على هامش الجريمة المروعة التي هزت المغاربة قبل أيام والمتعلقة باغتصاب وقتل الطفل عدنان بمدينة طنجة، وما خلفته من ردود مجتمعية حيال عقوبة الإعدام، خرجت مجموعة من الجمعيات ببلاغ مشترك تدين فيه الجريمة وترفض فيه التراجع عن المكتسبات التي حققها المغرب من أجل الحسم مع عقوبة الإعدام.
وعبر كل من الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، وشبكة البرلمانيات والبرلمانيين ضد عقوبة الإعدام، شبكة المحاميات والمحامين ضد عقوبة الإعدام، وشبكة الصحفيات والصحفيين ضد عقوبة الإعدام، عن رفضهم كل الممارسات والمواقف التي من شأنها الضغط على القضاء و التأثير على قراراته، أو تحريف مجرى البحث والتحقيق وزعزعة أسس حيادهما، أو ضرب قواعد المحاكمة العادلة وأسسها.
وأوضحت الشبكات الجمعوية المذكورة، في بلاغ مشترك لها، توصلت “بيان اليوم” بنسخة منه، أن الجرم البشع والمركب الذي تعرض له الطفل عدنان، من اغتصابه وإزهاق روحه ودفن جثته ومحاولة طمس معالمها، وحد مشاعر المواطنين دون استثناء، حيث أدان الجميع هذا الفعل الشنيع، مشيرة، في نفس الوقت، إلى أنه “ليس لأي أحد الحق في عقد محاكمات خاصة بالساحات العمومية ضدا على المشروعية وقواعد الدستور أو إصدار أحكام باسم الانفعال والاحتجاج والغضب”، وفق تعبيرها.
ودعت الجمعيات إلى ضرورة تقيد الجميع في ممارسة حرياتهم بالدستور وبالمشروعية والإيمان بأن العدالة وطن الجميع وملجأ كل المواطنين، معلنة عن رفضها لكل “اعتداء على المكتسبات التي حققها الشعب المغربي عبر تاريخه وبشجاعة وتضحيات مواطناته ومواطنيه وهيئاته السياسية والنقابية والمدنية والحقوقية والفكرية والإعلامية”، كما أعلنت رفضها المطلق لما وصفته “لجوء البعض للغة الثأر والانتقام أو محاولة تأجيج النفوس والتلاعب بالعواطف أو التحريض على العنف عوض اختيار لغة الحوار الرزين والإقناع والنقاش المتعقل الهادئ الذي يفتح الفرص لمجتمعنا لمعالجة كل الملفات والقضايا التي تشغل حاضره ومستقبله ومصيره”.
في هذا السياق، أكدت الشبكات الجمعوية المذكورة على موقفها الثابت من أجل إلغائها نهائيا من المنظومة الجنائية المغربية، والالتحاق بركب أكثر من ثلثي دول العالم التي ألغتها في القانون أو في الواقع إيمانا بالدستور وبمقتضياته وفلسفته في مجال الاعتراف بالحق في الحياة كحق من حقوق الإنسان، معتبرة أن السياسة الجنائية بما تشمله من سياسة العقاب، لها مقاربات إصلاحية وتربوية وإدماجية تتعارض مع إقرار عقوبة الإعدام التي قال إنها “لم تكن ولن تكون أبدا حلا لمعضلات الجريمة المحلية وعبر الوطنية، ولا مانعا لها أو مخففا من وقعها.
ودعت ذات الشبكات، إلى ضرورة فتح نقاش مجتمعي وطني عاجل بمشاركة كل المهتمين ومن خبراء في العلوم الجنائية ومن فاعلين سياسيين ومن برلمانيين وحقوقيين وإعلاميين وصحفيين وغيرهم بهدف التفكير المسؤول الناضج والرصين في موضوع عقوبة الإعدام وكذا في كل الإشكاليات الحقيقية التي تعني الطفل، في حقوقه وأوضاعه ومستقبله وأمنه الإنساني، وكل ما له علاقة بحمايته من الإقصاء والتهميش ومن كل الاعتداءات الجنسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وكذا في الإصلاحات التشريعية والمؤسساتية التي تضمن له كامل حقوقه كما هي مقررة بالدستور وفي اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل.
محمد توفيق أمزيان