استئناف العمليات الجراحية بالمستشفى الإقليمي لتطوان بعد توقف بسبب نقص حاد في أدوية التخدير

المهنيون يطالبون بوضع حد للخصاص “الخطير” في الأطباء الاختصاصيين بالمستشفى

تم، أول أمس الأربعاء، بالمستشفى الإقليمي سانية الرمل بتطوان، استئناف إجراء العمليات الجراحية التي كانت قد توقفت بسبب الخصاص في أدوية التخدير، وذلك بعد توصل المستشفى بدفعة طارئة من هاته الأدوية.
وأكد الدكتور يونس الغزواني، المندوب الإقليمي لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية بإقليم تطوان، والذي يشغل في نفس الوقت منصب المدير بالنيابة للمستشفى الإقليمي سانية الرمل، استئناف إجراء العمليات الجراحية، مشيرا أن المستشفى يعرف “سيرورة عمل جيدة” على الرغم من الخصاص الذي يعرفه على مستوى بعض التخصصات على رأسها تخصص الأعصاب وتخصص الكلي والمسالك البولية التي لا يتوفر عليها في الوقت الحالي.
وأوضح الدكتور الغزواني، ضمن اتصال أجرته معه بيان اليوم أول أمس الأربعاء، أن مشكل الخصاص الحاد في الأطباء الاختصاصيين والأطر الطبية والصحية، عموما، يعد “مشكلا وطنيا وليس محدودا” في مستشفى تطوان الذي عرف في السنوات الأخيرة مغادرة 21 طبيبا اختصاصيا إما بسبب التقاعد، أو لمتابعة التعليم العالي، أو بسبب مغادرة القطاع العمومي نحو القطاع الخاص.
وكانت النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام – فرع تطوان، قد أعلنت، في بلاغ تحت عنوان “الصحة بتطوان.. إلى أين”، يوم الأحد الماضي، عن توقف العمليات الجراحية، باستثناء المستعجلة منها، محذرة من “كارثة حقيقية” تتربص بالقطاع الصحي في المدينة بسبب الخصاص في الأدوية والأطر الصحية.
وقال الدكتور محمد المركعي، نائب الكاتب المحلي للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام بتطوان، في اتصال هاتفي أجرته معه بيان اليوم، أن الأطر الصحية العاملة في القطاع بمدينة تطوان تعيش وضعية متأزمة بسبب مشاكل متفاقمة منذ فترة، زاد من حدتها الخصاص الكبير الذي أصبح يعاني منه المستشفى الإقليمي على مستوى عدد من الأدوية وعلى رأسها أدوية التخدير التي تعد حيوية في العمليات الجراحية.
وأوضح المركعي أن المراسلات الموجهة إلى وزارة الصحة والحماية الاجتماعية حول الموضوع مكنت، بعد طول انتظار، من تزويد المستشفى بهذا المخزون المؤقت، من أجل تدارك الوضعية.
لكن المشكل الأكثر حدة الذي تعاني منه المؤسسات الصحية على مستوى مدينة تطوان، وعلى رأسها المستشفى الإقليمي، كما يقول الدكتور المركعي، هو النقص الخطير في الأطباء الاختصاصيين، علما، يقول المتحدث، أن المستشفى يشهد ضغطا كبيرا كونه يشكل ملاذا للمواطنين الذين يتوافدون ليس فقط من مدينة تطوان، بل حتى من المدن المجاورة مثل الفنيدق وشفشاون ووزان، من أجل الاستشفاء.
ومن التخصصات الحيوية التي يشكل غيابها خطرا حقيقيا على صحة المرضى، كما يقول المركعي، تخصص أمراض الكلى والتصفية، وتخصص الجهاز العصبي، علما أن التخصصات الأخرى بدورها تعرف ضغطا كبيرا بحيث لا يتوفر المستشفى سوى على طبيب واحد في تخصصات مهمة من قبيل تخصص جراحة الدماغ والأعصاب، وجراحة الأذن والحنجرة، وطب الأطفال الذي تتزايد الحاجة إليه في الفترة الحالية مع الأزمة الصحية المتمثلة في انتشار وباء الحصبة “بوحمرون”.
وأشار الدكتور المركعي أن الأطباء والأطر الصحية العاملة في المستشفى “تشتغل في ظروف صعبة وتجد نفسها في فوهة المدفع” بمواجهة احتياجات ومتطلبات التداوي للمواطنين، واحتجاجاتهم كذلك، وهو الأمر يؤثر على نفسية العاملين أنفسهم ويزيد من مستوى التذمر والتوتر لديهم.
وعبر المسؤول النقابي عن تخوفه من أن يكون عدم تجاوب المسؤولين مع مطالب المهنيين بتطوان، بتحسين ظروف العمل وتوفير الموارد البشرية والمادية الضرورية، ينطوي على نوع من “التهميش الذي أضحت تعانيه المدينة بعد أن كانت مستشفياتها بمثابة مثال يحتذي به في مجال تطور وجودة الخدمات الصحية”، مشيرا أن الوزارة الوصية أصبحت تعطي الأولوية في توزيع الموارد على مستوى الجهة لمدينتي طنجة والحسيمة بصفة أكبر. وأوضح أن تراجع الخدمات والخصاص المسجلين لا يتعلقان فقط بالمستشفى الإقليمي بل بكافة المؤسسات الاستشفائية بالمدينة، من قبيل مستشفى علاج داء السل والأمراض الصدرية، المعروف بمستشفى بن قريش، والذي أغلق في أفق إصلاحه أو تعويضه ببناية جديدة، لكن مصيره بات مجهولا إلى يومنا هذا، وكذا مستشفى الاختصاصات الذي تم تدشينه منذ سنوات لكنه لم يشرع في العمل بعد إلى الآن، وكل ذلك يؤثر على وفرة وجودة العرض الصحي بالمدينة. ووجه المركعي نداء للمسؤولين من أجل وضع حد لهذه الأزمة ولمعاناة المرضى، خاصة منهم من ينتمون إلى الفئات الهشة، بالنظر إلى الأولوية التي تحظى بها تلك الفئات ضمن المشروع الحالي للحماية الاجتماعية وإصلاح المنظومة الصحية.

 سميرة الشناوي

Top