أسدل الستار، مؤخرا، عن أشغال ورشة تقوية القدرات حول إدماج البعد البيئي والمخاطر المناخية في التخطيط المحلي، والتي نظمت من قبل مجلس عمالة إنزكان أيت ملول بشراكة مع المديرية الجهوية للبيئة لسوس ماسة وبرنامج الحكامة البيئية والمناخية للتعاون الدولي الألمان (ProGEC/GIZ ).
وجاء تنظيم هذه الورشة في إطار العمل على تعزيز قدرات الفاعلين المحليين، من ممثلين عن الفرق التقنية المكلفة بتتبع إعداد برنامج تنمية عمالة إنزكان أيت ملول وبرامج عمل الجماعات التابعة للعمالة، بالإضافة لممثلين عن المصالح الخارجية والمجتمع المدني. كما استهدف الملتقى رد الاعتبار للمجال البيئي والحد من انعكاسات المخاطر المرتبطة بالتغير المناخي وتعزيز التشاور والتنسيق بين كافة المتدخلين من أجل الخروج بتشخيص دقيق لمختلف الإشكاليات البيئية ووضع تصورات وحلول كفيلة بتجاوز هذه الإشكاليات على صعيد عمالة إنزكان أيت ملول.
ودعا رضا المختار، رئيس مجلس عمالة إنزكان أيت ملول، بضرورة إدماج البعد البيئي والتغيرات المناخية في التخطيط الترابي لتحقيق التنمية المحلية، ومواكبة الجماعات الترابية أثناء إعداد برامج العمل و برنامج تنمية الإقليم.
وأشاد رئيس مجلس عمالة إنزكان الرضا المختار بالتقدم الذي عرفه التشريع القانوني في مجال البيئة والتنمية المستدامة في المغرب من خلال مختلف القوانين، كقانون إطار الميثاق الوطني للبيئة والتنمية وقوانين تدبير النفايات وقانون تلوث الهواء وقانون دراسة التأثير على البيئة.
وذكر رضا المختار بأهمية المقاربات التشاركية والاستباقية والاحترازية لتقليص المخاطر والتهديدات البيئية، ولبناء رؤية مشتركة تهم تنمية المجال الترابي لمنطقة انزكان ايت ملول، بتعاضد مختلف المتدخلين من جماعات ترابية ومصالح وزارية خارجية، والتداول الجماعي يهدف إلى تحقيق الاندماج والالتقائية في مختلف المساعي والتدخلات. واستعرض رضا المختار المخاطر والتهديدات الكبرى التي تتعرض لها الانظمة البيئية بانزكان آيت ملول خاصة واد سوس والمجال الغابوي والبيئة الحضرية.
وعرض فريد ودير ممثل الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) ، مرامي الوكالة في مجال التنمية المستدامة وعلى مستوى الحلول ناجعة التي تقدمها لعمليات التنمية السياسية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية في عالم معولم. حيث تدعم الوكالة مختلف الإجراءات المعقدة لإنجاز الإصلاحات، في ظروف صعبة أحيانا، بغية تحسين الظروف الحياتية تحسينا مسـتداما. وتندرج هذه الورشة في سياق تقوية قدرات الفاعلين و أجرأة المخطط الترابي لمكافحة التغير المناخي.
وتنشط الوكالة الألمانية للتعاون الدولي بالمغرب منذ 1975، يضيف فريد ودير، وقد بدأت أنشطتها بجهة سوس ماسة (سوس ماسة درعة سابقا) مند بداية التسعينيات من القرن الماضي. وقد أنجزت مجموعة من المشاريع بتعاون مع مختلف الشركاء وخصوصا المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، وقد شملت مجالات التعاون مختلف محاور من قبيل محاربة التصحر، والحفاظ على البيئة، ومحمية اركان للمحيط الحيوي، والتغير المناخي، والتدبير المندمج للماء…
وانطلاقا من سنة 2012، بدأ الاشتغال في مشاريع نموذجية بجهة سوس ماسة بشراكة مع مختلف الشركاء بالجهة وخاصة مع المرصد الجهوي للبيئة والتنمية المستدامة حول تيمة التكيف مع التغير المناخي. ويشتغل حاليا قطاع البيئة والمناخ بالوكالة الألمانية للتعاون الدولي حول برامج مهمة بجهة سوس ماسة تتجلى أهمها في مشروع التنمية المستدامة، و مشروع ادماج المخاطر المناخية في القطاع الخاص ومشروع الحكامة البيئية والتغير المناخي..
ويهدف مشروع الحكامة البيئية والتغير المناخي إلى دعم مختلف الفاعلين لتنفيذ وأجرأة الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة عبر مقاربات وآليات الحكامة الرشيدة. ويتناول المشروع ثلاثة محاور تهم التدبير المستدام للموارد ومعالجة النفايات الصلبة، والتكيف مع التغير المناخي، والتنوع البيولوجي وتثمين الموارد الجينية وبروتوكول ناغويا، وفق أنشطة رئيسية تتجلى في المخطط الترابي لمكافحة التغير المناخي وتقوية القدرات و إنجاز منظومة معلوماتية جهوية للبيئة وأنشطة أخرى.
