الانتفاضة الشعبية لـ 29 و30 و 31 يناير 1944.. محطة وضاءة في مسلسل الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية

يخلد الشعب المغربي ومعه نساء ورجال الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير أيام 29 و30 و31 يناير 2023 الذكرى 79 للانتفاضة الشعبية ل 29 و 30 و31 يناير 1944، التي اندلعت تأييدا لحدث تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، واستنكارا لحملات القمع والتنكيل والاعتقالات التي أقدمت عليها سلطات الإقامة العامة للحماية الفرنسية لاستهداف زعماء وقادة الحركة الوطنية ومناضليها وعموم أبناء الشعب المغربي إثر تقديم هذه الوثيقة التاريخية المجسدة لإرادة العرش والشعب والميثاق التاريخي لنضالهما البطولي في سبيل الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية .

  • محطة وضاءة في مسلسل الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية
  • تنظيم مهرجانات خطابية وتنظيم ندوات فكرية للتعريف بالحدث

في مثل هذه الأيام من سنة 1944، خرجت حشود الجماهير الشعبية من قلب مدينة الرباط منددة، بإقدام سلطات الإقامة العامة للحماية الفرنسية على اعتقال زعماء الحركة الوطنية، وقد بلغ صدى هذه المظاهرات ولي العهد آنذاك جلالة المغفور له الحسن الثاني، وهو بداخل المعهد المولوي، فتخطى سوره والتحق بصفوف المتظاهرين.

وقـد عبر جلالتـه عن ارتسامـاتـه عن ذلـك اليوم بقوله: “هناك تاريخ مضبوط ظل عالقا بذاكرتي هو 29 يناير 1944. في ذلك اليوم، اكتسح جمهور من المتظاهرين شوارع الرباط، مرددين شعارات المطالبة بالاستقلال، وبلغني صدى هذه المظاهرات وأنا داخل المعهد المولوي، فتخطيت سوره، والتحقت بالمتظاهرين. وأضاف رحمه الله مبرزا الأثر القوي لهذا الحدث التاريخي حيث قال: “لقد ترك يوم 29 يناير بصماته بعمق في ذاكرتي، كان معي يومئذ ثلاثة من رفاقي في المعهد، وكنا نصيح بصوت واحد: سنحصل على الاستقلال”.

وأمـام حملات القمع والملاحقات والمضايقات للسلطات الاستعمارية التي تلت حدث تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، ألح بطل التحرير والاستقلال جلالة المغفور له محمد الخامس، على الإفراج عن المعتقلين جميعهم، لكن سلطات الإقامة العامة للحماية الفرنسية استغلت مقتل أحد الأوروبيين لتطوق المدينة وتقوم بإنزال قواتها، وأطلقت النار على المتظاهرين الذين دافعوا عن أنفسهم بكل شجاعة واستماتة، مما خلف شهداء رووا بدمائهم الزكية شجرة الحرية والاستقلال، ومعتقلين صدرت في حقهم أشد الأحكام وأقساها.

وكان لمدينة سلا دور بارز في هذه الانتفاضة العارمة التي اندلعت في مواجهة الغطرسة الاستعمارية، وتأييدا لمبادرة تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، ودفاعا عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية، حيث هب وطنيون أفذاذ من هذه المدينة في انتفاضة تاريخية عارمة، مخترقين شوارعها، متحدين قوات الاحتلال وهجومها الشرس عليهم والذي أدى إلى سقوط شهداء أبرار وهبوا أرواحهم فداء للوطن، تغمدهم الله بواسع رحمته، وأسكنهم فسيح جناته.

واتسعت دائرة هذه الانتفاضة الشعبية، وامتدت المظاهرات لتشمل سائر المدن المغربية، كفاس التي شهدت سقوط عشرات الشهداء والجرحى، ومكناس ومراكش وازرو وغيرها من المدن.

