التقدم والاشتراكية بمجلس النواب يدعو إلى ضرورة تحضير الأجواء السياسية العامة للانتخابات المقبلة وتهييئ شروط الانفراج الحقوقي والسياسي

في مداخلة باسم الفريق النيابي للتقدم والاشتراكية، دعا النائب البرلماني سعيد الزيدي، الحكومة إلى تحضير الأجواء السياسية العامة للانتخابات المقبلة وتهييئ شروط الانفراج الحقوقي والسياسي وتصفية الأجواء، مشددا على ضرورة مراجعة العتبة الانتخابية، وجعلها عتبة إدماجية، نصرة للتعددية الحزبية والسياسية.
وشدد النائب سعيد الزيدي على ملحاحية مواصلة وتحصين وتعزيز البناء الديمقراطي بشكل تدريجي، وخلق مزيد من الظروف لدعم وتقوية تمثيلية النساء وتواجدهن في المؤسسات المنتخبة. فيما يلي النص الكامل للمداخلة.

بسم الله الرحمان الرحيم،
السيد الرئيس؛
السيد الوزير؛
السيدات والسادة النواب؛
ونحن نجتمع في هذه الجلسة الدستورية الهامة، التي نتدارس فيها المنظومة القانونية، المنظمة للانتخابات المقبلة ببلادنا،فإننانستحضر التطور السياسي والدستوري والمؤسساتي والحقوقي ببلادنا، ونستحضر أيضا، التحديات الدقيقة التي تعيشها بلادنا، إن على مستوى التحول الكبير الذي حققته قضية وحدتنا الترابية، وما يستدعيه ذلك منتحصين بتمتين الجبهة الداخلية، أو على مستوى المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة.
وهذه التحديات، تفرض على بلادنا تقوية الدولة الوطنية الديمقراطية، وتقوية المؤسسات الدستورية والسياسية، وخلق وعي جماعي بمختلف التحديات التي تجابهنا، والقيام بالإصلاحات السياسية والمؤسساتية اللازمة، وتقوية الأدوار الدستورية للأحزاب السياسية، التي تعتبر عمق الممارسة الديمقراطية وآلية ضرورية لتقوية المؤسسات الوطنية، مؤسسات لها سلطات واختصاصات على جميع المستويات، وتمارس فعلا هذه الصلاحيات.
لقد قلنافي التقدم والاشتراكية، وسنظل نقول أن البدائل الاقتصادية والاجتماعية، مهما بلغت درجةُ جودتها، فهي لن تُؤتيَ ثمارها، ما لم يتوفر لها فضاء ديموقراطي ملائم، ومؤسسات مُنتخبة قوية وذات مصداقية، وحياة سياسية وحزبية سليمة، بأحزاب سياسية قوية، تمتلك استقلالية قرارها، والعمل على توسيع فضاء الحريات، واحتضان تعبيرات الرأي على اختلافها، وضمان شروط ممارسة إعلامية تقوم على الحرية والمسؤولية.
لذلك، كنا نصر، ولا نزال، في التقدم والاشتراكية، وطالبنا الحكومة مرارا وتكرارا، وأثرنا انتباهها، إلى ضرورة تحضير الأجواء السياسية العامة للانتخابات المقبلة، وتهييئ شروط الانفراج الحقوقي والسياسي، وتصفية الأجواء، لا سيما من خلال اتخاذ مبادرات إيجابية، فيما يخص معتقلي “الحراكات الاجتماعية” في الحسيمة وفي جرادة وفي غيرها من المناطق، والتعاطي بأكبر قدر من الأريحية والانفتاح، مع كل مظاهر التعبير عن الرأي، والطي النهائي لبعض الملفات المؤلمة والقاسية.
ولكننا نشك في قدرة هذه الحكومة، على تحمل مسؤوليتها السياسية، ونعبر عن خيبة أملنا، من ضعف إن لم غياب حضورها السياسي، نتيجة التطاحن بين مكوناتها، وأهدرت مع الأسف، كل الإمكانيات التي من شأنها إحداث جو من التعبئة الوطنية.
وهي مناسبة، نجدد من خلالها دعوتنا للحكومة،خلق أجواء تعبوية لإعادة الثقة، ولضمان مشاركة قوية للمواطنات والمواطنين، وضرورة انخراطهم ووعيهم في إفراز مؤسسات منتخبة ذات مصداقية، في إطار من النزاهة والشفافية والتنافس الشريف، واحترام إرادة الناخبات والناخبين،حتى تشكل الاستحقاقات الانتخابية القادمة، لبنة جديدة ضمن مسار تشييد الصرح المؤسساتي والديموقراطي الوطني، خاصة مع تزايد الوعي المجتمعي بالحقوق المشروعة في مجال الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وفيمجال العدالة المجالية والاجتماعية، هذا الوعي الذي يجب أن يترجم إلى مشاركة سياسية وانتخابية قوية. إذ لا ديمقراطية بدون ديمقراطيين.
إن التحدي الأساس المطروح اليوم، هو استرجاع ثقة المغاربة في مؤسساتهم الوطنية، المنتخبة على الخصوص، وهو ما من شأنه أن يضمن المشاركة الواسعة للمواطنات والمواطنين في المحطة الانتخابية المقبلة.
وبهكذا مقاربات ومداخل، يمكننا تأمين الأجواء المناسبة، لإنجاح الانتقال التنموي، خاصة وأن بلادنا مقبلة على تنزيل ورش اجتماعي كبير، ورش تعميم الحماية الاجتماعية، الذي أعطى جلالة الملك محمد السادس نصره الله، انطلاقته من أجل ضمان تعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة، بما يُسهم في إقرار العدالة الاجتماعية المنشودة، وبناء اقتصاد وطني قوي، منصف ومدمج لكل الفئات الاجتماعية.

