«لي يحسب بوحدو يشيط لو…» مثل مغربي دارج شائع، تتوارثه الأجيال أبا عن جد، يلخص تعامل فرد أو جامعة مع الأحداث، وفق نظرة أحادية الجانب، غالبا ما يكون مصيرها الفشل الذريع…
وهذا ما ينطبق تماما على عزيز البدراوي، الرئيس الحالي لفريق الرجاء البيضاوي لكرة القدم، وما حدث له مع مداخيل مباراة الديربي بين الرجاء والغريم الوداد والتي جرت الأسبوع الماضي.
فالكل تابع الحكاية التي ارتبطت بهذه المباراة، أو الموعد السنوي الذي يجمع بين الندية والإثارة والاهتمام الإعلامي والجماهيري، والمداخيل القياسية، فمثلا تمكن الوداد من تحقيق مداخيل قياسية، خلال مباراة الذهاب بلغت 300 مليون سنتيم، وهو ما أسال لعاب البدراوي، على أمل تحقيق مدخول مهم، يخفف لو نسبيا من وطأة الأزمة المالية الخانقة التي يعاني منها فريقه.
فالتفسير الوحيد لما أقدم عليه، المسؤول الأول والأخير عن تسيير الرجاء، اعتقاده أن استغلال هذا الموعد، سيخلف مدخولا صافيا مهما، يفوق بكثير من كسبه الغريم التقليدي، وعلى هذا الأساس قرر بمفرده الزيادة في ثمن التذكرة…
وبالفعل رفع من الثمن بنسبة كبيرة، وهو ما أثار احتجاجات الجمهور من الطرفين، نتج عنه إعلان جمهور الوداد عن مقاطعته للمباراة، خاصة بعدما رد البدراوي عن حملة الاحتجاج بالقول «لي جاه الثمن غالي يتفرج فالماتش في دارو»….
وبالفعل بقيت أغلب مدرجات الجهة اليمنى للمركب فارغة، مما أثر بالفعل على الدخول الصافي للمباراة، إذ لم تحقق الرجاء بحكم أنها الجانب المستضيف للمباراة مدخولا قياسيا، إذ تتحدث مصادر إعلامية عن رقم ضعيف جدا، لم يتعد 75 مليون سنتيم، خصمت منه نسبة شركة التنشيط، ومصاريف إعداد الجانب التنظيمي، والمفاجأة المثيرة أن الباقي سيخصم منه أيضا نسبة أخرى مهمة، ظهرت فجأة مع نهاية نفس الأسبوع الذي جرت خلاله المباراة.
فقد أصدرت اللجنة العقوبات والانضباط التي أصبحت مؤخرا تابعة للعصبة الاحترافية، عوض الجامعة، كما كان الشأن في السابق، عقوبات كبيرة همت طرفي الديربي البيضاوي، إلا أنها كانت أشد على جانب الرجاء، خاصة من الناحية المالية…
وحسب بلاغ اللجنة المذكورة، فإن هناك عقوبات تأديبية ومالية، همت مدرب ولاعبي وإدارة الرجاء، والأرقام تتحدث عن مبلغ مهم يجب تأديته، بعد إيقاف المدرب منذر لكبير ومساعده، وأيضا اللاعب محمد بلكسوت.
وتغريم النادي 50 ألف درهم لاستعمال جماهيره للشهب الاصطناعية، ونفس المبلغ كعقوبة لرمي جمهوره لمقذوفات على أرضية الملعب. وتغريمه أيضا بسبب حصول لاعبيه على 7 إنذارات و3 حالات طرد، ولعل المبلغ الأكبر هو ما يتعلق بإصلاح الأضرار التي لحقت بالمركب من إجراء أحداث الشغب والتخريب التي عرفتها نهاية المباراة.
وعليه، فإن الخسائر كانت كبيرة، ماليا وتقنيا، إذ جاء الدخول المالي ضعيفا، ربما لن يكفي حتى لتغطية حجم العقوبات المسلطة، وخاصة ما يتعلق بتحمل تكاليف إصلاح الأضرار التي لحقت بالمركب، كما أن الخسارة تمثلت أيضا بعد العجز عن تحقيق نتيجة الفوز، ثلاث نقاط كان من الممكن أن تقرب الرجاء من كوكبة المقدمة، وجاءت الهزيمة خلال الدورة (22) لتبعد الفريق أكثر عن إمكانية احتلال رتبة متقدمة، تسمح له الموسم القادم بمشاركة خارجية، وفي هذه الحالة ستكون الخسائر المالية، أكبر وأثقل.. والحكمة التي يجب أن يعمل على هديها البدراوي مستقبلا، في حالة إذا بقي رئيسا لهذا النادي كبير، وكما يقول الحديث الشريف: «ما خاب من استشار، ولا ندم من استخار…».
ويبدو أن خيبات الرجاء مع الرئيس الحالي كانت كبيرة، وربما ستكون مستقبلا أكبر، في حال ما إذا استمر هذا الرئيس، بنفس العقلية ونفس السلوك، الغارق في الأنانية المفرطة، والاعتقاد أنه وحده المالك للحقيقة المطلقة..
>محمد الروحلي