والآن… حرب الإعلام

لقد كشفت الفضائح الحقيقية التي تورط فيها الإعلام الإسباني في معالجته للقضايا المغربية، وخصوصا تداعيات أحداث العيون الأخيرة، عن «تحالف» غريب بين هذا الإعلام الأوربي «المتقدم» وأبواق دعاية النظام الجزائري، وهو تحالف لم يتردد في تزييف الحقائق والكذب بالصورة وبالكلمات. التحالف المشار إليه، بات اليوم يخوض حربا واضحة ضد المغرب، وهو غير مبال هنا إن كان يخرق أبسط قواعد المهنة وأخلاقياتها، أو إن كان يستهدف شعبا بكامله، أو إن كانت مختلف الهيئات المهنية العالمية قد نددت بسقطاته المهنية والأخلاقية.
بالنسبة للمغرب، صار من المستعجل التفكير اليوم في خطة وطنية شاملة للفعل في هذا الحقل قوي التأثير في عالم اليوم، حيث أن الحروب تخاض بواسطة الإعلام والضغط أكثر من الأسلحة.
لقد استنكر المغرب هذه الحرب الإعلامية التي تستهدفه، وندد بأباطيلها، وقدمت دعاوى أمام القضاء الإسباني، وقيل وكتب الكثير بهذا الخصوص، واستطاعت أيضا النقابة الوطنية للصحافة المغربية أن تفضح وسائل الإعلام الإسبانية على الصعيد الدولي، وانتقدت الفيدرالية الدولية للصحفيين سلوك القنوات والصحف الإسبانية، وكل هذا مثل مكاسب للمغرب لابد من استثمارها مستقبلا، إنما الجوهري اليوم يبقى هو قدرة البلاد على المزاوجة بين رد الفعل هذا، وبين الفعل وامتلاك أدوات الانتصار في هذه الحرب.
إن الحاجة اليوم واضحة ومؤكدة إلى التسريع باستكمال الأوراش المفتوحة على صعيد إصلاح وتطوير ودمقرطة إعلامنا الوطني، وذلك بإخراج توصيات الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع وبلورة مداخل تنفيذها وتجسيدها على أرض الواقع، ثم تفعيل إصلاح وتأهيل صحافتنا المكتوبة، وعصرنة وتطوير عمل وكالة المغرب العربي للأنباء…
وفي السياق نفسه، فإن الحرب الإعلامية المشار إليها تفرض اليوم على المغرب الانتقال بإعلامه البصري بالخصوص إلى المستويات المهنية والتنافسية المعروفة في عالم اليوم، الذي هو للتذكير عالم الصورة والتلفزيون والإعلام بامتياز.
إن امتلاك رؤية واضحة وخطة محكمة وإمكانات مناسبة ووسائل إعلامية مهنية وقوية، هي من ضمن أبرز شروط خوض الحرب الإعلامية التي تستهدف بلادنا اليوم.
وإن التوفر على هذه القوة الذاتية مع ذلك، لا يكون مجديا من دون تمتين تفاعل بلادنا مع وسائل الإعلام الأجنبية، وبالتالي الحرص باستمرار على جعل المغرب نقطة جاذبة للإعلام العربي والعالمي، وبلورة علاقات مهنية وقانونية واضحة بين السلطات العمومية والإعلام المعتمد في بلادنا.
إن الحرب الإعلامية التي تخاض اليوم ضد بلادنا، خصوصا عبر الإعلام الإسباني ومن خلال قناة خليجية معروفة، ستكون لها، من دون شك، جولات أخرى قادمة، ولذلك فبلادنا مدعوة للانكباب على إعداد أدوات المواجهة وفق مقاربة إستراتيجية وشاملة.

*

*

Top