الأمم المتحدة تحث الدول على “الاستثمار في المراهقات”

أحيت دول العالم، يوم الاثنين الماضي، العالمي للسكان، وفقا لقرار مجلس إدارة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في عام 1989، بموجب قراره 8946،  وذلك بهدف تسليط المزيد من الضوء على عدد من القضايا السكانية. واتخذ الاحتفال هذه السنة كشعار له (الاستثمار في المراهقات)، بهدف القضاء على ظاهرة زواج الأطفال والحد من حمل المراهقات وتمكين الفتيات من اتخاذ قرارات مستنيرة تتعلق بصحتهن وأجسادهن.
وتواجه المراهقات تحديات هائلة في جميع أنحاء العالم. وأحد هذه التحديات هو أن بعض المجتمعات والعائلات تعتبر المراهقات في سن مناسب للزواج والأمومة. ويترتب على ذلك إجبارهن على ترك دراستهن ملحقين أضرارا بآمالهن المستقبلية. وإذا استمرت المراهقات الحوامل في الدراسة، فهن يواجهن تحديات من نوع أخر، من مثل صعوبة الحصول على المعلومات الأساسية عن صحتهن، وحقوق الإنسان، والحقوق الإنجابية مما يجعلهن عرضة للمرض، أو الإصابة، أو الاستغلال. وتتضاعف هذه التحديات للمراهقات المهمشة من أفراد الأقليات العرقية والمناطق النائية الفقيرة.
وأعلن صندوق الأمم المتحدة لسكان، يوم الاثنين، أن نسبة الفتيات اللاتي تزوجن قبل بلوغ عمر الـ15 عاما في عام 2015، كانت في الدول العربية 3 ملايين نسمة، وفي أسيا والمحيط الهادي 59 مليون نسمة، وفي شرق وجنوب أفريقيا 8 ملايين نسمة، وفي أميركا اللاتينية والكاريبي 7 ملايين نسمة، وفي شرق أوروبا وآسيا الوسطى مليون نسمة. وأضاف الصندوق في بلاغ حول الموضوع، أن مؤشرات الزواج عند الفتيات اللاتي يتراوح أعمارهن بين 15 و19 عاما، تفيد بانتشار ظاهرة الانتحار بينهن، فضلا عن كثرة حالات الوفاة بسبب مضاعفات الحمل والولادة. وأوضح أن هناك 3.2 مليون عملية إجهاض الإجهاض غير مأمون للفتيات، بجانب 10% يتم إجبارهم على ممارسة الجنس قبل الزواج، و20 ألف فتاة أنجبت أطفالا في البلدان النامية بهذا العمر الصغير.
وتسعى برامج صندوق الأمم المتحدة للسكان، إلى إنهاء ظاهرة زواج الأطفال، وحمل المراهقات، وتمكين الفتيات من اتخاذ قرارات مستنيرة تتعلق بصحتهن وأجسادهن. وأوضحت الأمم المتحدة أنه من الممكن تغيير هذا الواقع “لجعل من المراهقات قوة أكبر قادرة على إحداث تغيير إيجابي في المجتمعات عن طريق تمكينهن، ومعرفتهن بحقوقهن، واعطائهن الأدوات اللازمة للنجاح”. وفي عام 2015، ساعدت برامج صندوق الأمم المتحدة للسكان 11.2 مليون فتاة تراوحت أعمارهن بين 10 -19 للحصول على معلومات بشأن الصحة والخدمات الصحية.
وقال الأمين العام بان كي مون اليوم في رسالته بمناسبة اليوم العالمي للسكان، “رغم المكاسب الكبيرة التي تحققت في مجال الحد من الفقر وتحسين فرص ورفاهية كثير من الناس في جميع أنحاء العالم، يظل مئات الملايين من البشر يائسين من الحصول على فرصة تحقيق مستقبل أفضل، ومن بين أقل الفئات استفادة من المبادرات الإنمائية السابقة الفتيات، وبخاصة في سنوات المراهقة التكوينية”.
وأوضح قائلا، “في الوقت الذي ينبغي فيه تحديدا أن تكون الفتيات في المدرسة وأن يفكرن في آفاق المستقبل، تواجه الكثيرات منهن عراقيل اجتماعية وثقافية تعوقهن عن تحقيق طموحاتهن. فبينما يغلب أن يتسع نطاق خيارات الصبي وفرصه عندما يصبح مراهقا، تتقلص خيارات الفتاة وفرصها في كثير من الأحيان. فنصف جميع حالات الاعتداء الجنسي في جميع أنحاء العالم ترتكب ضد الفتيات البالغات من العمر خمس عشرة سنة أو أصغر سنا. وفي البلدان النامية، يتم تزويج واحدة من كل ثلاث فتيات قبل بلوغ 18 سنة. والفتيات في سن المراهقة أقل فرصة من الأولاد في بدء المرحلة الثانوية أو إتمامها”.
