نظم بيت الشعر في المغرب ومؤسسة الرعاية التابعة لصندوق الإيداع والتدبير أمسية الشاعر والإعلامي سعيد كوبريت، احتضنها، أول أمس الاثنين رواق الفنون التابع لصندوق الإيداع والتدبير بالرباط، وسط حضور نوعي وازن اجتمع فيه الطيف الثقافي والإعلامي والحقوقي والسياسي والدبلوماسي والنقابي…
لحظة تكريم الشاعر سعيد كوبريت، هي لحظة اجتمع فيها الشعر بالموسيقى، حيث أدى عازف العود الفنان محمد الأشرقي مزيجا رائعا، من المقطوعات الغنائية، وبأسلوب جمالي يستمد جاذبيته من الريبرتوار الغنائي الكلاسيكي الشرقي والمغربي، وذلك بمعية الفنان الطربي عبد الله البياتي الذي أدى أغان لكل من الفنان محمد عبد الوهاب والفنان المغربي اسماعيل أحمد، وتفاعل معها الحضور الذي عاش لحظة استرجاع فني جميل، ترجمت بصدق تلك المحبة الوارفة التي يحظى بها الشاعر سعيد كوبريت في الوسط الفني والإعلامي على حد تعبير الإعلامية اسمهان عمور التي قالت في كلمة لها في حق المحتفى به، “إن هذه الأمسية التي جمعت وجوها من عالم الفكر والثقافة والإعلام والسياسية، هي تعبير عن تلك المحبة الوارفة التي يحظى بها سعيد كوبيرت” مشيرة إلى أن المحتفى به هو من الوجوه التي انتمت إلى مؤسسة إعلامية عتيدة وهي إذاعة طنجة، التي ساهمت، برمزيتها، من خلال العديد من برامجها المتميزة في بلورة وعي سياسي وثقافي واجتماعي لدى شرائح واسعة من المجتمع المغربي.
وأضافت اسمهان عمور أن الشاعر سعيد كوبريت عايش جيل الإعلاميين الرواد كأمينة السوسي وخالد مشبال وفاطمة عيسى وغيرهم من الأسماء الإعلامية الشهيرة المشهود لها بالكفاءة، مشيرة إلى أن الانتماء إلى إذاعة طنجة يعد مبعث فخر واعتزاز لجميع الإعلاميين، ضمنهم سعيد كوبريت الذي ظل وفيا للمكان ولنفس الإذاعة ولم يركب ظاهرة الجري للالتحاق بالإذاعة المركزية، من أجل الشهرة، بل امتدت تجربته الإذاعية واقترن اسمه بإذاعة طنجة واكتسب سمعة طيبة وشهرة واسعة وسط المثقفين والإعلاميين وعموم جمهور الإذاعة، بفضل عطاءاته الغنية وبرامجه الرائعة ومجهوده الشخصي…
وأوردت الإعلامية اسمهان عمور أن الشاعر سعيد كوبريت التحق بسلك التدريس الجامعي بعد مناقشته لأطروحة الدكتوراه سنة 2004 حول موضوع “الخطاب الثقافي في الإعلام السمعي البصري في المغرب” مؤكدة أن الرجل عزز صورته الإعلامية من خلال التكوين الأكاديمي، وقدم برامج كثيرة كان لها وقع متميز على المشهد الثقافي وعلى الأدب المغربي المعاصر، حيث نبش في كنوزه من خلال استضافته للعديد من الوجوه الثقافية والفكرية المغربية.
وأضافت المتحدثة، في سياق تعريفها بالمحتفى به، “إن سعيد كوبريت نقابي ينتمي إلى مؤسسة نقابية عتيدة وهي النقابة الوطنية للصحافة المغربية والتي يعد واحدا من قادتها البارزين، حيث وقف إلى جانب الحق في النضال الثقافي وفي النضال النقابي، وهو أيضا رئيس “بيت الصحافة” الذي طبعه ببصمته الخاصة، مشيرة إلى أن الشاعر كوبريت لا يؤمن بالحدود الجغرافية الضيقة للمكان بل امتدت اهتماماته إلى آفاق متشعبة في الثقافة والإذاعة والنقابة وبيت الصحافة، وهو يحمل في جيناته ثقافة الاعتراف والعرفان وتقدير عطاءات الآخرين، حيث احتفى بكثير من الأسماء من قبيل الإعلامية آمنة السوسي وبالراحلة السيدة ليلى وكذا بالإعلامية فاطمة أقروط وغيرهم من الإعلاميين البارزين.
من جانبه، ذكر الباحث والشاعر محمد العناز، في قراءة عاشقة قدمها حول شعر سعيد كوبريت، أن الشاعر سعيد كوبريت يتمتع بميزة أن يكون “مشدودا” في علاقته بالشعر، وهو الطالع من “أسطورة” مدينة وزان، إذ يجمع في شخصه بين الوداعة والصرامة، فهو بحسبه، “وديع حينما يتعلق الأمر بأخلاق المراعاة” وهو “لا يفتأ ينشر المحبة من حوله والمودة ويمد اليد إلى من يطلب منه العون”، وهو في الوقت ذاته، يضيف محمد العناز، صارم حينما يتعلق الأمر بالمبدأ وبالشعر، فلا يقبل في هذا الأمر أنصاف الحلول، حيث يحرص على أن تنصف القصيدة باقتران شروطها.
