جائحة كورونا فرضت على الكل المكوث في البيت والتزام الوقاية الضرورية، لحماية أنفسنا من أزمة الفيروس «كوفيد-19»، لكن الغريب في الأمر أن العنف الزوجي برز في هذه المرحلة بشكل قوي وكبير بشتى أنواعه وفي مختلف الطبقات الاجتماعية، بمعنى أن العنف الزوجي لم يقتصر على الطبقة الفقيرة الهشة وإنما تمادى إلى باقي الطبقات « المتوسطة والغنية» ، الأمر الذي استدعى النظر في هذه النازلة، وقد شمل هذا العنف الزوجي وكذا الأسري الاعتداء على الأبناء خلافا لما تم التوصية عليه من طرف الخبراء وأهل الاختصاص من الالتحام والتقرب من الأبناء وما يحتاجون إليه.
وفي حديثنا عن العنف الزوجي في حق الزوجات المغربيات فقد تفاقم الأمر بشكل مخيف ومريب، فلم يقتصر على العنف الجسدي بل تم تجاوز ذلك إلى العنف النفسي والاقتصادي، حيث شكل نسبة 91،5 في المائة حسب المعطيات الصادرة عن الجمعيات الحقوقية، وترى بروين حبيب في صحيفة القدس العربي اللندنية أن «الزمن الكوروني الذي نعيشه لا يكشف مقدار السخرية من المرأة على المستوى العالمي فقط، بل يكشف إلى أي مدى علاقة الإنسان هشة بأنثاه، حتى في عالم الحيوان لا نجد هذه القسوة، وهذا العنف ضد المرأة»، وتقول بروين: «قد وجب التنبيه، ليأخذ أهل الاختصاص المبادرة للحدّ منه، لأنه من غير المنطق اليوم أن نختبئ خوفا من الموت بفيروس، ليموت بعض النساء قتلاً على أيدي مَن أحببنهن».
وذلك راجع لأسباب عديدة نذكر منها:
– وجود العائلات في مساحات مغلقة ولفترات طويلة سيسبب اضطرابات عائلية، الأمر الذي سيقع على عاتق المرأة كونها هي الطرف الضعيف أمام السلطة الفوقية التي يمارسها عليها زوجها أو ابنها أو أخوها…، فلتصحيح العلاقة بين الطرفين لابد من إعادة النظر في طبيعة التربية التي يتلقاها كل من الذكر والأنثى لنتجنب وننفي التمايز بين كل من الجنسين، فتجرأ الذكر على المرأة وضربها وتعنيفها باعتبار ذلك حقا يمارسه وله كل المشروعية في ذلك يعد أمرا خطيرا يخلخل التوازن الأسري ويبعدنا عن الاستقرار الذي نأمل في تحقيقه.
-هذه حقيقة مرة ندركها جميعا، وقد لا تدمر العائلات فحسب، إنما مجتمعات وجيل بكامله، فالتجرأ على المرأة وتعنيفها جسديا ونفسيا ورمزيا يعد تطاول كبير وعدم استشعار للمسؤولية الشرعية والقانونية؛ كما نعلم أن ما تعارف عليه القوم في المجتمع المغربي وقواعد التربية في جل البيوت المغربية تربت على مبدأ القوي «الذكر» والضعيف « الأنثى» فليس لهذه المرأة بديل سوى الطاعة المطلقة بغض النظر عن طبيعة السلوكات التي ستجبر لفعلها، وإن دافعت ستتعرض للعنف بمبرر القوة وبمبرر التمايز وأنه ليس الذكر كالأنثى وهذه هي الطامة الكبرى.
-مما لا يخفى كذلك أنه في ظل ما عاشته وعايشته المرأة وهي في الحجر الصحي من عنف يحتاج منا إلى وقفات على الرغم مما حققته هذه المرأة في مختلف المجالات والميادين، لا زالت أسيرة العادات التي لا تمت للشرع بصلة، علما أن من يتطاول على العلم والدين، يؤكد أن الشرع أجاز تعنيف المرأة والعياذ بالله، فنحن في مجتمع غزته مجموعة من المؤثرات الخارجية، حيث لم تعد المنازل آمنة للنساء، بسبب هذا الانتشار الواسع في العنف المنزلي ضد النساء بالأخص، فقد وجه الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريس نداء عاجلا للعالم: «السلام ليس فقط غياب الحرب، حيث تواجه العديد من النساء اللواتي يتعرضن للحجر المنزلي بسبب عدوى فيروس كورونا المستجد العنف، فيما يجب أن يكن أكثر أمانا في منازلهن. أناشد اليوم السلام في منازل حول العالم. إنني أحث جميع الحكومات على وضع سلامة المرأة أولاً عند استجابتها للوباء».
> بقلم: هاجر حسناوي
باحثة جامعية