أزمة كورونا تسلط الضوء على أهمية الاستثمار في الأسرة ودعم أدوارها

أحيا العالم منذ أيام اليوم الدولي للأسرة تحت شعار “إذكاء الوعي بدور السياسات المعنية بالأسرة في تعزيز الصحة وضمان مستقبل مستدام”.
وجاء إحياء المناسبة هذه السنة متزامنا مع حلول تحل هذا العام الذكرى الـ25 لإعلان كوبنهاغن وكذلك إعلان ومنهاج عمل بيجين، وفي ظرفية عالمية صعبة في ظل الأزمتين الصحية والاجتماعية. وقد سلطت جائحة كوفيد-19 في عام 2020 الضوء على أهمية الاستثمار في السياسات الاجتماعية التي تحمي الأفراد والأسر الأضعف. فالأسر هي التي تتحمل العبء الأكبر من هذه الأزمة، لأنها تأوي أفرادها وتحميهم من الأذى، وترعى الأطفال في فترات الإغلاق، كما أنها في نفس الوقت تواصل أداء مسؤوليات العمل.
وكما تشير إلى ذلك منظمة الأمم المتحدة في تقاريرها المتواصلة حول وضعية العالم في ظل أزمة كورونا، فإن الأسر أصبحت مركزا للتفاعلات بين الأجيال في هذه الأزمة. ويتعمق الفقر تحت الإكراه الاقتصادي. وعندما تسود الحيرة، تزداد الشكوك – مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تزايد العنف ضد النساء والأطفال. ويستنتج من ذلك أن دعم الأسر الضعيفة — سواء التي خسرت مداخيلها، أو التي تعيش في مساكن غير لائقة، أو التي لديها أطفال ومسنون وأشخاص من ذوي الإعاقة — غدا مسألة ضرورة أكثر من أي وقت مضى.
وتشهد الأسر في جميع أنحاء لعالم تغيرات كبيرة، فالعديد منها يزداد صغرا مع ارتفاع عدد الأسر المعيشية الوحيدة الوالد. وفي الوقت الراهن، تتألف نسبة 65% من جميع الأسر إما من أزواج يعيشون مع أطفال من أي سن أو من أزواج يعيشون في آن واحد مع أطفال وأفراد من الأسرة الموسعة مثل الأجداد. ويؤدي تراجع عدد الأسر الموسعة وازدياد عدد الأسر الوحيدة الوالد إلى تركيز الانتباه بشدة على مسألة الحماية الاجتماعية.
وتضطلع الأسرة بدور فريد في ضمان صحة الأطفال ورفاههم. ويمكن للوالدين تحسين صحة الأطفال من خلال توفير الدعم المعنوي وضمان حصولهم على الرعاية الصحية الوقائية، بما في ذلك التطعيم في الوقت المناسب والحصول على العلاجات اللازمة والمناسبة في أوقات المرض.
وفي بقاع العالم كافة، تشارك المرأة مشاركة متزايدة في القوى العاملة الرسمية وغير الرسمية، كما تواصل في الوقت نفسه تحمل عبء غير متناسب من العمل المنزلي مقارنة بالرجل، مما يصعب تحقيق التوازن بين العمل والأسرة. وبالتالي يتزايد الاهتمام بضرورة ضمان المساواة بين الجنسين في إطار الأسرة.
وفي حين يكافح العالم للاستجابة لأزمة كوفيد-19، تظل هناك فرصة حقيقية لإعادة التفكير في الطريقة التي تعمل بها اقتصاداتنا ومجتمعاتنا وتحويلها لتعزيز المساواة للجميع. وبذلك يتضح أن المساواة بين الجنسين لن تتحقق إلا بتحقيق قدر أكبر من المساواة في إطار الأسرة. ولذا يواصل منهاج عمل بيجين تقديم خارطة طريق ذات رؤية بشأن الوجهة التي ينبغي لنا التوجه نحوها.
الإعلان العالمى

