الذكرى الـ 45 لاسترجاع إقليم وادي الذهب.. محطة وضاءة في مسيرة استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية

خلد الشعب المغربي، ومعه أسرة المقاومة وجيش التحرير، أول أمس الأربعاء، الذكرى الـ 45 لاسترجاع إقليم وادي الذهب، والتي تشكل محطة وضاءة في مسيرة استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية المقدسة للمملكة، وذلك في أجواء الحماس الوطني الفياض والتعبئة الوطنية الشاملة والمستمرة.

ويشكل هذا الحدث لحظة تاريخية كبرى في ملحمة الوحدة التي حمل مشعلها بإيمان واقتدار وتبصر وبعد نظر مبدع المسيرة الخضراء المظفرة، مسيرة فتح الغراء عندما خاطب جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه، أبناء القبائل الصحراوية المجاهدة قائلا: “إننا قد تلقينا منكم اليوم البيعة، وسوف نرعاها ونحتضنها كأثمن وأغلى وديعة. فمنذ اليوم، بيعتنا في أعناقكم ومنذ اليوم من واجباتنا الذود عن سلامتكم والحفاظ على أمنكم والسعي دوما إلى إسعادكم، وإننا لنشكر الله سبحانه وتعالى أغلى شكر وأغزر حمد على أن أتم نعمته علينا فألحق الجنوب بالشمال ووصل الرحم وربط الأواصر”. ومما زاد من بهاء وروعة هذا اللقاء التاريخي ودلالاته، قيام جلالته رحمة الله عليه بتوزيع السلاح على وفود القبائل في إشارة رمزية إلى استمرار الكفاح من أجل الدفاع عن الوحدة الترابية وعن استتباب الأمن والأمان والاستقرار بالأقاليم الجنوبية المسترجعة إلى الوطن.

كما يعد يوم 14 غشت 1979 يعد يوما تاريخيا مشهودا في سلسلة الملاحم والمكارم في سبيل تحقيق الوحدة الترابية واستكمال السيادة الوطنية. إنه تتويج لمسيرة نضالية طويلة ومريرة وزاخرة بالدروس والعبر، إذ بعد عقود من الوجود الاستعماري الاسباني بالأقاليم الجنوبية، تواصلت مسيرة تحرير ما تبقى من الأجزاء المغتصبة بدءا بمدينة طرفاية في 15 أبريل 1958 ثم سيدي إفني في 30 يونيو 1969، فالأقاليم الجنوبية المسترجعة غداة المسيرة الخضراء التي انطلقت في 6 نونبر 1975 بفضل عبقرية وحنكة جلالة المغفور له الحسن الثاني و نضالات وبطولات أبناء هذه الربوع المجاهدة، وأخيرا استرجاع إقليم وادي الذهب في 14 غشت 1979.

وهكذا، بعد مرور 45 سنة على عودة هذا الإقليم إلى الوطن، تواصل بنفس العزم والحزم والإصرار مجهود تنمية هذا الجزء الغالي من الوطن، للارتقاء به إلى قطب جهوي ليس قياسا مع جهات البلاد فحسب، ولكن بالنسبة لكافة مناطق الساحل والصحراء. فمنذ استرجاع هذا الإقليم والأقاليم الجنوبية الأخرى، انطلقت أوراش عمل كبرى لانجاز مشاريع وبرامج استثمارية وتنموية في كافة المجالات وعلى شتى الواجهات الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية والثقافية والبشرية وإقامة التجهيزات الأساسية والبنى التحتية والارتكازية لإرساء اقتصاد جهوي قوي وخلاق للقاعدة المادية للإنتاج وموفر لفرص الشغل. ومن الجدير بالذكر أن تصور مشاريع تنموية دامجة ومستدامة يضع المواطن في صلب الأولويات، وهو خيار مهد الطريق أمام تحول عميق وجذري في جهة الداخلة وادي الذهب والجهات الصحراوية الثلاث، وهي مناطق من الوطن لم تشهد أية تنمية اقتصادية واجتماعية إبان فترة احتلالها. لكنها تعيش اليوم على وقع دينامية متواصلة في مختلف مجالات التنمية الشاملة والمتكاملة والمندمجة في الاقتصاد الوطني.

