنسية الإيرانية زر أمير، والممثلة الفرنسية كامي كوتان، والممثل والمخرج الأسترالي جويل إدجيرتون، والمخرجة البريطانية جوانا هوك، والمخرجة الأمريكية دي ريس، والمخرج السويدي من أصل مصري طارق صالح، والممثل السويدي ألكسندر سكارسجارد، والكاتبة الفرنسية المغربية ليلى سليماني.
وعرفت هذه الدورة مشاركة أعداد كبيرة من الجماهير التي شاهدت عروض الأفلام وحضرت مختلف فقرات المهرجان، حيث تم اعتماد ما يقارب 21 ألف مشارك حصلوا على بطاقاتهم الإلكترونية بشكل مجاني.
وكما هو الحال في كل سنة، شهد المهرجان مشاركة ما يقارب 8 آلاف طالب وطفل ومراهق من المنطقة، حضروا عروض الأفلام المبرمجة في قسم «سينما الجمهور الناشئ»، من بينهم 750 طفلا ينحدرون من منطقة الحوز.
وخصص المهرجان، الذي تم تنظيمه رغم الظرفية الصعبة، تكريما لشخصيتين مرموقتين من السينما العالمية والمغربية، هما الممثل الدانماركي مادس ميكلسن، والمخرج المغربي فوزي بنسعيدي.
وفي سياق متصل، لبت عديد أسماء شهيرة من مهنيين مغاربة ودوليين دعوة مهرجان مراكش، من بينهم 10 شخصيات أتت من القارات الخمس لتشارك في برنامج «حوار مع…»، الذي شهد مح+ادثات حميمة متحررة من كل القيود مع كل من الممثل والمخرج الأسترالي سيمون بيكر، والمخرج المغربي فوزي بنسعيدي، والمخرج الفرنسي برتران بونيلو، والممثل الأمريكي ويليم دافو، والمخرج والمنتج الهندي أنوراغ كاشياب، والمخرجة اليابانية نعومي كاواسي، والممثل الدانماركي مادس ميكلسن، والممثل والمخرج الأمريكي – الدانماركي فيجو مورتنسن، والممثلة الاسكتلندية تيلدا سوينتون، والمخرج وكاتب السيناريو الروسي أندري زفياجينتسيف.
وعلى صعيد آخر، تمكن جمهور المهرجان من اكتشاف 75 فيلما من 36 دولة موزعة على عدة أقسام: المسابقة الرسمية، العروض الاحتفالية، العروض الخاصة، القارة الحادية عشرة، بانوراما السينما المغربية، سينما الجمهور الناشئ، إضافة إلى الأفلام التي تم عرضها في إطار التكريمات.

ورشات الأطلس

 

ككل سنة منذ 2018، عرفت «ورشات الأطلس»، برنامج الصناعة والتطوير للمهرجان، حضور أزيد من 300 خبير مهني دولي من أجل 25 مشروعا وفيلما في مرحلة التطوير أو في مرحلة التصوير من 11 دولة. على مدى دوراتها الستة، قامت «ورشات الأطلس» بمواكبة 136 مشروعا وفيلما سينمائيا، منها 57 مشروعا وفيلما مغربيا، وثلاثة من الأفلام المتوجة هذه السنة.
كما عرفت هذه الدورة العشرون مشاركة متميزة للمهنيين المغاربة الذين بلغ عددهم 900 مهني، وتغطية إعلامية مهمة، حيث تم اعتماد 163 منبرا إعلاميا، وحضور 518 صحفيا ومصورا.
وتميزت هذه الدورة كذلك، والتي نظمت تحت شعار الرزانة، بمشاركة قوية لعشاق السينما، وبلقاءات حميمية بين المهنيين السينمائيين والجمهور، وذلك خلال اللقاءات الحوارية والنقاشات التي أعقبت عروض الأفلام. كما ركز المهرجان هذه السنة على تنوع التجارب السينمائية العالمية، وساهم في الكشف عن مواهب جديدة، ومنح للمهرجانيين فرصة اللقاء بأسماء كبرى من السينما العالمية.
وبذلك تكون الدورة العشرون للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش قد أوفت بكل وعودها. حيث ركزت أكثر من أي وقت مضى على السينما كلغة كونية من أجل زيادة الوعي وتحقيق التقارب بين الشعوب.

كذب أبيض

 

بمناسبة فوز فيلم «كذب أبيض» (La mère de tous mensonages)، لأسماء المدير، بالجائزة الكبرى، تم عرض الوثائقي، أمام الجمهور.
يتناول العمل السينمائي من إنتاج المغرب، مصر، السعودية وقطر، احتجاجات سنة 1981 بالمغرب، حول الزيادة في أسعار المواد العذائية، مخلفا هذا الحادث العديد من الضحايا جراء التدخل العسكري في مدينة الدار البيضاء.
صحيح، أن الموضوع تم استهلاكه في أعمال مغربية سابقة، إلا أن هذا الشريط الوثائقي (96 دقيقة)، يعتبر تجربة خاصة بحسب أسماء المدير، لأنه يوثق للتجربة الشخصية لعائلتها، التي لم تحتفظ بأرشيف مصور لهذه الفترة، رغم أنها عاشت تفاصيل الموضوع عن كثب.
ولجأت أسماء المدير إلى تقنيات خاصة في هذا الشريط، للتعبير عن فكرتها، مستعينة بالدمى، التي تمثل جميع أفراد العائلة، إلى جانب تصميم الحي القديم الذي كانت تسكن فيه الأسرة، وتشييد المنازل وتأثيثها بالخشب.
ومنحت المخرجة في عملها الوثائقي، الكلمة لجميع الأفراد، من أجل حكي ما علق في ذهنهم من ذكريات حول الحادث الأليم، الذي أدى إلى وفاة حوالي ألف شهيد، استنادا إلى تقديرات الهيئات الحقوقية.
وظهرت شخصيات الفيلم، متصالحة مع هذا التاريخ «الأليم»، خصوصا وأن الدولة، قدمت تعويضا ماديا لعائلات الشهداء، في إطار تجربة «هيئة الإنصاف والمصالحة»، إلى جانب تشييد مقبرة لهم بمدينة الدار البيضاء، تم افتتاحها بتاريخ شتنبر 2016، تكريما لرفات الموتى، الذين احتجت عائلاتهم طويلا أمام المؤسسات الوطنية، للمطالبة بكشف مكان دفنهم.
وكان قد حظي الفيلم الوثائقي لأسماء المدير، أثناء عرضه في المسابقة، بمتابعة كبيرة من جمهور المهرجان الذي صفق في الأخير على مستوى العمل، لاسيما وأنها اعتمدت فيه على تقنيات التصوير الحديثة.

>مبعوث بيان اليوم الى مراكش: يوسف الخيدر- تصوير: أحمد عقيل مكاو

Top