إقليم أسفي: من يعرقل مشروعا ملكيا ويحكم على 52 ألف نسمة بالعطش في أربع جماعات قروية بأسفي؟

مشروع بملايير الدراهم يستهدف فك العزلة المائية على أزيد من 52 ألف نسمة بأربع جماعات قروية بتراب إقليم أسفي: وهي الغياث وأولاد سلمان والتوابث والمعاشات،  مشروع ملكي نوعي أهدافه ومراميه التقليص من أضرار الجفاف وحماية الساكنة القروية من نذرة المياه وبالتالي النهوض بالأوضاع الاجتماعية للساكنة وتقريب الماء كمادة حيوية منها، على المدى القريب، المتوسط والبعيد.
المشروع نفسه استفادت منه جماعات قروية أخرى بالإقليم، ومن ضمنها جماعة المراسلة والعمامرة قادما إليهما من حدود جماعة البخاتي نواحي جمعة اسحيم.. ويندرج هذا المشروع الفرعي على مستوى إقليم أسفي ضمن المشروع الملكي الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يوم الاثنين 13 يناير 2020 بالقصر الملكي بالرباط، وشمل  توقيع الاتفاقية الإطار لإنجاز البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، وكلف استثمارات مالية مهمة بقيمة 115،4 مليار درهم. أما شق تقوية التزويد بالماء الصالح للشرب بالوسط القروي فقد كلف ميزانية الدولة (26.9 مليار درهما)، وتمويل هذا البرنامج  محدد ومضبوط، إذ  تساهم فيه ميزانية الدولة بنسبة 60%، و39% من طرف الفاعلين المعنيين، إضافة إلى اعتماد شراكة بين القطاعين العام والخاص.
ولنفس الغاية تم إنشاء محطة مائية  بسبت جزولة لضخ الماء الصالح للشرب بميزانية مهمة من المالية العمومية، تنزيلا للسياسة المائية للمملكة، لمد هذه الساكنة بالماء عبر قناتين  اثنتين، المشروع الذي شارف على نهايته ويقع تحت تتبع السلطات الوصية على تدبير الماء بشراكة مع باقي القطاعات الحكومية، وكان من البديهي ربط هذه الجماعات القروية بأسفي عبر بلدية سبت جزولة، وبالتالي الأمر يتطلب شق حوالي كيلومتر ونصف من تراب بلدية جزولة.. وهنا بدأ اللغط  في ظل تعتيم من السلطات والبلدية عن الأسباب الحقيقية لتعثر هذا المشروع، وكثر الحديث وبدأت الاجتماعات تلو الاجتماعات التي وصفت بالماراطونية أحيانا، وضمت أطراف المشروع ومن ضمنهم الشركة صاحبة الصفقة في شخص مديرها التقني، وممثل المكتب الوطني للماء، وجماعة سبت جزولة ممثلة برئيسها ومن يفاوض معه، برعاية السلطة المحلية وبالضبط بمكتب السيد باشا بلدية جزولة، في حين تفيد بعض الأخبار عن تدخل السيد عامل الإقليم شخصيا عبر مكالمات هاتفية لحلحلة الملف، قبل أن يأخذ مجرى آخر، بعد أن أقدم أحد رؤساء الجماعات القروية بعرض توضيحات للساكنة، عبر حسابه الفيسبوكي، بخصوص الجماعة التي يرأسها حيث شرح حيثيات تعثر المشروع الملكي مخليا مسؤوليته، في حين التزم الباقون الصمت..
هنا يتساءل المتتبعون للشأن المحلي وللمشاريع التنموية بالإقليم، هل تحتاج مثل هذه المشاريع للتأخير في الوقت الذي يعلم فيه الجميع حجم معاناة ساكنة العالم القروي مع الماء الشروب، في ظل وضع اجتماعي واقتصادي مأزوم زاد من حدته موسم فلاحي جاف، ناهيك عن مآسي زمن “كوفيد” وتأثيراته السلبية على مختلف القطاعات.. ويعتبر القطاع الفلاحي أشدها وطأة على الفلاح والساكنة معا، ليطرح السؤال: هل من العقل في شيء أن ينتظر هؤلاء القرويون، بعد أن تم إنجاز مئات السقايات وحفر عشرات الكيلومترات ؟؟؟ وهم يحلمون ليل نهار بأن تتدفق المياه عبر صنابير السقايات، بالمقابل يتم نقل وترويج الخبر الجاف لهم، ويتم الحديث عن اجتماعات عقيمة لاستصدار تراخيص الحفر والردم والترقيع والتسويات والتعويضات.. وعن اجتماعات الثلاثاء والخميس ومرة عن حضور الرئيس من عدمه وعن تعويضات بنسبة 125 في المائة بمنطق الغنيمة وسياسة المنشار “طالع واكل نازل واكل”.. وهل ستتكلف الشركة بأشغال الصيانة القبلية والبعدية ؟؟؟ وهل ستوكل أشغالها للشركة أم الجماعة؟؟؟ وهل الجماعة قادرة على مباشرة مثل هذه الأشغال؟ وهل تتوفر على الآليات؟ وهل ستعمد بدورها لتفويت نفس الأشغال لشركة أخرى؟؟؟ وما الذي ستجنيه بلدية جزولة من مشروع لا يعنيها في شيء ؟؟؟ وغيرها من المطبات التي تدور في نفس الدائرة ويعصف بها نفس التيار .
الساكنة القروية المحرومة بهذه الجماعات المكلومة، والتي لم تعرف هذه المادة الحيوية لعقود من الزمن، ونحن في أفق 2021، تنتظر بريق الأمل الذي بتته فيها مشاريع ملكية رائدة، وتستغرب لحال المسؤولين ورؤساء الجماعات الذين لا يعرفون حاجة الساكنة وقيمة هذه المادة الربانية لديهم، لأنهم ببساطة زبائن لشركات المياه المعدنية بامتياز، في حين أسر موجوعة لم تعد تستوعب هذه الشطحات،  بل الكثير من البسطاء والدراويش لا يعرفون الرحى التي تدور وقد تعصف بمشروعهم هذا. وكثير منهم لا شأن لهم باللون السياسي لهذا أو ذاك الرئيس ومستشاريه، ولا  يحتاجون لصفة هذا المسؤول أو ذاك، بقدر حاجتهم للماء وهم  يؤمنون أن هذا المشروع الملكي ملزم للجميع، وعلى كل  المتدخلين والشركاء التحلي بروح المواطنة واستحضار الحس الوطني العالي، وعلى السلطات المحلية تحمل مسؤولياتها وفي مقدمتها السيد عامل الإقليم، ويجب أن تسمى الأشياء بمسمياتها، وأن يعرف السكان في إطار حقهم الدستوري المعلومة الوافية والحقيقية عن الجهة التي تعرقل عجلة التنمية وتساوم بحسابات ضيقة لإقبار مشروع كبير بمنطق المعادلات السياسوية.. لأن نجاح هذا المشروع الملكي ربح جماعي للوطن وأي تأخير هو مجرد دق المزيد من المسامير لفرملة عجلة التنمية بالإقليم …

< بقلم: يوسف بوغنيمي

Related posts

Top