إغراق الأسواق الشعبية بالعاصمة الاقتصادية بالأكياس البلاستيكية المحظورة

ماتزال الأكياس البلاستيكية تقاوم “حظر” استعمالها في عدد من الأسواق الشعبية بالعاصمة الاقتصادية، متحدية بذلك القانون الذي يمنع تصنيع هذه المواد واستيرادها وتصديرها وتسويقها، وذلك لما تتسبب فيه من أضرار كبيرة على البيئة. لقد دخل فعلا القانون المتعلق بحظر الأكياس البلاستيكية حيز التنفيذ في يوليوز المنصرم، ومنذ ذلك الحين وإلى يومنا هذا، ماتزال حملات التحسيس والتوعية مستمرة من أجل القضاء على هذه الأكياس البلاستيكية بشكل نهائي عبر كافة تراب المملكة وذلك قبل انطلاق مؤتمر الأطراف 22 لاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية بمراكش.
إلا أنه، ورغم كل التدابير البيئة الرامية لمحاربة التلوث فإن البيضاويين مازالوا يحنون للتعامل بهذه الأكياس البلاستيكية ويعز عليهم تركها والانتقال نحو بذائل أخرى صونا للموارد والفضاءات الطبيعية وحفاظا كذلك على التنوع البيئي والموروث الثقافي.
بيان اليوم، انتقلت الى بعض الأسواق المحلية بالعاصمة الاقتصادية قصد الوقوف على العادات الجديدة للبيضاويين في التسوق، لاسيما، وأن أكثر من ثلاثة أشهر قد مرت عن دخول هذا القانون الجديد حيز التنفيذ، وحظره لإنتاج واستيراد واستغلال وتسويق واستخدام الأكياس البلاستيك الموجه للتلفيف، واستمعت إلى آراء عدد من التجار والمتبضعين واطلعت على مواقفهم بخصوص البدائل المطروحة في هذه الأسواق لوضع حاجاتهم وحفظها من التلوث.
وفي هذا الإطار التقت بيان اليوم محمد الهواس (بائع خضر بسوق شعبي بدرب الانجليز)، وسألته حول كيفية تدبيره للتعامل مع زبنائه، وهو يوفر لهم أكياسا ابلاستيكية بديلة لم يعتادوا عليها لوضع مشترياتهم من الخضر. وفي جوابه، أفاد محمد الذي أمضى أزيد من 15 سنة بائعا للخضر في هذا السوق الشعبي، بأنه التزم بتطبيق القانون منذ صدوره، من خلال وقف التعامل بهذه الأكياس البلاستيكية التي تعتبر مضرة للغاية، موضحا، أن الأمر ليس بالسهل، بحيث إن الكثير من زبنائه عبروا عن ردود فعل سلبية عند أول تعامل معهم من دون “الميكا” التي اعتاد توفيرها بالمجان لوضع مقتنياتهم، بل إن بعضهم استشاطوا غضبا في وجهه، ولم يستسيغوا أية مبررات بالرغم من وجود حملات التحسيسية تواكب منع الأكياس البلاستيكية كما نص عليه القانون الصادر في هذا الإطار.
وتابع المتحدث، أن الأكياس البديلة التي أمسى الباعة يوفرونها لزبائنهم في السوق، أغلبها مصنوع من الورق، مما يجعلها عرضة للتلف السريع، لاسيما، إذا تم وضع شيء ثقيل أو مبلل بداخلها. يبتسم محمد، ويستطرد في كلامه، كثيرا ما حصلت مواقف طريفة لبعض الزبائن، حيث تمزقت هذه الأكياس الورقية بين أيديهم ليسقط ما بداخلها من بضاعة، وضع يثير السخرية فعلا، يقول محمد، والزبائن إزاءه لا يتمالكون أنفسهم من الضحك، والتهكم على هكذا بدائل التي لا تريح أصحابها.
وتابع المتحدث كلامه، أن الكثير من المتبضعين لا يعرفون كم تكلف الباعة هذه الوسائل الصديقة للبيئة، فهي ليست مرنة كالأكياس البلاستيكية بل سهلة التمزق، وبالتالي تتعرض في الكثير من الأحيان للتلف، وهذا يضطر الباعة لاستبدالها إرضاء لزبائنهم، وتحمل الخسارة. في الحقيقة، الأكياس البلاستيكية تلقى أقبالا كبيرا من قبل البيضاويين رغم أن هذه الوسيلة المستخدمة في التعبئة والتغليف وحفظ المقتنيات أثناء عملية التسوق، تبقى خطيرة على البيئة وعلى الانسان.
