تعقد الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قمة في تيرانا مع قادة دول غرب البلقان لتعزيز شراكة باتت تعتبر أساسية أكثر في إطار مسعى غربي لعزل روسيا داخل أوروبا.
يأتي هذا في وقت تقول تقارير إن أرمينيا تسعى بدورها للخروج عن الفلك الروسي في ظل ما ترى أنه تخلّ عنها في الحرب الأخيرة مع أذربيجان التي لقيت دعما تركيا واضحا فيما تخلت روسيا عن حليفتها الأرمني.
وتغري أوروبا دول البلقان بعضوية الاتحاد الأوروبي وبشراكة وامتيازات كبيرة من أجل جلبها إلى مربعها، في الوقت الذي تحاول فيه موسكو تثبيت نفوذها في هذه المنطقة. كما دخلت الصين وتركيا على خط المنافسة.
ويقول لوكاس ماسيك الباحث المشارك في معهد جاك ديلور إن أحد تحديات هذه قمة أوروبا – البلقان سيكون تحديدا “تأكيد مرحلة جديدة في العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وغرب البلقان والتي كانت في شكل من أشكال الركود وخيبة الأمل من الجانبين”.
وعبرت دول البلقان التي تنتظر على أبواب الاتحاد الأوروبي منذ سنوات، عن استيائها أمام عملية انضمام طويلة ومتطلبة، بعدما منح التكتل بشكل سريع وضع مرشح للانضمام إلى أوكرانيا ومولدافيا.
لكن الحرب في أوكرانيا أكدت أيضا أهمية قيام الأوروبيين بإرساء الاستقرار في هذه المنطقة الهشة من جنوب شرق أوروبا ومواجهة نفوذ روسيا هناك وكذلك تأثير الصين التي استثمرت في البنية التحتية لهذه الدول.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن روسيا والصين تحاولان بسط نفوذهما في غرب البلقان.
وأضافت فون دير لاين في تيرانا “هل ستسود الأنظمة الاستبدادية وقانون الأقوى؟ أم ستسود الديمقراطية وسيادة القانون؟”.
وأكدت لدى وصولها لحضور اجتماع لزعماء الاتحاد الأوروبي وغرب البلقان “هذا الجدل ملحوظ أيضا في غرب البلقان. إن روسيا تحاول بسط نفوذها، والصين تحاول بسط نفوذها”.
وقالت رئيسة المفوضية إن دول المنطقة ستحتاج إلى تحديد الجانب الذي تنتمي إليه، متسائلة “هل أنت تقف إلى جانب الديمقراطية – هذا هو الاتحاد الأوروبي، صديقك وشريكك – أم تريد أن تسلك طريقا مختلفا؟”.
وفي يوليوز فتح الاتحاد الأوروبي أخيرا مفاوضات الانضمام مع مقدونيا الشمالية وألبانيا (المرشحتان على التوالي منذ 2005 و2014). وهذه المحادثات جارية أيضا منذ سنوات مع مونتينيغرو وصربيا.
وفي أكتوبر الماضي أوصت المفوضية بمنح وضع مرشح للبوسنة والهرسك، وهو قرار سيعرض على المجلس الأوروبي في الخامس عشر والسادس عشر ديسمبر.
وأفادت وكالة بلومبرغ الثلاثاء بأن خطوة البوسنة والهرسك للحصول على عضوية التكتل ستمثل بمثابة دفعة كبيرة بالنسبة إلى البوسنة.
في المقابل، بالنسبة إلى كوسوفو فإن العراقيل أمام الترشح عديدة. فهذا الاقليم الصربي السابق ذو الغالبية الألبانية أعلن استقلاله في 2008، وهو ما لم تعترف به بلغراد. وهناك خمس دول في الاتحاد الأوروبي لا تعترف به أيضا هي إسبانيا واليونان وقبرص ورومانيا وسلوفاكيا.
