الأديب المغربي محمد صوف

 تنخرط بلادنا على غرار البلدان المتحضرة؛ في الاحتفال بالدخول الثقافي، بهذه المناسبة كان لبيان اليوم اتصال بمجموعة من المبدعين والنقاد، من أجل الحديث عن الأعمال الجديدة التي يهيئونها للطبع، وقضايا أخرى ذات صلة بالثقافة بوجه عام، ومن أبرز المحاور التي تناولناها معهم:
 قراءة للحركة الثقافية خلال السنة الجارية. تقييم الأنشطة التي تقوم بها الجمعيات الثقافية: اتحاد كتاب المغرب، بيت الشعر بالمغرب. قيمة القضايا التي يناقشها المغاربة راهنا ومدى مستوى هذا النقاش. محاولة لتفسير غياب العديد من الأسماء الأدبية والفكرية عن ساحة النشر. المحاكمة القضائية للإنتاج الأدبي والفكري..

لا أعد شيئا للطبع

قد أفاجئك. لا أعد شيئا للطبع حاليا، وليست لدي إنتاجات جديدة. آخر ما صدر لي كان ” زمن عبد الرؤوف “. وبعده دخلت في بيات لا أدري إلى متى سيستمر. أشكرك على السؤال.

الأسماء أصبحت تتحدى الذاكرة

ثمة فوران. اللقاءات تتكاثر حفلات التكريم للمبدعين تتوالى كل مرة في منطقة. ثمة بروز الصالونات الأدبية التي تنظم في البيوت وتستضيف كل مرة اسما..العناوين بدورها تسجل حضورا قويا بحيث أصبحنا نرى تقريبا يوميا صدور دواوين ومجموعات قصصية وراويات ودراسات نقدية.. الأسماء أصبحت تتحدى الذاكرة. قديما كان كل الكتاب يعرفون كل الكتاب ويعرفون إصداراتهم و أخبارهم. الأمر لم يعد متيسرا الآن. فقد تكاثر المبدعون وهذه ظاهرة صحية وإن كان القدماء لا يعرفون الجيل الجديد إلا لماما. فالأمر صحيح بالنسبة للجيل الجديد الذي لا يعرف بدوره أسلافه. الناشرون انفتحوا على الكتاب بفضل الدعم الذي يستفيد منه هؤلاء، وهو أمر لم يكن متاحا من قبل. ثم هناك الجوائز، لا على الصعيد المحلي وحسب بل على الصعيد العربي، والأسماء المغربية التي تسجل حضورها سواء في الإبداع  أو الدراسات.

المعرض الدولي للكتاب حدث يستحق الانتباه  

 لست أدري. وإن كنت أرى في معرض الكتاب حدثا يستحق الانتباه،  للفرص التي يتيحها للكتاب لتوقيع وتقديم أعمالهم. لا يمر يوم دون أن نرى عددا لا بأس به من المبدعين والمثقفين عموما يسجلون حضورهم  ويعيشون إقبالا لم يكن معهودا من قبل من طرف الناشرين العرب. فهذه دار الآداب وهي أشهر دار عربية تفتح ذراعيها لكتابنا. وهذه منشورات الجمل تستفيد من خدمات مترجمينا وهذه دار العين التي يستهويها الإنتاج المغربي .. على سبيل المثال لا الحصر.

حراك خجول لفروع اتحاد كتاب المغرب

 ثمة حضور أكبر للجمعيات الجهوية وإشعاع يطال مساحات أوسع في أنشطة هذا النوع من الجمعيات. في حين يقتصر نشاط اتحاد كتاب المغرب على القضايا التي تتجاوز الحدود بينما تعرف الفروع حراكا خجولا. لعل ذلك راجع أساسا إلى كون النشاط في الفروع يدخل في إطار الوقت الثالث لدى المعنيين بالأمر. القوت أولا والأسرة ثانيا قبل الانكباب على العمل الجمعوي الذي ليس بالسهولة المتوخاة، نظرا لتضارب الآراء وحساسية الأديب  المفرطة. أضف إلى ذلك أن أغلب أعضاء الفروع لا يملكون تجربة جمعوية أو نقابية أو سياسية تجعلهم قادرين على الحوار والنقاش  والتنازل عن آرائهم أمام آراء الأغلبية. ثم إن – كما هو الحال في أغلب الجمعيات حتى السياسية منها- شخصين أو ثلاثة هم من يواظب على الحضور والعمل في حين يكتفي الآخرون بالصفة دون تفعيلها.

