إشكالية التعليم عن بعد.. بسط ومناقشة التحديات والآفاق ما بعد جائحة كوفيد 19

نظم مختبر اللسانيات التطبيقية والدراسات الثقافية التابعة لشعبة الدراسات الانجليزية بكلية الآداب والعلوم الانسانية بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة، يوم الأربعاء 30 مارس الماضي، مؤتمرا علميا وطنيا حول إشكالية التعليم عن بعد بحضور ومشاركة مجموعة من الدكاترة والباحثين والخبراء وطلبة مختلف الشعب من جامعات التعليم العالي بالمملكة، وذلك من أجل مناقشة الإشكاليات المطروحة حول التعليم عن بعد التي بزغت وشغلت الرأي العام والساحة العلمية العالمية بقوة منذ بداية جائحة كوفيد 19.

وقد تطرق المؤتمر العلمي خلال فصوله الأربعة إلى عدة بحوث ومقالات علمية من إنجاز كبار الباحثين المعروفين في الساحة العلمية الوطنية، كالدكتور هشام زياد، الدكتور محمد يعو، الدكتور عبد المجيد بوزيان، الدكتور بوشعيب بنزحاف، الدكتورة الضاوية العبودي، الدكتورة نجاة مختاري، الدكتور محمد دردار، الدكتور الرداد الركيك، الدكتور عبد العزيز بودلال، الدكتور عبد الله ادحساين، الدكتور محسن الشرفي، الدكتورة نيروز ناضوري والدكتورة بثينة كبة.. حيث تمحورت جل هذه الدراسات العلمية حول التحديات التي تواجه نظم الدراسة عن بعد بالمغرب خاصة والعالم عموما، بالإضافة إلى الآفاق التي يفتحها هذا النمط الجديد من التعليم  والتعلم.

وقد تم افتتاح هذا المؤتمر العلمي بكلمة عميد كلية الآداب والعلوم الانسانية بجامعة شعيب الدكالي الدكتور حسن قرنفل، متبوعا بكلمة نائب العميد الدكتور محمد يعو، حيث أعربا معا عن امتنانهما للجنة التنظيمية للمؤتمر وعلى رأسهم منسق المؤتمر الدكتور هشام زياد، بالإضافة للجنة العلمية المحلية والوطنية، على المجهودات المبذولة من أجل إغناء الساحة العلمية الوطنية. وقد تلى ذلك، المداخلة الرئيسة للدكتور عبد المجيد بوزيان، الأستاذ المسؤول عن التحول الرقمي والتعليم عن بعد بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بن مسيك، تحت عنوان “وضعية التعليم العالي عن بعد، الدروس المستفادة من أزمة كوفيد 19، الإمكانات والآفاق”.

هذا واستهل منسق الفصل الأول الدكتور عبد العزيز بودلال تقديم مداخلات هذا الفصل حول موضوع “الأدوات الرقمية والمنصات الإلكترونية من أجل تعزيز الممارسات بعد أزمة فيروس كوفيد 19″، بمداخلة الطالب الباحث بسلك الدكتوراه لحسين كسراس، عن المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين الرباط – سلا- القنيطرة، حيث عرض هذا الأخير خلاصات دراسة أنجزها حول “تقييم التلاميذ لجودة تعلم اللغة الانجليزية عن بعد بالمغرب”، فيما ركزت مداخلة الدكتور والباحث اللساني كريم بنسوكاس عن كلية الآداب والعلوم الانسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط على “إمكانيات تدريس الصوتيات عن بعد”. أما عن كلية الآداب والعلوم الانسانية بجامعة شعيب الدكالي فقد قدم الطالب الباحث بسلك الدكتوراه عديل السايح بحثا حول تقييم أساتذة التعليم العالي لمنصة التعليم عن بعد “ميكروسوفت تيمز Microsoft teams”.

أما بخصوص الفصل الثاني، بتنسيق الدكتورة نجاة مختاري، الذي خصص لمناقشة موضوع “العوامل النفسية من أجل تدبير الأزمات”، فقد افتتح بتدخل الدكتور ايت بوزيد حسن عن المدرسة العليا للتربية والتكوين بأكادير حول موضوع “مواقف وسلوكيات التلاميذ تجاه استعمال فيديوهات تطبيق يوتيوب كمنصة تعليمية”، متبوعا بتدخل الدكتورة بثينة كبة، عن كلية اللغات والفنون بجامعة ابن طفيل، التي قدمت بحثا متميزا حول “الآثار النفسية لأزمة كوفيد على نفسية المتعلمين”، وقد تلى ذلك مداخلة الباحث علي أوزين حول “تشجيع اندماج الطلاب في عالم ما بعد كوفيد 19”. تميز هذا الفصل أيضا بمداخلة الدكتور بوشعيب بنزحاف، عن كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة شعيب دكالي، حول موضوع “ما بعد أزمة كوفيد 19، جاهزية وتوقعات طلبة التعليم العالي بالمغرب حول تجربة التعليم عن بعد”، إضافة إلى مداخلة الدكتور سميركو محمد، عن كلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة ابن طفيل، الذي قدم عرضا حول “مسألة التحديات التي تواجه التعليم عن بعد وجاهزية المغرب لتبني هذا النظام الجديد من التعليم”.

