الجواهري: مردودية الاستثمار في المغرب لا تسمح بتحقيق الإقلاع الاقتصادي

كشف والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري، أن المعيقات الرئيسية أمام تطور المقاولات المغربية تتمثل في الرشوة والضغط والعبء الضريبي والمنافسة الغير شريفة للأنشطة الغير مهيكلة، بالإضافة إلى آجال الأداء.
وذكر والي بنك المغرب، أمام أعضاء لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، أول أمس الثلاثاء، أن مؤشر مدركات الرشوة الذي تنجزه منظمة الشفافية العالمية، والذي يصنف الدول حسب درجة انتشار الرشوة في القطاع العام، يكشف أن المغرب سنة 2021، وللسنة الثالثة على التوالي، تراجع إلى المركز 87 من بين 180 دولة، ليفقد بذلك 14 مرتبة مقارنة بسنة 2018 حيث كان يحتل المركز 73.
وبخصوص العبء الضريبي، ساق عبد اللطيف الجواهري مجموعة من المعطيات الرقمية التي أوردها البنك الدولي في بياناته، مشيرا إلى أن مستوى الضريبة على الدخل والأرباح وأرباح الرأسمال في المغرب، يصل إلى 32.9 في المائة، وهو أعلى مستوى مقارنة مع غالبية الدول المشابهة للمغرب، وهو أعلى بكثير من المستوى المسجل في بعض البلدان كالأردن الذي تتجاوز فيه هذه النسبة 13.2 في المائة، وجمهورية التشيك 16.5 في المائة وتركيا 18.5 في المائة.
وحسب بيانات مكتب الافتحاص والاستشارة “KPMG” والتي أوردها الجواهري، بخصوص الضريبة على الشركات، يتجاوز المغرب المستويات المسجلة على الصعيدين الإفريقي (27.5 في المائة) والعالمي (23.7 في المائة) بمعدل ضريبي على الشركات يصل إلى 31 في المائة.
ويعتبر القطاع غير المهيكل من بين المعيقات الرئيسية أمام تطور المقاولات، لكونه لا يخضع للأحكام التنظيمية والمحاسبية المعمول بها، ويمثل هذا القطاع، وفق ما أورده والي بنك المغرب، 11.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام، و36.2 في المائة من مناصب الشغل في القطاع غير الفلاحي، مشيرا إلى أن نتائج دراستين أجراهما بنك المغرب سنتي 2018 و 2020، أظهرت أن الاقتصاد الخفي الذي يشمل الإنتاج السري والإنتاج غير القانوني، والإنتاج غير المنظم، وإنتاج الأسر على حسابهم الخاص، يمثل حوالي 30 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي بالمغرب.
ووفق إفادة عبد اللطيف الجواهري، تشكل آجال الأداء الطويلة عائقا أساسيا بالنسبة للمقاولات، وخاصة الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، التي تتأثر سيولتها بهذا العمل، مشيرا إلى أنه على الرغم من توحيد الآجال في 60 يوما، فإن أكثر من نصف المقاولات المغربية تحصل على مستحقاتها بعد هذه الآجال، وأن 35 في المائة من هذه المقاولات تتلقى مستحقاتها خلال آجال تتجاوز ال 120 يوما.
ويكشف تحليل بنك المغرب لمستويات آجال أداء الزبناء حسب حجم المقاولات، يقول والي بنك المغرب أن المقاولات الصغيرة تواجه وضعية صعبة في جميع القطاعات، خاصة مع مستويات تتجاوز 200 يوما من رقم المعاملات بالنسبة للمقاولات الصغيرة جدا والصغيرة، خاصة في قطاعي النقل والتخزين والصناعة التحويليةّ.
بالإضافة إلى هذه العوامل البنيوية، يتوقع عبد اللطيف الجواهري أن تكون هشاشة النسيج الإنتاجي الوطني قد تفاقمت بشكل كبير بسبب جائحة كورونا، مستندا في ذلك على بحوث المندوبية السامية للتخطيط الرامية إلى قياس تأثير الأزمة، والتي أظهرت أن المقاولات المنظمة، فقدت ما يقارب 726 ألف منصب شغل، أي ما يعادل 20 في المائة، وتتوافق هذه النتائج ، وفق المصدر ذاته، مع بيانات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي سجل انخفاضا حادا على أساس سنوي في عدد الأجراء المصرح بهم بنسبة 33.9 في المائة في أبريل 2020، وهو ما يعادل فقدان أكثر من 850 ألف منصب شغل.
إلى ذلك، ذكر عبد اللطيف الجواهري أن المغرب رغم أنه يقوم بمجهود استثماري كاف من الناحية الكمية إلا أنه لم يتمكن بعد من الالتحاق بركب الدول الصاعدة وتحقيق الاقلاع الاقتصادي المنشود، مشيرا إلى أن الاستثمار في المغرب يعادل مستوى الاستثمار المسجل في الدول التي حققت ما وصفه ب “المعجزات الاقتصادية” فقد بلغ الاستثمار في المغرب خلال الفترة ما بين 2000 و 2019 نسبة تفوق 32 في المائة، وهي تقريبا نفس نسبة الاستثمار في الدول التي سميت “التنانين الآسيوية” حيث بلغت 30 في المائة في المتوسط خلال الفترة الممتدة ما بين 1970 و 1990، وفي بلدان جنوب أوربا بلغ الاستثمار 25 في المائة خلال الفترة التي عرفت فيها نمو اقتصاديا.
وخلص والي بنك المغرب من خلال هذه المعطيات، إلى أن مردودية الاستثمار وتأثيره على خلق فرص الشغل، يبقى ضعيفا، مشيرا إلى أن الاقتصاد الوطني قد أحدث سنويا حوالي 144 ألف فرصة عمل ما بين 1999 و 2009 مقابل حوالي 72 ألف منصب ما بين 2010 و 2019 أي ما معدله 108 ألف فرصة عمل خلال الفترة الممتدة من 1999 إلى 2019، وهي وتيرة غير كافية لتقليص نسبة البطالة بشكل غير كاف، يضيف المتحدث الذي أفاد أنه مقابل إحداث 108 ألف منصب شغل، تزايد عدد السكان النشطين سنويا بنحو 89 ألف، وبالتالي لم يتراجع عدد العاطلين إلا قليلا لينتقل من 1.5 مليون إلى 1.1 مليون خلال العقدين الأخيرين، وتبقى هذه الوتيرة، وفق المتحدث، غير كافية لتقليص نسبة البطالة بشكل ملموس.

محمد حجيوي

Related posts

Top