وأشار كي مون أن من الأهداف الأساسية للتنمية المستدامة هدف “عدم ترك أحد يتخلف عن الركب”، والهدف المحدد المتمثل في تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات، وحث الأمين العام جميع الحكومات والشركات والمجتمع المدني على توفير الدعم والاستثمار من أجل الفتيات في سن المراهقة، قائلا: “كل فرد يستحق الاستفادة من منافع النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي. فلنعمل معا لضمان حياة الأمن والكرامة والفرص للجميع”.
وبدوره قال المدير التنفيذي لصندوق الأمم المتحدة للسكان الدكتور باباتوندي أوسوتيمهين: “يجب أن يركز القادة والمجتمعات على دعم حقوق الإنسان الخاصة بالمراهقات الأكثر تهميشا، وبالأخص الفقيرات، وغير ملتحقات بمدارس، والمستغلات، والمعرضات لممارسات تقليدية ضارة بما في ذلك زواج الأطفال”.
وأكد باباتوندي أن ” الفتيات المهمشات هن أكثر عرضة للفقر في الصحة الإنجابية، واحتمالات حملهن أعلى بكثير، ويصبحن أمهات وهن مازلن في سن الطفولة. لكل فتاة الحق في استغلال إمكاناتها والسيطرة على حياتها والتحكم في جسدها واتخاذ القرارات التي تشكل حياتها”.
وقال، “حينما تتوفر لأي مراهقة القدرة، والوسائل، والمعلومات التي تمكنها من اتخاذ القرارات الخاصة بحياتها، فإنها على الأرجح تكون قادرة على التغلب على العقبات التي تؤمن لها مستقبلا تنعم فيه بالصحة والقدرة على الإنتاج. ومن شأن هذا الوضع أن يعود بالنفع عليها، وعلى أسرتها، وعلى مجتمعها”.
وأضاف، “في بعض أنحاء العالم، فإن الفتاة التي تصل إلى سن البلوغ تعتبرها أسرتها ومجتمعها مهيأة للزواج والحمل والولادة. وقد يتم إرغامها على الزواج وحملها على التخلي عن الدراسة. وقد تعاني من حالات ضعف موهنة من قبيل ناسور الولادة نتيجة للحمل والوضع قبل أن يصبح جسدها قادرا على تحمل هذه الأعباء. وقد تحرم من التمتع بحقوقها الإنسانية”.
وشدد على أهمية أن تستثمر حكومات العالم في كل مكان من أجل المراهقات بالسبل التي تكفل تمكينهن من اتخاذ القرارات الهامة التي تتعلق بحياتهن، والتي تمكنهن من أن يصبحن ذات يوم قادرات على كسب عيشهن والمشاركة في شؤون مجتمعاتهن، وأن يصبحن على قدم المساواة مع نظرائهن من الذكور.
من جهتها، قالت تمارا الرفاعي، المتحدثة الإقليمية باسم صندوق الأمم المتحدة للسكان في شمال افريقيا والشرق الأوسط، إن الفتيات بشكل عام سواء في المنطقة العربية وفي جميع أنحاء العالم، فئة مهمشة وقوة مغيبة ويواجهن تحديات عديدة خاصة لأنهن فتيات، مثل الزواج المبكر أو الختان أو الخروج من المدرسة.
وبخصوص نمو السكان عموما الصعيد العالمي، أوضح تقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان أن عدد سكان العالم بلغ 7.3 مليار نسمة يوم 15 يوليو عام 2015، منهم 1.3 مليار يعيشون في الدول الأكثر تقدما، و6.1 مليار يعيشون في الدول الأقل تقدما. ويعيش 53٪ من سكان العالم في مناطق حضرية. وتابع أنه من المتوقع أن يبلغ عدد سكان العالم 9.8 مليار نسمة بحلول عام 2050، موضحا أن معدل الزيادة الطبيعية على مستوى العالم بلغ 1.2٪ عام 2015.

بيان24

Related posts

Top