شرعت الهيئة القضائية بالمحكمة الابتدائية بتمارة، في بحر الأسبوع الماضي، في مناقشة ملف ” شبكة دولية للكوكايين”، المتابع فيها 17 متهما رهن الاعتقال الاحتياطي، والذي سبق أن أعلن المكتب المركزي للأبحاث القضائية عن حجز 2.5 طن من الكوكايين.
وبعد تأكد المحكمة من هوية الأظناء، تدخل الدفاع ملتمسا استدعاء مجموعة من الشهود، الذين كانوا حاضرين أثناء اعتقال متهم، وكذا استدعاء تقني باتصالات لتسليط الضوء حول ظروف التقاط المكالمات ومجال حصرها.
وأثار الدفاع مجموعة من الدفوع الشكلية، التي وصفها بالخروقات الواضحة والتجاوزات القانونية، التي شابت محاضر الشرطة القضائية، وقرار الإحالة لقاضية التحقيق، التي كان الملف قد أحيل عليها، معتبرا أن هذه الأخيرة كانت بعيدة عن مفهوم مؤسسة قاضي التحقيق، لأنها تقمصت دور الضابط القضائية، وتمادت ليس في حرمان موكليه من حقوقه، بل تجاوزت ذلك، من خلال التعامل مع المحامين ومنعهم من حق الاطلاع على محاضر الشرطة حينما تقدموا بطلبات، وليس فقط تصويرها، كما تحدثوا عن مفاجأتهم بالأوامر والقرارات التي لم يُبلَّغوا بها، خرقا لمقتضيات المواد 142 و134 و135 و214، والمرتبطة آثارها بمواد تخص 227 و324 و384 من قانون المسطرة الجنائية.
كما تمت الإشارة إلى تقمص قاضية التحقيق دور النيابة العامة فيما يتعلق بالأمر بإيداع السجن، خلافا لأحكام المواد 47 و73 و74 و385 من نفس القانون، فضلا عن إصدار أمر دون ملتمسات النيابة العامة، وفق المادة 221.
وأكد الدفاع، أيضا، أن البحث التمهيدي اتسم بدوره بالخروقات الكثيرة، سواء على مستوى الحجز والتفتيش، وانتفاء حالة التلبس وعدم التقيد بمدد الحراسة النظرية، وعدم الإشعار بالحقوق الواجب أن يتمتع بها المشتبه فيهم، إضافة إلى عدم إجراء خبرة على متهم تعرض للتعذيب والإكراه، حيث أصيب سنه بكسر وتم تهديده ومازال يحمل كدمات على مستوى ظهره.
وطالب الدفاع باستبعاد محاضر الشرطة القضائية وقرار الإحالة لقاضية التحقيق، وبالتالي رفع حالة الاعتقال الاحتياطي ومحاكمة موكليه في حالة سراح، وذلك استنادا إلى مقتضيات قانونية كثيرة.
أما ممثلة النيابة العامة، فأكدت أن الاختصاص موكول للمحكمة الابتدائية بتمارة، وليس للمحكمة الابتدائية بالناظور، لأن انطلاق البحث وإيقاف عدد من الأظناء كان ضمن دائرة نفوذها، وأن حالة التلبس كانت هي بداية البحث خلال عمليات حجز المواد المخدرة والاعتقالات التي يخولها أيضا البحث التمهيدي، موضحة أن جميع الإجراءات المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية تم احترامها، سواء ما يتعلق بإشعار العائلة، أو حقوق المشتبه فيهم، وإجراءات التفتيش، وتمديد الحراسة النظرية، وذلك استنادا لوثائق الملف، التي ربما الدفاع لم يطلع عليها كاملة. واستغربت ممثلة الحق العام القول بالتعذيب والإكراه في الوقت الذي يمنح بموجبه القانون للمتهم رفض التوقيع على المحضر، مشيرة إلى أن حالة التلبس تجعل ضابط الشرطة القضائية يباشر مهامه ويخبر النيابة العامة بذلك، وأن مقتضيات المادة 751 التي اعتمدها الدفاع للقول ببطلان الإجراءات تنص على بطلان الإجراء المعيب فقط.
وقد أثير نقاش قانوني حول مدى مراقبة أعمال قاضية التحقيق التي انتهت بصدور قرار الإحالة، انطلاقا من المواد 324 و 227 و 384 من قانون المسطرة الجنائية.
وكان المكتب المركزي للأبحاث القضائية بتعاون وثيق مع مصالح المديرية العامة للأمن الوطني وبناء على معلومات دقيقة وفرتها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، قد تمكن قبل شهور، من توقيف مجموعة من الأشخاص يشتبه في ارتباطهم بشبكة إجرامية منظمة تنشط في مجال الاتجار الدولي في مخدر الكوكايين.
وذكر بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني آنذاك، أن الأبحاث والتحريات الأمنية المنجزة أسفرت عن حجز كمية قياسية من مخدر الكوكايين الخام ناهزت 2 طن و588 كيلوغراما (2588 كيلوغرام)، تم ضبط جزء منها على متن سيارة مسجلة بالخارج، وجزء آخر بضيعة فلاحية على الطريق الساحلية بين تمارة والصخيرات، والجزء الأكبر بضيعة فلاحية بالقرب من واد الشراط بإقليم بوزنيقة، بالإضافة إلى كمية أخرى بإقليم الناظور.
كما أسفرت عمليات الحجز أيضا عن ضبط 105 كيلوغرامات من مخدر الحشيش بضواحي الناظور، ومبلغ مالي بالعملة الأوروبية ناهز 391.520 أورو و172.620 درهما، بالإضافة إلى ست سيارات يشتبه في استخدامها لنقل وتهريب المخدرات والمؤثرات العقلية.
وأضاف البلاغ، أن المعلومات الأولية للبحث تشير إلى أن شحنة الكوكايين المحجوزة هي من الكوكايين الخام الذي تتضاعف كميته الإجمالية ثلاث مرات بعد تصنيعه وعرضه للتداول في السوق، وذلك بقيمة مالية تناهز مئات الملايير من السنتيمات، كما أكدت إجراءات البحث أيضا أن هذه الشبكة الإجرامية لها امتدادات في عدة مدن مغربية، بينما يجري حاليا رصد ارتباطاتها المحتملة بشبكات إجرامية أخرى تنشط في مجال الاتجار في المخدرات على الصعيد الدولي.
< حسن عربي