السيد الرئيس؛
السيد الوزير؛
لقد ترافعنا في التقدم والاشتراكية، من موقع المعارضة البناءة، في تجويد المنظومة القانونية المؤطرة للانتخابات، وتحديداً ما يتصل منها بإقرار التدابير الضرورية لضمان التنافس الحر والشريف ونزاهة وشفافية مختلف الانتخابات، ومحاربة كافة أشكال الفساد الانتخابي،من خلال حرص السلطات العمومية على التصدي لكل مناورات إفساد العملية الانتخابية، وعدم ترددها في الضرب بيد من حديد على كل التجاوزات والخروقات الانتخابية، بما فيها استعمال المال لشراء الذمم.
وترافعنا على تعزيز الآليات المؤدية إلى الارتقاء بمسعى المناصفة والمساواة في مختلف المؤسسات المنتخبة، وأيضاً فيما يتعلق بسُــبُــل بلورة تمثيلية الشباب والكفاءات الحزبية ومغاربة العالم في البرلمان، فضلاً عن مراجعة العتبات الانتخابية، بما يُــتيح ترسيخ التعددية وضمان تمثيلية كل التعبيرات السياسية والفكرية المتواجدة ببلادنا، في مختلف المؤسسات المنتخبة.
وفي هذا الإطار، يتعين الإشادة بالروح الإيجابية التي وجدنا لدى وزارة الداخلية، واحتضانها ما يمكن من التعديلات والمقترحات التي تقدمت بها الفرق والمجموعة النيابية، خاصة ما يهم تمثيليةالنساء على مستوى الدوائر الانتخابية الجهوية، وتوسيع حالات التنافي في بعض الانتدابات الانتخابية، وضمان نسبة ثلث المقاعد لتمثيلية النساء على مستوى المجالس الترابية المنتخبة بالاقتراع اللائحي، ونعتبر ذلك مدخلا أساسيا يعزز تواجد النساء في هذه المجالس، ثم إقرار آليات تضمن ترشيحات شبابية على مستوى الدوائر الانتخابية المحلية، علاوة على إقرار آليات تحفيزية لضمان تمثيلية مغربيات العالم في المؤسسة التشريعيةعلى المستوى الجهوي والمحلي.
ولكن كنا ننتظر من وزارة الداخلية، جرأة أكثر، في التجاوب مع اقتراحاتنا وتعديلاتنا، وعلى الخصوص، تلك المرتبطة بدعم وتقوية تمثيلية النساء وتواجدهن في المؤسسات المنتخبة، وضمان على الأقل، الثلث كحد أدنى، سواء على مستوى البرلمانبمجلسيه،أو بمجالس الجماعات الترابية والغرف المهنية، وغيرها من المؤسسات المنتخبة، وسنواصل ترافعنا، إلى جانب القوى الديمقراطية التقدمية والحركة النسائية والحقوقية، من أجل السعي حقا نحو إقرار المناصفة، وتفعيل حقيقي لهذا المقتضىالدستوري؛
واليوم لم يعد من الممكن فصل القضية النسائية والمساواة عن المسار الديمقراطي والتنمية وتخليق الحياة العامة ببلادنا. ونعتبر في التقدم والاشتراكية، أن التمكين السياسي للمرأة هو أحد مرتكزات تعزيز هذا المسار وبناء الدولة الحديثة.

