بعد اعتصامهم لمدة يومين متتاليين أمام مقر السلطات المحلية، وقطعهم أزيد من 100 كلم مشيا على الأقدام في اتجاه ولاية بني ملال آخنيفرة لإيصال رسالتهم القاضية بضرورة إحداث نواة إعدادية بتراب الجماعة، سكان جماعة اركي بإقليم أزيلال يقررون، مباشرة بعد لقاء مع مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين مساء يوم الأحد المنصرم، مواصلة معركتهم أمام ولاية بني ملال اخنيفرة، على الرغم من كل المحاولات والمشاورات، التي تدخلت من أجل أثناء الساكنة على الاستمرار في شكلها النضالي على الأقل مؤقتا.
المحتجون الذين يتكونون من شباب وشيوخ ونساء قطعوا أزيد من100 كلم مشيا على الأقدام في جو أقل ما يقال عنه انه بارد، وعبر تضاريس وعرة لم تحتملها أقدام الرجال فما بال أقدام النساء والأطفال والنساء الحوامل والشيوخ.
رحلة ساكنة انركي السيزيفية نحو ولاية بني ملال اخنيفرة، التي وصفوها المحتجون بالأسلوب الملائم للكشف عن حكرة إنسان الجبل وقسوة الطبيعة وشُح المطالب، يرى فيها إعلاميون ومحللون سياسيون ومتتبعون للشأن العام، تعبيرا عن مدى اغتصاب السياسي للاجتماعي، واستغلال احتجاجات مطلبية لتحقيق أغراض سياسوية لا علاقة لها إطلاقا بما جاءت الساكنة من أجله.
تقول ساكنة انركي، وبالإجماع، أن المطلب كان ولازال إحداث نواة إعدادية إسوة بباقي الجماعات الترابية المجاورة، وتؤكد على أن الغاية باختصار أشد، هي رد الاعتبار للساكنة على غرار باقي “شعب” الدولة، والحد من الهدر المدرسي، وضمان حق إنسان الجبل في المعرفة والتعلّم، بما يشترط ذلك من توفير المناخ الملائم للدراسة واحترام جودة المنظومة التعلمية، والحد من معاناة التنقل وتجاوز محنة الدراسة بدون منحة في أفق القضاء كليا على مختلف الاكراهات التي تجعل التلميذ بعيدا عن دفء أفراد أسرته.
ويصف المسئولون بدءا من عامل إقليم أزيلال وانتهاء بوالي الجهة مرورا بمدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين وفعاليات المجتمع المدني والإعلامي والحقوقي هذه المطالب الاجتماعية بـ”الموضوعية،” ويقولون أن التعلم حق وليس امتيازا، وان المُشرع لا يميز بين إنسان الجبل والسهل، وان الاحتجاج حق يكفله الدستور، وان من حق فعاليات ساكنة انركي الترافع من أجل مطالبها مثلما من حقها المطالبة بنواة إعدادية وبمختلف المرافق العمومية الأخرى، لكن شريطة احترام القانون.
ولغة القانون هاته، التي اختزلها مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، بشكل مبسط، في لقاء تواصلي مع المحتجين وباقي الفعاليات، في مجموعة من المعايير التي يستوجب توفرها في أية جماعة ترابية لإحداث إعدادية، هي التي رجحت كفة السياسي على الاجتماعي، وأطلقت العنان لتأويلات متعددة أفضت في الأخير إلى إقنــــــــــاع لا اقتناع من يفترشون الأرض ويلتحفون بالقماش والـ”ميكا” بأن يواصلوا معتصمهم تحث ذريعة أن لغة الوعود لم تنفع من قبل، وان صيرورة الحركات الاحتجاجية قد كشفت في أكثر من مرة زيف المسئولين.
ليبقى السؤال هل دوما السلطات على غير حق، وهل ما قدمه مدير الأكاديمية الجهوية في ذات اللقاء الساخن من معطيات رقمية معرفية حول الجهود المبذولة بجماعة انركي لتعميم المنحة لكافة تلامذة الجماعة الناجحين بالمستوى السادس الابتدائي، والإسراع في افتتاح المدرسة الجماعاتية انركي والعمل على إيواء جميع تلامذة المستوى الإعدادي الممنوحين بداخلية تاكلفت ومواكبتهم من خلال الرفع من التأطير والدعم التربوي بالداخلية وتوفير النقل المدرسي خلال نهاية الأسبوع وأثناء العطل، زيادة عن باقي الإجراءات التي تم اتخاذها لافتتاح ثانوية إعدادية خلال الموسم 2019/2020، والتي منها اختيار البقعة التي سينجز عليها المشروع بتراب الجماعة، وانجاز الدراسة الطبوغرافية وتعيين المهندس المعماري، ثم التأكيد على أن برمجة بناء الثانوية الإعدادية خلال الموسم 2017، قد تمت، وان انطلاق الأشغال سيكون سنة 2018، والتاريخ المتوقع لافتتاحها هو 2019/2020، هل كل هذا القول يعتبر فعلا زيفا وتسويفا، على عكس قرار فعاليات انركي وساكناتها التي مجده البعض ووصفه بالخطوة التاريخية، أم أن وراء كل منطوق رسالة “ووراء كل نبي جبريل يهمس له في أذنيه؟؟.
إننا ومن خلال هذا الأسئلة المحرقة لا ندافع عن السلطات وصلاحياتها إطلاقا لأن أجهزتها أقوى وأكبر، لكننا بمرارة نؤكد أننا لا نرغب في أن تتحول معاناة الساكنة مهما كان موقعا وتموقعها إلى مادة سياسية دسمة، وان تستغل تيارات سياسية هموم أطفال ونساء وشيوخ انركي من أجل المزايدة دون أن تستحضر أبدا ظروف المعتصم وقهر الزمان.
حميد رزقي
ازيلال: سكان جماعة إركي يواصلون احتجاجاتهم
الوسوم