فى عام 1993 ومن خلال مقر هيئة الأمم المتحدة وبقرار «A / RES / 47/237»
صدر إعلان وجه لكل دول العالم دون تمييز باتخاذ يوم «15 مايو» من كل عام (كيوم عالمي للأسرة) ومن ثم احتفلت دول العالم بهذا اليوم وفى ذلك التاريخ، وقد كان عام الإعلان هو أول احتفال عالمي بهذه المناسبة ، وقد ظهر من خلال الاحتفال مدى التشجيع العالمي من أجل العمل الجاد والسعي الحثيث على الارتقاء بمستويات الأسر وتحسين معيشتها في كل ربوع العالم، والاعتراف بقيمة التغيير الذى حدث ويحدث في البناء الاجتماعي والاقتصادي، كما يعد الاحتفال فرصة مثالية لإلقاء الضوء على دور الأسر في بناء المجتمعات، مما يعنى هنا تقاسم الأعباء سواء المنزلية أو الخارجية، وكذلك تقاسم فرص العمل لضمان البناء المحكم لكل أركان المجتمع ، ثم اتبع هذا الاحتفال انعقاد مؤتمرات متعددة مثل ما عقد في كوبنهاجن بالدنمارك وفى بكين بالصين وغيرها، حول إطلاق مبادرات عالمية تضمن رفاهية ورقى الاسرة في كل المجتمعات في أنحاء العالم.
الاحتفال وقيمته

تعد الأسرة الملاذ الآمن والحضن الدافئ في كل الأوقات وخصوصا عندما تغلق كل الطرق وتضيق الحياة وتعاندنا الظروف، تجد أننا نلجأ للأسرة فنجد سعادتنا وسلوتنا وأمننا، فنستظل بشجرة الأسرة المورقة من لهيب الحياة، ومن ثمارها يتجدد الأمل وتقوى العزائم وتتوارى الأزمات، وكل انسان لا يستطيع بأي حال من الأحوال أن يستغنى عن أسرته وعائلته مهما كانت الظروف.
ولأن الاسرة هي نواة المجتمع الأولى، لهذا يجئ الاحتفال كاعتراف عالمي لقيمة تلك اللبنة الأولى لكل مجتمع، كما يعكس الاحتفال الاهتمام الكبير بالأسرة وقضاياها وما يتعلق بها من قوانين ونظم تكفل لها الحياة الكريمة، بالإضافة إلى توعية العالم بقيمة الأسرة وترابطها وأوضاع كل الأسر واحتياجاتهم وكل ما يدور في فلك حياتهم من قضايا كالفقر والتوازن الاجتماعي والحياة الصحية والاقتصادية من أجل تحسين الأوضاع على كافة المناحي بشكل أفضل وذلك في كل أرجاء الكرة الأرضية.
والاحتفال يعد بمثابة دعوة لتقدير قيمة الأسرة وحث كافة دول العالم بهيئاتها الرسمية بل وغير الرسمية على العمل المشترك الواعي المنظم والمستند إلى خطط مدروسة على رفع متكامل الجوانب لمستوى الأسر، لتصبح تلك الأسر هي الوحدة الأكثر فعالية والأقوى ديناميكية لتحريك عجلة التنمية الشاملة وتحقيق كل الأهداف المرجوة .
ويعتبر الاحتفال من أهم خطوات الدعم والتعزيز الواعي بكافة المسائل التي تدور في فلك الأسرة من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية والصحية من اجل التأثير في مسار الأسرة، وتشكيل قوامها الصحيح الذى يستطيع التأثير والانطلاق نحو كل الآفاق ، والاحتفال اعتراف واضح وعرفان كبير بدور الأسرة الجليل وخصوصا في ظل أزمة كورونا .
ومن خلال الرمز الذى تم تصميمه هذه السنة كشعار الاحتفال باليوم العالمي للأسر، فقد صمم على شكل دائرة شديدة الاخضرار شديدة الصلابة مما يعنى العطاء القوى والمستمر والذى لا ينقطع والذى يدور ولا ينتهى فلا نهاية له، كما يحتوي الرمز على صورة حمراء بها رسم تخطيطي لمنزل به قلب مما يعنى أن الأسرة قلب المجتمع النابض وأساس تكون كل المجتمعات وقد نقل الرمز فحوى الفكرة من الاحتفال العالمي بالأسرة .

Related posts

Top