السيد الرئيس؛
السيد الوزير؛
إننا في التقدم والاشتراكية، نؤكد مرة أخرى، على ضرورة تمكين الجالية المغربية من التمثيلية في البرلمان على وجه التحديد، بحيث صار ملحا اليوم، البحث عن الصيغ المثلى لتمكين ما يزيد عن (5) خمسة ملايين مواطنة ومواطن مغربي، يعيشون خارج البلد من حقهم الدستوري في التمثيلية في المؤسسات المنتخبة الوطنية، استكمالا للإرادة التي يعبر عنها دستور المملكة. ونعتقد أن الوقت قد حان، لاتخاذ قرارات أكثر جرأة على هذا المستوى، وإقرار قواعد تمكنهم من الإدلاء بصوتهم في قنصليات وسفارات المملكة، وانتخاب ممثلين لهم يحملون هم الحفاظ على حقوقهم الدستورية، وإنهاء حالة “غير طبيعية” تجاههم بعد تسع سنوات من إقرار هذه الحقوق الدستورية. ونحن في التقدم والاشتراكية، سنعمل على توفير كل الوسائل والسبل لتحقيق تمثيلية مغاربة العالم في الانتخاباتالمقبلة، من خلال تخصيص ترشيحات لهم بدوائر تشريعية، سواء على المستوى المحلي أو على المستوى الجهوي.
مناسبة ندعو فيها إلى ضرورة بحث السبل لتمكين الكفاءات الحزبية من التواجد في المؤسسات المنتخبة، ونؤكد كذلك، على ضرورة توفير كل الوسائل الممكنة، من أجلتوسيع المشاركة السياسية للشباب وفي الحياة العامة بشكل عام.

السيد الوزير المحترم؛
إن تشبثنا بضرورة مراجعة العتبة الانتخابية، وجعلها عتبة إدماجية، إنما هو تشبث بالتعددية الحزبية والسياسية، التي نعتبرها التعبير الحي والصادق على التمظهرات السياسية والمجتمعية والفكرية التي تزخر بها بلادنا، وتتبناها كخيار استراتيجي وجوهري مند أولى قوانين المملكة المتعلقة بالحقوق والحريات لإرساء دولة ما بعد الاستقلال.

السيد الرئيس،
السيد الوزير،
السيدات والسادة النواب؛
إن الانتخابات المقبلة، عليها رهان كبير، من حيث كونها آلية أساسية للممارسة الديمقراطية ولتوطيد البناء الديمقراطي والمؤسساتي الوطني، الذي يحتاج إلى إعطاء نفس جديد وقوي، وتوفير شروط سياسية ملائمة، وخلق مناخ الثقة والانفراج، لضمان مشاركة قوية، والتي تبقى من التحديات الأساسية،وذلك في إطار من النزاهة والشفافية، لانتخاب قوى سياسية ومؤسسات تمثيلية حقيقة، قادرة على أن تبلور المخططات والبرامج التنموية، وبلورة سياسات عمومية مدمجة، وشق الطريق نحو المغرب الذي نريده، مغرب العدالة الاجتماعية والمجالية.
انتخابات برهانات كبيرة، لإفراز منتخبات ومنتخبين، قادرين على تملك التحديات والرهانات التي تواجهها بلادنا وفي مستوى تطلعات وانتظارات المواطنات والمواطنين.
ونطلب من وزارة الداخلية، في هذا الصدد، بأن تكون ضامنة للحياد والشفافية وتكافؤ الفرص.
وقبل الختم، وجب التذكير، مرة أخرى عن خيبة أملنا من الحكومة التي لم تكن في الموعد،وندعوها مرة أخرى إلى ضرورةخلق أجواء ملائمة ومغايرة لما هو عليه الحال اليوم، وإن كنا متأكدين من عدم قدرتها على ذلك، ونتمنى أن تكشف لنا الأيام المقبلة عكس ذلك.
وبالطبع، فإن التقدم والاشتراكية، وهو يؤكد على كل ما سبق، يعي بأن البناء الديمقراطي لا يأتي مرة واحدة. ولكنه بناء تدريجي، يجب أن تنخرط فيه كل القوى المجتمعية، بحيث يجب مواصلته وتحصينه وتعزيزه.
وبهذه الروح، قاربنا مشاريع القوانين الانتخابية المؤطرة للاستحقاقات المقبلة، لذلك ولكل هذه الاعتبارات، فإننا في المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية سنصوت بالإيجاب لصالح هذه المشاريع.
شكرا والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

Related posts

Top