اتحاد المنظمات المغربية التربوية يحذر من تداعيات تفويت تدبير فضاءات الطفولة والشباب

عبر رشيد روكبان، رئيس اتحاد المنظمات المغربية التربوية، عن قلقه إزاء ما يجري التحضير له من قبل الحكومة بشأن تدبير فضاءات الطفولة والشباب، مشيرًا إلى أن هذا الملف يمر بمرحلة حساسة للغاية.

وأكد روكبان، خلال الندوة الوطنية التي نظمها اتحاد المنظمات المغربية التربوية حول موضوع “السياسات العمومية الموجهة للشباب”، يوم الثلاثاء الماضي ببوزنيقة، أن الحكومة تعتزم اتخاذ إجراءات جوهرية قد تؤثر بشكل كبير على أدوار هذه الفضاءات، وخاصة مراكز الاستقبال والتخييم من الجيل الجديد. وأوضح أن هذه الخطوة ستنعكس حتمًا على أنشطة الجمعيات والمنظمات الفاعلة في المجال، لافتًا إلى أن الحكومة تستعد للإعلان عن تفويت تدبير هذه الفضاءات إلى جهة تعتمد منطقا استثماريا، يركز على الربح والخسارة المادية دون أي اعتبار للاستثمار في الرأسمال البشري، كما أشار إلى غياب أي مقاربة تشاركية مع الجمعيات والمنظمات المعنية، مما قد يؤثر على دورها في تعزيز السلم الاجتماعي.

ودعا روكبان خلال هذه الندوة التي أدارتها ليلى عاطر عضوة المكتب التنفيذي لاتحاد المنظمات المغربية التربوية، إلى إعادة النظر في السياسات العمومية الموجهة للشباب، وفق مقاربة تشاركية حقيقية، مؤكدًا أن نجاح المشاريع والبرامج ذات الصلة يتطلب تضافر الجهود وتنسيقًا فعالًا. وأضاف أن البنيات التحتية الخاصة بأنشطة الطفولة والشباب، رغم محدوديتها وضعف الموارد البشرية والمالية المخصصة لها، تظل متنفسًا للشباب المغربي، الذي يتمتع بروح وطنية عالية واستعداد دائم للانخراط في مختلف المبادرات التنموية والمواطنة.

إلى ذلك، أجمع المشاركون في الندوة على ضرورة إعادة النظر في السياسات العمومية الموجهة للشباب، من خلال تعزيز التنسيق بين الجهات الفاعلة، وتوفير آليات أكثر كفاءة لتمكين الشباب من الاندماج في سوق الشغل والمشاركة الفاعلة في الحياة السياسية والاجتماعية. كما شددوا على أهمية تبني مقاربة شمولية، تعتمد على استثمار أمثل للموارد المتاحة، مع التركيز على تطوير المهارات والتكوين المستمر، لضمان مستقبل أكثر استدامة لفئة الشباب في المغرب.

في سياق الندوة ذاتها، تناول عبد اللطيف كيداي، الباحث في علم الاجتماع وعميد كلية علوم التربية بالرباط، أبرز التحديات التي يواجهها الشباب في ظل التحولات الجذرية الناتجة عن التقدم التكنولوجي والتغيرات البيئية والديموغرافية والاقتصادية. وأشار إلى التقرير، الأخير، للمنتدى الاقتصادي العالمي، الذي كشف أن أكثر من 20 في المائة من الوظائف العالمية ستخضع لتحولات جوهرية، مع توقع خلق 170 مليون وظيفة جديدة، في مقابل اختفاء 92 مليون وظيفة.

