يقول رائد نظرية التحليل النفسي سيجموند فرويد: “لا شيء في الطفولة مهم بقدر الحاجة للشعور بحماية الأب”، فالأب هو وتد البناء داخل العائلة كلها، ليس فقط من منطلق القوة الجسدية، ولكن على المستوى الوجداني أيضا. لكننا أصبحنا كثيرا ما نجد الأم هي التي تقوم بأعباء التربية والبيت نيابة عن نفسها وزوجها، في حين أنه من واجب الأب أن يتواجد في حياة أسرته وأبنائه، وأن يتولى بنفسه القيام بمسئولياته.
تربية الأبناء مسئولية الأبوين
أهم حجرين في بناء الأسرة هما الأب والأم، من اليوم الأول.. دور الأم واضح بل وتتولى القيام بأمور أخرى طالما دعتها الحاجة للقيام بها، وبالنسبة لأغلب الآباء يفضلون أن يبقى دورهم بسيطا بمسئوليات محدودة جدا، وبعض الآباء يصبح كل دورهم وكأنهم آلة سحب النقود ولا شىء غير ذلك.
بالنسبة للطفل.. كلا الأبوين مهمان، فكلاهما ضروريان لخلق مناخ آمن وجو من الحب والعطف. بمجرد أن تعلم الأم أنها حامل، تبدأ الاهتمام بدورها كأم وتنشأ علاقة الأمومة مع الجنين على الفور، من ناحية أخرى لا يشعر الأب بأي صلة بالجنين إلا بعد الولادة، وفي بعض الأحيان لا تأتي تلك اللحظة إلا متأخرا، عندما يستطيع الرضيع أن يقوم ببعض الحركات، التي تدل على الانتباه والتواصل، من المهم أن تنشأ علاقة مبكرة بين الأب وابنه لخلق بيئة آمنة للطفل، يشعر فيها الطفل بالثقة والحنان، ويشعر أن والده موجود بجانبه طول الوقت، وليس أن يكون الأب هو ذلك الشبح الذي تخيف به الأم ابنها عندما يقوم بتصرف خاطئ. وتؤكد الدراسات أن الأطفال الذين حظوا بوجود دور فعال للأب في طفولتهم، تكون لديهم مشكلات سلوكية أقل من أقرانهم، ليس بالضرورة أن يعيش الأب في نفس البيت مع الأطفال، فقد يكون الأبوان مطلقين، لكن وجود الأب في حياة أبنائه عامل مهم جدا، الأبناء الذين يجدون آبائهم حولهم، يتميزون اجتماعيا ودراسيا عمن يفتقدون دور الأب.
احترام الأم وإظهاره
عندما يرى الطفل علاقة الحب والاحترام المتبادلين بين الوالدين، سينشأ في بيئة أقل توترا، وأكثر أمنا وسعادة، فالاحترام المتبادل بين الأب والأم لا يخلق فقط أمانا، لكن يعلم الطفل كيف يتعامل مع الآخرين، وعلى الأخص مع زوجته في المستقبل.
قضاء الوقت مع الأبناء
العمل مهم، لكنه ليس أهم شيء في الحياة، يجب أن يقضي الأب وقتا مع أبنائه، يقومون فيه بشيء مشترك، سيولد هذا شعورا لدى الطفل أنه شخص مهم في حياة أبيه، لدرجة أن يقتطع وقتا من أجله برغم انشغاله.
التواصل
على الأب أن يؤسس علاقة من ابنه قائمة على التواصل المتبادل والاحترام، وبالتالي عندما تأتي اللحظة لبعض النصائح الأبوية والتهذيب سيجد الأب أن كلامه مسموعا، بدلا من أن يكون الأب مختفيا دائما، ولا يظهر في حياة ابنه، إلا ليأمره بأن يفعل هذا ويقلع عن هذا.
نموذج وقدوة
بالضبط مثل الأم التي يجب أن تكون نموذجا وقدوة، على الأب أن يمارس دوره كقدوة لابنه الصغير، فيكون من السهل على الطفل أن يقلد السلوك الجيد في حياته، بدلا من تنفيذ نصائح وأوامر لسلوكيات لا يراها.. صدق أو لا تصدق، الأب في نظر أبنائه بطل، ويقلدونه في كل شىء، في الحركة، في التصرف، في الأمانة، في التواضع، وفي كل السلوكيات، فالطفل يميل لاعتبار كل تصرفات أبيه مثالية، حتى دون أن يشعر الأب نفسه.
مشاركة الوجبات العائلية
من أهم النشاطات التي توطد العلاقات بين أفراد الأسرة الواحدة هو تناول الطعام سويا ولو على الأقل وجبة واحدة يوميا، حيث تجتمع الأسرة لتأكل وتتبادل أطراف الحديث، وما حدث مع كل واحد في يومه، هذه العادة اليومية تنمي لدى الطفل شعوره بالانتماء لأسرته وإحساسه بالأمان في بيته.
القراءة للأبناء
ليست الأم فقط هي من تحتكر دور قراءة القصص للأطفال قبل النوم، يمكن للأب أن يقوم بهذا أيضا، فهذه اللحظات تقرب الأبناء من أبيهم جدا وتؤسس لعلاقة طيبة تدوم طوال العمر.
إظهار الحب والعطف
في بعض الأوقات من الصعب على الرجل أن يظهر حبه، لكن من المهم والضروري أن يبذل مجهودا لإظهار حبه للأشخاص المهمين في حياته، من المهم أن يظهر الأب حبه لأبنائه، ويخبرهم أنه يحبهم ويحضنهم ويقبلهم، فهو ليس محفظة نقود فقط في حياتهم، بل مصدرا للحب والأمان في البيت كله. وعلى الأب أن يدرك أن دوره لا ينتهي أبدا عند مرحلة معينة، بالضبط كدور الأم الذي لا ينتهي أبدا، بداية من الحمل وحتى بقية العمر، كذلك هو دور الأب، يجب على الأب أن يكون متواجدا دائما، وأن ينخرط في حياة أبنائه اليومية، فلا تكن أبا تفوته أهم لحظات أبنائه وتطوراتهم من مرحلة لأخرى، فقط لأن لديك عملا يشغلك عنهم!