وقف عدد من الباحثين والفاعلين في مجال المالية التشاركية، خلال حوار مفتوح، نظم مؤخرا بمدينة الدار البيضاء، حول تقييم تجربة المالية التشاركية بعد عامين من انطلاقها، على ضعف التواصل مع المواطنين، وعدم قدرة الأبناك التشاركية على إقناع الزبناء.
وأثار متدخلون، خلال الحوار المفتوح الذي نظمته الجمعية المغربية للاقتصاد الإسلامي، جملة من الملاحظات التقنية والتنظيمية، معتبرين أنها تضرب في شرعية هذه المعاملات البنكية، فيما شدد آخرون على شرعية المعاملات منوهين بالتجربة المغربة، كما أشار عدد من المتدخلين إلى عدد من التحديات التي واجهت انطلاقة الأبناك التشاركية أو لا زالت تواجهها.
هذا وقد رصدت جريدة بيان اليوم، أبرز المداخلات والملاحظات والآراء والمقترحات والتوصيات التي تقدم بها الـمشاركين من العلماء والفقهاء والرسميين والجامعين والـمهنيين والفاعلين في الـمجتمع الـمدني والتي تضمنت مختلف الجوانب التشريعية والفقهية والـمهنية فضلا عن الجوانب الـمرتبطة بالتنزيل.
كما تواصلت الجريدة أيضا مع كل من الدكتور محمد طلال لحلو، المدرب في الاقتصاد الإسلامي والمالية التشاركية ورئيس فرع الرباط للجمعية المغربية للاقتصاد الإسلامي، الذي أثار جملة من الملاحظات التقنية والتنظيمية حول شرعية المعاملات بالأبناك التشاركية، ثم الدكتور محمد قراط، أستاذ فقه المعاملات المالية بكلية الشريعة فاس ومستشار شرعي لعدة مؤسسات مالية دولية ومحلية، والذي شدد على أن الواقع التنظيمي للمالية التشاركية بالمغرب يدل على وجود عدة مميزات، مؤكدا أن هناك جوانب أخرى نحتاجها بعد سنتين، مشيرا إلى مجموعة من التحديات.
تنويه بالتجربة
حرص الـمشاركون من العلماء والفقهاء والرسميين والجامعين والـمهنيين والفاعلين في الـمجتمع الـمدني خلال “حوار مفتوح حول تقويم تجربة الـمالية التشاركية بعد عامين من انطلاقها”، بالدار البيضاء يوم الجمعة 26 يوليوز 2019، على توخي الصالح العام وعلى الخصوص الرقي بتجربة الـمغرب الوليدة والـمتميزة في مجال الـمالية التشاركية، وقد تضمنت جل الـمداخلات ملاحظات وآراء ومقترحات وتوصيات قيمة في مختلف الجوانب التشريعية والفقهية والـمهنية فضلا عن الجوانب الـمرتبطة بالتنزيل، تتطلع جميعها –كما جاء في ورقة التوصيات التي توصلت الجريدة بنسخة منها- إلى تطوير تجربة مالية تشاركية بخصوصيات مغربية أصيلة ناجعة وفعالة.
وجاء في الورقة أنه تم التنويه بالفعالية والنجاعة والجدية التي أظهرتها مختلف مؤسسات الدولة والـمؤسسات الـمهنية وغيرهما من الفاعلين في مجال الـمالية التشاركية، وعلى الخصوص الـمبادرات التشريعية الحكومية وأعمال البرلـمان بغرفتيه، واللجنة الشرعية للمالية التشاركية الـمنبثقة عن الـمجلس العلمي الأعلى، وبنك الـمغرب، والبنوك والنوافذ التشاركية، والبحث العلمي في الجامعات والـمعاهد، هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي فيما يخص التأمين التكافلي، وسوق الرساميل، وباقي الفاعلين والخبراء.
