أضحت المدرسة الفرنسية الوجهة المفضلة للأندية المغربية في مجال التدريب، في وقت نجحت فيه العديد من الأسماء في التألق بالبطولة الاحترافية، فيما فشلت أخرى في تحقيق الذات .
ويكاد هوبير فيلود يضاهي من حيث الشهرة مواطنيه فيليب تروسيي وهيرني ميشيل ثم برونو ميتسو، وهذه المقارنة التقريبية راجعة بالأساس إلى سجلهم من الألقاب المحصلة.
إذ نجح فيلود في إحراز ثنائية الكأس والبطولة والسوبر رفقة وفاق سطيف الجزائري قبل ستة مواسم كروية ، ثم كرر إنجاز البطولة والكأس في الموسم الموالي رفقة إتحاد العاصمة، قبل أن تنطلق مسيرة الحصاد القاري رفقة تي بي مازيمبي الكونغولي سنة 2016 بنيل كأس الكونفدرالية الإفريقية والكأس الإفريقية الممتازة، وقبلهما لقب البطولة والكأس.
إلا أن تجربته الثانية في المغرب من بوابة الدفاع الحسني الجديدي غير موفقة لحد الآن، الشيء زاد من تأجيج الوضع الهزيمة الثقيلة أمام الرجاء البيضاوي والجيش الملكي برسم الدورة 15 و16 بعقر الدار.
وفي خضم هذه المتغيرات، حاورت “بيان اليوم” المدرب الفرنسي، لتساؤله عن أسباب تراجع نتائج الفريق، وتأخذ رأيه بخصوص انتظاراته رفقة الفريق الدكالي، ومدى اهتمامه بنجوم الفريق الرديف وأحقيتهم في حمل قميص فريق الكبار، وأشياء أخرى يكشف عنها في الحوار التالي.
> كيف تقيم ثاني تجاربك بالمغرب؟
< صراحة وجدت أن الأمور تغيرت بشكل كبير نحو الأفضل، سواء على مستوى البنيات التحتية أو على مستوى أداء الفرق المغربية الذي تطور بشكل كبير، والأكيد أن الكرة المغربية تعرف انتعاشة مهمة سواء من جانب الأندية التي تترك انطباعا جيدا في المنافسات القارية، وهي أمور تشجع المدربين الأجانب على الالتحاق بالبطولة المغربية .
> ما هي الفترة التي ظلت عالقة بذهن فيلود؟
< أظن أن كل التجارب الاحترافية لها إيجابياتها، لكن تبقى أحسن فترة هي تلك التي جاورت فيها كمدرب فريق تيبي مازيمبي واحد من أقوى الأندية الإفريقية سنة 2016 واستطعنا نيل كأس الكونفدرالية الإفريقية والكأس الإفريقية الممتازة، وقبلهما لقب البطولة والكأس الممتازة، ثم ساهمت في إحراز ثنائية الكأس والبطولة والسوبر رفقة وفاق سطيف الجزائري قبل ستة مواسم، ثم كررت إنجاز البطولة والكأس في الموسم الموالي رفقة اتحاد العاصمة .
> كيف وجدت الأجواء داخل فريق الدفاع الحسني الجديدي؟
< لا يمكنني أن أكون إلا سعيدا بالنظر للوضعية التي وجدت عليها الفريق، سواء من حيث البنية التحتية أو الاحترافية الكبيرة في العمل لدى مسؤولي النادي، المهيكل بشكل قوي.. زد على ذلك الجو العائلي الذي يسود كل مكونات النادي، وهذا الجو لا يمكن إلا أن يكون مبعث اطمئنان وتفاؤل بالنسبة للطاقم التقني، دون نسيان نضج التركيبة البشرية المتوفرة التي تصغي للتوجيهات وتعمل على تطبيقها على المستطيل الأخضر .
