تعبئة عامة لإنقاذ ملايين المتضررين من فيضانات باكستان

تواصل باكستان الأربعاء حشد كل الوسائل المتاحة لإنقاذ ملايين المتضررين من أسوأ فيضانات تشهدها البلاد على الإطلاق، مستخدمة مروحيات لإجلاء العالقين في الجبال شمالا أو قوارب تعبر السهول المغمورة بالمياه جنوبا.
تسببت الأمطار المستمرة في باكستان منذ يونيو بأعنف فيضانات في أكثر من عقد أغرقت ثلث مساحة البلاد وأودت بـ 1191 شخصا، بحسب حصيلة نشرت الأربعاء. كما جرفت مساحات من المحاصيل الزراعية الأساسية ودمرت أو ألحقت أضرارا بأكثر من مليون منزل.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الثلاثاء عند إطلاقه نداء للحصول على تبرعات قيمتها 160 مليون دولار لتمويل مساعدات طارئة إن “باكستان غارقة في المعاناة. الشعب الباكستاني يواجه أمطارا موسمية هائلة”.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية الأربعاء أنها تضع باكستان في أعلى مستويات التأهب لديها، مخصصة 10 ملايين دولار من صندوق الطوارئ لمساعدتها.
وطاولت هذه الفيضانات أكثر من 33 مليون شخص، أي باكستاني من كل سبعة، ووصفها رئيس الحكومة شهباز شريف بأنها “أسوأ فيضانات في تاريخ باكستان”.
وتقدر الحكومة الباكستانية أن البلاد بحاجة إلى أكثر من عشرة مليارات دولار لإصلاح وإعادة بناء البنى التحتية، وخصوصا الاتصالات والطرقات والزراعة.
لكن الأولوية تكمن الآن في الوصول إلى آلاف العالقين في الجبال والوديان في الشمال وفي القرى المعزولة في الجنوب والغرب.
وقال محمد صفد لوكالة فرانس برس الاربعاء من منزله الذي غمرته المياه بالكامل في شيكاربور، في ولاية السند (جنوب) “نطلب من الحكومة المساعدة في إنهاء محنتنا في اقرب وقت ممكن”.
وأضاف “يجب إزالة المياه من هنا على الفور حتى نتمكن من العودة إلى منازلنا”. لكن المياه تمتد على مساحات لا متناهية في السند، وتكاد لا توجد أي أماكن جافة لتصريفها.
من جهته، قال محمد أمير الذي لا يمكن الوصول إلى قريته بالاقوت عن طريق البر بعد ارتفاع نهر سوات في الشمال الغرب “نحن بحاجة ماسة إلى المساعدة”، مضيفا “نحن بحاجة ماسة إلى الدواء”.
وحذرت منظمة الصحة العالمية من مخاطر ظهور أمراض بسبب المياه (إسهال، أمراض جلدية، التهابات الجهاز التنفسي، الملاريا، حمى الضنك، إلخ) في بلد يواجه “أضرارا تلحق بالبنية التحتية الصحية، ونقص الكوادر الصحية والمعدات الصحية المحدودة”.

في السند، يفحص الأطباء في عيادة ميدانية المرضى الذين اضطروا إلى السير حفاة في مياه قذرة موحلة مليئة بمختلف أنواع الحطام.
وقالت أزرا بامبرو (23 عاما) التي جاءت لطلب المساعدة لأن “إحدى قدمي طفلي تؤلمه جدا. قدمي أيضا”.
وقال مكتب الأرصاد الجوية إن البلاد بأكملها سجلت ضعف معدل الأمطار الموسمية المعتاد، لكن متوسط هطول الأمطار في بلوشستان والسند بلغ أربعة أضعاف معدلاته في العقود الثلاثة الماضية.
وبلغ منسوب الأمطار التي تساقطت على بلدة باديدان الصغيرة في السند 1,75 متر منذ يونيو، ما شكل أعلى معدل في البلاد.
وتهطل في باكستان أمطار غزيرة وأحيانا مدمرة، خلال موسم الأمطار السنوي، من يونيو إلى شتنبر، البالغ الأهمية للزارعة ولملء الأنهار والسدود. لكن الأمطار الحالية غير مسبوقة منذ ثلاثة عقود.
ألقى المسؤولون الباكستانيون باللائمة على التغير المناخي الذي يضاعف وتيرة وشدة ظواهر الطقس في أنحاء العالم.
في وقت سابق من هذا العام، واجهت البلاد جفافا وموجة حر تجاوزت فيها الحرارة 50 درجة مئوية في بعض الأحيان، وحرائق الغابات والفيضانات المدمرة الناجمة عن الذوبان السريع للجبال الجليدية.
بتسجيلها 1 بالمئة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، تحتل  باكستان المرتبة الثامنة على قائمة مؤشر الخطر المناخي العالمي الذي تضعه مجموعة “جرمان ووتش” غير الحكومية للبلدان الأكثر هشاشة في ظل  الظواهر المناخية القصوى الناجمة عن التغير المناخي.
انتقدت الحكومة الدول الصناعية الكبرى لدورها في الاحتباس الحراري، متهمة إياها بإثراء نفسها من خلال الوقود الأحفوري بدون الاكتراث إلى العواقب.
وتعتمد باكستان بشكل كبير على الزراعة، وتتوقع أن يتضرر بشدة اقتصادها المنهار أصلا. ارتفعت أسعار بعض المواد الغذائية المهددة بالنقص بشكل حاد في الأيام الأخيرة.
ووعد شريف بأن ينفق كل قرش من المساعدة الدولية “بشفافية” وأن يذهب كل قرش “إلى الذين يحتاجون إليه”.
أعلنت الولايات المتحدة الثلاثاء إرسال أول شحنة من المساعدات الإنسانية بقيمة 30 مليون دولار. وبدأ وصول شحنات من الصين وتركيا والإمارات.
انتشرت مخيمات مؤقتة في كل مكان لإيواء النازحين الذين يضطرون إلى تحمل القيظ ويفتقرون إلى مياه الشرب والطعام.

أ.ف.ب

Related posts

Top