كما تم التنويه أيضا حسب ورقة التوصيات ذاتها، بالقوة والاستقلالية التامة والـمتميزة عالـميا، وبالأعمال الكبيرة والـجهود القيمة للجنة الشرعية للمالية التشاركية، رغم كل الظروف، والـمتمثلة في إنجاز مهمتها وإصدار آرائها في زمن قياسي، مع التوصية بإصدار دلائلها الاسترشادية التي تعد بمثابة معايير ضرورية للمالية التشاركية ونجاح مختلف أعمالها ومؤسساتها، والاستفادة ما أمكن من آراء الخبراء والـمختصين بمختلف الوسائل ومنها عقد جلسات الاستماع لآرائهم على غرار الـمؤسسات الشبيهة محليا وعالـميا.
وتابعت الجمعية المغربية للاقتصاد الإسلامي في الورقة ذاتها، أنه تم بروز عدة اجتهادات في التنزيل تثور بشأنها عدة تساؤلات وأحيانا تشكيك من طرف بعض الـمتربصين، معتبرة أن الأمر يتطلب إجابات حاسمة من طرف مختلف جهات الإشراف والتتبع وخصوصا الـمجلس العلمي الأعلى عبر اللجنة الشرعية للمالية التشاركية، وبنك الـمغرب. وشمول الرأي بالـمطابقة للدفاتر المسطرية والإجرائية لجميع المنتوجات حتى يرفع اللبس عن كل التفاصيل التطبيقية وتسد الذرائع أمام كل محاولات التأويل للمناشير العامة و نماذج العقود. وذلك حسما للجدل وسعيا نحو الجودة الـمثلى شرعيا وإقرارا للمنافسة الـمتكافئة بين مختلف الـمؤسسات الـمالية التشاركية.
وتم التنويه من خلال الورقة نفسها بجهود بنك الـمغرب ووزارة الـمالية في الـمجال الضريبي، وحثهما على بذل الـمزيد من الجهود لإقرار حياد ضريبي كامل وفعال تجاه الـمالية التشاركية، عملا بمبدأي تكافؤ الفرص والتنافسية الحقيقية اللذين أقرهما دستور الـمملكة بين الـمواطنين والـمؤسسات. وتفعيل الإجراءات الاحترازية، بما فيها مهمات دورية منتظمة للرقابة والتفتيش والتدقيق واتخاذ الإجراءات الردعية أو الزجرية تجاه الـمؤسسات المخالفة من أجل ترشيد أمثل لـمسار الـمالية التشاركية بالـمغرب.
وانتهى الحوار أيضا حسب الورقة عينها، بتوصية جميع المؤسسات والفاعلين في مجال الـمالية التشاركية بمختلف فروعها، باستحضار تطلع الكثيرين في العالـمين العربي والإسلامي وفي غرب أفريقيا إلى نجاح التجربة الـمغربية في مجال الـمالية التشاركية واتخاذها نموذجا يحتذى كما هو الشأن بالنسبة لـمجالات أخرى، حيث قدم فيها الـمغرب للعالم نماذج راقية يتطلع العالم أجمع إلى الإفادة منها. وذلك ببذل أقصى الجهود للحفاظ على جدية ونجاعة ومصداقية التجربة.
واقع تنظيمي مميز
شدد الدكتور محمد قراط، أستاذ فقه المعاملات المالية بكلية الشريعة فاس ومستشار شرعي لعدة مؤسسات مالية دولية ومحلية، على أن الواقع التنظيمي للمالية التشاركية بالمغرب يدل على وجود عدة مميزات، مؤكدا أن هناك جوانب أخرى نحتاجها بعد سنتين، ومشيرا إلى مجموعة من التحديات.
وأوضح قراط (حاصل على دكتوراه في المالية الإسلامية ودكتوراه في القانون المقارن، خريج جامعة الأزهر بالقاهرة والقرويين بفاس)، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أنه من بين هذه المميزات السعي إلى إيجاد منظومة قانونية شاملة بنكية وأسواق مالية وتأمين تكافلي، ثم تأسيس لجنة شرعية موحدة مستقلة لها الصلاحية الحصرية في إصدار الآراء بالمطابقة، إلى جانب إعداد مناشير تحاول تحقيق المواءمة القانونية.