> خضت عديد المباريات منذ قيادتكم سفينة الفريق الدكالي، ولم تظهر بصمتكم بعد، ما تعليقكم؟
< صحيح أن النتائج لحد الآن غير مستقرة، إلا أنها غير سيئة للغاية، لكن لا نرضى كطاقم تقني بذلك، نحن نطمح إلى تحقيق أفضل النتائج، إلا أننا في بعض المباريات نواجه بإكراه توقيف بعض ألمع نجوم الفريق إما بسبب الحصول على الورقة الحمراء أو بعامل الأعطاب، مما يؤثر على أداء المجموعة، ومع ذلك أطمئن الجمهور الجديدي بمستقبل الفريق، خاصة وأننا نأمل في الوافدين الجديدين أن يشكلا الإضافة المرجوة .
> لكن نتائج المباريات إلى حدود الساعة تبقى ضعيفة، خاصة وأنكم وجدتم الفريق في المرتبة الثانية؟
< كما قلت في السابق لا يمكن أن نقول أن النتائج المحصلة مع البداية سيئة للغاية، بقدر ما نؤكد أنها متوسطة وإن لم ترق إلى مستوى تطلعاتنا، وحتى في ظل الجزم بمعدل النتائج المتوسط فإن المردود كان جيدا، خاصة في المباراتين الأخيرتين أمام كل من حسنية أكادير والرجاء البيضاوي، فقد لعب الفريق بطريقة جيدة واحتكر الكرة، وخلق سيلا من الفرص، لكن النتيجة لم تكن في صالحنا، وبالتالي فنحن نقدم مردودا جيدا لكن النتائج لازالت تعاكسنا.
> هل أنتم مقتنعون بالتركيبة البشرية المتوفرة؟
< أعتقد أن النادي يعج بمواهب شابة فقط يلزمهم تحسين مردودهم التقني والاستئناس بأجواء مباريات القسم الأول، علاوة على وجود لاعبين مجربين، وأجانب من المستوى العالي (نينوف ونداي ومسوفا وكامارا)، والأكيد أن قادم الدورات ستكشف عن الوجه الحقيقي للفريق، لأن الجميع لا تروقه النتائج الحالية، وأقول لا خوف على فريق الدفاع الحسني الجديدي .
> أنت مدرب الألقاب، هل بمقدورك قيادة الدفاع للفوز بدرع البطولة الاحترافية؟
< دعني أؤكد لك مسألة مهمة في سياق هذا الحديث، لابد من التحلي ببعض الصبر خلال هذا الموسم، إثر الخروج من مسابقة الكأس والمنافسة الإفريقية، وهي موجبات معقولة لذلك، وعليه سيكون الهدف خلال المرحلة القادمة ضمن منافسات البطولة هو إحراز مركز يؤدي إلى إحدى المنافسات الخارجية على الأقل، كهدف قريب المدى، بالإضافة إلى العمل على المنافسة على إحراز الألقاب على المدى المتوسط.
وتبقى أمنيتي إحراز أحد الألقاب الكفيلة بإسعاد الجماهير الجديدية، لذا نركز عملنا في الفترة الراهنة على إرساء قواعد وأسس فريق قوي مع تحسين الأداء كما سبق وأشرت، وكل الأمور تسير في الاتجاه الذي نخطط له بهذا الصدد.
> لكن يبدو أن إحراز مرتبة تؤدي للمشاركة خارجية أصبحت هي الأخرى بعيدة المنال؟
< لا كل شيء لازال قابل للتحقيق، لأن الفريق يوجد في وسط الترتيب وكسب مباراتين أو ثلاث متتالية يجعله في طابور المقدمة، لا زال أمامنا الوقت الكافي لتحقيق الأهداف، وأظن أن مرحلة الإياب ستكون مختلفة بالنسبة للفريق .
> خضتم أول تجربة لكم بالمغرب رفقة حسنية أكادير، ولم تكن ناجحة، هل لكم أن تحدثنا عن هذه الفترة؟
< هي مجرد تجربة قصيرة مرت منذ زمن بعيد، ولا داعي للمقارنة بين الماضي والحاضر لاختلاف الظروف، وفريق حسنية أكادير اليوم ليس هو فريق الأمس،إذ أضحى من بين أحسن الفرق المغربية، وهو اليوم يمثل المغرب بالمنافسات الإفريقية، لكن بدوري حققت إنجازات بين الفترتين رفقة فرق أخرى، وهذه سنة الحياة.
