حبوب الشرقاوي مدير “BCIJ” لـ” بيان اليوم” : الانفصال والإرهاب وجهان لعملة واحدة ويغذيان بعضهما

قال مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية حبوب الشرقاوي، إن تنظيم داعش تم القضاء عليه ميدانيا وتكبد هزيمة كبرى حيث فقد معاقله التقليدية بالمنطقة السورية العراقية أو بالمنطقة الأفغانية وغير ذلك، ولكنه لم يفقد الأيديولوجية ولا أفكاره الهدامة والتخريبية لأنها لا زالت تتمدد، موضحا أن بعد هزيمة تنظيم داعش بالمنطقة السورية العراقية نقل أنشطته إلى منطقة الساحل ووجد هناك تنظيمات أخرى تنشط بنفس المنطقة مثلا جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” وتنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي وأيضا المرابطون الجدد وجماعة التوحيد والجهاد.
وأضاف مدير الـ”BCIJ” حبوب الشرقاوي، في حوار مع جريدة بيان اليوم، أن منطقة الساحل مصدر قلق كبير للمملكة المغربية، ولباقي الدول الأخرى لأنها تعرف هشاشة أمنية وضعف في مراقبة الحدود وتنسيق أمني غير شامل وغير محكم من طرف بعض الدول، مبرزا أن هناك جماعات للدعم والإسناد على مستوى دول المنطقة مثل مالي، بوركينافاسو، النيجر والتشاد التي يتواجد فيها التنظيم الإرهابي بوكو حرام، بالإضافة إلى غياب التعاون بين المغرب والجزائر التي قطعت علاقاتها مع المغرب.
وشدد حبوب الشرقاوي على أن مخيمات تندوف حاليا تشكل مبعث قلق لأن الجارة الجزائر تحتضنهم، مشيرا إلى أن عدة قضايا تم إنجازها من طرف الأجهزة الأمنية المغربية أظهرت على أن هناك صلة ما بين الجبهة الانفصالية (بوليساريو) وبين الإرهاب.
وقال حبوب الشرقاوي إن مخيمات تندوف أصبحت تشكل بؤرة من بؤر التوتر على المنتظم الدولي وعلى القارة الإفريقية ومنطقة الساحل وعلى المغرب لأنها قريبة منه، لاسيما في ضعف التنسيق الأمني بين دول المنطقة، لأن التنظيمات الإرهابية أصبحت بالنسبة لها منطقة الساحل مرتعا خصبا للتوسع وبسط أنشطتها التخريبية وتمددها.
وأكد حبوب الشرقاوي على أن المملكة المغربية منخرطة بشكل تام وتبحث دائما عن رفع مستوى التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب مع جميع الشركاء، إلا الدول التي ترفض التعاون كالجزائر التي ترفضه بشكل رسمي وتام، مضيفا أن التحديات الكبرى التي تواجه المغرب هي التطور التكنولوجي الذي يعرفه العالم، في ظل إساءة استعمال الأجهزة الإلكترونية وكذا إساءة استعمال وسائل التواصل الاجتماعي التي عوض أن تستعمل في نشر الإسلام السمح والمعتدل والتآخي وما يفيد المجتمعات وإصلاح المواطنين تنشر الكراهية والعنف.
وهذا نص الحوار:

> بعد سنوات عن فاجعة 16 ماي 2003 الإرهابية، تم إحداث المكتب المركزي للأبحاث القضائية (البسيج / BCIJ) سنة 2015، الذي يعد من أدواره المحورية محاربة الخلايا الإرهابية والعمليات الإجرامية الكبرى والاختطاف في إطار القطب الأمني الذي تشكله المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني والمديرية العامة للأمن الوطني تحت رعاية أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس؛ كيف ساهمت هذه الخطوة في محاربة الإرهاب والتطرف وحماية المملكة من الأخطار المرتبطة بالإرهاب؟
< مرحبا بكم في المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني.
بخصوص هذا السؤال، فهو يندرج بالأساس في الظروف التي تم فيها إنشاء المكتب المركزي للأبحاث القضائية؛ من المعلوم أن المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني هي المؤسسة الأمنية ذات الاختصاص في ميدان مكافحة الجريمة الإرهابية، ولما ظهر للمشرع المغربي على أنها تتميز باحترافية عالية للتصدي لهذه الظاهرة وتقوم بتزويد مختلف المصالح الأمنية (أي قبل تأسيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية)، بمعلومات دقيقة ساهمت في تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية والعديد من شبكات الإجرام التي تدخل في إطار النشاط الإجرامي المنظم، ساهم (المشرع المغربي) في تفعيل دور هذه المديرية وذلك بإنشاء المكتب المركزي للأبحاث القضائية بموجب القانون 35.11 بتاريخ 17 أكتوبر 2011 والذي جاء متمما ومعدلا للمادة 20 من قانون المسطرة الجنائية، حيث تم منح الصفة الضبطية للسيد المدير العام للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وأصبحت لجميع الأطر التابعة لهذه المديرية الصفة الضبطية.
الهدف الرئيسي من إحداث المكتب المركزي للأبحاث القضائية الذي أنشئ في شهر مارس 2015 هو القيام بالتحريات تحت إشراف النيابة العامة المختصة، وفيما يخص الجريمة الإرهابية هناك اختصاص محكمة الاستئناف بالرباط، أما فيما يخص الجريمة المنظمة فحسب اختصاص المحاكم التي توكل البحث للمكتب المركزي للأبحاث القضائية في القضايا المتعددة التي تدخل في إطار الجريمة المنظمة.
هذا المكتب يتوفر على فرقتين: فرقة مكافحة الجريمة المنظمة، وفرقة مكافحة الإرهاب؛ ووحدة تقنية تتكون من: مصلحة التشخيص القضائي، مصلحة إبطال مفعول المتفجرات، وقاعة حفظ الأدلة ووسائل الإثبات؛ ثم هناك القوات الخاصة، والتي تشارك إلى جانب باقي المجموعات التابعة للمكتب المركزي للأبحاث القضائية.