ويعتبر النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، الذي أعطى انطلاقته جلالة الملك محمد السادس بالعيون يوم 6 نونبر 2016، بمناسبة الذكرى الأربعين لانطلاق المسيرة الخضراء المظفرة، خطوة أخرى في المسار التنموي، ترتكز في مضمونها على التنمية المتكاملة في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.

ويكتسي الاحتفاء بهذا الحدث الوطني الوازن والمتميز صبغة خاصة في هذه السنة، من حيث أنه يأتي في سياق الانتصار الدبلوماسي الأخير الذي حققه المغرب، باعتراف الجمهورية الفرنسية بمغربية الصحراء.

برنامج حافل بالأنشطة والفعاليات

وبهذه المناسبة الغراء، أعدت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير برنامجا حافلا بالأنشطة والفعاليات المخلدة للذكرى الـ 45 للحدث التاريخي العظيم لاسترجاع إقليم وادي الذهب، يتضمن بعد تحية العلم الوطني مهرجانا خطابيا بالقاعة الكبرى لولاية جهة الداخلة – وادي الذهب، يوم الأربعاء 14 غشت 2024 تم خلاله تكريم صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وتوزيع مساعدات اجتماعية على عدد من أفراد هذه الأسرة المجاهدة المستحقة للدعم المادي والاجتماعي.

كما تم، بنفس المناسبة، تنظيم برامج أنشطة وفعاليات تربوية وثقافية وتواصلية مع الذاكرة التاريخية بسائر النيابات الجهوية والإقليمية والمكاتب المحلية وعددها 46، وكذا بفضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير المبثوثة عبر التراب الوطني وتعدادها 104 وحدة/ فضاء، بتنسيق وشراكة مع القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والهيآت المنتخبة والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني، على امتداد الفترة الممتدة من 14 إلى 31 غشت الجاري تزامنا مع تخليد الذكرى الـ 71 لملحمة ثورة الملك والشعب في 20 غشت 2024.

محطة تاريخية مشرقة

في هذا الصدد، أكد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، أن الذكرى الـ 45 لاسترجاع إقليم وادي الذهب يعد محطة تاريخية مشرقة جسدت ملحمة بطولية حاسمة في مسيرة النضال الوطني الموصول من أجل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية.

وأوضح الكثيري، خلال مهرجان خطابي نظمته النيابة الجهوية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير أن تخليد الذكرى الخامسة بعد الأربعين لاسترجاع إقليم وادي الذهب إلى الوطن يعد مناسبة سانحة، لاستحضار السياق التاريخي لهذا الحدث الخالد ولتدبر دلالاته واستخلاص الدروس والعبر، وللعودة بالذاكرة إلى محطات مجيدة من نضالات الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي المجاهد، في مواجهة التغلغل الاستعماري وتسلطه.

وفي معرض استحضاره لبعض من الدرر والمحطات التي جسدت ذلك التلاحم المتين بين العرش والشعب، قال الكثيري إن المغرب تصدى للأطماع الأجنبية وناهض أبناؤه الوجود الاستعماري منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى بعد فرض نظام الحماية عليه في ظروف دولية ومحلية دقيقة يوم 30 مارس 1912م، وتقسيمه إلى مناطق نفوذ موزعة بين الحماية الفرنسية بوسط المغرب والحماية الإسبانية بشماله وجنوبه وإخضاع منطقة طنجة لنظام حكم دولي.

وتابع أن الكفاح الوطني في سبيل نيل الحرية والاستقلال واستكمال الوحدة الترابية اتخذ مسارا متواصل الحلقات ومتعدد الأشكال والصيغ. فمن المقاومة المسلحة الأولى والانتفاضات الشعبية إلى النضال السياسي، فالمقاومة الفدائية وانطلاق عمليات جيش التحرير بشمال الوطن وشرقه إلى أن تحقق النصر بعودة بطل التحرير والاستقلال، جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله مثواه من المنفى إلى أرض الوطن يوم 16 نونبر 1955، وإعلانه رحمه الله انتهاء فترة الحماية وإشراقة شمس الحرية والاستقلال، ودعوة جلالته إلى مواصلة الجهاد الأصغر بالجهاد الأكبر من أجل بناء وإعلاء صروح الوطن وتنميته وتقدمه.