ليست من عاداتي البكاء على الماضي بالقدر الذي أنظر دائما إلى المستقبل، وكل مدرب بإمكانه أن يفشل مع فريق وينجح مع فريق آخر، لأن النجاح والفشل تتداخل فيه عوامل كثيرة، وليس المدرب وحده من يتحمل مسؤولية ما يقع .
> ما هي المواصفات التي يحب توفرها فيلود في اللاعب الناجح؟
< بطبيعة الحال، هناك بعض المواصفات التي يجب أن تتوفر في اللاعب، أولها القوة والقابلية، ثم القدرة على التطبيق بالطريقة المطلوبة، وهي المواصفات التي يشترطها غالبية المدربين، من أجل العمل بارتياح، وهو أمر متوفر في أغلب لاعبي الفريق الجديدي حاليا، مع توفر هامش كبير من القدرة على التطور، ولا يلزمنا إلا قليل من الوقت والصبر من أجل وضع القطار على سكته الصحيحة.
> هل لديك فكرة مسبقة عن توثر العلاقة بين فريق الدفاع الحسني الجديدي وجماهيره؟
< منذ مجيئي قبل أسابيع، رأيت أن الجمهور الجديدي يقف وراء فريقه في مواقف متعددة، بل ومختلفة أحيانا، ومنه لمست أهمية هذا الفريق لدى أنصاره، لدرجة أضحى معها رمزا تشتهر به هذه المدينة كما تشتهر بالفوسفاط ومعرض الفرس وغيرهما، رغم أنها مدينة متوسطة المساحة، إلا أنها كبيرة بفريقها، بناء على زوايا تطوره في الفترة الأخيرة والاهتمام الكبير بهذه المسألة من لدن المتتبعين.
> ما هو الخطاب الذي تودون توجيهه لهذا الجمهور؟
< أجدد شكري لهاته الجماهير الوفية، وهذا الشكر مقرون كذلك بالدعوة للوقوف بجانب المجموعة خلال هذه المرحلة، التي نشتغل فيها على تطوير أداء الفريق أكثر كما سبق وأشرت، من أجل الوصول سويا إلى الأهداف المنشودة سواء بالنسبة لنا كطاقم مشرف أو بالنسبة لهذه الجماهير، لأن القيمة الحقيقية للانتصارات هي مشاركة اللحظات السعيدة بالدرجة الأولى، نحن واعون بذلك، ونعمل ما في وسعنا من أجل هذا المبتغى.
> ماذا عن أبناء الفريق الرديف؟
< أنا أؤمن بمسألة التكوين القاعدي الناجح، وبالتالي فالباب مفتوح أمام أبناء النادي، وقد أخذ مجموعة من اللاعبين فرصتهم خلال المباراتين الوديتين اللتين خضناهما ضد الفتح الرباطي الأسبوع الماضي، وسنخصص حصصا لمتابعة التداريب والمباريات على حد سواء، للوقوف على المستوى العام للاعبي فئة الأمل من أجل إدماجهم بالفريق الأول، هناك مواهب تستحق أن نمنحها الفرصة، بشرط العمل على تطويرها أكثر فأكثر، وهذا جزء من سياستنا المستقبلية.
> لم تستقر بعد على تشكيلة أساسية، ما هو السبب الرئيسي؟
< أنا لا أومن بالتشكيلة الرسمية ،بقدرما أعطي الفرصة لكل لاعب جاهز وجدي في تداريبه، سواء كان من اللاعبين المجربين أو من فريق الأمل، وما يجب تأكيده هو أن كل اللاعبين يعملون من أجل تقديم لقاءات قوية تخول لهم الإحتفاظ برسميتهم .
كلمة أخيرة؟
< المرحلة تستدعي تظافر جهود الجميع من مكونات الفريق ولاعبين وصحافة محلية وجماهير جديدية، وأعتقد أن الجمهور سيكون له دور في إياب البطولة الاحترافية.
> حاوره بالجديدة: عبد الله مرجان – تصوير: عقيل مكاو