يحتل الورق، وهو مادة استهلاكية متعددة الاستخدامات، مكانة مهمة في حياتنا اليومية، لكن البصمة البيئية التي تولدها صناعته غالبا ما يتم الاستهانة بها، لدرجة أن الاستخدام المفرط له يثير قلقا حقيقيا في الأوساط البيئية. يتيح اليوم العالمي بدون ورق، الذي يتم الاحتفال به في 25 أكتوبر من كل سنة، الفرصة للتحسيس بالتداعيات البيئية لهذه المادة، واستكشاف حلول بديلة لاستهلاكها المفرط. وتمثل هذه الحملة السنوية تحديا خاصا بالنسبة للشركات والإدارات: هل يمكنها العمل بدون ورق لمدة 24 ساعة، وإذا أمكن، هل يمكنها الاستغناء عنه لبقية العام؟ والحقيقة أن مساهمة الورق في نهضة التنمية الاقتصادية تجعل من الصعب الحديث عن المساوئ التي تسببها صناعته، والتي تتراوح بين استنزاف الغابات، واستهلاك الطاقة، مرورا بانبعاثات الغازات الدفيئة وتلوث الهواء والماء. ومن الصعب إجراء نقاش حول موضوع ضروري للغاية في الحياة اليومية، ويشمل قطاعات حيوية مثل التعبئة والتغليف والصحة وحتى الغذاء. و يستمر استهلاك الورق على الرغم من التقدم التكنولوجي والبدائل التي يوفرها. ويرى سعيد شاكري، الخبير في التغيرات المناخية والتنمية المستدامة، أنه غالبا ما ننسى أن الورق هو “خشب تم تصنيعه”، وهو ما يعني بالضرورة استنزاف الموارد الطبيعية. وبالنسبة له، فإن الوعي بالحاجة إلى إيجاد بدائل أمر أكثر إلحاحا لأن عملية تصنيعه تتطلب كميات هائلة من الماء، دون أن ننسى أن نفس هذه المياه يتم إطلاقها بعد ذلك في الطبيعة. وأوضح أنه لتقييم الأثر البيئي للورق، لا بد من الأخذ في الاعتبار إزالة الغابات وعواقبها على ظاهرة الاحتباس الحراري، ثم التلوث الناجم عن تصريف المياه العادمة وتلوث المياه الجوفية. ويطرح هذا الوضع إشكالية: هل من الممكن نشر بدائل لاستخدام الورق؟ ويعتبر هذا الخبير، أن النهج الأكثر واقعية هو تقليل وتحسين إنتاج واستهلاك الورق. ويمكن أن يشمل تدبير الورق أيضا إعادة الاستخدام وإعادة التدوير، مبرزا أن هناك مبادرات تهدف إلى استبدال طريقة إنتاج الورق، وخاصة تصنيعه على أساس الغبار الصخري، مما يتيح إمكانية الحفاظ على استخدامه مع تقليل بصمته البيئية.