للمكتب المركزي للأبحاث القضائية اختصاص وطني ولكن عمله مقيد بقانون المسطرة الجنائية (المادة 108)، والتي تشمل الجرائم التالية: الجريمة الإرهابية، جرائم المس بأمن الدولة، جرائم العصابات الإجرامية، جرائم القتل والتسميم، جرائم الاختطاف وأخذ الرهائن، جرائم تزييف أو تزوير النقود أو سندات القرض العام، جرائم تتعلق بالاتجار في المخدرات والمؤثرات العقلية، الجرائم المتعلقة بحماية الصحة العامة، وكذلك الجرائم المتعلقة بالأسلحة والذخيرة والمتفجرات. 
أساس عمل المكتب المركزي للأبحاث القضائية هو المعلومات التي توفرها له المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وخصوصيته أنه يزاوج بين العمل الاستخباراتي والعمل القضائي، وأنت تعلم بأن السيد المدير العام لمراقبة التراب الوطني حاليا هو المشرف على القطب DGST وDGSN وهي ميزة خاصة جعلت العمل متميزا أكثر فأكثر من حيث التنسيق، فهناك نوع من التنسيق بين جميع المصالح الأمنية بشكل أفقي وعمودي، وتكون هناك لقاءات دورية أسبوعية وسنوية أو آنية إذا اقتضى الحال للنظر في القضايا التي تمس أمن المواطن.
هنا نعود لسؤالكم؛ فالمكتب المركزي للأبحاث القضائية بفضل المعلومات الدقيقة وبفضل المجهودات الدءوبة والاستمرارية والمواكبة المستدامة والمستميتة التي يبذلها جميع موظفي المصالح المركزية التابعة لمديرية مراقبة التراب الوطني والتي تزود المكتب بتلك المعلومات، حيث يتم التنسيق في هذا الباب واستغلال المعلومة بشكل جيد ودقيق، وعندما يظهر أن المعلومات التي توفرها المصالح المركزية سواء على مستوى الجريمة المنظمة أو الجريمة الإرهابية، ويظهر أن هناك عناصر مادية متوفرة في الجريمة (مثلا شخص يقتني مواد مشبوهة عبارة عن سوائل أو سماد الفلاحة الذي يستعمل في صناعة المتفجرات، أو يدخل مكانا لاستعمال الإنترنيت لأغراض إرهابية)، يكون هناك تتبع. 
فسر نجاح المملكة المغربية ونجاح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني هو عدم التهاون في الجرائم الإرهابية أو غيرها، حيث إن هناك رصد وتتبع بشكل دءوب ومستمر.
إن إنشاء المكتب المركزي للأبحاث القضائية يندرج في إطار الشق الأمني وتعزيز المنظومة الأمنية التي هي ضمن الإستراتيجية الوطنية التي اعتمدتها المملكة بعد أحداث 16 ماي 2003 والتي راح ضحيتها 45 قتيلا وكانت هناك خسائر مادية جسيمة.

> ما هي حصيلة عمل “BCIJ” منذ إنشائه حتى الآن ؟
< تمكن المكتب منذ إنشائه إلى الآن من تحقيق حصيلة جد إيجابية، حيث منذ إنشائه تم تفكيك 90 خلية إرهابية، ضمنها 84 خلية إرهابية لها علاقة بتنظيم داعش، و6 خلايا تنشط فيما يطلق عليه “الإستحلال والفيء” والذي من خلاله تقوم بعض الخلايا المتطرفة بعمليات السطو ضد الأشخاص أو المؤسسات والاستيلاء على حصيلة السرقة واستغلالها وشرعنتها على أنها حلال.
كما تم إيقاف ما يزيد عن 1500 شخص منذ إنشاء المكتب، ضمنهم 60 شخصا من ذوي السوابق القضائية، في إطار قضايا الإرهاب، كما قدم المكتب 35 قاصرا و14 عنصرا نسويا. 
وإليك بعض التفاصيل، ففي سنة 2015 قدمنا 21 خلية، في 2016 قدمنا 19 خلية، 2017 قدمنا 9 خلايا، 2018 قدمنا 11 خلية، في 2019 قدمنا 14 خلية، وفي 2020 قدمنا 8 خلايا، وفي 2021 قدمنا 4 خلايا، وفي 2022 خليتين، و2023 خليتين. 
وهذا يدل على أن هناك عمل دؤوب يظهر تراجعا في عدد الخلايا، وهذا دليل على أن هناك مجهودات كبيرة وأن الإستراتيجية تنفذ، وهناك عمل شمولي في التنسيق، من طرف المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني وباقي الأجهزة الأمنية الأخرى، لأجل محاربة هذه الجريمة وهو ما جعل المغرب يكون مميزا عن باقي الدول ويحظى باحترام وتقدير باقي دول العالم.

> ما هي استراتيجيتكم في محاربة الإرهاب والتطرف على المستوى الوطني ؟
< مبدئيا هناك إستراتيجية وطنية، وإستراتيجية المكتب هي التتبع والتدقيق في المعطيات وعدم التهاون مع الجريمة الإرهابية، وعدم إغفال الجانب المعلوماتي والتقني، والحصول على كل ما من شأنه أن يفيد في البحث لأجل وضع حد لتنامي الإرهاب، وذوي التوجهات العقائدية المتطرفة سواء على شكل خلايا أو الذئاب المنفردة أو الإرهاب الفردي.
المغرب منذ أحداث 16 ماي 2003، أصبح واعيا أنه ليس هناك أي بلد في منأى عن ظاهرة الإرهاب وبالتالي وتحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة نصره الله، كما هو معروف تم اعتماد إستراتيجية وطنية مندمجة، شاملة ومتعددة الأبعاد، تطبق أيضا من طرف المكتب المركزي للأبحاث القضائية والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، الأساسي فيها هو العمل الاستباقي والوقاية واليقظة واستغلال المعطيات والتتبع بشكل دءوب. 