وأضاف قراط أنه من بين المميزات التي طبعت التجربة المغربية أيضا، اعتماد سياسة التدرج من أجل استيعاب أفضل للمالية التشاركية. وقال قراط، إن هناك جوانب أخرى نحتاجها بعد سنتين، حيث وقف على “عدم وضوح إستراتيجية الدولة”، داعيا إلى ضرورة زيادة أعضاء اللجنة المكلفة بالمالية التشاركية في بنك المغرب وجعل الأعضاء متفرغين أكثر ولا بد أن يكون الأعضاء من ذوي التخصصات المختلفة.
واعتبر قراط أنه يجب إحداث لجنة تنسيق بين جميع الفاعلين والسلطات الإشرافية، مشددا على ضرورة جعل أعضاء اللجنة الشرعية متفرغين أكثر، إلى جانب إصدار مناشير وآراء تتضمن شرحا ومستندات وتعليلات، مضيفا أنه يجب اعتماد جلسات استماع مع مختلف المتخصصين قبل إصدار المناشير والقوانين وكذا العقود، مؤكدا على ضرورة اعتماد التسويق غير التقليدي.
واعتبر أن البنوك التشاركية مدعوة للخروج عن الفكر التقليدي بحيث تنفتح على إجارة الخدمات لتمويل التعليم مثل أن تشتري البنوك التشاركية 50 مقعدا تعليميا مثلا بـ200 ألف درهم وتبيعها للزبائن بالتقسيط أو تشتري خدمات صحية كالعمليات الجراحية وتبيعها بالتقسيط للزبائن إضافة إلى الصكوك كبديل عن السندات التقليدية فضلا عن أهمية التكنولوجيا خاصة في ظل عدم إمكانية منافسة البنوك التقليدية.
وأضاف قراط أنه يجب التسريع في وضع بدائل تحل مشاكل المقاولات، مشيرا إلى أهمية الرفع من وتيرة تواصل المجلس الأعلى مع الناس للإجابة عن أسئلة الشارع.
وتابع الدكتور نفسه أنه يجب إدخال تغييرات قانونية متعددة تراعي خصوصية المالية التشاركية، إلى جانب ضبط عملية التدقيق الشرعي الخارجي.
تحديات
وعرج الدكتور قراط على جملة من التحديات التي واجهت أو تواجه التجربة المغربية، مشيرا إلى تأخر إصدار قانون التأمين التكافلي والأسواق المالية (الصكوك والأسهم)، معتبرا أن ذلك من المشاكل الكبيرة التي تواجهها الأبناك التشاركية، موضحا أن تمويل الأبناك التشاركية يتم إلى حدود الساعة بدون تأمين.
وأضاف الدكتور قراط أن ذلك يسبب مخاطر كبيرة جدا سواء للزبون أو البنك، مبرزا أن القانون تمت المصادقة عليه مؤخرا إلا أن المراسيم لم تخرج بعد، كاشفا أن الأمور لا زالت متأخرة إلى 6 أو 8 أشهر، أما فيما يخص الصكوك، اعتبر المتحدث أن تجربة الصكوك السيادية غير كافية.
وأكد المصدر أنه لحل المشاكل التي تواجهها البنوك التشاركية خاصة مشاكل السيولة وجزء من المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها، يجب التسريع بقانون التأمين التكافلي والمرسوم المتعلق بصكوك التمويل والاستثمار.
وأشار إلى أنه من بين التحديات أيضا استقطاب الودائع، وتوفير حلول للشركات خاصة تمويل السيولة وخصم الأوراق التجارية وتمويل السلع الدولية، إضافة إلى إقناع الزبائن بأسلوب غير تقليدي يراعي الفروق مع البنوك التقليدية والأسعار والقرب والمرونة.
مخالفة للشرع
وتعليقا على الملاحظات التي يقدمها عدد من المهتمين والباحثين بالمالية التشاركية، حول شرعية المعاملات، نبه أستاذ فقه المعاملات المالية بكلية الشريعة فاس، إلى أنه لا يجوز لأحد أن يحكم على إجراء معين بأنه مخالف للشرع في بنك معين إلا من خلال اللجنة الشرعية.
وقال الدكتور قراك “بما أن المناشير والآراء لا تغطي كل العمليات البنكية وبما أن العمل البنكي عمل كبير وسريع فإنه لا شك أنه ستظهر بعض الإجراءات التي لا يوجد فيها نص، وقد تكون موافقة أو مخالفة، وهي تتفاوت قوة وضعفا من الناحية الشرعية، ومن ذلك شرط توطين الأجر لإعطاء التمويل واعتماد خيار الشرط وتقديم تسهيلات نقدية…”.
