قدم رئيس الوزراء الإيطالي، ماتيو رينزي، استقالته، مساء أول أمس الأربعاء، في أعقاب استفتاء أجري في مطلع الأسبوع رفض الإيطاليون فيه بأغلبية ساحقة تعديلاته الدستورية المقترحة.
وكان الرئيس، سيرجيو ماتاريلا، يأمل في أن يؤجل رئيس الوزراء استقالته إلى حين إقرار البرلمان لميزانية 2017، وسارع مجلس الشيوخ في تحويلها إلى قانون بأغلبية 173 صوتا مقابل 108. وأعلن رينزي بعد دقائق من هذه الخطوة أنه سيستقيل مساء الأربعاء.
ودخلت إيطاليا رسميا مرحلة جديدة تتجه فيها الأنظار نحو انتخابات مبكرة وحكومة تكنوقراط وإصلاح قانون الانتخابات.
ولم تنتظر القوى السياسية استقالة رينزي وباشرت تصويب أسلحتها منذ ظهور نتائج الاستفتاء. وباستثناء ماريو مونتي، رئيس الحكومة السابق وعضو مجلس الشيوخ مدى الحياة، فإن كل رؤساء الأحزاب يؤيدون رسميا إجراء انتخابات مبكرة بعد النكسة التي مني بها رينزي في استفتاء الأحد.
في المقابل لم يعلن رينزي استقالته من منصبه كأمين عام للحزب الديمقراطي (يسار وسط)، وسيكون عليه تقديم تفسيرات داخل الحزب المنقسم بعد حملة الاستفتاء. وتعترض شخصيات من الحزب الديمقراطي كانت دعت إلى رفض الإصلاحات، على استمرار رينزي على رأس الحزب.
لكن أنصار رينزي داخل حزبه لم يستسلموا، وحدد لوكا لوتي، مساعد رئيس الحكومة، الاثنين، شروط محادثات مع الغاضبين في حزبه بالقول “لقد فزنا بـ40 بالمئة من الأصوات في 2014 (في الانتخابات الأوروبية) ونغادر مع 40 بالمئة من الأصوات في الاستفتاء”.
وكان عدد من الصحف الإيطالية أشارت إلى أنه يمكن لرينزي الانتظار حتى الجمعة لتقديم استقالته للرئيس سرجيو مارتيلا، أي إلى حين بلورة خيار من بين عدة سيناريوهات ما بين الانتخابات المبكرة وحكومة تكنوقراط والإصلاح الانتخابي.
ووسط كل هذا قررت قيادة الحزب الديمقراطي، الذي ما زال رينزي أمينه العام، عقد اجتماع لرسم إستراتيجيتها بعد طرح الاستفتاء حول الإصلاحات وفشله الذريع الذي أثار انقسامات كبيرة في صفوفه.
وأمام الهزيمة التي مني بها رينزي في الاستفتاء حول الدستور، الأحد، تؤيد الطبقة السياسية تنظيم انتخابات مبكرة، علما أن ولاية المجلس التشريعي تنتهي في فبراير 2018. ويبدو أن رينزي نفسه على عجلة من أمره للتوجه مجددا إلى صناديق الاقتراع، على غرار حزب حركة “خمس نجوم” الشعبوي ورابطة الشمال اللذين استفادا من مناخ موات إثر استفتاء أكد حجم الاستياء الذي كان محركا لقرارات أخرى كانفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي أو انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة. وقال ماتيو سالفيني، رئيس رابطة الشمال، الحزب الشعبوي اليميني “نريد انتخابات فورا، وإلا سندعو المواطنين للنزول إلى الشارع”.
لكن بحسب تسريبات حصلت عليها الصحافة من مصادر في مقر الرئاسة اعتبر الرئيس الإيطالي، الثلاثاء، أنه “من المستحيل تنظيم انتخابات قبل أن تصبح آليات الاقتراع متجانسة في مجلسي النواب والشيوخ”. وهدف الإصلاح الدستوري الذي ربط رينزي مصيره بنتائجه يكمن في توطيد الاستقرار السياسي داخل البلاد
ويقضي الإصلاح بتقليص عدد الأعضاء في مجلس الشيوخ من 315 إلى 100 ونقل بعض صلاحياته، لا سيما التشريعية، إلى الحكومة ومجلس النواب، من أجل توطيد مركزية الحكم. وترى حركة “خمس نجوم” أنه يكفي تطبيق طريقة اقتراع النواب على مجلس الشيوخ، وإن كان زعيمها، بيبي غريللو، اعتبر هذا القانون مناهضا للديمقراطية طوال الحملة الانتخابية.
لكن الوقت يضيق والغموض يثير قلقا في الخارج، والأوضاع متوترة حتى وإن لم تنتقل حالة من الهلع إلى الأسواق المالية.
إيطاليا تدخل مرحلة من الغموض السياسي
الوسوم