هذه الإستراتيجية لم تنحصر على المقاربة الأمنية، بل شملت أبعادا أخرى، لا أتحدث فقط عن المكتب المركزي للأبحاث القضائية بل أشرح أيضا النجاح الذي ظهرت به المملكة المغربية في العالم، لأن المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني التي يشرف عليها السيد عبد اللطيف الحموشي بفضل المجهودات الكبيرة التي تقوم بها المصالح المركزية وعناصرها والتنسيق الدؤوب والمواكبة والتتبع والرصد وعدم إغفال أي شيء يمكن أن يمس بسلامة المواطن واستقرار البلد، حققت نتائج إيجابية بسبب السرعة في استغلال المعلومة والمعطيات، وذلك في إطار الإستراتيجية الوطنية التي اتبعتها المملكة المغربية منذ 16 ماي 2003 إلى الآن، والتي شملت الجانب القانوني حيث اعتمد قانون 03.03، بتاريخ 28 ماي 2003، وجاء بعده القانون 86.14 بتاريخ 20 ماي 2015 الذي يجرم الالتحاق ومحاولة الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية.
ثم هناك الجانب الأمني الذي يعتمد بطاقة التعريف الوطنية الالكترونية وجواز السفر البيومتري والاعتماد مثلا على عناصر “حذر” في المناطق الحساسة وهم مزيج من عناصر القوة العمومية، ولهم أثر إيجابي في المناطق الحساسة. 
أضف إلى ذلك أن الجانب الأمني يشمل إنشاء المكتب المركزي للأبحاث القضائية، وكما قلت لما ظهر على أن المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني لها دور كبير في تزويد باقي المصالح الأخرى بالمعطيات والمعلومات الأمنية، منح المشرع المغربي الصفة الضبطية للسيد المدير العام لمراقبة التراب الوطني وباقي الأطر بنفس المديرية، وبالتالي هو عمل جد إيجابي.
أضف إلى ذلك النجاح في الحقل الديني، ففي الإستراتيجية الوطنية الحقل الديني جد مهم حيث تمت إعادة هيكلته، وتم توحيد الفتوى وأصبحت من اختصاص المجلس العلمي الأعلى الذي يرأسه صاحب الجلالة نصره الله بصفته أمير المؤمنين.
فكما تعلم فإمارة المؤمنين دورها كبير ومتميز في العالم، وكان لها دور كبير تاريخيا، لأن أمير المؤمنين هو ضامن للأمن الروحي للمغاربة ووحدة المذهب السني المالكي للمملكة المغربية.
وكذلك تم إنشاء معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات، وعلى مستوى تعاون جنوب جنوب بإفريقيا، في جانب الديبلوماسية الدينية تم إنشاء مؤسسة محمد السادس لتكوين العلماء الأفارقة، والتي كان لها دور كبير بفعل التنسيق بين العلماء المغاربة ونظرائهم الأفارقة.

هناك برنامج مصالحة أيضا، حيث إن العقوبة السالبة للحرية غير كافية لوحدها في ثني المعتقلين في قضايا الإرهاب للتخلي عن أفكارهم الهدامة، لهذا تم إطلاق برنامج مصالحة سنة 2017، والذي هو الآن في الدورة 11 واستفاد منه 259 شخصا، وتشرف عليه المندوبية العامة لإدارة السجون والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والرابطة المحمدية لعلماء المغرب وكذلك خبراء مختصين، وهو برنامج تلقائي، حيث ينخرط فيه السجين بإرادته وطواعية ولا يشمل الناس الذين شاركوا في قضايا الدم أو مدانين بقضايا القتل أو غيرها.
هذه كلها إستراتيجية وطنية، وتظل إستراتيجية المكتب المركزي للأبحاث القضائية ثابتة ومترسخة بتوجيهات السيد المدير العام للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني وفق المنهجية الشمولية للمملكة المغربية وفي إطار التنسيق مع المصالح المركزية التي توفر المعلومات الأمنية للمكتب المركزي للأبحاث القضائية، وها نحن نواكب ولا رجعة في ذلك.

الإرهاب يصنف ضمن الجرائم العابرة للقارات، وبالتالي لابد من التنسيق الدولي في مكافحته؛ كيف ينسق “البسيج” مع نظرائه على المستوى الدولي لأجل إبعاد الخطر الإرهابي عن التراب الوطني ؟ وأي دور يلعبه في مكافحة الإرهاب على المستوى الدولي ؟
مبدئيا، الإرهاب عدو للجميع، ومحاربته تستلزم وتستوجب تظافر جهود الجميع والتنسيق بصفة شمولية مع الجميع، حيث لا يمكن محاربة الإرهاب إلا من خلال تعاون دولي فعال مع جميع الشركاء الدوليين.
فالظاهرة الإرهابية لا يمكن أن تحاربها بمفردك، فاليد الواحدة لا تصفق، والمملكة المغربية منذ 11 شتنبر 2001 انخرطت بشكل لا مشروط إلى جانب دول التحالف في محاربة الإرهاب، وصادقت ووافقت على جميع المواثيق الدولية التي تهم مكافحة الإرهاب، وبالتالي فإن المملكة المغربية والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني والمكتب تابع لها، بدورها منخرطة بشكل تام وفعال مع جميع الشركاء الدوليين، ومع جميع المؤسسات الاستخباراتية في مواجهة الإرهاب والتطرف العنيف.
المملكة المغربية منخرطة بشكل تام وتبحث دائما عن رفع مستوى التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب مع جميع الشركاء، ونقصد بجميع الشركاء أنه لا يوجد الاستثناء إلا الدول التي ترفض التعاون كالجزائر والتي ترفضه بشكل رسمي وتام، أما جميع الدول من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية والعربية والأفريقية يوجد معها التنسيق والتعاون في محاربة الإرهاب.