***
الدكتور لحلو: هذه أبرز الاختلالات الشرعية بالبنوك التشاركية
عدد الدكتور محمد طلال لحلو، المدرب في الاقتصاد الإسلامي والمالية التشاركية ورئيس فرع الرباط للجمعية المغربية للاقتصاد الإسلامي، جملة من الملاحظات التقنية والتنظيمية حول الأبناك التشاركية، معتبرا أنها تسائل شرعية معاملاتها المقدمة للزبناء، مثمنا الجهود الكبيرة التي قام بها الفاعلون في الميدان لإخراج تجربة البنوك التشاركية إلى حيز الواقع رغم العراقيل والتعقيدات أمامها.
ربح غير مستحق
وقال د.لحلو، الحاصل على دكتوراه في الأسواق المالية الإسلامية من جامعة محمد الخامس وماستر في علوم التسيير من ESCP باريس ومن ASTON ببرمنجهام، في تصريح لجريدة بيان اليوم، إن البنك التشاركي يستثمر أموال الودائع الاستثمارية وأموال الوكالة بالاستثمار في الوعاء الإجمالي المختلط دون اعتبار للمرابحات القديمة أو الجديدة، موضحا في هذا الصدد أن المرابحات الجديدة استثمار حقيقي في تجارة واقعية للعقار والمنقول عن طريق البيع بالمداينة، مضيفا “أما المرابحة القديمة فهي تجارة سابقة ومنتهية لا يمكن الاستثمار بها، فهي اليوم مجرد دين للبنك في ذمة الزبون لا يمكن حوالتها للمستثمر إلا بقيمتها الاسمية دون أي ربح للمستثمر مما يجعل حوالة الدين غير ممكنة”.
وأضاف الدكتور لحلو أنه من بين الملاحظات التقنية، أن البنك يوزع الأرباح وفق هذا الوعاء المختلط أو المسمى مجازا الوعاء الموحد، أي بكل بساطة الخلط بين المرابحة القديمة والجديدة، مشددا على أن الربح الناتج عن المرابحة الجديدة منطقي ومعقول، أما ربح المرابحات القديمة فهو غير مستحق بتاتا للمستثمرين الجدد لأنهم لم تستعمل أموالهم نهائيا في هاته المحفظة.
بيع العقار قبل تسجيله باسم البنك
وفي السياق ذاته، وقف الدكتور الحلو على إشكال شرعي آخر يتجلى في “توقيع عقد بيع المرابحة بين البنك والزبون النهائي الآمر بالشراء في نفس يوم توقيع عقد شراء البنك من المنعش العقاري قبل تسجيل العقار باسم البنك التشاركي في المحافظة واستخراج شهادة الملكية باسم البنك”، مبرزا أن الغرض من عملية عدم التحفيظ القبلي الذي تلجأ له هذه الأبناك هو تفادي خطر تراجع الزبون خلال المدة اللازمة للتحفيظ وقد تتراوح بين أسبوعين إلى أشهر حسب تعقيد الملفات مثل رفع اليد لدى البنك إذا كان العقار موضوع المرابحة مرهونا لبنك آخر، ثم تفادي تحمل كلفة رأس المال وتفويت الفرصة لاستثمار الأموال خلال هاته المدة الفاصلة بين أداء ثمن الشراء من البنك وابتداء الاقتطاع للزبون (فهذه المدة التي تضيع بسبب إجراءات التحفيظ لا يحتسب البنك فيها أية أرباح)، وأيضا الاقتصاد في تكلفة رأس المال في هاته الفترة يخول للبنك تقديم منتج المرابحة بمعدل ربح أقل مما يرفع من تنافسية التمويل واستقطاب أكبر للزبناء.
واعتبر الدكتور لحلو أن ما أشار إليه “يخالف ما صرح به الدكتور الروكي، منسق اللجنة الشرعية للمالية التشاركية، حيث قال بعدم جواز إعادة بيع العقار قبل تسجيله باسم البنك، وجاء ذلك خلال دورة تكوينية ببرشيد الأسبوع الماضي”.