الديمقراطية في سلوكنا لا تزال تتعثر

ثمة اهتمام متزايد بالشأن العام. والفضل في ذلك يعود إلى المواقع الاجتماعية والصحافة الالكترونية التي غذت بشكل كبير الحقل الثقافي. و أصبح الخبر سيد الموقف. وأصبحت الآراء على حدتها أحيانا تطرح والنقاش يفتح بابا على مصراعيه لكل الأفكار. الشيء  الذي يكشف عن مستويات مختلفة، منها الساذج ومنها المتطور جدا. منها المتطرف والمعتدل. المجال الالكتروني الآن أصبح مدرسة يتعرف فيها الشخص على الآخر ويتعلم ويفيد ويستفيد. الديمقراطية في سلوكنا لا تزال تتعثر. والقدح يضرب أطنابه في الآراء المتبادل وفي لعمري ذاك السبيل المؤدي إلى التسامح وقبول الاختلاف. و آمل أن يكون الاختلاف الفائز الأكبر في هذه السيرورة.

 شركة التوزيع ترفض توزيع الإبداع

 أولا. القارئ. ما معنى أن تؤلف كتابا لا يجد قراء. ثانيا النشر على نفقة الكاتب وهو المتاح الأكبر في الساحة الأدبية. جاء الحديث سابقا عن دعم الوزارة للناشرين. لكن عدد المؤلفات يفوق بكثير ما ترصده الوزارة لدعم حركة التأليف. وأغلب ما يصدر حاليا يتم على نفقة المؤلف. إضافة إلى أن الناشر لا يوزع و شركة التوزيع ترفض توزيع الإبداع لسبب بسيط هو الكساد. حتى  إن بعض الموزعين يطلبون من المؤلف كفالة مالية أولا قبل توزيع الكتاب. ويصبح على الكاتب أن يؤدي مصاريف الطبع ومصاريف التوزيع. أي أن الموزع يفرض حدا أدنى من المبيعات إذا لم يوفره السوق يجب أن يوفر الكاتب قيمته. الأسماء القديمة بدأت تتعب من هذه الممارسات وبالتالي تفضل الصمت.

سلوك عالمثالثي

هو سلوك عالمثالثي. لا يحدث ذلك  إلا بين ظهرانينا. يحاكم الشعراء و يعدمون  حتى. يسجن الروائيون وإن مع وقف التنفيذ. غير أن لكل  عملة وجهين.  الراحل محمد شكري استفاد من المنع الذي طال الخبز الحافي، وأصبحت تلك الرواية مصدر عيشه الأساس. حاليا رواية الأستاذ بنحدوش بدأت تثير اهتماما، ما كانت لتثيره لولا المحاكمة. فالقراء ينتظرونها بشوق والكاميرات تنتظر شخوصها، وحتى اللغات الأخرى أصبحت تتلهف على نقلها إلى قرائها.. رب ضارة نافعة.

هكذا يكون الاحتفال

أفضل احتفال هو سن قانون  يلزم المركبات الثقافية والجامعات ومكتبات الثانويات باقتناء أعداد من الكتب التي تصدر. ثاني أفضل احتفال هو قيام مندوبيات وزارة الثقافة وجوبا بتنظيم لقاءات حول ما يصدر من كتب على الأقل في الجهة التي تنتمي إليها المندويبة. ثالث أفضل احتفال هو حث كليات الآداب على تنظيم لقاءات مع المؤلفين وعرض مؤلفاتهم للمساءلة مع الطلبة والأساتذة. ولم لا حتى  الشعب الأدبية في الثانويات.. الأساتذة لا يعرفون الكتاب ولا الشعراء فكيف سيعرفهم الطلبة أو التلاميذ؟ اقتناء الكتب ينعش ميزانية الكاتب.. قراءتها تنعش ملكة الإبداع لديه.. وحتما ستكون هناك نتيجة إيجابية تعود بالنفع على البلد.. بدل الاحتفال أحبذ الاحتفاء.

 إعداد: عبد العالي بركات

Related posts

Top