بين شوارع القاهرة الصاخبة والمزدحمة، تحاول زينب كسب قوت يومها من خلال بيع المناديل الورقية للمارة وأصحاب السيارات، كواحدة من آلاف أطفال الشوارع في مصر الذين يعانون من الفقر الشديد وسط جائحة فيروس كورونا.
وبينما تحاول الاعتناء برضيعها عبد الله الذي يبلغ من العمر عاماـ تروي زينب معاناتها في كيفية تغطية نفقاتها أثناء فترة الوباء.
وفي ملجأ مؤقت للفقراء في حي العباسية بوسط القاهرة أوضحت الشابة العشرينية لوكالة فرانس برس تأثير كورونا عليهم “اعتداءات الناس أصبحت أقل لأنهم يخافون (من الإصابة) … ولكن أيضا أصبح لدينا عملا وأموالا أقل”.
ولا يعرف العاملون في الملجأ الأعمار الحقيقية للأطفال الذين يترددون عليهم لأنهم يفض لون عدم الكشف عنها.
ويعيش تحت خط الفقر ما يقرب من ثلث سكان مصر البالغ عددهم 100 مليون نسمة .
أفاد خبراء لفرانس برس بأن أطفال الشوارع هم في أدنى درجات السلم الاجتماعي في مصر ويتعرض العديد منهم للعنف اللفظي والجسدي والجنسي.
وحتى الآن لم يتم الإعلان رسميا عن حالات إصابة بمرض كوفيد-19 مكتشفة بالتحديد بين أطفال الشوارع في مصر الني تسج ل، حسب إحصاءات وزارة الصحة، أكثر من 80 ألف حالة إصابة بينهم قرابة أربعة آلاف حالة وفاة.
في عام 2014، قدرت السلطات المصرية أن هناك حوالي 16 ألفا من أطفال الشوارع في جميع أنحاء البلاد.
لكن هذا “تقدير ناقص” مقارنة بعددهم الحقيقي، حسبما يقول جوناثان كريكس، مسؤول الاتصالات في مكتب مصر التابع لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف).
وغالبا ما يتألف أطفال الشوارع من عدة أجيال تعيش بلا مأوى أو مسكن قد يسهل الاتصال بهم، ومعظمهم مستبعدون من سجلات الأحوال المدنية ما يجعل عملية توثيق بياناتهم مهمة صعبة.
ويقول يوسف باستاوروس مدير إحدى منظمات العمل الأهلي الفرنسية “ساموسوسيال انترناشيونال”، والتي تعمل مع العديد من أطفال الشوارع في مصر “إنهم معزولون والسكان بشكل عام يتجنبوهم، ما تضرر معه دخلهم الضئيل”.
وأوضح مسؤول وزارة التضامن الاجتماعي المصرية محمد شاكر، أن برنامجا وطنيا أطلق عليه “أطفال بلا مأوى” تم إطلاقه في 2016، ويهدف إلى “إدماجهم (في المجتمع)” و”التخلي عن سلوك الشارع”. .
ويوجه هذا البرنامج 17 وحدة متنقلة في جميع أنحاء البلاد لتلبية احتياجات أطفال الشوارع.
وبحذر، كان الصبي الصغير كريم يسير إلى وحدة العباسية المتنقلة للحصول على وجبة خفيفة.
وبعد أن فكر ثوان في الإجابة، قال كريم إنه يبلغ من العمر 12 عام ا، وأضاف لوكالة فرانس برس “لقد جئت الى هنا من أجل اللعب، فقد اشتقت الى المدرسة”.
وذكر أنه “منذ أن تم إغلاقها، نسيت كل شيء. قبل ذلك، كنت أتعلم القراءة وعد (الأرقام)”.
وكانت الحكومة المصرية اتخذت نهاية مارس الماضي قرارات عدة بإغلاق البلاد من مؤسسات وأنشطة، لمكافحة فيروس كورونا المستجد، وبدأت بتخفيفها تدريجيا منذ نهاية ماي.
لا يزال هذا الصبي الضعيف ينام في إحدى الحدائق العامة ويكسب رزقه من خلال تنظيف زجاج السيارات في الشوارع.
أثر كوفيد-19 على المساعدة الإنسانية المقدمة للأطفال الذين يعانون بالفعل بسبب الأحوال الاقتصادية الناتجة عن الوباء.
وكانت مصر قد حصلت مؤخر ا على أكثر من 7 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي لوقف التباطؤ الاقتصادي الناجم عن الأزمة الصحية ولكن ما سيتم تخصيصه لوزارة التضامن الاجتماعي ما زال غير واضح.
ودفعت هذه الأزمة الاقتصادية منظمات العمل الخيري إلى التركيز على القضايا الصحية لأطفال الشوارع باعتبارها مصدرا للقلق.
ويقول باستاوروس “نحن نعلمهم (أطفال الشوارع) بالأمور الصحية، ونوزع الأقنعة ونشرح لهم كيفية غسل أيديهم”.
وزاد إغلاق المساجد والكنائس من جانب السلطات، كجزء من التدابير الاحترازية ضد كوفيد-19، من معاناة أطفال الشوارع حيث كانت توفر هذه المؤسسات ملاذ ا ضروري ا للأطفال من ناحية النظافة الشخصية.
وكان قرار السلطات بإلغاء حظر التجول في أواخر يونيو، بمثابة متنفسا لآلاف الأطفال اليائسين خصوصا مع إعادة فتح المقاهي والمطاعم، حيث يمكنهم ممارسة أنشطتهم للحصول على المال سواء عبر التسول من الزبائن أو بيعهم الحلي والمناديل الورقية.
وتقول مريم هشام، الباحثة المتخصصة في قضايا أطفال الشوارع ، إنهم معرضون بشكل خاص للمرض وكثيرا ما يتعرضون للمضايقة من قبل السلطات التي تجوب شوارع مصر.
وأشارت إلى أن مبادرة “أطفال بلا مأوى” تعاني من بعض أوجه القصور لأن الدولة معنية بشكل رئيسي بـ “القضاء على الظاهرة” بدلا من التخفيف من حدة الفقر.
وفي بحث أكاديمي لها كتبت هشام أن “القاهرة هي عالم الموت الذي لا يحق لأطفال الشوارع فيه الشعور بالأسى”.
وحذرت هشام من أن هناك “غموضا” في قوانين مكافحة التسول خصوصا وأنها تعتبر تواجد المتسولين في الشارع غير قانوني ما يجعلهم، فضلا عن تهميشهم في المجتمع، أكثر عرضة للخطر.
وتقول إن “الشرطة تتعامل معهم بالفعل مثل النفايات”.
< أ.ف.ب