وفي تصريح لبيان اليوم قال الشاعر والناقد محمد العناز “إن مبادرة بيت الشعر في المغرب للاحتفاء بالشعر وبالشعراء المغاربة انطلاقا من هذه الشراكة المنتجة بين بيت الشعر ومؤسسة الرعاية التابعة لصندوق الإيداع والتدبير، تمثل تصورا آخر للثقافة في المغرب انطلاقا من انفتاح مؤسسات على الجمال وعلى نداءات الحياة والحب والحرية”.. مشيرا في هذا الصدد إلى أن الاحتفال بالشاعر والإعلامي سعيد كوبريت هو احتفاء بهذا النبض العالي الذي يتجدد مع التجارب الشعرية في امتداداتها، وفي علاقتها بهذا الأثر الذي لا يزول أبدا إلا بالإخلاص إلى نداء الحب والشعر.
من جهته، أوضح الشاعر مراد القادري رئيس بيت الشعر في المغرب، في تصريح لبيان اليوم، أن استضافة الشاعر والإعلامي سعيد كبريت هو جزء من البرنامج العام ومن الإستراتيجية التي يشتغل عليها بيت الشعر في المغرب ومؤسسة الرعاية التابعة لصندوق الإيداع والتدبير من أجل تنشيط الحياة الثقافية وإعطائها دينامية خلاقة.
وأضاف القادري أن بيت الشعر في المغرب ومؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير تجمعهما شراكة تستهدف تنشيط الساحة الثقافية والفنية بمدينة الرباط، مذكرا أن مؤسسة الرعاية، هي الجهة الراعية لجائزة الأركانة العالمية للشعر، التي ينظمها بيت الشعر في المغرب سنويا ويعلن عنها في بلاغ مشترك، مذكرا أيضا أن هذه الجائزة، برسم هذه الدورة، آلت، بعد مداولة اللجنة الخاصة، إلى الشاعر البحريني قاسم حداد، وأن حفل تسليم هذه الجائزة سيكون يوم السبت 14 دجنبر الجاري بالمكتبة الوطنية بالرباط.
وأكد الشاعر مراد القادري، على أهمية هذه الأمسية الفنية التي استضاف فيها بيت الشعر في المغرب شاعرا وإعلاميا وصحفيا مقتدرا، صدر له ما يزيد عن ستة دواوين شعرية، أغنت المشهد الشعري المغربي.. واعتبر الشاعر مراد القادري أن الشاعر سعيد كبريت الذي ينتمي إلى جيل التسعينيات في القصيدة المغربية والذي انتصر لقصيدة النثر، ظل يجدد مساره ويجدد لغته ورؤيته الفنية والجمالية منذ ديوانه الأول إلى اليوم، مشيرا إلى أن المحتفى به هو أيضا صحافي وإعلامي وفاعل ثقافي يرأس بيت الصحافة وهي مؤسسة فريدة من نوعها نجحت في أن تنفتح على مجالات مختلفة وأن تكون محطة للنقاش ما بين فاعلين ومسؤولين سياسيين ومثقفين وكتاب في عدد من المحاور والمجالات، وهو ما يفرض في نظره، الاحتفاء به والثناء على جهوده وجهود المؤسسة الإعلامية التي ينتمي إليها سواء إذاعة طنجة أو بيت الصحافة.
ومن جانبه، عبر المحتفى به الشاعر والإعلامي سعيد كوبريت، في تصريح لبيان اليوم، عن امتنانه وعرفانه لبيت الشعر في المغرب، وقال “إن المغرب الثقافي، يحتاج منا اليوم، إلى منظماتنا العتيدة التي تهاوت في العشرية الأخيرة في زمن اللايقين وفي زمن اللبس في المرجعيات” مشيرا إلى أن بيت الشعر في المغرب استطاع وما زال يستطيع أن يحيي تلك اللحظات الدافئة بين الأسرة الإعلامية والسياسية والدبلوماسية والفكرية والنقابية، لإعلاء صوت الهوية الثقافية الحضارية المغربية.
وأضاف كوبريت، في التصريح ذاته، أن هذا المساء الرباطي الدافئ، تجاورت فيه قامات وعلامات ومرجعيات وأجيال وأعمار وتجارب مختلفة، ليس، فقط، في ديوان الشعر المغربي، ولكن في الانتماء الإيديولوجي والسياسي.. الجميع، بحسبه، “ينتصر إلى الحب وإلى الكلمة الصادقة وإلى أفق مغربي نطمح له ونرقبه بكثير من الأمل ومن الحب”..
< محمد حجيوي