بيان24:فنن العفاني
أبدت 150 جمعية وهيئة تنتمي إلى صف الحركة النسائية والحقوقية والأمازيغية والتنموية تخوفها الشديد اتجاه الصيغة التي قدم بها مشروع القانون المتعلق بإحداث “هيئة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز”، واصفة إياه بالقوقعة الفارغة، بالنظر لاختزال مهامه واختصاصات وجعله كآلية استشارية، وهو بذلك لا يضمن إحداث هيئة مستقلة، قوية وناجعة تنضبط لمبادئ باريس.
وأعلنت ليلى مجدولين ممثلة ربيع الكرامة، في ندوة صحفية عقدتها صباح أمس مجموعة الهيئات والمنظمات المنضوية في تحالفات وشبكات والجمعيات النسائية والحقوقية والأمازيغية والتنموية، عن امتعاض شديد لمختلف تلك المكونات للمآل الذي اتخذه مسار إحداث هذه الهيئة، إذ في الوقت الذي كان ينتظر فيه الكشف عن مشروع قانون ينضبط لمقتضيات الدستور الذي نص بشكل صريح، على إحداث سلطة لها كامل الصلاحيات في الاضطلاع بمهام حمائية وشبه قضائية، فإذا به يتم طرح مشروع قانون معيب لا يقوى على حماية الحقوق الإنسانية للنساء.
واعتبرت المتحدثة أن مسار وضع مشروع قانون هذه الهيئة شابته مجموعة من الاختلالات ، أبرزها المسجلة مؤخرا، إذ تمت إحالة مشروع القانون الخاص بالهيئة على لجنة القطاعات الاجتماعية عوض لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان ضدا على المادة 55 من القانون الداخلي للبرلمان الذي يسند لهذه اللجنة المهام المتعلقة بحقوق الإنسان .
كما نبهت إلى تغييب المقاربة التشاركية، متهمة وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية بادعاء اعتماد هذه المقاربة لاغير، حيث قدمت كتيبا أمام لجنة القطاعات الاجتماعية بالمؤسسة التشريعية تضمن جردا لمختلف الاستشارات التي تم القيام بها على أساس أن الأمر يتعلق بإعمال للمقاربة التشاركية التي هي في الحقيقة تغيب على أرض الواقع، تضيف المتحدثة.
واتهمت ماجدولين الوزارة بالتحايل، ليس فقط على مكونات الصف الحقوقي والحركة النسائية والرأي العام، بل أيضا على لجنة البندقية التابعة لمجلس أوروبا، حيث أن مسودة القانون التي تم الإفصاح عنها قبل مدة واطلع عليها أيضا مجلس الحكومة، وصدر بشأنها قرار نشر بالجريدة الرسمية على أساس تجويده، كان يضم 46 مادة ، ويحدد بدقة مجموعة من التعريفات لمفاهيم أساسية من قبيل المساواة والتمييز والمناصفة. في حين أن مشروع القانون الحالي اختزل في نحو 20 مادة، ولم تتصدره ديباجة التي تبرز أهميتها في كونها تحدد سياقات القانون وخلفياته وأهدافه، كما غابت عنه تحديد التعاريف التي تعد مسألة جوهرية والتي تهم المساواة والتمييز والمناصفة وتكافؤ الفرص، والنوع الاجتماعي بل الأدهى أن عبارة “الجنسين” لم يتم ذكرها إلا مرة واحدة في المشروع .
ومن جانبها ، وصفت سميرة بيكردن رئيسة الجمعية الديمقراطية بالرباط، المضامين التي حملها مشروع قانون إحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، كهيئة دستورية، بالخطير، خاصة على مستوى الاختصاصات والتركيبة، حيث تم جعلها هيئة استشارية تابعة لرئاسة الحكومة في حين جعلها الدستور “سلطة”، فضلا عن تنصيص المشروع على اعتماد معيار التمثيلية، وهو الأمر الذي من شأنه أن يحكم بشكل مسبق على فشل الهيئة، بالإضافة إلى جعل المجلس العلمي الأعلى ضمن تشكيلة الهيئة، في حين تم، بدعوى التنافي، تغييب المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط وغيرها من المؤسسات الدستورية التي يمكن أن يشكل تواجدها إضافة نوعية للهيئة.
وشددت بيكردن على أن الرهان مطروح على السلطة التشريعية ممثلة في البرلمان بغرفتيه من أجل إقرار هيئة قوية سواء من حيث الاختصاصات التي تضطلع بها بتمتيعها بصلاحيات تقريرة واسعة، أو من حيث التركيبة بضمان تشكيلة محدودو وقوية ومستقلة باعتماد معايير الخبرة والكفاءة والنجاعة والاستقلالية التامة في اختيار الأشخاص .