تعلم أن كل الدول لديها مؤسساتها، فالتنسيق قائم، والمكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، هو بتلقائية منخرط، لأن المديرية تنسق مع جميع الشركاء، وهناك بعض الأمثلة التي مرت، لنأخذ فرنسا: المملكة المغربية والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني زودت السلطات الأمنية والاستخبارات الفرنسية بمعلومات دقيقة عن مكان تواجد عبد الحميد أباعود منفذ أحداث 13 نونبر 2015 الإرهابية، وتلك المعلومات ساهمت في تحديد مكانه رفقة قريبته حسناء ايت بولحسن والقضاء عليه، وهذا عمل قامت به المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في إطار إستراتيجيتها التي تدخل ضمن التعاون الدولي.
أضف إلى ذلك أنه في ليلة 1 أبريل 2021، قامت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بتزويد نظرائها من المصالح الأمنية الداخلية والخارجية لفرنسا بمعلومات دقيقة حول مواطنة فرنسية من أصول مغربية، كانت تحمل مشروعا إرهابيا ضد كنيسة، ومن خلال هذه المعلومات تمكنت السلطات الأمنية الفرنسية من إيقاف تلك المواطنة ليلة الثالث من أبريل من نفس السنة وهي على وشك تنفيذ مشروعها التخريبي.
مع إسبانيا: أنت تعلم علاقاتنا معها والقرابة والموقع الجيواستراتيجي معها، فهناك تعاون ومنذ 2014 إلى 2023، تم القيام بالعديد من العمليات بشكل متزامن، وتفكيك ما يزيد عن 10 خلايا ما بين المغرب وإسبانيا في إطار التنسيق الشمولي مع السلطات الأمنية الإسبانية بمختلف تلاوينها، آخرها تفكيك إحدى الخلايا في 4 أكتوبر 2022، كانت بتنسيق بين المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني والشرطة الوطنية الإسبانية حيث تم إيقاف 11 عنصر، 9 منهم تم إيقافهم بمدينة مليلية، وشخصين بالناظور، تلتها عملية أخرى بتاريخ 11 ينابر 2023 حيث تم تفكيك خلية إرهابية من ثلاثة أشخاص موالية لتنظيم ما يسمى بـ”الدولة الإسلامية”، حيث تم إيقاف شخص بشتوكة آيت باها، والسلطات الإسبانية فككت عضوين من نفس الخلية بمدينة ألميريا الإسبانية.
سأعطيك أمثلة أخرى في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف في إطار التنسيق مع باقي الشركاء، كما تعلم فالولايات المتحدة الأمريكية تجمعنا معها علاقات تاريخية ممتدة لقرون، والتنسيق قائم بشكل مستمر ومميز في هذا الباب، ففي فاتح يناير 2021، قامت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بتزويد مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI بمعلومات حول جندي أمريكي إسمه كولبريج الذي كان يحمل مشروعا تخريبيا ضد الولايات المتحدة، وتم إيقافه بفضل تلك المعلومات وتم إحباط مشروعه.
أضف إلى ذلك أن الدوائر المختصة بإنفاذ القانون بالولايات المتحدة زودوا المديرية العامة بمعلومات حول الخلية التي تم تفكيكها في 25 مارس 2021، والتي جرى تفكيكها بوجدة وتضم أربعة أشخاص، وكانت تحمل مشروعا إرهابيا خطيرا كان يستهدف مؤسسات وأمنيين وغير ذلك، حيث تم تفكيك الخلية بتنسيق بين DGST وFBI. 
بعدها في 16 دجنبر 2021 تم إيقاف شخص في سلا الجديدة وكان خطيرا جدا ويمتلك آليات كبيرة ويحوز منشورات ومطبوعات ووسائل كان سيوظفها في عمل تخريبي كبير ضد المملكة، إلا أنه تم إيقافه وتقديمه للعدالة.
أيضا في 6 ماي 2022 تم إيقاف شخص في مدينة بركان كانت له علاقة بنفس الخلية التي تم تفكيكها في 25 مارس 2021 حيث بفضل التنسيق الأمني مع الولايات المتحدة الأمريكية، استمر التتبع إلى أن تم تحديد هويته، كما أنه في 29 شتنبر 2022 جرى إيقاف شخص في البرنوصي بالدار البيضاء بفضل معلومات قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، عمره 29 سنة ويحمل مشروعا إرهابيا. 
هذه الأجهزة الأمنية تظافر جهودها لأجل إيقاف الخلايا التي تحمل هذه المشاريع وحماية المواطنين، لأن المملكة المغربية في إستراتيجيتها العامة تولي أهمية قصوى للمواطن المغربي وسلامته واستقراره وكذلك لمواطني الدول الشريكة، حيث يهمها أيضا الشركاء، وتولي أهمية كبيرة لرفع التعاون مع مختلف الشركاء.
ففي المكتب المركزي للأبحاث القضائية، العديد من الأشخاص المبحوث عنهم في إطار القضايا التي أنجزها في إطار محاربة الجريمة المنظمة أو الإرهابية، وتم إصدار في حقهم أمر بإلقاء القبض، ويتم التنسيق والتتبع، فمثلا تم إيقاف شخص في إيطاليا يوم 9 يوليوز 2021 كان مشتبها فيه، وتم تسليمه في إطار التنسيق القضائي للمملكة وتقديمه للعدالة وهو حاليا في السجن.
كذلك في اليونان، تم بتنسيق أمني إيقاف شخص مغربي كان ينشط إلى جانب داعش وتسلل إلى اليونان، وهو من ضمن أولئك الذين يتواجدون في الساحة السورية العراقية ويستطيعون التسلل، ويشكلون خطرا على أمن بلدانهم الأصلية وكذا البلدان التي يمرون منها، ونحن في انتظار تسليمه للمملكة المغربية لأنه موضوع أمر دولي بإلقاء القبض.
