مع تراكم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها لبنان وتزايد حدتها، بادرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعيّة لغربي آسيا (الإسكوا)، بالتعاون مع جمعية مبادرة المساحة المشتركة، إلى تنظيم حوار تجمع فيه أفرادا من توجّهات فكرية وسياسيّة متنوعة إلى جانب باحثين مستقلين في مختلف المجالات.
ويمثل المشاركون في الحوار معظم ألوان الطيف السياسي والاقتصادي والاجتماعي اللبناني، بما في ذلك الفئات الجديدة المشارِكة في «حراك 17 أكتوبر»، من دون أن يكون لذلك صفة التمثيل الرسمي، ومن دون أن يكون هذا الحوار حوارا رسميا ما بين ممثلي الأحزاب والتيارات والهيئات والمنظمات المشارِكة (مرفق قائمة بالأسماء المشاركة).
ويسعى المتحاورون إلى تحديد خصائص وتداعيات الأزمة الاجتماعية والاقتصادية والمالية بكل أبعادها، بما في ذلك الأبعاد المؤسسية والحوكمية، لا سيما في ظل جائحة كوفيد 19، وصياغة أرضية مشتركة تجمع بين توجهاتهم وخلفياتهم ومواقعهم المتنوّعة لتقديم رؤية وخيارات اقتصادية واجتماعية وطرح سياسات محددة للخروج من الأزمة.
وأوضح كرم كرم، المستشار الإقليمي في شؤون الحوكمة والتطوير المؤسسي في الإسكوا، أن «إيجاد مساحة حوار بين هؤلاء الأفراد هو، بحد ذاته، هدف منشود تحت وطأة الأزمة الحادة التي يمر فيها لبنان وفي ظل محدودية مساحات الحوار، وغلبة السجال الاستقطابي على البحث عن القواسم المشتركة».
وفي ما يخص منهجية العمل، شدد كرم على أن ما يميز هذا الحوار هو إصرار المتحاورين على تجنب الغوص في التفاصيل التقنيّة خلال المناقشات، وعدم السعي إلى الحلول مكان السلطات التنفيذية التي من واجبها وضع الخطط.
وقال إن المشاركين ارتكزوا في نقاشاتهم على خطة التنمية المستدامة لعام 2030، التي التزم بها لبنان في عام 2015 كإطارٍ تحليلي متكامل ومتعدد الاختصاصات لمعالجة الأزمة، نظرا للقبول الواسع الذي تحظى به الخطة وما تختزنه من نتائج خبرات عالميّة.
وقد ركزت حلقات الحوار حتى نهاية شهر يناير على موضوع الحماية الاجتماعية، وصدرت عنها ورقة بعنوان «الأزمة الاجتماعية في لبنان – قضية الحماية الاجتماعية: خلاصات أولية ومقترحات للمعالجة»، تتناول التوجهات والمبادئ العامة للسياسات الاجتماعية كالحقوق التي يجب الحفاظ عليها، وآليات التنسيق والتكامل وتوحيد الخدمات، والمقاربات الملائمة لطبيعة الأزمة.
وتقيم الورقة البرامج والسياسات القائمة بهدف اقتراح وسائل لتعزيزها أو تغييرها وتقديم البدائل. كما تقترح الورقة تدخلات فورية للخروج من الأزمة في مجالات إصلاح منظومة الدعم ووقف الهدر في الموارد، وغيرها من القضايا (الورقة مرفقة).
ويضع المشاركون في الحوار خلاصة ما توصلوا إليه من أفكار في تصرّف الفاعلين المعنيين بالشأن الاجتماعي في لبنان من جهات وطنية وحكومية وغير حكومية ودولية وعموم المواطنين.
هذا، ويأتي الحوار في إطار جهود الإسكوا المتصلة بتقديم الدعم الفني للحوارات الاقتصادية والاجتماعية في دول المنطقة، مثل ليبيا وسوريا، التي تهدف إلى بناء رؤى تنموية مشتركة في سياق موضوعي علمي بإدارة محايدة.
الإسكوا تجمع لبنانيين من توجهات متنوعة في حوار للخروج من الأزمة
الوسوم