وأعلنت رئيسة كوسوفو فيوسا عثماني الثلاثاء في تيرانا أن بلادها تعتزم التقدم بطلب للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي بحلول نهاية العام الجاري.
وقالت عثماني “ أعلن هنا أمام جميع قادة الاتحاد الأوروبي، أن كوسوفو سوف تتقدم بطلب للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي بحلول نهاية هذا العام”.
وأضافت عثماني لدى وصولها لحضور اجتماع قادة الاتحاد الأوروبي ودول غرب البلقان في العاصمة الألبانية “أنا هنا كرئيسة لأكثر دولة مؤيدة لأوروبا”.
وأكدت الرئيسة أن كوسوفو تدعم سياسات الاتحاد الأوروبي بشأن قضايا العلاقات الخارجية والأمن، ويشمل ذلك “التوافق بشأن العقوبات ضد روسيا، بالإضافة إلى رفض أي نفوذ ضار لعوامل مثل روسيا والصين”.
وفي تيرانا، سيعيد الاتحاد الأوروبي “تأكيد التزامه الكامل والصريح بأفق انضمام دول غرب البلقان ويدعو إلى تسريع المفاوضات” بحسب نسخة أولية من الإعلان الختامي. لكن القمة ستركز أيضا على قضايا تعاون ملموس.
ومن أجل مساعدة هذه الدول على التعامل مع أزمة الطاقة، فإن الاتحاد الأوروبي الذي لا يزال إلى حد بعيد الشريك التجاري الرئيسي لدول غرب البلقان، سيؤكد حزمة بقيمة مليار يورو من الإعانات والتي يفترض أن تتيح جذب الاستثمارات العامة والخاصة وتعبئة 2.5 مليار يورو.
وفي هذه الدول “المعسكر المؤيد لأوروبا أصبح يائسا بعض الشيء، وهناك فرصة سانحة لعكس الاتجاه لكنها لن تستمر طويلا بالضرورة ويجب أن تخرج بشيء ملموس”.
ويرتقب أن يوقع اتفاق أيضا مع مشغلي الاتصالات في المنطقة لخفض رسوم التجوال بين الاتحاد الأوروبي ودول البلقان الست في عام 2023 بهدف إلغائها تدريجيا بحلول 2027.
كما من المتوقع أن يتم تعزيز التعاون في مجال الأمن لاسيما الأمن السيبراني.
وهناك أولوية أخرى هي مكافحة الهجرة غير الشرعية حيث أن طريق البلقان تشكل أبرز طرق الهجرة نحو الاتحاد الأوروبي، حيث ارتفع عدد الوافدين على هذا الطريق في الأشهر العشرة الأولى من العام بنسبة 170 في المئة مقارنة مع السنة السابقة، ما دفع بالمفوضية إلى عرض خطة عمل الاثنين تقترح خصوصا نشر وكالة فرونتكس في هذه الدول لمساعدتها على مراقبة حدودها.
ويحض الاتحاد الأوروبي دول البلقان على مطابقة سياسة التأشيرات مع سياسته. فقد اتهمت صربيا بالمساهمة في زيادة عدد الوافدين من المهاجرين الهنود والتونسيين والكوبيين والبورونديين إلى الاتحاد الأوروبي لأنه يمكن لهؤلاء المواطنين الوصول إلى مطار بلغراد بدون تأشيرة دخول ثم مواصلة رحلتهم إلى الاتحاد الأوروبي برا.
وبضغط أوروبي، أعلن الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش أخيرا إنهاء الإعفاءات من التأشيرات للتونسيين والبورونديين.
لكن الاتحاد الأوروبي يطلب أيضا من بلغراد التي تقيم علاقات وثيقة مع روسيا أن تلتزم بسياسة العقوبات التي قررها التكتل ضد موسكو ردا على الحرب في أوكرانيا.
وألكسندر فوتشيتش الذي هدد حتى اللحظة الأخيرة بمقاطعة القمة، سيحضرها في نهاية المطاف.