اختيار المغرب وبالإجماع لاحتضان «كان» 2025

كسب المغرب الرهان وتفوق في حسب شرف تنظيم النسخة ال (35) لكأس افريقيا للأمم في كرة القدم سنة 2025.
لم يكن هذا الاختيار أبدا مفاجئا، بالنظر إلى مجموعة من الدلالات والأسس، وحتى الأسبقيات. مميزات جعلت المغرب دائما في مقدمة الترشيحات والرهان عليه كبلد قادر على رفع التحدي، وعلى أعلى مستوى…
وما يؤكد على المكانة الخاصة التي يتمتع بها المغرب، دخوله في الأخير صراع التنافس على كسب شرف التنظيم بمفرده، بعد انسحاب كل المنافسين، وفي مقدمتهم الجزائر، هاته الأخيرة التي أحدثت ضجة غير مسبوقة، وراهنت على تقوية حظوظها في التنظيم بمهاجمة المغرب ورموزه، ومحاولة إضافة ملفها، إلا أن الأمل خاب في الأخير، لتعلن الجارة الشرقية عن سحب ملفها من السباق، قبل يوم واحد فقط من موعد عقد الاجتماع الحاسم، للمكتب التنفيذي للاتحاد الإفريقي لكرة القدم.
لم يقو أي ملف على المنافسة، وهذه مسألة طبيعية وعادية، بالنظر إلى الإمكانيات المهمة التي يتوفر عليها المغرب، وأي تنافس سيكون ماله الفشل أو بالأحرى الخسارة المذلة، مما جعل كل مكونات كرة القدم الإفريقية ترحب بهذا الترشيح، وتدفع في اتجاه التصويت له بالإجماع…
فالمؤكد أن إجراء الكأس الإفريقية بالمغرب، سيمنح هذه التظاهرة بعدا دوليا، يغير من الطابع الشكلي الذي يلازمها إلى درجة أن دولا يتم اختيارها لمسالة التنظيم، لتعلن في الأخير انسحابها في الأخير، تاركة جهازا بأكمله في ورطة حقيقية، كما حدث لدولة غينيا الاستيوائية التي عجزت عن تلبية دفتر التحملات التي التزمت ببنوذه يوم التصويت لصالحها…
هذه التظاهرة التي تكتسي أهمية خاصة بالنسبة للكاف، دخلت خلال السنوات الأخيرة نوعا من الرتابة، ويعرف توقيت تنظيمها نوعا من الصعوبة، بسبب حسابات الأندية الأوروبية، التي لا تنظر لها بعين الرضى، وتحاول دائما اختيار موعد يحفظ مصالحها بالدرجة الأولى…
فالمغرب يتمتع بخبرة مهمة على مستوى التنظيم، تتعزز بتوفره على تجهيزات متطورة على مختلف المستويات، تضاهي المستويات العالمية، كما أن هناك رغبة قوية من أعلى سلطة بالبلاد، لجعل كرة القدم خيارا استراتيجيا ورافعة أساسية للتنمية، مستندا في ذلك إلى الإشعاع القوى، والعائدات الكبيرة لما تحقق من نتائج باهرة خلال مونديال قطر 2022.
على هذا الأساس فكل الضمانات من أجل تنظيم في المستوى العالي ل «الكان» متوفرة، أضف الى ذلك هناك عوامل جد مساعدة منها القرب من القارة الأوروبية، والأمن والاستقرار الذي يتمتع به المغرب؛ وغيرها من الأسس التي من صعب توفرها في العديد من الجهات، خاصة على مستوى القارة الإفريقية…
فقد نجح المغرب في الاختبارات والمواقف التي مر منها، ولعل آخرها
كأس العالم للأندية، الذي نجاحا تنظيميا وجماهيريا، وضعه ضمن قائمة مصاف الكبار، على مستوى تنظيم التظاهرات الرياضية الدولية.
فخلال مدة زمنية قياسية، أنقذ المغرب تظاهرة مسابقة كانت على وشك الإلغاء، وقدم تضحيات كبيرة من الناحية المالية، ووظف كل الطاقات والكفاءات على جميع المستويات، ليقدم في الأخير نموذجا مثاليا للتنظيم وتوفير أسس النجاح، جعله يستحق كل عبارات التقدير والثناء وحتى الإشادة.
فالمغرب أصبح بالفعل يمثل محور كل المخططات المستقبلية التي يتم التفكير فيها، سواء (الفيفا) أو الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف)، كما ساهم في إنقاذ تظاهرات إفريقية ذكورا وإناثا، ومن مختلف الأعمار، واستضاف منتخبات وفرق، لم تجد ملاعب أو أماكن للاستعداد والتحضير، فلجأ للمملكة المغربية بدون أدنى تردد أو حسابات خاصة.
كل المؤتمرات الرياضية التي عقدت بالمغرب؛ عرفت النجاح المنتظر، وخرجت بقرارات وخلاصات تاريخية، بفضل المجهود الذي بذله المسؤولون المغاربة، والدور الذي لعبوه من أجل تقارب وجهات النظر والوصول إلى الإجماع المطلوب.
وعندما فكر المغرب في تنظيم تظاهرة قارية، فإنه طلب الحد الأدنى، وهو المتعود على مستويات أكبر، ومن حقه انتظار الإنصاف ورد الاعتبار، لأن إجراء مسابقة كاس أمم إفريقيا بالمدن المغربية، سيكون دفعة قوية تساهم في إشعاعها الدولي، وهو المؤهل لتنظيم كأس العالم لسنة 2030، من خلال ملف مشترك إلى جانب إسبانيا والبرتغال، حيث تشير كل التقارير إلى أنه قادر على المنافسة ورفع تحدي تنظيم مشترك بصيغة غير مسبوقة في التاريخ، بحكم أنه يضم قارتين في مشروع واحد، أوروبا القوية وإفريقيا الصاعدة، التواقة إلى إبراز إمكانياتها والخروج من عباءة الوصاية وكل الخطط الاستعمارية المقيتة…
اختيار أسرة كرة القدم الافريقية أرض المغرب لإجراء كأس إفريقيا للأمم في كرة القدم والاجتماع، هو شرف يقدر عاليا وثقة كبيرة تستقبل بكثير من الترحاب والحفاوة، والأكيد أن إفريقيا هي التي ستخرج فائزة في النهاية…

>بقلم : محمد الروحلي

Top