أما الفصل الثالث فيتمحور حول “النظر في الممارسات التعليمية خلال أزمة كوفيد 19” بتنسيق الدكتور يحيى دخيسي، وتميز بمداخلة الدكتور المنصوري حسن، عن المدرسة الوطنية العليا للفنون والمهن بمكناس، التي عنونها بـ “نحو تطوير وتجويد نظام تعليمي جديد بعد أزمة كوفيد 19″، فيما قدم الدكتور خالد بوروك، عن كلية الآداب والعلوم الانسانية بجامعة سيدي محمد ابن عبد الله بفاس، بحثه الميداني حول إشكالية “التدريس عن بعد وحالات الغش في صفوف طلبة التعليم العالي بالمغرب”. وقد اختتم هذا الفصل بمداخلة الدكتورة أمينة العراقي عن كلية الآداب والعلوم الانسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط، التي تحدثت فيها عن تجربتها في تدريس مادة الترجمة عن بعد عبر منصة “جوجل كلاس – روم Google Classroom ” خلال أزمة كوفيد 19.

اختص الفصل الأخير، بتنسيق الدكتور محمد دردار، في تمحيص منهاج التعليم والتعلم باستعمال الأدوات التقنية والتكنولوجية، بتدخل كل من الدكتورة نيروز ناضوري، عن كلية الآداب والعلوم الانسانية بالجامعة المستضيفة، حول “التعليم عن بعد وإشكالية العدالة المجالية بالمغرب”، متبوعا بمداخلة الدكتورة الضاوية العبودي المعنونة بـ “دراسة حول آراء وتجارب العنصر النسوي من مختلف جامعات التعليم العالي بالمملكة خلال عملية التدريس عن بعد”، فيما قدمت الطالبة الباحثة في سلك الدكتوراه خديجة لكسومي مداخلة حول “تطور الأداء المهني للتدريس عن بعد كاستجابة من مدرسين اللغة الأجنبية لتداعيات أزمة كوفيد 19” فيما خصصت المداخلة الأخيرة للأستاذ كريم الحياني عن جامعة عبد المالك سعيدي حول “التعليم العالي بالمغرب بين التعليم عن بعد والتعليم المدمج، دراسة داخل شعبة الدراسات الانجليزية”.

تجدر الإشارة إلى أن جميع فصول المؤتمر كانت متبوعة بمناقشة بعد نهاية كل فصل وذلك بتدخلات عدد من الدكاترة، الأساتذة وطلبة مختلف الشعب، من خلال إبداء ملاحظاتهم وانتقاداتهم البناءة للمحاضرين، بالإضافة إلى أسئلة حول المواضيع والإشكالات المطروحة خلال ما لا يقل على عشرين إلى ثلاثين دقيقة، وهو معدل زمن المداخلات لكل المحاضرين، فيما اختتم هذا المؤتمر بكلمة منسق المؤتمر حيث توفق في تلخيص أهم النقط التي تطرق لها المحاضرون بالإضافة إلى تقديم كلمة شكر للجنة التنظيمية واللجنة العلمية للمؤتمر وكذا جميع الحاضرين من أساتذة وطلبة.

وفي حديث لهم مع بيان اليوم، أعرب منسق المؤتمر الدكتور هشام زياد على فخره بالمستوى الرفيع لجميع المداخلات العلمية التي تم تقديمها خلال المؤتمر باعتبار هذه الأخيرة أرضية للمناقشة وتبادل وجهات النظر في التجربة التي قطعها المغرب خلال زمن الأزمة. كما عبر الأستاذ هشام زياد عن رأيه الخاص حول قضية التعليم عن بعد مشيرا إلى أن هذه القضية تستلزم النظر في عدة معايير والأخذ بعين الاعتبار عدة متدخلين من أجل تحقيق هذا المكسب غير البسيط، باعتبار المتمدرس، المدرس، المنهج والأدوات التدريسية كلها متدخلات في جودة هذا النوع الجديد من التعليم.

