يدير الباحث الأكاديمي المغربي محمد معروف الدفالي مجلة أمل التي تعنى بالتاريخ والثقافة والمجتمع، لهذه المجلة رواق خاص في المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، المجلة تسد فراغا على مستوى القضايا التي تتناولها. بالمناسبة كان لبيان اليوم حوار مع مديرها حول عددها الأخير وكذلك حول الجانب التنظيمي للمعرض وبرنامجه الثقافي، وقضايا أخرى ذات ارتباط بالنشر والقراءة.
> ما هو انطباعك حول هذا المعرض من الناحية التنظيمية وكذلك من حيث برنامجه الثقافي؟
ـ المعرض يعرف سنة بعد أخرى تطورا جيدا، هذه السنة يعد من أجود السنوات على المستوى التنظيمي، في ما يتعلق بدور النشر والعارضين المشاركين في هذه الدورة، هناك اختلاف في تقييم هذا المستوى، هناك من يرى أنه عادي، وهناك من يرى أنه أقل من الدورات السابقة، لكن هناك من يرى أن الوضعية مقبولة، وأن دور النشر الجيدة التي حافظت على وجودها داخل المعرض سنة بعد أخرى، هي حاضرة في هذه الدورة. على العموم، المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء له مكانته الخاصة لعدة أسباب كثيرة، منها أنه موسم ثقافي مهم جدا، يلتقي فيه المهتمون، وتقام فيه ندوات تتطرق إلى قضايا تجلب اهتمام الزوار على اختلافهم، يبقى السؤال إلى أي حد استطعنا أن نتطور وأن لا نبخس بضاعتنا، لأننا نعاني من عقدة أننا عوض أن ننتقد بعقلانية، فإننا نقوم بذلك بتطرف، وبالتالي نسقط في عملية تبخيس بضاعتنا، وهذا مشكل يتطلب مزيدا من النقاش.
المعرض مسؤولية الجميع، وإذا لم تتكاثف جميع الجهود، لا يمكن أن يكون هناك معرض في المستوى الذي نطمح إليه جميعا.
> يتم تخصيص رواق لمجلة أمل، ما هي آخر منشوراتكم، وما هي أهم محتويات العدد الأخير من المجلة؟
< نحن مجموعة من المهتمين بالمجال الثقافي، التقينا مع بعضنا البعض وفكرنا في نشر مجلة أمل التي تعنى بالتاريخ والثقافة والمجتمع، هذا تقليد قديم، موروث عن الحركة الوطنية التي لها مساهمات مهمة في هذا الباب، وفي عهد الاستقلال كان مجموعة من المهتمين الذين ساروا على نفس النهج. أفرز هذا في سنوات السبعينات صدور العديد من المجلات، خاصة من طرف اليسار، سواء المجلات التابعة للأحزاب السياسية أو المجلات غير التابعة للأحزاب، نحن طبعا من الجيل الذي ورث بهذا الشكل أو ذاك هذه الوضعية، وانخرطنا في النشر، لسنا ناشرين بالمعنى الحقيقي، ولكن مجرد هواة، يهمنا أساسا في هذا المعرض أن نعرف بإصداراتنا، ومن بينها مجلة أمل للتاريخ والثقافة والمجتمع، لها خمس وعشرون سنة من الصدور. مجال النشر لا يربح فيه غير التجار الذين يمارسون التجارة بالخصوص، نحن مجرد هواة، هدفنا هو أن نحافظ على الاستمرارية والوجود، والمعرض يساعد على هذا الأمر، ربما ينتهي المعرض فنجد أنفسنا قد وفرنا إمكانية إصدار عدد جديد، هذا من الإيجابيات التي نجنيها من المشاركة في هذا المعرض، بما أن وزارة الثقافة تمنحنا مساحة للعرض بالمجان، وهذا عامل مساعد، بالإضافة إلى أن الوزارة تدعم طبع المجلة، هذه عوامل لا ننكر أن لها دورا حاسما في استمرارية المجلة في الساحة الثقافية على مدى خمس وعشرين سنة.
