“أسود الأطلس” يواصلون التحدي بإصرار كبير وروح جماعية عالية

جاءت مباراة المنتخب الوطني المغربي ضد نظيره المالاوي ومنذ انطلاقتها، بسيناريو غريب، ففي وقت كانت فيه العناصر الوطنية، تبحث عن فرض إيقاعها والبحث عن فرصة تمنحها هدف السبق، سجل عليها هدف معاكس، بل خارج المتوقع تماما.
كرة مركزة على بعد خمسة وثلاثين مترا، نفذها اللاعب مهانغا، منحت زملاءه سبقا غير منتظر، أربك كثيرا أصدقاء العميد غانم سايس، هدف كانت فيه نسبة النجاح غير عادية، لكنه جاء بطريقة متقنة، والموضوعية تفرض علينا الاعتراف بذلك.
صحيح أن الخروج غير المحسوب للحارس ياسين بونو، سهل نوعا من مهمة هداف نادي أورلاندو بيراتس الجنوب إفريقي، إلا أن التسديدة كانت جد مركزة، ترجمت حرفية عالية جدا، نفس اللاعب كان قريبا من إضافة هدف ثاني، لولا أن كرته جانبت المرمى، بسنتمترات قليلة.
سيناريو غير متوقع، لكن في كرة القدم عليك توقع كل شيء، والاستعداد للتعامل مع كل الحالات، وهذا واحد من أسرار كرة القدم، فالفرق التي توصف بـ “الصغيرة”، قادرة على خلق المفاجأة، ولنا في مباريات هذا “الكان” أكبر دليل.
تعمد الفريق الخصم، التكتل في منطقة الدفاع، وانتظار الحملات المضادة السريعة، مما أربك مدافعي المنتخب المغربي الذين عانوا من بطء غريب في الحركة، وعدم التمركز بسرعة بمنطقة الدفاع، خاصة أمام السلبية التي يظهرها المدافع الأيسر آدم ماسينا، المحترف بالدوري الإنجليزي.
مباشرة بعد الهدف الخادع، امتلكت العناصر الوطنية رقعة الملعب، بالطول والعرض، نوعت من هجماتها، فرضت سيطرة ميدانية، لكنها تفننت أيضا في إهدار الفرص بشكل لا يصدق، أكثر من هدف ضاع، كرات سانحة صدتها العارضة تارة، وأخرى أنقذها الحارس المالاوي، مع تسجيل حضور رعونة المهاجمين أمام المرمى، وتسرع غير مقبول من طرف لاعبين يصنفون ضمن خانة المحترفين.
توالت الدقائق، وتوالت معها سيطرة مطلقة للاعبى المنتخب المغربي، سيطرة وجهت بحالة استعصاء غريبة تماما، إلى درجة لا يمكن معها إحصاء عدد الفرص المتاحة…
وفي الوقت الإضافي للشوط الأول، تمكن أخيرا اللاعب يوسف النصيري من توقيع هدف التعادل، بضربة رأسية مركزة مرت بين أيدي الحارس، معلنا عن فك النحس، سواء بالنسبة له، أو بالنسبة لـ “أسود الأطلس”، في هذه المباراة التي كانت في المتناول، لكن على الورق، وليس فوق أرضية ملعب “أحمدو أهيدجو”.

ومباشرة بعد انطلاق الجولة الثانية، شرع الناخب الوطني وحيد خاليلوزيتش الذي يظهر عنادا غير مسبوق، في إصلاح ما أفسدته مرة أخرى اختياراته الغريبة، أخرج أيوب الكعبي، احتراما لمنطق الكرة القائل، إن اللعب في الخط الأمامي بقلبي هجوم، غير ممكن، وهذا ما فسر حالات الارتباك والتصادم والتزاحم التي كانت تحدث بين النصيري والكعبي خلال الجولة الأولى.
   وبالرغم من مواصلة السيطرة الميدانية، بفضل التقنيات الفردية لسفيان بوفال، وقتالية سفيان أمرابط وسليم أملاح، فإن هدف الفوز تأخر، استعصاء رافقه تخوف من الوصول إلى الضربات الترجيحية، في سيناريو مماثل لما حدث خلال دورة مصر 2019 أمام منتخب بنين، والنتيجة تعرفونها.
شارفت المباراة على الوصول إلى الربع ساعة الأخيرة، وفي هذه اللحظات العصيبة، ظهر مرة أخرى، لاعب منقذ اسمه أشرف حكيمي، تقدم بكل ثقة وتركيز وإتقان، منفذا مرة أخرى ضربة خطأ مباشرة، تتشابه تقريبا كتلك التي نفذها ببراعة أمام الغابون، من نفس المسابقة، ونفس المكان، وبالرجل اليمنى الساحرة، استقرت كرته في الزاوية البعيدة، مفجرا فرحة عارمة، وسط الجمهور الرياضي الوطني، وسط الملعب، وداخل المغرب وخارجه.
   تحقق الفوز والتأهيل إلى دور الربع، وهذا يعتبر -تجاوزا-بمثابة إنجاز، لكونه لم يتحقق منذ دورة تونس 2004، وفي انتظار الفائز في مباراة مصر ضد الكوت ديفوار، يعتبر الوصول إلى هذا المرحلة المتقدمة، تتطلب الكثير من الاستعداد البدني والذهني، مع التركيز وعدم تقديم الهدايا، والعمل على استغلال الفرص المتاحة.
    المؤكد أن المهمة لن تكون أبدا سهلة، لكن للأسود كامل حظوظهم في مواصلة التألق، بفضل العزيمة والإصرار والرغبة والروح الجماعية..المميزات التي يظهرونها منذ بداية دورة الكاميرون، وتجعلهم قادرين على مواصلة التحدي، على أمل تحقيق ما عجزت عنه الأجيال السابقة…
< محمد الروحلي

Related posts

Top