وتحدثت المديرة الجهوية للبيئة بسوس ماسة، خديجة السامي، عن الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة ورؤيتها التي تتغيا الانتقال نحو اقتصاد أخضر وشامل وفق مبادئ أربعة تتضح في كونها مطابقة مع الإطار الدولي، حيث وقع المغرب و صادق على الاتفاقيات الدولية والإقليمية الكبرى في مجال البيئة والتنمية المستدامة. وتنسجم الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة مع الممارسات الدولية النموذجية، وتقتبس منها التحديات التي قررت المملكة رفعها في مجال التنمية المستدامة ومنها مثلا مكافحة التغير المناخي، ومكافحة التصحر وحماية التنوع البيولوجي. كما تتطابق الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة مع مبادئ القانون- الإطار 99 – 12، ذلك أن التدابير العملية التي قدمت في إطارها تنسجم مع المبادئ الواردة في القانون-الإطار 99 – 12 .و يتجلى المبدأ الثالث في التزام الأطراف المعنية إذ أن الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة مسلسل مستمر يلزم الفاعلين بتغيير سلوكياتهم بالنسبة للتنمية بمفهومها الكلاسيكي. وعليه، فهي تحدد أهدافا وترسم تدابير وإجراءات ورهانات للاستدامة يلتزم بها مختلف الفاعلين، تضيف المتحدثة نفسها. أما المبدأ الرابع فيتمثل في اعتبار الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة عملية، وذلك بارتكازها على تدابير ملموسة وميدانية، وكذا باعتمادها على الاستراتيجيات والمخططات والبرامج التي هي في طور التنفيذ، ولا تتناقض هذه الاستراتيجية مع الاختيارات التنموية التي تبناها المغرب.
وتحدث يوسف جوهري عن السياق العام لإشكالية المناخ، كونيا ومحليا، متناولا التخطيط الحضري، كأداة تمكن من بلوغ تنمية حضرية مستدامة، وتساعد على صياغة رؤية للمجال الترابي على المدى المتوسط وكذا الطويل، عبر ترشيد الوسائل لتحقيق هذه الأهداف، ذلك أنه يمكن ربط الحاجيات من البنية التحتية مع نمو السكان أو الطلب على توسيع الرقعة الحضرية مع حماية البيئة. وينظم التخطيط الحضري التدخلات البشرية ذات التأثير على المجال الترابي بخلق تأطير لعملية التنمية والحد من أثارها السلبية. وتحدث جوهري عن ضرورة إيجاد علاج جوهري لإشكالية وأهمية التكيف مع التغيرات المناخية في سياق التخطيط الحضري، معتبرا وثائق التعمير فرصة ثمينة لتحليل واستباق والوقاية والتخفيف من بعض الأخطار المناخية على المديين الطويل والمتوسط.
وأشار جوهري إلى التحديات الأساسية للتخطيط الحضري والتغيرات المناخية ومجال تطوير نماذج وسيناريوهات تمكن من تحديد اتجاهات التغيرات المناخية مع إرساء آليات لرصد وتتبع سرعة التأثر والتغيرات المناخية على الصعيدين الجهوي والمحلي، داعيا إلى إيجاد ترابط بين مستويات التخطيط والتدخل المختلفة بشأن مسألة إدماج التكيف مع التغيرات المناخية، وإتاحة وتبادل المعلومات المناخية والعمل على أخذها بالاعتبار في جميع مستويات التخطيط، ثم توفير الكفاءات البشرية والإمكانيات المادية خصوصا على المستوى الجماعي، وتوسيع الشراكات و الدعم المادي من أجل تنفيذ المبادرات والإجراءات التكيفية.
وتدارس المشاركون خلال الورشة مختلف المحاور الأساسية همت رهانات الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة ومنهجية إعداد وأهم مخرجات المخطط الترابي لمحاربة الاحترار المناخي لسوس ماسة ومشروع الاقتصاد الدائري لسوس ماسة (المديرية الجهوية للفلاحة والبرنامج الانمائي للأمم المتحدة)، وبرنامج تنمية تراب العمالة كأداة لتفعيل الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة كما تم تقديم عرضين حول المقاربات المنهجية لإدماج البعد البيئي وتغير المناخ في برنامج تنمية العمالة وبرامج عمل الجماعات.
وتوزع المشاركون إلى مجموعتين وفق محورين قاربا المخاطر المناخية وتدبير الموارد الطبيعية ثم إطار الحياة والبيئة الحضرية. كما تبادل الفاعلون المحليون وخبراء مختلف الآراء والتجارب والتصورات التي خلصت إلى أفكار مشاريع بيئية مهمة من شأنها النهوض بالموارد الطبيعية والتخفيف من الآثار الناجمة عن التغير المناخي والتي يستوجب الشروع في تطويرها وتفعيلها في القريب العاجل.
وفي ختام الجلسات العامة، قام مكتب الدراسات المكلف بإنجاز برنامج تنمية العمالة بالتذكير بالمراحل اللاحقة من مسلسل إعداد برنامج تنمية العمالة، وخصوصا منها المجموعات البؤرية التي سوف تنبري للاشتغال، بالإضافة الى محور تغير المناخ والتنمية المستدامة، حول التعمير والتنمية المجالية والسكن غير اللائق، ثم التنمية الاقتصادية وإنعاش الاستثمار، وكذا التنمية البشرية والاجتماعية.
محمد التفراوتي