تتواصل اجتماعات اللجان التحضيرية الفرعية المنبثقة عن اللجنة التحضيرية الوطنية للمؤتمر الوطني العاشر لحزب التقدم والاشتراكية، وتنعقد اجتماعاتها بالمقر الوطني للحزب بالرباط، وتشهد مناقشات عميقة ومكثفة بين الرفيقات والرفاق، ضمن تعبئة داخلية جماعية من أجل إنجاح هذا الاستحقاق التنظيمي الحاسم.
المناقشات التحضيرية الخاصة بمؤتمر حزب التقدم والاشتراكية لا تنشغل بسباقات الأشخاص أو حسابات الذات، كما كان يريد لها البعض من خارج الحزب أو يدفع نحوها، فتجربة هذا الحزب العريق والتربية السياسية المميزة لمناضلاته ومناضليه، جعلته أكبر من أن يقع في فخاخ اللوبيات المتربصة به، ومن ثم، سارت مداولات اللجان التحضيرية لغاية نهاية الأسبوع المنصرم ضمن الحرص الجماعي الملتزم بوحدة الحزب وثوابت موقفه السياسي العام، وبضرورة تطوير عمل الحزب وتقوية تأهيله التنظيمي والإشعاعي والانتخابي والسياسي في المستقبل.
حزب التقدم والاشتراكية يستحضر، في كامل مسلسل تحضيره لمؤتمره العاشر، التحدي المتصل بالهجمات المتتالية التي تستهدف العمل الحزبي، والسياسة ككل في السنوات الأخيرة، وخصوصا ما واجهه هو بالذات من ضربات، ثم أيضا التحدي المتعلق بما يعانيه من قصور داخلي على صعيد تنظيماته وأدائه الميداني الذاتي، وبالتالي تصحيح تجليات العجز الذاتي وتجاوز اختلالاتها.
هذه الأسئلة الكبرى ذات الصِّلة بالمناخ السياسي العام المثقل بالقلق والحنق والتراجع، وتلك المرتبطة بالحياة الحزبية التنظيمية الداخلية والإشعاعية، هي التي تشغل اليوم بال المناضلات والمناضلين، وتؤطر اجتهادهم وتفكيرهم لإبداع حلول ومخارج، من شأنها النهوض بموقع الحزب، كقوة يسارية تقدمية حداثية لها تميزها وحضورها في المجتمع.
في السياق نفسه، التحضير لمؤتمر التقدم والاشتراكية يتميز بإجماع المناضلات والمناضلين على ضرورة جعل هذه المحطة التنظيمية مناسبة ومنبرا لتجديد الترافع القوي دفاعا عن وحدة الحزب، وعن استقلالية قراره، ولرفض كل تبخيس لعمل الأحزاب الجدية ذات التاريخ والمصداقية.
ما يجب على المراقبين اليوم تأمله في تجربة حزب التقدم والاشتراكية، هو أن الاجتماعات التحضيرية تسير هادئة بلا أي مشاحنات أو حروب تموقعات أنانية، ويحضر فيها الاحترام بين الرفاق.
وهناك أيضا مساحة واسعة للانفتاح في المناقشات وإعداد مشاريع الوثائق، ذلك أن التحضير العام للمؤتمر يجري من خلال اجتماعات اللجان الداخلية، ولكن أيضا من خلال منتديات مفتوحة للنقاش، ولقاءات حوارية في الفروع والجهات، وهي فضاءات عرفت مشاركة عشرات الباحثين والفعاليات المدنية والجامعية والمهنية، والجميع قدم مقترحات وأفكار لا شك انها ستحضر ضمن المشاريع التي سترفع إلى المؤتمر، وبذلك يكرس التقدم والاشتراكية منهجية تشاركية منفتحة عرف بها دائما في التحضير لكل مؤتمراته.
لا يعني ما سبق، أن التحضير لمؤتمر حزب هو تمرين بسيط بلا منعرجات في الطريق، أو أن المسار وردي بالكامل وغارق في المثالية، ولكن الأمر هنا يبرز قدرة حزب وطني عريق على الانشغال بالأهم وعدم التيه في الحسابات العقيمة والصبيانية.
التقدم والاشتراكية يجعل مناقشاته التحضيرية منفتحة على أصوات وأفكار وتقييمات من خارج تنظيماته، ولا يخشى شيئا في ذلك، هو يمارس النقد والنقد الذاتي بشأن مواقفه وتقديراته السياسية والبرنامجية، وأيضا لا يخشى شيئا في ذلك، وفي النهاية هو يتوج مؤتمراته بقرارات ومنظومات عمل تجري المصادقة عليها بالإجماع أو بأغلبية واسعة تكون ثمرة كامل هذا الحراك الداخلي المنتج.
هكذا هو حزب التقدم والاشتراكية، وهذا ما يمكن للآخرين أن يتعلموه منه.
< محتات الرقاص