حسن عربي
في إطار أنشطتها الإشعاعية لفائدة الصحافيين المتخصصين في الشأن القضائي، نظمت «جمعية إعلاميي عدالة»، ورشة تكوينية حول موضوع «الحماية القانونية لنشر الصور الخاصة في وسائل الإعلام «، السبت الماضي بمقر هيئة المحامين بالدار البيضاء، أطرها الأستاذ عبد العالي المصباحي محامي عام لدى محكمة النقض، والممثل القانوني لرابطة قضاة المغرب.
في البداية، تطرق المحاضر إلى المداخل التشريعية للحق في التصوير انطلاقا من الفصول 25 و27 و28 من الدستور التي «تمنح الحق في الحصول على المعلومة، وتؤكد أن حرية الصحافة مضمونة ولا يمكن تقييدها»، مشيرا إلى المبادئ التي تمنع على الصحفي أن يكون حرا في جميع الأحداث التي ينقلها وتدخل في إطار الحياة الخاصة للمواطن، قبل أن ينتقل إلى الحديث عن المبادئ العامة لحماية الصورة انطلاقا من الفصل 24 من الدستور، وإمكانية التلاعب بسوء نية بظروف التقاط الصورة أو بحقيقتها، ومفهوم الشخصية العامة.
وركز أيضا على مختلف القوانين التي تنظم الحق في نشر الصورة، والموانع التي وضعها المشرع المغربي في إطار القانون الجنائي والمسطرة الجنائية حول الحق في الصورة ونشرها في ما يتعلق بالمحاكمة، والحفاظ على قرينة البراءة اللصيقة بأي شخص متهم، والدعامات التي تعطي الحق للصحافي لكي يلتقط الصور ويقوم بالتغطية الصحفية لبعض الأحداث والوقائع.
كما تناول التكييف القانوني لبعض الصور، كالصور الملتقطة أثناء إعادة تمثيل الجريمة، وصور شهود ومبلغين يخضعون للحماية طبقا للقانون، وصور منشورة في الدوائر في إطار البحث عن مجرم مفترض، وصور الموتى والقتلى وضحايا الكوارث والجرائم .
واعتبر الأستاذ المصباحي، أيضا أن «الحق في الصورة من الحقوق الذاتية التي تدخل ضمن الحقوق الفردية الخاصة»، مضيفا أن هذا الحق ارتبط بالحراك الاجتماعي الذي نعيشه اليوم، وما واكبه من تطور عميق على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي والتوظيف المعلوماتي، أثر بشكل كبير في المطالبة بتوسيع مطلب الحق في المعلومة، كما واكبه تأثير مفرط في توظيف الصور الفوتوغرافية العادية أو الرقمية، الأمر الذي أعطى للحق في الصورة موقعا مركزيا في المنظومة القانونية والحقوقية.
وأكد بالمناسبة، أنه «بصرف النظر عن الخلاف الفقهي حول الطبيعة القانونية للحق في الصورة، فإنه في جوهره يروم حق الفرد في عدم التقاط صورته العادية أو الرقمية بدون موافقته وبثها أو نشرها أو استغلالها أو تحريفها أو تغيير ملامحها عن طريق وسائل المونتاج او استعمالها لأغراض دعائية أو إعلامية بهدف الترويج لسلعة معينة.
وأضاف المصباحي، أن دراسة هذا الموضوع ليس من باب الترف القانوني، لكن من باب الانخراط في تحديد نطاق الحرية، ووقاية الحياة الشخصية للأفراد من الثورة المعلوماتية التي أصبحت تخترق المعطيات الشخصية. وهو ما يضفي على البحث أهمية خاصة بالنظر إلى التركيبة المعقدة للحق في الصورة، موضحا أن منطلق محدداته يكمن في التقاطع مع مجموعة من المفاهيم مثل الخصوصية والكونية، وأن الإحاطة به تستوجب الموازنة بين مبدأ حماية الحقوق الذاتية والشخصية المنصوص عليه في الفصلين 21 و24 من الدستور، ومبدأ الحق في المعلومة المشمول بمقتضيات الفصل 27 من الدستور.
وكان رئيس جمعية إعلاميي عدالة عبد الله الشرقاوي، قد افتتح هذه الورشة التكوينية بالتذكير بمقتضيات المادة 303 من قانون المسطرة الجنائية التي تنص على أنه يمكن لرئيس الجلسة «بعد أخذ رأي النيابة العامة أن يأذن باستعمال آلات التصوير أو التسجيل أو الإرسال أو الالتقاط أو الاتصال المختلفة بقاعة الجلسات أو في أي مكان آخر يجري به تحقيق قضائي، ويعاقب عن مخالفة هذه المقتضيات بغرامة تتراوح بين خمسة آلاف وخمسين ألف درهم، وتصادر المحكمة الآلات والأشرطة عند الاقتضاء» ، كما «يعاقب بنفس العقوبة كل من يقوم بتصوير شخص في حالة اعتقال أو يحمل أصفادا أو قيودا دون موافقة منه، وكل من يقوم بنشر صورة أخذت في الظروف المذكورة دون إذن صاحبها».
وتضيف المادة انه «يتعرض لنفس العقوبة كل من يقوم بأية وسيلة كانت بنشر تحقيق أو تعليق أو استطلاع للرأي يتعلق بشخص تجري في حقه مسطرة قضائية بصفته متهما أو ضحية دون موافقة منه، سواء كان معينا باسمه أو بصورته، أو يمكن التعرف عليه من إشارات أو رموز استعملت في النشر».
كما ذكر بالفصل 54 الذي ينص على أنه «يمنع نشر وثائق الاتهام وغيرها من الوثائق المتعلقة بالمسطرة الجنائية أو الجنحية قبل مناقشتها في جلسة عمومية، وإلا فيعاقب على نشر ذلك بغرامة تتراوح بين 5 آلاف و50 ألف درهم، غير أنه لا تكون هناك جنحة إذا وقع النشر بطلب كتابي من القاضي المكلف بالتحقيق، ويبقى هذا الطلب مضافا إلى ملف التحقيق».
وفي سياق متصل، وبمناسبة يوم ثامن مارس، تم تكريم ثلاثة صحافيين مخضرمين متخصصين في الِان القضائي منذ سنوات عديدة ويتعلق الأمر بالزملاء، «عبد الرفيع الأومليكي، صحافي بجريدة « أوجوردوي دي ماروك، ومحمد صلاح الدين البقاري صحافي بوكالة المغرب العربي – مكتب الرباط، ومحمد ابنكسير المعروف بـ «أبو فريد» مراسل الوكالة الفرنسية للأنباء» .كما احتفت الجمعية بعضواتها الزميلات الصحافيات بمناسبة اليوم العالمي للمرأة بتقديم ذروعا تذكارية لهن، وهدايا رمزية.