وتسارعت الأحداث لتحتدم المواجهات بين القصر الملكي وسلطات الإقامة العامة للحماية الفرنسية، إذ أقدمت سلطات الحماية في 20 غشت 1953 على نفي بطل التحرير والاستقلال وأسرته الشريفة في محاولة يائسة لإخماد الروح الوطنية، مما أجج شعلة الكفاح الوطني لتنطلق المقاومة المسلحة والمظاهرات العارمة وعمليات جيش التحرير إلى أن تحققت إرادة العرش والشعب، وعاد رمز المقاومة والتحرير جلالة المغفور له محمد الخامس، روحه مظفرا منصورا، من المنفى إلى أرض الوطن في 16 نونبر 1955، رفقة شريكه في الكفاح والمنفى جلالة المغفور له الحسن الثاني والأسرة الملكية الشريفة، حاملين بشرى انتهاء عهد الحجر والحماية وإشراقة شمس الحرية والاستقلال.   

وقد حظيت هذه الملحمة الوطنية العظيمة والمحطة التاريخية الخالدة في مسيرة كفاح الشعب المغربي من أجل الحرية والاستقلال، بعناية موصولة واحتفاء دائم ومستمر، ومن ذلك تنظيم مهرجان كبير بمناسبة الذكرى الخمسين لها تحت الرعاية الملكية السامية حيث تفضل جلالة المغفور له الحسن الثاني، فأناب عنه سمو ولي العهد آنذاك، جلالة الملك محمد السادس، لإزاحة الستار يوم 29 يناير 1994 عن اللوحة التذكارية المقامة تخليدا لأحداث يوم 29 يناير 1944 بساحة مسجد السنة بالرباط، والترحم على الشهداء الميامين لهذه الملحمة الخالدة، وتكريم أسمائهم إكبارا لتضحياتهم الجسام وخدماتهم الجلى دفاعا عن عزة الوطن وكرامته.

وإن أســرة الحركــة الوطنيـة والمقاومـة وجيـش التحريـر، إذ تخلـد الذكـرى 79 للانتفاضـة الشعبيـة لـ 29 و30 و31 يناير 1944، في أجواء من الحماس الوطني والتعبئة الشاملة لتؤكد على واجب الوفاء والبرور بالذاكرة التاريخية الوطنية وبرموزها وأعلامها وأبطالها الغر الميامين.

وهي في ذات الوقت، تحرص على إيصال الرسائل والإشارات القوية وإشاعة رصيد القيم والمثل العليا ومكارم الأخلاق في أوساط وصفوف الشباب والناشئة والأجيال الجديدة والقادمة لتتشبع بأقباسها وتغترف من ينابيعها، ما به تتقوى فيها الروح الوطنية وحب الوطن والاعتزاز بالانتماء الوطني لمواصلة مسيرات الحاضر والمستقبل تحت القيادة الحكيمة والمتبصرة لجلالة الملك محمد السادس لبناء وإعلاء صروح المغرب الجديد، مغرب الحداثة والديمقراطية والتنمية الشاملة والمستدامة والتضامن والتكافل الاجتماعي.

كما أنها وهي تستحضر بفخر وإكبار هذه الملحمة التاريخية الغنية بالدروس والعبر والطافحة بالمعاني والقيم، تجدد موقفها الثابت من قضية وحدتنا الترابية ومغربية الأقاليم الصحراوية المسترجعة، وتؤكد وقوفها ضد مناورات خصوم وحدتنا الترابية ومخططات المتربصين بسيادة المغرب على كامل ترابه المقدس الذي لا تنازل ولا مساومة في شبر منه.

وستظل بلادنا متمسكة بروابط الإخاء والتعاون وحسن الجوار والسعي في اتجاه بناء الصرح المغاربي وتحقيق وحدة شعوبه، إيمانا منها بضرورة إيجاد حل سلمي واقعي ومتفاوض عليه لإنهاء النزاع المفتعل حول أقاليمنا الجنوبية. وفي هذا النطاق، تندرج مبادرة منح حكم ذاتي موسع لأقاليمنا الصحراوية في ظل السيادة المغربية.

وبهذه المناسبة المجيدة، أعدت النيابة الإقليمية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بسلا والنيابة الجهوية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بفاس برامج حافلة بالأنشطة والفعاليات المخلدة لهذه الذكرى المجيدة .

-الثلاثاء 31 يناير 2023

تنظيم مهرجان خطابي وندوة فكرية بقاعة مقاطعة أكدال بمدينة فاس ،

-الأربعاء 01 فبراير2023

افتتاح  فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بجماعة بركين بإقليم جرسيف

إعداد: سعيد ايت اومزيد

Related posts

Top