الأضرار الناتجة عن عدم تعميم التغطية الاجتماعية على أجراء ومهنيي قطاع النقل 

يقوم قطاع النقل بدور أساسي في الحياة الاقتصادية نظرا لدوره الوظيفي والاستراتيجي ولعلاقته بجميع القطاعات على كافة المستويات، إذ لا يمكن أن تسير الحياة بشكلها الطبيعي في غيابه ويتضح ذلك أكثر عند الرجوع إلى عدد العاملين به من الأجراء ومن المهنيين المالكين لوسائل النقل والعاملين لحسابهم الخاص والذين يصل عددهم إلى 570000 حسب إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط لسنة 2019.
غير أنه يعاني من مشكل كبير يتمثل في عدم توفير الحماية الاجتماعية لجل الأجراء ولجميع المهنيين المالكين لوسائل النقل والعاملين لحسابهم الخاص، وكان بالإمكان لو توفرت هذه التغطية أن تُسْهم بقدر كبير في تقوية هذا القطاع مهنيا واجتماعيا واقتصاديا، ولهذه الغاية تم خوض العديد من النضالات والمبادرات من طرف الحركة النقابية والمهنيين بهذا القطاع استغرقت مدة طويلة تم على إثرها عقد العديد من جلسات الحوار الماراطونية مع الحكومات السابقة وبالأخص في المرحلة ما بين (2007-2011)؛ من هذه الاجتماعات ما تم مع رئيس الحكومة آنذاك السيد عباس الفاسي، ومنها ما تم مع القطاعات الوزارية المعنية بالموضوع نتج عنها التوقيع على اتفاق شراكة بتاريخ 21 فبراير 2011 بين وزارة الداخلية ووزارة التجهيز والنقل ووزارة التشغيل والتكوين المهني والمدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والهيئات المهنية والنقابية.. تضمن الالتزام بإحداث نظام خاص للتغطية الاجتماعية تشمل جميع مهنيي النقل الطرقي غير الأجراء وإزالة الخلط الذي كان حاصلا بين الأجراء والمهنيين غير الأجراء والذي نص على ما يلي : 
– تمكين العاملين من بطاقة السائق المهني، وقد تم ذلك، غير أنها لا زالت لم تعمم على الجميع.
– القيام بالإجراءات والتدابير الضرورية لكي يستفيد مهنيو قطاع النقل غير الأجراء من خدمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بإدخال تعديل على المادة 2 من ظهير 27 يوليوز 1972 وعلى بعض المواد الأخرى قصد الملاءمة، وقد تم ذلك حيث صدر هذا التعديل في الجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 24/11/2011، ومنذ ذلك الحين وقع تطور كبير لصالح جميع القطاعات ولم يعد الأمر متوقفا على قطاع النقل حيث صدر القانون (رقم 15-98 القاضي بإحداث نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا بتاريخ 23 يونيو 2017 ثم بعد ذلك صدر القانون رقم 15-99 القاضي بإحداث نظام التقاعد بالنسبة لنفس الفئات) بتاريخ 5 دجنبر 2017، وبتاريخ 3 أكتوبر 2019 صدر المرسوم رقم 963-2-17 المتعلق بتطبيق هذين القانونين. 
– التزام جميع العاملين بقطاع النقل الطرقي غير الأجراء بأداء المساهمات المالية المترتبة عن هذا الانخراط (حصة الأجير وحصة رب العمل). 
– إنجاز دراسة قطاعية حول كيفية الاستفادة من التغطية الاجتماعية بالنسبة لهذه الفئة واقتراح الطرق والتدابير التي يمكن القيام بها قصد إخراجها إلى حيز الوجود وإعداد القوانين والمراسيم التطبيقية وقد تم إنجاز هذه الدراسة من طرف وزارة الشغل والإدماج المهني بتنسيق مع وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك ووزارة الداخلية والتي جاء فيها أن عدد مهنيي النقل غير الأجراء هو 218665 شخص 20% منهم متمركزون بالدار البيضاء كما أنها تضمنت تصورا لما يجب أن يتم القيام به من خطوات قصد الاستفادة من هذه التغطية.
ويتم حاليا تهييء المراسيم التطبيقية للاستفادة من هذه التغطية بالنسبة للمهنيين غير الأجراء سواء بقطاع النقل أو بغيره من القطاعات الأخرى، وقد تم إنجاز بعض المراسيم والبعض الآخر سيتم إنجازه خلال المراحل المقبلة.
ومن خلال ما قمنا باستعراضه يتبين أن هناك هدرا كبيرا لعامل الزمن إذ كان من الواجب أن تتم التصريحات بجميع الأجراء العاملين بهذا القطاع عند التحاق كل أجير بعمله وهو ما كان سيؤدي إلى أن يستفيد عشرات الآلاف من أجراء هذا القطاع من التعويضات العائلية والتقاعد والتغطية الصحية وكل الخدمات التي يقدمها الصندوق، لكون قانون الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي واضحا في هذا الجانب علما بأن القانون الاجتماعي بما فيه قانون الشغل وقوانين الحماية الاجتماعية له قواعد لا بد من اعتمادها لما لها من أبعاد اجتماعية واقتصادية ولتوفير السلم الاجتماعي وهو ما يتطلب تداركه حماية لحقوق الأجراء والإسراع بتعميم التغطية الاجتماعية على المهنيين والعاملين لحسابهم الخاص بهذا القطاع.

< بقلم: عبد الرحيم الرماح 

Related posts

Top