عدم إلغاء المواعدة .. معاملة صورية
وجاء ضمن ملاحظات الدكتور لحلو أيضا، عدم إلغاء المواعدة الملزمة من الطرفين بالبيع القائم بين البائع الأول والزبون النهائي وعدم إرجاع التسبيق المقدم للزبون من طرف الموثق، وبالتالي فإن ثمن شراء العقار يكون ناقصا منه مبلغ التسبيق، مشيرا أن هذا يتم عوض أن يقوم البنك بفسخ المواعدة السابقة عن طريق الموثق وبدفع الثمن كاملا للبائع الأول غير منقوص منه التسبيق الذي أخذه المنعش من الزبون سابقا، وشدد الدكتور لحلو على أن “هذه المسألة تخالف ما نصت عليه المعايير الشرعية AAOIFI المعتمدة في الصناعة، إذ يتم دخول البنك في معاملة شرع فيها الطرفان مسبقا”.
وأبرز الدكتور لحلو أيضا أنه من بين الملاحظات التي تسائل شرعية هذه المعاملات، هي تحمل الزبون لتكلفة دراسة الملف الائتماني للتمويل بالمرابحة، وتحمله لتكلفة الخبرة للعقار موضوع المرابحة “وهو في هذه المرحلة لا علاقة له بضمان العقار، وهذا قد يعزز رأي القائلين بأن المعاملة صورية”.
قرض حسن
ومن بين الملاحظات أيضا التي وقف عليها الدكتور لحلو، هي إعطاء البنك خصما تفضيليا من هامش الربح على حسب مستويات الودائع الجارية للزبون لدى البنك؛ فيستفيد الزبناء الأغنياء الذين سيقرضون (من خلال ودائعهم) أموالا كثيرة للبنك من خصم تفصيلي إستثنائي لمرابحاتهم، معتبرا أن هذه العملية من قبيل قرض (الوديعة) جر نفعا مشروطا (الخصم) من المقرض (الزبون) إلى المقترض (البنك).
وفي نفس السياق، عرج المدرب في الاقتصاد الإسلامي والمالية التشاركية على إعفاء الزبناء الأغنياء فقط دون المتوسطين والضعفاء من مصاريف مسك الحساب بل وكذلك مصاريف العمليات والخدمات بالنظر إلى حجم ودائعهم الجارية التي لديهم عند البنك على سبيل القرض الحسن من الزبون للبنك، مشيرا إلى أنه إذا أقرض الزبون مبالغ كبيرة للبنك أعفاه البنك مقابل ذلك من أداء المصاريف فكان ذلك نفعا كبيرا للزبون مقابل قرضه ودائعه الكبيرة للبنك، إلى جانب إعطاء البنك للزبون تسهيلات الصندوق على سبيل القرض الحسن محدود في مبلغ الدخل أو الأجرة التي يلتزم الزبون إجباريا بتوطينها الدائم عند البنك، مشيرا إلى أن الزبون يلتزم بوضع أمواله عند البنك على سبيل القرض الحسن مقابل استفادته عند الحاجة من قرض حسن مماثل من طرف البنك.
وتابع المدرب نفسه، أن إلتزام البنك بأن يؤدي عوضا عن الزبون 7 دراهم عن كل سحب من الشبابيك الأوتوماتيكية لجميع الأبناك بشرط بأن يفتح الزبون حسابه عند البنك (قرض حسن) ويشتري منه البطاقة الإئتمانية (أداة إستيفاء الدين)؛ فكلما سحب زبون هذا البنك أمواله من شبابيك الأبناك يتحمل البنك أداء مصاريف الخدمة 7 دراهم عن كل عملية ولا يأخذ هاته المصاريف من زبونه المستفيد من الخدمة عند الغير بل يعفيه منها ويؤديها البنك بدلا عن الزبون وذلك لأن البنك يستفيد من أموال الزبون الجارية تحت الطلب (قرض حسن) من جهة ويستفيد البنك من مصاريف مسك وتسيير الحساب والعمليات المصرفية الأخرى التي سوف يؤديها الزبون من جهة ثانية.
