يعتبر المستشفى الإقليمي محمد الخامس بالجديدة، نقطة سوداء داخل وزارة الصحة، ونموذج واضح للفوضى والتسيب والابتزاز، وفضاء للألم والمعاناة، في صفوف المرضى والمرتفقين والمرتفقات، الشيء الذي يثير الدهشة و القلق، ويربك العقول ويشكك في حقيقة وجدية مذكرات ومناشير الوزارة الوصية على القطاع التي تدعو إلى محاربة الفساد وإرساء آليات النزاهة والشفافية في تقديم الخدمات الصحية، فإلى أي حد تحترم إدارة المستشفى هذه المذكرات وتعمل بمنطوقها؟..
في زيارة استطلاعية قامت بها جريدة “بيان اليوم” للمستشفى الإقليمي بالجديدة، اتضح أن هذا المستشفى لا تتوفر فيه أدنى الشروط الصحية المفروض أن تكون في جميع المستشفيات، حيث يلاحظ جليا، الاهمال واللامبالاة التي يتعرض لها المرضى، اضافة إلى الابتزاز والرشوة، والأنكى من ذلك، الأوساخ التي تعتري أرضية وجدران قسم المستعجلات، بالإضافة إلى خصاص كبير في التجهيزات الطبية المفترض أن تكون رهن إشارة الطاقم الطبي، كما لوحظ كذلك نقص كبير في الأطر الصحية خصوصا بمصلحة المستعجلات التي تستقبل عشرات الحالات يوميا.
ونحن في جولتنا داخل أروقة المستشفى صادفنا مجموعة من النساء أكدن لنا سوء الخدمات التي يقدمها هذا المرفق الصحي، و إشتكين من الحالة التي أصبح يعيش عليها المستشفى من فوضى وتسيب، كما أكدن لنا سوء المعاملة التي تتلقاها النساء في قسم الولادة، حيث ذكرت إحداهن أن هذا القسم يعرف اكتظاظا، وأن عددا من النساء يضطرن لافتراش الإسمنت في بهو قاعة الولادة، حيث رائحة البول الكريهة على جدران المستشفى تخنق الأنفاس.
ويعيش قسم الولادة على ايقاع أبشع صور المعاملة غير اللائقة من طرف ممرضات قاسيات قلوبهن واللواتي يلجأن في بعض الأحيان آلى تعنيف النزيلات ممن يقصدن هذا القسم لأجل الوضع، وهو الأمر الذي أضحى كابوسا مخيفا يؤرق بال النساء اللواتي يرغبن في الانجاب .
أما الحالة في قسم المستعجلات فتثير الرعب لأنها شبيهة بمجزرة، حيث كل الأسرة مهترئة وملطخة بالدماء، علاوة على الروائح النتنة التي تزكم الأنوف، وذلك في غياب النظافة والعناية والاهتمام بالجرحى والمصابين، هذا الاهمال المبالغ فيه والصراخ الذي يردد صداه جدران القاعة المستعجلات، ناتج عن طريقة معالجة الجرحى، إذ يتم في غالب الأحيان رثق الجروح دون مخدر وفي غياب تام لوسائل التعقيم .
وما يحز في النفس، هو أن الأطباء على قلتهم، غائبون وكثيرا ما تجدهم في المصحات الخاصة، وإن وجد طبيب فإنه يلجأ إلى مماطلة المريض عبر منحه موعدا لا يقل عن ثلاثة أشهر، غير مكترث بخطورة وضعه الصحي، وإذا ألح المريض على ضرورة التعحيل بعلاجه، تتم إحالته من طرف الطبيب المشرف على مصحة خاصة، بدعوى أن القاعة لا تتسع لعدد المرضى، أو أن المستشفى يفتقر للتجهيزات الطبية الضرورية، والحال أن الطبيب يكون هدفه هو الحصول على مقابل مادي لأعباء العملية.
إلى ذلك يشهد المستشفى تسيبا وفوضى عارمة في كل الأجنحة، بدءا بطريقة معاملة الممرضات والممرضين الحاطة بكرامة المريض، والمضايقات التي يتعرض لها المرضى والمرتفقون من طرف حراس الأمن الخاص هؤلاء يبتزون المرضى بطرق ملتوية زاعمين أن الأطباء هم من يلزمونهم على أخذ المقابل المادي لأي خدمة طبية ولو تعلق الأمر بشهادة طبية، وكثير من الحالات في صفوف التلاميذ والذين يودون الحصول على شهادة طبية قصد ولوج الأحياء الجامعية، يتم اعتراض سبيلهم بباب المستشفى من طرف “حارس الأمن” هذا الذي بعد أن يتعرف عن رغبة التلميذ في الحصول على هذه الوثيقة، يطلب منهم تسليمه نسخة من البطاقة الوطنية و50 درهما، وبعد دقائق يعود مصحوبا بشهادة طبية، زاعما أنه قد سلم الورقة النقدية من فئة 50 درهما للطبيب، والحال أنه دسها في جيبه، هذا ناهيك عن الذين يريدون زيارة مرضاهم داخل غرف التطبيب،فهم يمنعون، إلا إذا دفعوا مقابل ذلك مبلغا ماليا لا يقل عن 20 درهما، كون مفاتيح أبواب كل الأجنحة في يد” السكيريتي ” وهو المسؤول عن فتح واغلاق الأجنحة متى شاء دون احترام وقت الزيارة .
و باتت العديد من الحالات الإنسانية، تعيش وضعا صحيا صعبا، داخل أروقة المستشفى الجهوي محمد الخامس بالجديدة، بسبب المعاملة اللاانسانية من طرف الممرصات والممرضين والاختلالات والممارسات المشينة، وعلى رأسها الزبونية والمحسوبية ومضايقات وابتزاز حراس الأمن الخاص، أمام صمت وغياب المراقبة اللازمة من إدارة المستشفى الذي يعد المنشأة الصحية الوحيدة التي يقصدها المرضى من مختلف الجماعات الترابية التابعة للإقليم .
ويبدو أن إدارة المستشفى لم تأخذ على محمل الجد منشور سابق لوزارة الصحة تدعو فيه الإدارات والمؤسسات الصحية لبذل مجهود أكبر من أجل تقوية آليات تعزيز النزاهة والشفافية في تقديم الخدمات الصحية.
كما تجاهلت الادارة التوصيات الصادرة عن الوزارة والتي تلزم مسؤولي المستشفيات العمومية القيام بحملات تحسيسية لفائدة العاملين بالقطاع الصحي، على صعيد الوحدات التي تسهر على تقديم الخدمات الصحية بكل المصالح الاستشفائية، وعلى رأسها مصالح المستعجلات، والاستشارات الطبية والتكفل بالولادات وطب النساء، من أجل تخليق المرفق الصحي والتصدي لكل حالات الفساد والرشوة، والتصدي بحزم لكل حالات الابتزاز وللوضعيات المشجعة على ذلك، وتعميم نشر إعلانات “لا للرشوة” مصحوبة بالرقم الأخضر للإبلاغ عن هذه المظاهرالفاسدة، بيد أن أطقم وإدارة المستشفى الاقليمي بالجديدة في دار غفلون.
وأمام هذا الوضع المقلق تناشد ساكنة عاصمة الدكالة التي تعاني الأمرين، المديرية الإقليمية للصحة بضرورة التدخل العاجل لإيقاف كل هذه الأشكال المستفزة والتي أبطالها حراس الأمن الخاص والممرضات والممرضين ومن يقف وراءهم .
عبدالله مرجان