> نود أن تقربنا من أهم القضايا التي تستأثر باهتمامكم والتي خصصتم لها حيزا في العدد الأخير للمجلة؟
< هناك عدد يوجد حاليا تحت الطبع، وقد يصدر بعد أسبوع، وهو يتناول موضوعا اجتماعيا وثقافيا، يتمثل في المغاربة والحج، في ملف تحت عنوان ” الحج في تاريخ المغاربة، تيمات وقضايا”، من خلال هذا العمل ناقشنا كيف كان يحج المغاربة عبر التاريخ، وبالتالي ما هي الاهتمامات التي كانوا يولونها لعملية الحج، وما هي أهم الأمور التي كانت تثير انتباهم وهم في الطريق إلى الحج، وما هي المصاعب التي كانوا يلاقونها وهم في الحج، ثم ما هي الأمور التي كانت تشغلهم سواء وهم في بيت المقدس أو في الحجاز، علاقتهم بالمكتبات، علاقتهم بالعلماء، علاقتهم بالمتصوفة، وعامة الناس، هذه هي الأشياء التي تشكل ذاكرة الحج إذا شئنا، وركزنا على ركب الحاج المغربي، لأن هذا تقليد انفرد به المغاربة، لأنهم كانوا يجتمعون في مدن معينة، إما في مراكش وإما في فاس وإما في سجلماسة، ومن هناك ينطلقون جماعة إلى الجزائر فتونس فليبيا فمصر، هذه هي الطريق التي كانوا يسلكونها، وطبعا فكرة الجماعة واضحة، وهي ضمان الأمن في الطريق حتى يستطيع الناس التغلب على المصاعب، وفي العدد كذلك بعض المناقشات تتعلق بالمعاناة من شح الماء، حيث لم يكونوا يجدون آبارا في الطريق، وكذلك لما ينقضي الزاد، أو تعترضهم مصاعب، خاصة ما يتعلق منها بلصوص الطريق، هذا إذن هو الإطار العام للعدد الأخير من مجلة أمل الذي سيخرج إلى الوجود قريبا جدا، أما العدد الذي قبله والذي نعرضه حاليا في الرواق بالمعرض، فهو يشتمل على ثلاثة أجزاء خاصة بالزعيم السياسي المختطف المهدي بنبركة، غير أننا في هذه الأجزاء لا نركز على الجانب السياسي ولا على قضية اختطافه، وإنما التركيز على البنية الذهنية الثقافية للمهدي، كيف كان يفكر ويكتب وما هي الأمور التي كانت تشغله، حاولنا الخروج عن الإطار الذي تهتم به الصحافة باستمرار في كل ذكرى لاختطافه، نصدر عادة ثلاثة أعداد في كل سنة، وبذلك نكون قد خصصنا أعداد السنة الماضية كلها للمهدي بنبركة.
> ما هي ملاحظاتكم على السياسة التي تنهجها وزارة الثقافة في ما يخص دعم النشر والكتاب؟
ـ بدون إنكار، الصيغة التي تتبعها وزارة الثقافة في ما يخص دعم الكتاب، تعد صيغة إيجابية، ولا ننكر فضلها في استمرار مجلة أمل، وإلا كان من الصعب أن تستمر مجلة تعتمد على أشخاص استطاعوا تأسيسها في البداية، لكن لم يكن بالإمكان أن يستمروا في صرف أموالهم عليها، يمكن أن نضحي ببعض الوقت والأفكار، لكن أن نضيف إليها التضحيات المالية من مصروفنا اليومي، فهذا يعد من الصعب جدا، مع العلم أن نسبة المقروئية في تراجع مستمر، أي مجلة يصعب عليها في الوقت الحالي أن تغطي ثمن كلفة طبعها، هذا صعب جدا، لذا فتدخل وزارة الثقافة ومساعدتها على الطبع من خلال النسبة التي تمنحها للمطابع، لمثل هذا العمل، هي مبادرة جيدة ومقبولة، طبعا تبقى هناك مشاكل متعلقة بالتوزيع، ولكن على كل حال، دور وزارة الثقافة في دعم الطبع يظل محمودا.
> كيف تتطلع إلى مستقبل الكتاب الورقي، خصوصا وأننا نعيش عصر الصورة بامتياز، مع انتشار وسائط الاتصال الرقمية؟
< لا يمكن إلا أن نفكر بالطريقة التي يفكر بها جيلي، نحن ما زلنا مرتبطين بالكتاب الورقي، أما المسائل المتعلقة بما هو إلكتروني فهي تهم الأجيال المقبلة، وأرى أنها منسجمة مع هذا الأمر، ربما المشكل قائم بالنسبة لجيلنا نحن، ومع ذلك فهذا الجيل مؤهل هو كذلك للاندماج في المجال، ولم لا يبدع فيه.
أعتقد أم كل جيل له طرق إبداعه الخاصة وانفتاحاته الخاصة، ويصعب الحكم على أمور لا تهم جيلي، بقدر ما تهم الأجيال القادمة.
حاوره: عبد العالي بركات