أما عن اللجنة المنظمة والسادة المحاضرين المحترمين فقد أشار الدكتور عبد المجيد بوزيان، في حديثه لبيان اليوم، إلى أن الهدف من هذا المؤتمر يتجلى في النظر في الوضعية الراهنة للتعليم بالمغرب منذ بداية جائحة كوفيد-19 بالنظر إلى الموارد التي تم توظيفها من أجل الوصول للمنصات الرقيمة وتوظيفها من أجل خدمة التعليم بالمغرب بالإضافة إلى تكوين المدرسين والمتمدرسين في هذا النمط الجديد من التعليم والتعلم، كما وجه الدكتور دعوة للأساتذة من أجل مشاركة تجاربهم والنظر في مناقشة علمية للحصيلة التربوية والتعلمية لهذه التجارب، في حين أنهى حواره واصفا هذا المؤتمر بالجوهري والواعد. كما تبنت الدكتورة الضاوية العبودي نفس الموقف مقرة بأن الهدف الأساس من المؤتمر هو مشاركة وتبادل الخبرات حول مسألة التعليم عن بعد، خاصة الدروس المستفادة من زمن الأزمة، بالإضافة إلى الاحتياطات والتدابير اللازمة لتخطي العقبات التي لازالت تواجه هذا النمط الجديد من التعليم وبقوة، بوصفه تحديا لجميع مكونات الوسط التعليمي بالمغرب. حيث وصفت، في حديثها لبيان اليوم، تجربتها كأستاذة تعليم عال عن بعد خلال الحجر الصحي بالغنية باعتبارها ساحة خصبة لاكتشاف الذات، شخصيا ومهنيا، وكذلك بالنسبة لاكتشاف الآخر.

وتحدثت الدكتورة بثينة كبة، خلال حوارها مع بيان اليوم، عن تجربتها خلال المؤتمر مشيرة إلى أن اهتمامها الأول كان موجها للمتعلم باعتباره أهم المتدخلين في العملية التعلمية خاصة عن بعد، فيما ترى أن المؤتمر كان حلقة متصلة من التدخلات التي غطت كثيرا من المواضيع المتعلقة بهذا النمط الجديد من التعلم. وأشارت أيضا إلى أن موضوع مداخلتها سلط الضوء على عنصر الصحة النفسية للمتعلم باعتباره عنصرا جسيما من أجل عملية تعلمية ناجعة. وختاما وجهت الدكتورة رسالة شكر لأعضاء اللجنة التنظيمية والعلمية للمؤتمر من أجل مجهوداتهم وسهرهم على إنجاح المؤتمر.

ومن جانبه اعتبر الدكتور عبد الله ادحساين أن هذا المؤتمر يشكل أرضية خصبة لمناقشة أزمة كوفيد 19 من منظور الباحثين في مجال التربية، ويشكل أيضا منصة لتحليل مكتسبات مجال التعليم في المغرب، مضيفا في تصريحه للجريدة، أن مثل هذه المبادرات لابد وأن تعمم من طرف كل المعنيين بالشأن التربوي بالمغرب. كما شدد الدكتور على أن ضرورة الأخذ بالعبر وتحليل الدروس المستفادة من أزمة كوفيد 19 واستعمالها كأساس حي لمزيد من الدراسات العلمية في مجال التعليم عن بعد من أجل الانتقال من المراحل الأولى من البحوث الموجهة لدراسة هذه الإشكالية إلى مراحل أكثر تقدما.

وعلى سبيل الخلاصات، فقد حَذِقَ الدكتور محسن شرفي في تزويد الجريدة بتلخيص دقيق لأهم ما جاء في مداخلات اللجنة العلمية للمؤتمر مشيرا إلا أن المناهج التربوية الحديثة تستلزم العمل على تحسين جودة خدمات التعليم عن بعد ومشاركة الخبرات والتحديات التي تواجه الأساتذة الذين بدورهم يعملون على سد خصاص مجال التربية عبر النظر عن كتب في مشاكل المتمدرسين في علاقتهم بباقي المتدخلين في العملية التعلمية، لذلك وجب الحرص على تثمين المجهودات المبذولة من طرف جميع أفراد الساحة العلمية المحلية والوطنية التي تسهر دائما على تجويد البحث العلمي ونشر صورة تليق بمجهودات الفاعلين في مجال التربية الوطنية والبحث العلمي بالمغرب، بما في ذلك الدور الذي يقوم به الإعلام في تفاعل مع أدوار الجامعة المغربية ومنه منبر بيان اليوم الذي يسهر على نقل مثل هذه المبادرات التي تخدم مجال التربية بالمغرب ويسلط الضوء على أبطال هذا الوطن من مدرسين وباحثين في جميع المجالات.

الجديدة: كوثر الصابري

Related posts

Top