هناك شيء لا يجب أن نغفله، هو أن هذا العمل الجبار الذي تقوم به المملكة المغربية وتقوم به المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني مكن من إحباط العديد من المشاريع داخل المغرب وخارجه، ومكن من إيقاف العديد من الأشخاص ذوي التوجهات العقائدية المتطرفة، ومكن من إحباط مشاريع خارج المغرب وجعل المملكة متميزة ولديها شراكات إستراتيجية، وجعلها حليفا استراتيجيا، وأصبح المغرب يرأس المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب مع الاتحاد الأوروبي، وشارك في رئاسة هذا المنتدى إلى جانب هولندا لفترتين متتاليتين خلال 2016_2020 كما شارك إلى جانب كندا خلال 2020_2022، وهذا يعني أنه يقوم بدور كبير.
وكما تعلم تم حاليا في الرباط إنشاء مكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب والتدريب في إفريقيا، في 24 يونيو 2021، واختيار المغرب لم يكن بطريقة عشوائية، فهم يعلمون لماذا تم اختيار المغرب، الذي أصبح له دور كبير في مواجهة التحديات الأمنية على مستوى القارة الإفريقية، ونرى أنه مثلا في نفس الإطار تم عقد مؤتمر مهم في 11 ماي 2022 بمراكش بقيادة مشتركة بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين المملكة المغربية، وحضره ما يفوق 73 دولة وأكثر من 400 شخصية.
وكان اجتماع وزاري دولي ضد “داعش”، سمي بالاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد داعش، وكان هدفه الأساسي هو إيجاد وسيلة وحلول لمواجهة تمدد “داعش”، وخرج بتوصيات مهمة أهمها أن الانفصال يغذي الإرهاب والإرهاب يغذي الانفصال، وأنهما وجهان لعملة واحدة، لاسيما ونحن لدينا قضية مفتعلة في مخيمات تندوف، وتعلم المشاكل الناجمة عنها، كما تعرف المشاكل والتحديات الآتية من هناك.

في نفس السياق، أصبحت منطقة الساحل ملاذا خصبا وآمنا ومرتعا للتنظيمات الإرهابية، خاصة بعد اندحار “داعش” بسوريا والعراق، إضافة إلى تنظيمات أخرى، أي تهديد بات يطرحه هذا الوضع بالمنطقة وكيف تتعاطون معه ؟
سؤال وجيه لأنه يهم منطقة الساحل والتحديات الأمنية التي لا تواجهها المملكة المغربية فحسب، بل تواجهها المنطقة برمتها سواء المنطقة المغاربية أو القارة الأفريقية أو بقية العالم.
تنظيم داعش تم القضاء عليه ميدانيا وتكبد هزيمة كبرى حيث فقد معاقله التقليدية بالمنطقة السورية العراقية أو بالمنطقة الأفغانية وغير ذلك، ولكنه لم يفقد الأيديولوجية ولا أفكاره الهدامة والتخريبية لأنها لا زالت تتمدد.
بعدما هزم تنظيم داعش بالمنطقة السورية العراقية نقل أنشطته إلى منطقة الساحل ووجد هناك تنظيمات أخرى تنشط بنفس المنطقة مثلا جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” وتنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي وأيضا المرابطون الجدد وجماعة التوحيد والجهاد؛ هذه المنطقة بالذات لماذا اختارتها داعش والتنظيمات الأخرى؟ 
هذه المنطقة مصدر قلق كبير للمملكة المغربية، ولباقي الدول الأخرى، لأنها منطقة تعرف هشاشة أمنية وضعف في مراقبة الحدود وتنسيق أمني غير شامل وغير محكم من طرف بعض الدول، وهناك جماعات للدعم والإسناد على مستوى دول المنطقة مثل مالي، بوركينافاسو، النيجر والتشاد وهذه الأخيرة يتواجد فيها التنظيم الإرهابي بوكو حرام، بالإضافة إلى غياب التعاون بين المغرب والجزائر التي قطعت علاقاتها مع المغرب.
هذه كلها عوامل جعلت التنظيمات الإرهابية تعيد هيكلة نفسها وتلملم شملها وتنسق فيما بينها، فغدت هناك تحالفات بين هذه التنظيمات الإرهابية، وهناك تنسيق رغم اختلافهم في بعض الأشياء وبعض العناصر، لكنهم لا يختلفون في قاسم واحد وهو الإرهاب، فهدفهم زعزعة استقرار الدول وإراقة الدماء وخلق البلبلة واستغلال الوضع الحالي في منطقة الساحل باعتبارها بؤرة من بؤر التوتر، هذا من جهة.
حاليا التهديد الأمني الذي يأتينا من منطقة الساحل، لأن لدينا موقع جيوستراتيجي بحكم أن المملكة المغربية لديها امتداد جغرافي داخل أفريقيا، وتعرف العمل الكبير الذي يقوم به جلالة الملك مع أفريقيا والتوجيهات وخطاباته السامية التي تفتح الآفاق والعديد من مجالات التعاون من حيث الاستثمارات، إلا أن الإرهاب للأسف يسعى لتدمير كل شيء، ولهذا فالمملكة المغربية تسعى جاهدة لأن تتضافر الجهود ويكون هناك تنسيق بين جميع الدول لكي يتم القضاء على هذا المد الأيديولوجي من جميع جهاته، وهناك تنسيق للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني والمملكة المغربية مع جميع الدول العربية والأفريقية في هذا الباب. 
مثلا مخيمات تندوف حاليا يشكلون مبعث قلق لأن الجارة الجزائر تحتضنهم، وبالتالي فالخطر يأتينا من هناك، وعدة قضايا تم إنجازها من طرف الأجهزة الأمنية المغربية أظهرت على أن هناك صلة ما بين الجبهة الانفصالية (بوليساريو) وبين الإرهاب، وقد تم تفكيك خلية إرهابية “فتح الأندلس” في شهر غشت 2008 وهي موالية لتنظيم القاعدة وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وهذا التنظيم لديه علاقة بالبوليساريو، وكان لديهم مشروع لاستهداف المينورسو. 
