مع شراء الكثير من الأغذية ومنتجات النظافة والقليل من الألبسة ومستحضرات التجميل، يسجل نمط استهلاكي متشابه لدى الأوروبيين والأميركيين في ظل تفشي وباء كوفيد -19 مع نمو في خدمات التجارة الإلكترونية وتهميش لقطاعات اقتصادية برمته.
الطعام أولا
في ظل إغلاق المطاعم والمقاصف، تحتل المواد الغذائية أولوية الشراء في المتاجر كما على الإنترنت. ويوضح ستيفان شارفيريا كبير المدراء المساعدين في مجموعة “بوسطن كونسلتينغ غروب” (بي سي جي) الاستشارية أن “النمو كبير للغاية في وضع يصب في مصلحة كل ما يمكن تخزينه ويسمح بتقليص الزيارات إلى المتاجر الكبرى”.
والمعيار الثاني الأساسي هو سهولة التحضير “للأشخاص المحجورين أو الذين يعملون من المنزل”، ممن يضطرون إلى التوفيق بين الموجبات المهنية والعائلية. وأشارت شركة “نيلسن” المتخصصة في دراسة صدرت حديثا إلى أن أكثر السلع رواجا في هذا الإطار هي المنتجات التي تجمع بين هذين المعيارين وتتيح تناول الخضر أيضا.
وثمة خصوصيات محلية تبعا للعادات الاستهلاكية: ففي بعض البلدان، اعتاد السكان على تناول الأطعمة عن طريق خدمة التوصيل وهو منحى متواصل مع المطاعم التي لم تغلق أبوابها، وهذه حال الصين وفق ستيفان شارفيريا.
وفي الولايات المتحدة، تبقى عمليات الشراء من السوبرماركت مهمة للسكان فيما يركز الفرنسيون على الأطباق الجاهزة.
عمل وترفيه
كذلك طغت الحاجة إلى التكيف على باقي خيارات المستهلكين عبر الإنترنت في البلدان التي طاولتها تدابير الحجر المنزلي، وهو ما يسري خصوصا على منتجات النظافة (بينها سوائل التنظيف المنزلي ومواد التعقيم) إضافة إلى الطلبيات الكثيرة على المعدات المكتبية وآلات الطبع وعبوات الحبر من الأشخاص الذين لم يكونوا معتادين على العمل من المنزل.
ومن الاهتمامات الأساسية الأخرى الاهتمام بالأطفال والتسلية. ويستغل البعض أوقات الفراغ للطهو أو ممارسة الرياضة، وقد سجلت مجموعة “أن بي دي” للدراسات ازديادا كبيرا في مبيعات الألعاب اللوحية والأحاجي (بازل) في فرنسا، أكبر سوق أوروبية في هذا المجال مع 578 مليون يورو في 2019. وفي الولايات المتحدة، سجلت الشركة في الولايات المتحدة قبل 21 مارس ازديدا في مبيعات الكتب خصوصا تلك المستخدمة في المناهج الدراسية وللمساعدة على إنجاز الفروض.
وفي بريطانيا، يشهد نمو المبيعات لدى “أمازون” على تنامي الشهية على الأشغال اليدوية وأعمال البستنة، لدرجة أن الهيئة الصحية العامة في البلاد (أن إتش أس) دعت البريطانيين إلى الحذر في ظل الإشغال الكبير لخدمات الطوارئ في البلاد بسبب العدد الكبير للإصابات بفيروس كورونا المستجد.
تدهور في المبيعات
ويوضح ستيفان شارفيريا أن “حجم التجارة الإجمالي بالمواد غير الغذائية في فرنسا تحديدا لم يسجل نموا في بداية الأزمة”. وفي مقابل الازدياد في مبيعات المنتجات الإلكترونية والمشتريات الرقمية لألعاب الفيديو وتطبيقات الأجهزة المحمولة في ظل الحجر المنزلي، شهدت مبيعات منتجات أخرى انهيارا كبيرا.
ويسري هذا الوضع خصوصا على مستحضرات التجميل. وتتساءل كونستانس جوردان المستشارة لدى “نيلسن” بنبرة لا تخلو من السخرية “ما النفع من الحلاقة قبل المشاركة بمؤتمر عبر الفيديو؟ ولماذا التبرج يوميا عندما يتعذر علينا الخروج من المنزل؟”.
كذلك طاول التراجع منتجات أخرى عادة ما تحقق نجاحا عبر مواقع التجارة الإلكترونية، بينها تجهيزات المنازل والأزياء المخصصة للبالغين والأطفال. ويعود ذلك إلى تصنيف هذه السلع على أنها من الكماليات أو إلى عدم توفر الوقت اللازم لهذه المشتريات أو أيضا إلى التأخير في التوصيل بسبب تدابير الحجر المنزلي.
تغييرات عميقة
يجمع الخبراء على أنه كلما طالت مدة الحجر المنزلي والمخاوف المنزلية زاد معها احتمال إدخال تغييرات في العمق على العادات الاجتماعية. ففي فرنسا حيث التجارة الإلكترونية أقل تقدما من مثيلتها في بريطانيا، من المتوقع أن يسرع الوضع الراهن في نمو المنصات الإلكترونية في هذا المجال.
ويعود نمو التجارة الإلكترونية بجزء منه إلى اعتماده من جانب زبائن جدد، خصوصا المستهلكين الأكبر سنا والأقل اعتيادا على الإنترنت، وفق مجموعة “بي سي جي”.