Leila`s Brothers .. مشيخة الوالد مقابل الذهب ومعاناة الأبناء مع الفقر والبطالة

تخوض ليلى، الفتاة الوحيدة بين أربعة إخوتها (فرهاد، بارفيز، منوشهر، وعلي رضا)، صراعا بطوليا، من أجل تغيير الوضع الاجتماعي لأسرتها.
تعيش في بيت جد متواضع بحي شعبي إيراني، إلى جانب والدها ووالدتها، وفرهاد وبارفيز، في حين يستقر منوشهر لوحده في حي آخر بنفس المدينة، بينما كان يشتغل علي رضا، عاملا في شركة لصناعة الحديد بمدينة أخرى.
ازداد بؤس العائلة، عقب عودة علي رضا إلى المنزل، بعد غلق السلطات للشركة، وتسريح العمال، كما أن غرق منوشهر في ديون ضخمة، جعله مهددا بالسجن لمدة 20 سنة.
بحثا عن مخرج لهذا الوضع المتأزم، اهتدت ليلى إلى طرح فكرة اقتناء محل في أحد المراكز التجارية، وخلق فرص عمل لجميع الإخوة.
تفاعل الأربعة إيجابا مع الفكرة، بيد أن الاقتراح سرعان ما سيواجه جملة من المشاكل، على رأسها هزالة السيولة المادية لتأمين سندات المحل الذي في حاجة إلى التجهيز، لأنه عبارة عن مراحيض خاصة برواد المركز، كان يشرف عليها بارفيز الذي تولى مهمة تنسيق الصفقة.
دعت ليلى إخوتها إلى المساهمة ماديا في شراء المحل، وهو ما تم التجاوب معه، لكن حصيلة المساهمة كانت جد ضعيفة، بحكم الفقر المدقع الذي يعانون منه.
أدى هذا المعطى إلى إحساس الإخوة بالإخفاق، وتراجع حماسهم تجاه الفكرة، غير أنه كان لليلى وجهة نظر أخرى في الموضوع، لأنه لا يمكن، بحسبها، تضييع هذه الفرصة التي تعتبر حاسمة في تاريخ الأسرة، ومحددا للخروج من الأزمة الاجتماعية.

مناورات ليلى وإصرار الوالد
حلم ليلى باقتناء المحل التجاري، وتحقيق الاستقلالية المادية لإخوتها، سيدخلها في مواجهة مفتوحة مع والدها، اسماعيل جورابلو، الذي تحتفظ له بـ 50 قطعة من الذهب، حيث رفض دعمهم في المشروع، لأنه سيقدم هذا الوزن المهم من الذهب هدية، مقابل أن يصبح «شيخا» للعائلة.


شرف المشيخة على رأس العائلة، كان يراود اسماعيل جورابلو منذ سنوات، لهذا وفر كل هذا الذهب على حساب إهمال أبنائه وزوجته التي تشكو من أمراض عدة، وفي حاجة إلى الرعاية الطبية.
لم تتوقف مناورات ليلى مع والدها، لإقناعه بالإحجام عن فكرة المشيخة، والمساهمة بـ 50 قطعة من الذهب لاقتناء المحل التجاري، ولكن إصرار الرجل في الحصول على الشرف الاجتماعي، كان يزيد كلما زاد ترافعها لحساب اقتناء المحل الذي كانت ترى فيه المنقذ من الفقر.
ورط اندفاع ليلى، اسماعيل جورابلو وإخوتها في حرج كبير أمام أفراد العائلة، ليلة تنظيم حفل تسليم المشيخة، بفعل هروبها من قصر الحفل بالقطع الذهبية إلى المنزل، ورفضها أن يقدم والدها كل هذا الذهب، هدية لابن الشيخ المتوفى.
أدخل هذا الحادث اسماعيل جورابلو في أزمة نفسية واكتئاب حاد، لاسيما وأن المشيخة سحبت منه لحساب منافس آخر له. فور عودته إلى البيت، احتج بشدة على ليلى وباقي الإخوة، الذين باعوا الذهب ووقعوا على العقد الأولي لاقتناء المحل التجاري.
تدهور الوضع الصحي للوالد، بعد زيارته للمحل التجاري الذي ما زال عبارة عن مراحيض في المركز، دفع بالإخوة إلى العدول عن قرار اقتنائه، بتوجيهات من علي رضا، الذي ذهب رفقة إخوته إلى اقتناء عدد القطع الذهبية التي بيعت، غير أنهم فوجئوا بارتفاع جنوني وسريع في الأسعار.
هكذا، سيفقد الإخوة المحل التجاري، كما ستضيع من اسماعيل جورابلو القطع الذهبية، والمشيخة، لتحمل مسؤولية هذه الخسائر إلى ليلى التي وجه لها اللوم بشدة، وهي التي كانت تسعى إلى تحسين أحوال أسرتها الاجتماعية.
دفع فشل خطة ليلى، بعودة أفراد العائلة إلى روتين حياتهم العادية، المطبوع بالبطالة والفقر، حيث سيقرر منوشهر الهجرة خارج أرض الوطن، بجواز سفر مزور يعود لأخيه فرهاد، هروبا من السجن بعد غرقه في المديونية، نظرا لفشل مشروع مشترك له مع أحد أصدقائه، كما أن الوالد أطلق نظرته الأخيرة قبل وفاته فوق كرسيه الخشبي، على هامش الاحتفال بذكرى ميلاد حفيدته (ابنة بارفيز).

فشل المشروع ونجاح الإقناع
يوجه فيلم Leila›s Brothers، إنتاج سنة 2022، لمخرجه سعيد روستاي، نقدا لاذعا إلى المجتمع الإيراني، الذي يحافظ على بعض العادات والتقاليد المكلفة ماديا، من قبيل الحصول على المشيخة، انطلاقا من تقديم أغلى هدية لفائدة أبناء الشيخ السابق، وإن كان أمر هذا الشرف الاجتماعي لا يعود بالنفع المادي على صاحبه، بل يورطه في ديون وأوضاع اجتماعية صعبة وبئيسة، يؤدي ثمنها الأبناء والزوجة.
صحيح أن مشروع ليلى المتمثل في اقتناء محل تجاري لفائدة جميع الإخوة، باء بالفشل، لكنها نجحت في إقناع الأب والإخوة بعدم أهمية المشيخة، أمام حاجة أفراد الأسرة لهذه الهدية الثمينة، التي لا يجب في نظرها أن تقدم بسخاء بعد معاناة طويلة في جمعها والحفاظ عليها، بل يجب استثمارها لتعود بالنفع على الأبناء الذين يعيشون أوضاعا صعبة.
منح الفيلم، الذي كان زمن عرضه طويلا نسبيا (150 دقيقة)، هامشا واسعا من الحرية لفائدة ليلى، التي ظلت حاضرة بقوة في جميع الحوارات واللحظات الحاسمة، علما أن جميع قراراتها كان يؤخذ بها من قبل الإخوة الذكور، رغم تحفظ علي رضا بين الفينة والأخرى على بعضها، لأنها لا تصب في مصلحة والده اسماعيل جورابلو، الذي يجب أن يحظى بالاحترام والتوقير، حتى ولو تصرف بشكل خاطئ.
حاول الفيلم تقديم صورة مغايرة عن المرأة في المجتمع الإيراني، استنادا إلى أداء ليلى لدور القائد، والموجه، والمخطط، بل والفاعل الرئيسي في العائلة، تتمتع بهامش واسع من الحرية وسط الإخوة الذكور، على مستوى الاختيارات الفكرية والعاطفية.

يوسف الخيدر

Related posts

Top