” التحركات البشرية في المغرب خلال القرن 19 وبداية القرن 20″ .. موضوع نشاط إشعاعي بكلية الآدب والعلوم الإنسانية ببنمسيك

احتضنت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، مؤخرا، بمدرج عبد الواحد خيري لقاء علميا من تأطير الدكتور رشيد الشحمي بعنوان التحركات السكانية في المغرب خلال القرن 19 وبداية القرن 20: مقدمات لتاريخ الهجرات المغربية قبل الحماية، بتنسيق مع ماستر المغرب والهجرة الدولية: تاريخ وتنمية..

افتتحت هذه الجلسة بكلمة مسير الجلسة الأستاذ خالد أعسو، الذي قدم نبذة مختصرة حول سيرة مؤطر اللقاء السيد رشيد الشحيمي أستاذ باحث من مدينة مراكش، الذي أنتج العديد من الإصدارات بالإضافة إلى العديد من المقالات المتعلقة بموضوع الهجرة وتحديدا التحركات البشرية خلال القرن 19 وبداية القرن 20، وبعده عبر عمر المغيبشي رئيس شعبة التاريخ والحضارة عن شكره الخاص لعمادة كلية الأدب والعلوم الإنسانية التي لا تكف دائما عن تقديم كل الدعم وتوفير الشروط الضرورية لتنظيم مثل هذه اللقاءات العلمية الموجهة بالأساس لتكوين الطالب الجامعي، من جهته أكد الأستاذ أحمد الصديقي منسق ماستر المغرب والهجرة الدولية: تاريخ وتنمية، على أهمية مثل هذه الندوات بالنسبة للطالب بصفة عامة ولطلبة ماستر المغرب والهجرة الدولية: تاريخ وتنمية بصفة خاصة لأنها تندرج ضمن الحصص التكوينية للماستر وكذلك على اعتبار أن الموضوع يهم الماستر بدرجة أولى.

وسلط الأستاذ رشيد شحيمي خلال مداخلته الضوء على مجموعة من النقاط الأساسية، منها أهمية الموضوع التي تكمن في ضرورة الرجوع إلى  دراسة هجرات الجنوب وتاريخهم لأنها في نظره ربما تقدم المفتاح الأول لقراءة وفهم جوانب معينة من حياة السكان بالجبال والتلال في شمال المغرب، كما أن استحضار دور الهجرات والتحركات السكانية يتيح فهم الظروف التي تطورت بها الهجرة الريفية من المدن الجديدة في بداية القرن العشرين، وقد حاولت هذه المداخلة مطارحة إشكالية أساسية وهي: إلى أي حد شكلت الهجرات السكانية والتحركات القبلية في مغرب ما قبل الحماية محددا للتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية التي عرفها عبر تاريخه المعاصر ثم الراهن؟وتضمنت هذه الإشكالية أسئلة فرعية أخرى ممهدة لموضوع المداخلة من قبيل، ما علاقة البنى القبلية بالهجرة؟ لماذا لم يكن أهل الصحراء أكثر هجرة؟ ولماذا الدار البيضاء كانت وجهة للهجرة أكثر من غيرها؟                                                       

من جهة أخرى طرح الشحيمي مجموعة من الصعوبات التي تعترض البحث في تاريخ التحركات القبلية منها قلة المصادر التي تهتم بتاريخ وأصول القبائل والمجموعات، ثم صعوبة الحصول على الوثائق لانعدام ثقة أهلها نظرا لما تمثله هذه الوثائق من قيمة ورمزية مالية وعقارية والخوف من استغلالها من طرف المنقبين عن الكنوز وخوفهم من ضياعها…

وأشار الدكتور رشيد الشحيمي على أن مسلسل تشكل القبائل ليس بثابت ولا يتم بطريقة تلقائية كما يعتقد البعض، بل إنه يتعرض لإعادة التشكيل على الدوام من خلال عدة عوامل كالحروب والمجاعات، وبالتالي فتتبع الهجرات البشرية يقتضي البحث في الأصول ومنطلق القبيلة، الأسباب والدوافع التي أدت إلى هجرة القبيلة، السياق التاريخي أو الظروف التي شهدها المغرب في تلك الفترة، وعلاقة القبيلة بالمجال المستقطب أو الجاذب.. وفي علاقة بموضوع المداخلة فواضح أن مفهوم القبيلة اتخذ مجموعة من التعريفات خاصة عند الكولونياليين أمثال إدمون دوتي وروبير مونطاني وجاك بيرك، والمغاربة أيضا مثل أحمد توفيق وجرمان عياش وعبد الله العروي، وفي هذا السياق شدد الشحيمي على ضرورة عدم الخلط بين مفهوم القبيلة عند العرب لأنه مرتبط (بالعشيرة) ومفهوم القبيلة عند المغاربة المرتبط ب(البنى الاجتماعية)، وخصص الأستاذ الشحيمي في مداخلته محورا للعلاقة بين القبيلة والهجرة، سيما وان الهجرة خاصية ضرورية للقبيلة، فالهجرة بالنسبة للقبائل ضرورية من اجل البقاء والاستمرار، لذلك فتوافد الأفراد من مختلف المناطق على قبيلة ما، أمر ضروري يضمن للقبيلة الأصلية الاستمرار، ويضيف أن بنية القبيلة في المغرب المتشكلة على شكل هرم في قمته الاتحادية ثم القبيلة، الفرقة أو تاقبيلت، العظم أو إخص أو الفخدة وأخيرا العائلات ساهمت في هجرتها العديد من العوامل والدوافع كالحجم الديموغرافي، والكوارث الطبيعية ونمط العيش، المخزن، الدين والزوايا… فالمخزن على سبيل المثال كان عامل قبول أو طرد للقبائل من خلال مجموعة من السياسات والإستراتيجيات قدم الباحث البعض منها وهي الحصون كالجبال أو تلك التي أقامها بعض السلاطين كالقصبات والقلاع ثم التجنيد الذي شكل وسيلة لاستقطاب جماعات بشرية من القبائل، والقبيلة المخزنية أي نقل قبيلة إلى قبيلة أخرى بهدف تجزئتها، والأوليغارشية المحلية “القايد” الذي كانت له مهمة ضبطية لهذه القبائل، وفي ختام مداخلته أكد على أن هذه التحركات القبلية نتج عنها دائما الصراع حول المجال والملكيات العقارية، وتشكل القبيلة عبر بنى وأعراف.

زوهير ايت اتهامي

Top