أقرضني أقرضك
وكشف الدكتور لحلو أنه من بين الملاحظات الشرعية إجبار البنك التشاركي للزبون على توطين دخله أو أجرته لدى البنك (قرض حسن من الزبون للبنك) كشرط لموافقة البنك على تمويله بالمرابحة حتى يكثر البنك من أرباحه بالنظر إلى إستكماله ودائع الزبون من جهة واستخلاص مصاريف الخدمات من جهة أخرى وكذلك بالنظر إلى الإسراع من اقتطاع الأقساط لدى البنك نفسه عوض انتظار وصول الأقساط من بنك آخر، معتبرا “هذه المسألة راجعة إلى المسألة الفقهية المسماة “أقرضني أقرضك”، مع الخلاف المعروف”.
ووقف أيضا على بيع البنك للزبون عدة منتجات وخدمات وإعفاءات لمصاريف مسك الحساب والعمليات في بيعة واحدة مجمعة في باقة بثمن جزافي دون تحديد ثمن كل منتج أو خدمة على حدة، وبغض النظر إن كان يستعمل الزبون كل هاته المنتجات والخدمات أم لا، موضحا أن البنك يجمع عدة بيوع في بيعة واحدة بثمن جزافي موحد وإن كان الزبون لا يحتاجها كاملة، وقد يؤول هذا إلى بيع الغرر المحظور، حسب الدكتور نفسه.
التورق المنظم
وجاء في ملاحظات الدكتور نفسه، إمضاء عقد المرابحة على السلع الأولية ومواد البناء قبل تعيينها وقبل معاينتها وقبل تسليمها للبنك؛ فيقوم البنك بإمضاء الطلبية مع المورد ثم يمضي مباشرة عقد المرابحة مع الزبون دون أي إجراء للتأكد من أن السلعة حقيقية وموجودة فعلا وحاضرة قبليا عند المورد، معتبرا أن هذا الإجراء التطبيقي يسمح مباشرة بالممارسة الفعلية للتورق المنظم الذي حضرته لجنة الشريعة. والمشكل هنا حسب د.لحلو في عدم التعيين، الذي به تتميز السلعة ومن ثم ضمان ومسؤولية صاحبها عنها، في حال هلاكها قبل إعادة بيعها.
ملاحظات تنظيمية
هذا، ومن جهة أخرى حصر الدكتور لحو الملاحظات التنظيمية حول الأبناك التشاركية، بعد سنتين منذ انطلاقها بالمغرب، في عدم نشر المجلس العلمي لمستندات فتاويه، عدم تحديد العرف الذي يرجع إليه هل العرف القانوني أم العرف المجتمعي أم العرف الفقهي، وقد يتعارضون.
وتابع الدكتور في الصدد ذاته، أن غياب التدقيق الذي يتلو الفتوى من المجلس العلمي يفتح أبوابا واسعة للاجتهاد والاختلاف والمخالفة للبنوك، إضافة إلى بحث البنوك عن عقود تؤول إلى عمليات بلا أي مخاطرة ولو على حساب المعايير الشرعية، ثم غياب فتوى بخصوص عملية أقرضني أقرضك.
واستغرب د.لحلو عدم تخفيض البنوك أثمنتها في الوقت الذي تشتكي فيه قلة الزبائن، مشيرا إلى عدم الوضوح بخصوص الحكم الشرعي حول إيداع الناس أموالهم في “بنوك ربوية”، ثم عدم دخول البنوك التشاركية في الاقتصاد الناتج للقيمة المضافة المباشرة من خلال العمل المقاولاتي والإبداع، والاكتفاء بالعقار والديون.
ودعا د.لحلو الفاعلين بعدم نسخ أخطاء التجارب الدولية العديدة في ميدان المالية الإسلامية، والتركيز على تغيير جوهري في تصور البنوك التشاركية على أنها “الوسيط المالي” غير المنتج، وتغييره بتصور مطابق لمقاصد الشريعة، كفاعل اقتصادي حقيقي “تاجر ومستثمر”، مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية دمج المكونات الأخرى للاقتصاد الإسلامي ومنها الزكاة والوقف والتكافل والأسواق المالية الإسلامية بصكوك شرعية وغير صورية.