تقاطعت مداخلات المشاركين في فكرية، عند تأكيد أهمية الدبلوماسية الثقافية كرهان استراتيجي لخدمة المصالح الوطنية والدفاع عن القضايا الحيوية للبلاد.
وأكد المتدخلون في ندوة ” الدبلوماسية الثقافية ودورها في تعزيز الحوار بين الحضارات”، التي نظمت في إطار فعاليات الدورة الثانية والعشرين
للمعرض الدولي للكتاب والنشر، أن الدبلوماسية الثقافية لم تعد ترفا في ساحة العلاقات الدولية اليوم، بل أداة محورية للتعريف بمقومات البلاد ورؤيتها للعالم وعمقها الحضاري وحيوية شعبها من خلال إنتاجات المبدعين والمثقفين وفعاليات المجتمع المدني.
وتناول نور الدين الصايل، الناقد والفاعل السينمائي، تطور الوعي بالثقافة كسلاح في السياسات الخارجية للدول، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وأساسا منذ نهاية الحرب الباردة، ملاحظا أن الثقافة أصبحت أداة غزو ” ناعم” مرتبطة بأهداف الدبلوماسية التقليدية.
وقدم الصايل، كنموذج للدبلوماسية الثقافية الوطنية انخراط المغرب، من خلال المركز السينمائي المغربي، في دعم الصناعة السينمائية بعدد من بلدان القارة، متوقفا بالأساس عند ثمار التعاون مع السينغال والكوت ديفوار وبوركينا فاسو.
من جهتها، شددت الباحثة عالية ماء العينين على أن الدبلوماسية الثقافية ليست مجرد تبادل ساذج للأنشطة الفكرية والفنية، بل واجهة هامة لصراع غير معلن، معتبرة أن الأمر يتعلق بممارسة قديمة على غرار استخدام القوى الاستعمارية الغربية للدراسات الثقافية، من أجل التمهيد لحملات الغزو المسلح.
وانتقدت ماء العينين ضعف مواكبة وسائل الاعلام للحركة الثقافية المغربية وانحسار دورها في الترويج للمقدرات الثقافية الخصبة خارج الحدود، كما انتقدت التركيز على الجوانب الفولكلورية في الثقافة المغربية، لتخلص إلى المطالبة بإدماج البعد الثقافي بشكل أعمق في هياكل ومهام الدبلوماسية التقليدية.
وأبرزت هاجر الجندي، المخرجة المسرحية وخبيرة الهندسة الثقافية، خصوبة المقومات الثقافية المغربية التي تقتضي عملا منهجيا بآليات محددة وأهداف دقيقة واستراتيجيات واضحة تتبناها المؤسسات العمومية المعنية.
وأشارت إلى أن العمل الثقافي والفني يملك امتياز التواصل بسلاسة مع النخب والجماهير، قافزا على الحدود السياسية، مما يحفز على استثمار أقوى في هذا المجال، يتجه الى تأهيل مقومات الخصوصية الوطنية للتفاعل مع الآخر في ساحة العولمة.
وجاءت هذه الندوة المنظمة بتعاون مع مجلتي “سيدتي” و “نسمة”، تدشينا لسلسة أنشطة مبرمجة من قبل مجلس مغربيات العالم الذي ترأسه الإعلامية المقيمة بألمانيا ناديا يقين.
وقدمت ناديا يقين ملامح من تجربتها كمثقفة حاملة لخلفية ثقافية لها خصوصياتها ومرجعياتها، وهي تخوض تجربة الاندماج في مجتمع مختلف هو المجتمع الألماني، وتحاول التعاطي مع حالة الصدمة الثقافية التي يواجهها العربي المسلم في الغرب الأوروبي.
وأوضحت رئيسة المجلس أن هذا الاطار يروم تقديم صورة حيوية للمرأة المغربية، خارج نطاق الصور النمطية الشائعة في عدد من بلدان المهجر، مؤكدة أن التبادل الثقافي يظل الوسيلة لتبديد مظاهر سوء الفهم بين الأفراد والجماعات.
كما طالبت ناديا يقين بإبداء مزيد من الاهتمام بالمبدعين والمثقفين المغاربة في المهجر، وتشجيعهم على الاضطلاع بدورهم كسفراء للثقافة المغربية في الخارج.
الدبلوماسية الثقافية رهان استراتيجي لخدمة المصالح الوطنية
الوسوم