في رحاب فكر عزيز بلال -الحلقة 14-

عندما نتحدث عن التنمية، تتبادر إلى الأذهان مؤشرات اقتصادية باردة: نسب النمو، معدلات الاستثمار، أرقام الإنتاج… لكن هل تختزل هذه الأرقام حقيقة التنمية؟ ولماذا تفشل العديد من الدول، رغم الخطط والاستراتيجيات، في تحقيق إقلاع اقتصادي حقيقي ومستدام؟
نواصل في هذه الحلقة قراءة الفصل الرابع من كتاب التنمية والعوامل غير الاقتصادية لعزيز بلال، حيث يعالج المفكر الاقتصادي مسار البناء الاقتصادي المغربي بعد الاستقلال، مبرزا كيف أن الخيارات التي تبناها المغرب تميزت بطابعها “الرأسمالي”، مع الحفاظ على علاقات وثيقة بالرأسمال الأجنبي.
يؤكد بلال أن النموذج الاقتصادي المغربي بعد الاستقلال لم يسفر عن توزيع عادل للثروة، بل أدى إلى تركيزها في يد مجموعة ضيقة من العائلات، مبرزا أن حوالي 300 عائلة استفادت من سياسة المغربة سنة 1973، حيث سيطرت على قطاعات الفلاحة والصناعة والبنوك، مع استمرار ارتباطها الوثيق بالمصالح الرأسمالية الأجنبية.
يبرز بلال أن الدولة لعبت دورا أساسيا في تمويل التنمية، رغم تبنيها رسميا للنهج الليبرالي، مشيرا أنه في الفترة 1968-1972، تحملت الدولة حوالي نصف الاستثمارات المحددة في المخطط التنموي، وارتفعت هذه النسبة إلى أكثر من 70% بين 1973-1977.
يرى عزيز بلال أن النموذج الاقتصادي الذي تبناه المغرب بعد الاستقلال لم ينجح في تحقيق الاستقلالية الاقتصادية، بل أدى إلى تعزيز التبعية للرأسمال الأجنبي. وبينما حاولت الدولة تعويض غياب الاستثمارات الخاصة عبر تدخلها المكثف في الاقتصاد، فإن هذا التدخل لم يكن كافيًا لتحقيق تحول هيكلي.
الوسوم