وهناك خلية إرهابية أخرى تم تفكيكها شهر ماي 2009 وهم المرابطون الجدد ولديهم علاقة بالبوليساريو، ولدينا أيضا خلية إرهابية اسمها جبهة الجهاد الصحراوية فككت في نونبر 2010 مرتبطة بما يسمى بالبوليساريو.
هذه التنظيمات كلها كانت لديها علاقة بالبوليساريو، كما ثبت أن عناصرها وزعماء الخلية لديهم صلة بجبهة الانفصال البوليساريو، ولدينا أيضا الخلية الإرهابية التي تم تفكيكها من طرف المكتب المركزي للأبحاث القضائية “جنود الخلافة بالمغرب ولاية العيون” في 28 أبريل 2015 وهذه موالية للتنظيم الإرهابي “للدولة الإسلامية”، وما هو متأكد منه هو أن حوالي 100 عنصر من عناصر البوليساريو التحقوا بالتنظيمات الإرهابية وتم استقطابهم وأصبحوا موالين لهذه التنظيمات الإرهابية.
وبالتالي فمخيمات تندوف أصبحت تشكل بؤرة من بؤر التوتر على المنتظم الدولي  وعلى القارة الإفريقية ومنطقة الساحل وعلى المغرب لأنها قريبة منه، لاسيما في ظل ضعف التنسيق الأمني بين دول المنطقة، لأن التنظيمات الإرهابية أصبحت بالنسبة لها منطقة الساحل مرتعا خصبا للتوسع وبسط أنشطتها التخريبية وتمددها.
أضف إلى ذلك أن لدينا عدنان أبو الوليد الصحراوي الذي كانت له علاقة بجبهة البوليساريو وكان تابعا لها وهو الذي كان يقود ولاية “الدولة الإسلامية” بالصحراء الكبرى، يعني تنظيم “الدولة الإسلامية” بالصحراء الكبرى، والذي تم القضاء عليه من طرف القوات الفرنسية الخاصة في إطار عمليات بارخان، وقبل ذلك كان يترأس ميجاو حركة التوحيد والجهاد وكان هو الناطق الخاص بها قبل أن يؤسس ولاية داعش في الصحراء الكبرى في 2015.
بالنسبة للمملكة المغربية التحدي الكبير هو الذي يأتينا من منطقة الساحل ومخيمات تندوف، وهو الذي نواجهه بصرامة ويقظة بالإستراتيجية التي اتخذتها المملكة المغربية والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني عن طريق التنسيق الشمولي بين جميع الأجهزة الوطنية بكل مكوناتها.

ما هي العراقيل التي تجدونها أمامكم في مكافحة الإرهاب والتطرف على المستوى الدولي والوطني ؟ وكيف تتعاملون معها ؟
كما قلت لك قبل قليل الإرهاب لا وطن ولا دين ولا مكان له، فهو يأتي على الأخضر واليابس، فهو عدو للجميع ولا يمكن محاربته إلا من خلال التعاون الدولي الوثيق بين جميع الدول وبشكل فعال وبدون أي استثناء.
المملكة المغربية كما ذكرت في هذا المجال هي تتعاون بشكل متميز مع جميع الشركاء سواء الأوروبيين أو الولايات المتحدة الأمريكية والدول العربية والأفريقية من أجل القضاء على الإرهاب والتطرف العنيف. 
التحديات الكبرى التي تواجهنا نحن في منطقة الساحل حاليا هو التطور التكنولوجي الذي يعرفه العالم، خاصة في ظل إساءة استعمال الأجهزة الإلكترونية وكذا إساءة استعمال وسائل التواصل الاجتماعي التي عوض أن تستعمل في نشر الإسلام السمح والمعتدل والتآخي وما يفيد المجتمعات وإصلاح المواطنين تنشر الكراهية والعنف.
التحدي الكبير هو التطور التكنولوجي لأنك تجد الإشادة ثم التحريض على ارتكاب الأفعال الإرهابية، واستغلال الإنترنت في تكوين الخلايا والاستقطاب واستغلاله في الدردشة في الغرف بطرق جد معقدة من أجل الحصول على معطيات تتعلق بصناعة المتفجرات، وكذا كيف تقام حرب العصابات وكيف تتم صناعة الأسلحة.. إلخ. 
هذه كلها من بين التحديات التي لا يواجهها المغرب بل كل دول العالم، وحتى بالنسبة للإرهاب الإلكتروني الآن تلاحظ ظهور الذئاب المنفردة، فتجدهم الآن يشتغلون بطرق منفردة ولوحدهم وبوسائل بسيطة مثلا سلاح أبيض أو سكين صغير لأجل القيام بفعل إرهابي، عكس شخص آخر يتحرك مثلا للشراء… إلخ. 
ولكن المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني التابع لها هذا المكتب تقوم بجميع العمليات والاحتياطات، وعلى جميع المستويات، من أجل رصد وتتبع هؤلاء، وخير دليل على ذلك هم العناصر الموقوفة مؤخرا وعددهم 13 عنصرا ينشطون في إطار الإرهاب الفردي، وهذا خير دليل على العمل الدءوب الذي تقوم به المديرية التابع لها هذا المكتب.

أمست نتائج المقاربة الأمنية المغربية في مجال مكافحة الإرهاب واضحة للعيان، بل حصدت إشادات دولية، فهل ترون أن المقاربة الأمنية كافية للقضاء على الإرهاب والفكر المتطرف ؟ 
المقاربة الأمنية ليست وحدها كافية طبعا للقضاء على الإرهاب، ولهذا فإن إستراتيجية المملكة المغربية لم تنحصر فقط على المقاربة الأمنية، لأنني كما قلت قبل قليل هناك برنامج “مصالحة” وأمور أخرى.