ولفت كيداي إلى تزايد نسبة بطالة الشباب، لا سيما بين حاملي الشهادات الجامعية، الذين يواجهون صعوبة في التوافق مع متطلبات سوق العمل. إذ تصل نسبة بطالة الشباب إلى حوالي 40 في المائة، بينما يعاني 60 في المائة، من أرباب العمل من نقص في المهارات المناسبة، كما أن 40 في المائة من الموظفين الحاليين بحاجة إلى إعادة التكوين خلال السنوات الخمس المقبلة، وإلا سيجدون أنفسهم خارج سوق العمل. وأكد على الحاجة الملحة لملاءمة التكوين مع سوق الشغل وتعزيز دور الجامعات في إعداد الشباب لمتطلبات المستقبل، عبر إنشاء مرصد وطني للتشغيل والمهارات لمواكبة هذه التحولات.

من جانبها، انتقدت رقية أشملال، أستاذة القانون العام والعلوم السياسية، ضعف أثر البرامج الحكومية الموجهة للشباب، مثل برنامجي “فرصة” و”أوراش”، رغم الميزانيات الضخمة المخصصة لها والتي تصل إلى 2.5 مليار درهم لكل منهما.

وأوضحت أن المشكلة لا تكمن في نقص التمويل، بل في ضعف التنسيق بين مختلف البرامج الحكومية، مما يعيق تحقيق الأهداف المرجوة.

كما أشارت إلى تراجع مشاركة الشباب في الحياة السياسية، ما يعكس فقدان الثقة في المؤسسات، محذرة من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى توترات اجتماعية وزيادة الهوة بين الشباب والدولة.

وأكدت على ضرورة اتخاذ إجراءات إصلاحية جذرية لتعزيز المشاركة المواطنة وتوسيع الديمقراطية التشاركية على المستويين الوطني والمحلي، وتحسين التنسيق بين الجهات الفاعلة.

أما كمال الهشومي، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، فشدد على أهمية بلورة سياسة عمومية حقيقية تستهدف الشباب بفعالية.

وأشار إلى أن الإحصاء العام، الأخير، كشف عن انخفاض نسبة الشباب في المغرب خلال العقد الماضي، مما ينذر بتوجه المجتمع نحو الشيخوخة.

وأضاف أن النموذج التنموي الجديد شدد على ضرورة تجاوز مرحلة التشخيص والانتقال نحو البحث عن بدائل عملية وفعالة، من خلال برامج وطنية تعزز روح المواطنة، وتطور مجالات الثقافة والرياضة والاندماج الاجتماعي.

كما انتقد الهشومي ضعف تنفيذ برامج الدعم الحكومي، مثل “فرصة” و”أوراش”، رغم الميزانيات المخصصة لها، معتبرًا أن هذا يعكس غياب التنسيق بين الجهات المعنية. وأشار إلى أن الفجوة بين التعليم والتكوين المهني ومتطلبات سوق الشغل تعيق تأهيل الخريجين بشكل مناسب.

من جانبه، دعا الفاعل الجمعوي والباحث الحقوقي عبد الرزاق الحنوشي إلى الترافع من أجل إبرام اتفاقية دولية خاصة بحقوق الشباب، على غرار الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الطفل والمرأة والأشخاص في وضعية إعاقة. وأكد أن وجود إطار مرجعي دولي سيسهم في توجيه الجهود بشكل أكثر تنظيما، ويشكل مرجعا لتقييم السياسات الشبابية وفق معايير واضحة وقابلة للقياس.

وأشار الحنوشي إلى عدم وجود سياسة عمومية واضحة للشباب في المغرب، معتبرا أن ما هو موجود حاليا لا يتعدى كونه برامج متفرقة ذات طابع قطاعي وموسمي، تخضع غالبا لأولويات أجندات خاصة مرتبطة بالتمويل الدولي أو بتدابير استعجالية.

كما انتقد غياب تفعيل مجلس الشباب والعمل الجمعوي، الذي نص عليه الدستور، رغم صدور القانون المتعلق به، مؤكدًا أن هذا المجلس كان من شأنه أن يشكل إطارًا مناسبًا لصياغة وتوجيه السياسات العمومية الموجهة للشباب.

 محمد حجيوي

Top