محمد لكحل بائع دجاج بسوق باب مراكش، يرى أن ما يشجع الزبائن على استعمال الأكياس البلاستكية والاعتماد عليها دون غيرها من البدائل الصديقة للبيئة، هو مجانية الحصول عليها من عند الباعة في فضاءات التسوق والمحلات التجارية بالأحياء الشعبية. هذا البائع الذي التقته بيان اليوم بنقس السوق، أوضح في حديثه حول ظاهرة الأكياس البلاستيكية، أن هذه الوسيلة لرخص ثمنها، يرمى بها كنفايات في الشوارع بعد الاستعمال الواحد من قبل المستهلكين. وتابع لكحل، وهو فاعل جمعوي، أن حملات التحسيس المصاحبة لتنزيل القانون المتعلق بمنع استعمال هذه الأكياس الخطيرة على صحة الانسان وعلى محيطه، ساهمت إلى حد كبير في توعية المواطن بخطورة هذه الأكياس التي نعبئ فيها أغراضنا ونلف فيها موادنا الغذائية، على صحتنا ومحيطنا، مشيرا، إلى أن هذه الحملات التوعوية ما تزال تتواصل حتى اليوم، بمشاركة المدارس والجمعيات المدنية والسلطات المحلية وباقي الفاعلين المعنيين بالقضية البيئية، وأنها تحقق أهدافها في القضاء على هذه الأكياس المضرة بالأماكن التي كانت منتشرة فيها، حيث لم تعد ترى مكدسة في الطرقات ولا عالقة على الأشجار والاسلاك الكهربائية وفي منافذ مياه الأمطار، حيث من شأنها أن تتسبب في تلويث البيئة وفي العديد من المشاكل الصحية للإنسان نفسه. غير أن محمد الذي نوه بحملات القضاء على الأكياس البلاستيكية بالعاصمة الاقتصادية، لفت الانتباه إلى استمرار الباعة في عدد من الأسواق الشعبية في التعامل بهذه الأكياس رغم وجود قانون يمنع ذلك، قائلا في هذا الصدد، “المستهلكون يجدون صعوبة في الانتقال نحو بدائل أخرى لـ” الميكا”، لقد اعتادوا على مجانيتها من البائعين”، مضيفا، أن بعض المتبضعين، يتجنبون شراء الأكياس الصديقة للبيئة (صغيرة الحجم بـ 1 درهم ومتوسطة الحجم 2 دراهم أما الكبيرة فثمنها 7 دراهم)، لذلك تراهم يبحثون عن باعة في الأسواق يوفرون هذه الأكياس لزبنائهم، غير عابئين بما تنتج عنها من اضرار، كما أن بعض البائعين الذين يهجسون من خسارة زبنائهم ما زالوا يتعاملون بهذه الأكياس إرضاء للمتبضعين …ولم يفت بائع الدجاج الإشارة في حديثه إلى شكاوى المتبضعين من ارتفاع ثمن الأكياس البديلة واعتبارها عبئا إضافيا يؤثر على قدرتهم الشرائية المتضعضعة.
أما مولاي ادريس الإبراهيمي، الذي التقته بيان اليوم بسوق البلدية بدرب السلطان، فقال إنه رغم التعبئة الكبيرة والواسعة التي قامت بها الدولة لمحو أثار هذه الأكياس البلاستيكية من المشهد العام، فإنه وللأسف، ما يزال هناك من يحن للماضي ولا يريد للبلد أن يتطور، موضحا، أن هناك انتهازيين يستغلون هذه الفترة الانتقالية إلى الأكياس البدلية لإغراق الأسواق الشعبية بـ”الميكا”، مضيفا، أن هؤلاء الذين يحركهم الجشع يستغلون هذا الوضع من أجل الربح السريع، فيروجون هذه الأكياس البلاستيكية الملوثة بعد الرفع من ثمنها من 18 إلى 40 درهما للكيلو غرام الواحد.
وأضاف أن هذه التكلفة المرتفعة يتحملها الزبون، وأن الباعة يدمجون الصائر بشكل مسبق في الأثمنة التي يعرضون بها بضاعتهم.
وتابع مولاي ادريس، أنه تأقلم بسرعة مع الوضع الجديد في التسوق، منوها، بالأكياس الورقية كبديل، فهي تمتلك القدرة على التحلل، خلال أشهر ويمكن التخلص منها أيضاً بالحرق دون الخوف من تسببها في انبعاثات ضارة بالصحة. وتتميز الأكياس الورقية أيضاً بعدم تأثرها بالحرارة أو التجميد، إلى جانب عدم احتوائها على مواد ضارة يمكن أن تنتقل إلى المواد الغذائية الموضوعة بداخلها، وهذا ما يجعلها بديلاً جيداً للأكياس البلاستيكية.

سعيد أيت اومزيد

Related posts

Top