إن توقيف الشخص والبحث معه بوسائل مادية وإحالته على السجن غير كاف لإرجاعه عن هاته الأفكار، بل لابد من إستراتيجية ولهذا فإن إستراتيجية المملكة المغربية هي فريدة من نوعها ولم تعتمد على المقاربة الأمنية فقط، بل هي إستراتيجية وطنية شاملة ومتعددة الأبعاد، مبنية على العمل الاستباقي وعلى اليقظة دائما في إطار الاحترام التام لسيادة القانون ولحقوق الإنسان.
إن جميع العمليات والأشغال الموكولة وما يتم القيام به من طرف المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني هي تحت إشراف النيابة العامة خطوة بخطوة، من أول العمل إلى آخره.
عندما تتوفر في المعلومة العنصر المادي تتم استشارة النيابة العامة إلى أن يتم إيقاف الشخص، وهذا الشخص تعطى له حقوقه وأولوياته ونشعر عائلته بالحراسة النظرية ويكون هناك اهتمام بصحته، ومواكبة سواء فيما يتعلق بالبحث وكذا مواكبة الشخص.
حتى أثناء إيقاف الشخص يتم مراعاة أشياء كثيرة، فتكون العملية مدروسة دراسة دقيقة قبل وأثناء وبعد العملية، حيث تراعى دائما ظروف الأشخاص، فالأمر أشبه بأننا نقوم بعملية جراحية لا يجب أن يكون فيها الخطأ، ويجب الخروج بأقل الأضرار، حفاظا على السلامة سواء للعناصر المتدخلة وسواء على سلامة السكان وكذا الشخص المشتبه فيه، لأنه يظل مواطنا وارتكب أفعالا مجرمة. 
المراقبة الأمنية ليست وحدها كافية ولهذا كانت هناك عوامل أخرى منها تعزيز الترسانة القانونية، ومنها أيضا هيكلة الحقل الديني ومواكبة المجتمع المدني ودوره والإعلام كذلك، حيث إن المملكة المغربية بعد أحداث 16 ماي أحدثت القناة الفضائية محمد السادس للقرآن الكريم وحتى محطة الراديو للقرآن الكريم، وكان لديهما دور كبير في نبذ الكراهية والعنف ولديهما دور كبير في نشر الإسلام المعتدل والسمح والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يؤدي بالشباب إلى التطرف.
كان هناك تحفيز لدى الأسر على مستوى البرامج وعلى مستوى التعليم وهناك تحسيس بالإرهاب، في الإعلام أيضا لديه دور كبير.
على مستوى الشق المتعلق بالبرامج السوسيو اقتصادية، مثلا تفعيل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وتم إنجاز العديد من المشاريع المدرة للدخل لأجل محاربة الهشاشة والبطالة، وتم إنجاز عدة مرافق مدرة للدخل وهي مرافق عمومية تساهم في جذب الشباب وتبعدهم عن آفة التطرف.
وبالتالي فالمقاربة الأمنية ليست كافية لوحدها والمغرب اتخذ إجراءات كثيرة تبدأ منذ إيقاف الشخص إلى لحظة الإفراج عنه، وحتى بعد الإفراج عنه هناك مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء والتي لديها دور كبير، فكما تعرف السجناء يستفيدون ويأخذون مساعدات وهناك أيضا مشاريع ينجزونها ويأخذون مساعدات مالية، والتي لا يتدخل فيها المكتب المركزي للأبحاث القضائية.

كم هو عدد المغاربة العالقين في بؤر التوتر بسوريا والعراق وأيضا عدد العائدين إلى المغرب حتى اليوم ؟ وما هي التحديات التي تطرحها عودتهم ؟ ثم ما هي الاستراتيجية التي يتم التعامل عبرها مع هذا الملف ؟
أنت تعرف أنه منذ ظهور ما يسمى ب”الدولة الإسلامية” بالعراق، كانت في البداية “داعش” بالعراق وسوريا لتصبح فيما بعد “الدولة الإسلامية” التي ظهرت في 2014، وكانت الخطبة الشهيرة التي تلاها الأمير المزعوم أبو بكر البغدادي الذي تم تصفيته من طرف أمريكا.
وكما تعرفون كانت هناك آلة دعائية كبيرة من طرف داعش الذي استغلت فيه الإنترنيت والصورة بشكل متميز، وكان هناك دور كبير للبروباغندا لداعش استطاعت من خلالها استقطاب مجموعة من الشباب من جميع الدول.
بالنسبة للمغرب عدد الملتحقين هو 1674 شخصا التحقوا ببؤر التوتر بالعراق والشام منهم 1062 انظموا إلى ما يسمى بتنظيم داعش، و100 مقاتل انضموا لتنظيم حركة شام الإسلام وما يزيد عن 50 شخصا التحقوا بتنظيم جبهة النصرة أو ما يسمى حاليا بتنظيم جبهة فتح الشام، فيما باقي الملتحقين توزعوا على مختلف التنظيمات الإرهابية هناك، وما يفوق 750 من هؤلاء الملتحقين لقوا حتفهم بالمنطقة السورية العراقية، أغلبهم إما عن طريق عمليات انتحارية أو عن طريق مشاركتهم في عمليات القتال إلى جانب داعش. 
فيما يخص وضعية المعتقلين بالمنطقة السورية العراقية، على أساس أن عدد المقاتلين المعتقلين هناك حتى الآن 251 مقاتل، منهم من يوجد في سوريا ونسبة قليلة في العراق ونسبة جد ضئيلة في تركيا، ولكن العدد الكبير ما يفوق 232 بسوريا، يوجد فيهم مزدوجي الجنسية أو أصحاب الجنسية الواحدة، معتقلين عند القوات السورية الديمقراطية.
تمت إعادة 8 معتقلين الذين كانوا لدى القوات السورية الديمقراطية بكوباني، وذلك في إطار اتفاق وتنسيق بين المملكة المغربية مع أمريكا عن طريق المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني.
بالنسبة للنساء المعتقلات هناك 136 امرأة، لأن النساء الملتحقات بلغ عددهن 291 امرأة، وأغلبهن التحقوا لأسباب اجتماعية، وعادت منهن 99 إمرأة، ولكن اللواتي لا زلن هناك يوجد منهن رهن الاعتقال 136 امرأة من بينهن 121 من جنسية مغربية، هن معتقلات لدى القوات الديمقراطية السورية، ومنهن من تحمل جنسية مزدوجة.
عدد القاصرين المعتقلين هناك 387 طفل، حيث التحق 618 وعدد العائدين منهم 82 قاصرا؛ إشكالية الأطفال هناك أن منهم من ولد بالمغرب وهناك من ولد بسوريا وهناك من ولد بأوروبا، حيث إن هناك من المغربيات من تزوجت من شخص أجنبي بعد وفاة زوجها وأنجبت منه أطفالا آخرين، فتجد لديها 8 أطفال ومن يحمل منهم مثلا الجنسية المغربية طفلين فقط، وهذه إشكالية قائمة فيما يخص إعداد ملف عودتهم.
نعرج الآن على إشكالية عدد العائدين؛ بالنسبة لعدد العائدين لأرض الوطن حاليا منذ 2014 للآن هو 274 شخصا، وحينما نقول عائدا  فإما تم ترحيله أو تم إبعاده، ولكنه كان مقاتلا في المنطقة السورية العراقية بحيث كان ينشط ضمن التنظيمات الإرهابية هناك. 
بالنسبة للمكتب المركزي للأبحاث القضائية عالج 141 حالة من العائدين، بمعنى تم تقديمهم للعدالة، وهذا العدد (141) منهم 119 كانت بالمنطقة السورية العراقية ومنها 14 كانت في فرع داعش بليبيا ومنها 8 تمت إعادتهم بتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية كما أخبرتك سابقا بتاريخ 10 مارس 2019.
أما بالنسبة لكيفية التعامل مع العالقين، فالمكتب المركزي للأبحاث القضائية هو مؤسسة لإنفاذ القانون وليس مؤسسة سياسية أو اجتماعية، بل هي تابعة للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني وتنسق مع النيابة العامة في كل ملف على حدة، حيث تكون لدينا معطيات حول الشخص العائد، الذي يكون مسبقا موضوع مذكرة بحث أو موضوع إجراء أمني أو تتوفر بشأنه معلومات أمنية دقيقة حول نشاطه الإرهابي، وعندما يحل بالمغرب يتم التنسيق مع النيابة العامة المختصة ويتم إيقافه طبقا للقانون 86.14، الذي يعاقب كل من حاول الإلتحاق أو إلتحق بإحدى التنظيمات الإرهابية، سواء بشكل فردي أو جماعي، والعقوبات تتراوح بين 5 سنوات وعشر سنوات.
فيما يتعلق بالنساء العائدات فقد التحقت كما قلت 291 امرأة، عادت منهن 99 وأغلبهن يتم البحث معهن بتنسيق مع النيابة العامة المختصة التي تحال عليها ملفاتهن على شكل معلومات قضائية، بحكم أن أغلبهن رافقن أزواجهن أو التحقن بهم لأسباب اجتماعية، وبالتالي ليست لهن أية صلة بأي نشاط إرهابي.
هنا نعود لحالة مهمة، حيث سألتني سؤال هو: ما الذي يمكن القيام به مع ملف العالقين؟ بالنسبة للمكتب المركزي للأبحاث القضائية كما قلت هو تابع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، باعتباره مؤسسة لإنفاذ القانون تحت إشراف النيابة العامة، وليس من اختصاصه مثلا إبداء الرأي في موضوع العالقين لأن هناك دوائر مختصة للنظر في هذه المواضيع.
كما أن مثل هذا القرار تتم صياغته في إطار السياسية العامة للمملكة، ولكن نحن دائما حريصون على الجانب الأمني، لكون هؤلاء الأشخاص بعد عودتهم للمغرب يكونوا موضوع بحث وبالتالي يتم تقديمهم للعدالة، ويتم تفعيل القانون 86.14 الذي تحدثنا عنه، ويتم التنسيق مع النيابة العامة في شأنهم، علما أنهم قد اكتسبوا خبرة في صناعة المتفجرات وفي مجال حرب العصابات وفي مجالات أخرى؛ وبالتالي هم يشكلون خطرا على الأمن العام، لذلك يجب احتواؤهم. 
من بعد الجانب الأمني نمر للجانب الاجتماعي والاقتصادي، بحيث تتم مواكبتهم، وبالنسبة للمعتقلين حاليا هناك، فقد تم إنشاء لجنة برلمانية استطلاعية لدراسة إشكالية العالقين في بؤر التوتر خاصة في الساحة السورية العراقية، وكانت تبحث هذه اللجنة في الصعوبات المتعلقة بالجنسية والهوية الحقيقية وغياب عقود الزواج والازدياد..إلخ، لأجل سن قانون يسهل عملية إعادتهم.
لكن يجب أن يدرس هذا الملف على المستوى الوطني، وهناك العديد من الدول التي تنظر في هذا الملف وهناك تنسيق بين دول التحالف، فالأمر يتطلب بالنسبة للعائدين المواكبة النفسية والصحية والأمنية والفكرية والاجتماعية، فهناك عدة عوامل لا يجب إغفالها لأجل سلامة هؤلاء العائدين، بالإضافة إلى سلامة الأشخاص الآخرين، فتكون المواكبة من أولها إلى آخرها، وهذا الملف تنظر فيه دوائر أخرى مختصة. 

حاوره: عبد الصمد ادنيدن

 تصوير رضوان موسى

Related posts

Top