وأضاف الكثيري أنه لم يكن انتهاء حقبة الحماية والاستعمار إلا بداية لملحمة الجهاد الأكبر لبناء المغرب الجديد الذي كان من أولى قضاياه تحرير ما تبقى من تراب المملكة من نير الاحتلال الأجنبي، مشيرا إلى أنه وفي هذا الظرف الحساس من تاريخ المغرب المعاصر، انعقد مؤتمر “أم الشكاك” بضواحي مدينة السمارة في 15 أبريل 1956، والذي حج إليه عدد كبير من أعيان وشيوخ وممثلي القبائل الصحراوية. وفي نهاية أشغاله، انتدب المؤتمرون وفدا مكونا من 39 شخصية يمثلون جميع قبائل الصحراء، للقاء جلالة المغفور له الملك محمد الخامس بالقصر الملكي بالرباط، حيث جددوا لجلالته فروض الطاعة والولاء والإخلاص للعرش العلوي المجيد.

وهكذا، يضيف الكثيري، شكل انطلاق عمليات جيش التحرير بالجنوب المغربي سنة 1956 إشارة قوية، تعكس عزم المغاربة كافة وإصرارهم على استعادة باقي الأجزاء المغتصبة من أراضيهم. وشهدت ربوع الصحراء المغربية العديد من المعارك والملاحم البطولية التي تكبد فيها الاحتلال الأجنبي خسائر فادحة في الأرواح والعتاد. وبعد أقل من سنتين فحسب على حصول البلاد على استقلالها، قرر أب الأمة ومحرر الوطن القيام بزيارة لمناطق درعة بما فيها إقليمي زاكورة وتنغير ما بين 20 و26 فبراير 1958، ودعا جلالته في هذه الزيارة لمواصلة الكفاح من أجل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية، مذكرا بأن خطاب جلالة المغفور له محمد الخامس التاريخي بمحاميد الغزلان، كان بمثابة نداء لمواصلة التعبئة لتحرير ما تبقى من الأطراف المغتصبة والسليبة من الوطن.

وتابع أنه لم يمض على هذه الزيارة الملكية سوى شهر ونصف حتى تحقق استرجاع إقليم طرفاية في 15 أبريل 1958، ليتم بعد ذلك استرداد مدينة سيدي إفني إلى حظيرة الوطن يوم 30 يونيو 1969.

وأبرز أن مسلسل استكمال الوحدة الترابية ت وج بتنظيم المسيرة الخضراء المظفرة التي أبدعتها العبقرية الفذة لجلالة المغفور له الحسن الثاني لاسترجاع الأقاليم الصحراوية المغتصبة، ولترتفع راية الوطن خفاقة في سماء مدينة العيون في 28 فبراير 1976 إيذانا بإجلاء آخر جندي أجنبي عن الصحراء المغربية، وكذلك كان يوم 14 غشت 1979 إعلانا عن استرجاع إقليم وادي الذهب إلى حظيرة الوطن. وأكد أن الاحتفاء بهذه الذكرى المجيدة يعد مناسبة لتجديد التعبئة المستمرة والتجند الموصول لسائر فئات وشرائح المجتمع والقوى الحية والشعب المغربي قاطبة وراء صاحب الجلالة الملك محمد السادس من أجل الترافع على قضيتنا الوطنية الأولى، قضية الوحدة الترابية، التي تعد بحق المنظار الذي يحدد من خلاله المغرب مسار علاقاته الخارجية، كما أكد ذلك جلالته في خطابه السامي بمناسبة الذكرى التاسعة والستين لثورة الملك والشعب، والذي ورد فيه قول جلالته: “أوجه رسالة واضحة للجميع: إن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات”. وبهذه المناسبة، تم تكريم ستة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وهم من صفوة أبناء هذه الربوع المجاهدة، وذلك في إطار تكريس ثقافة الاعتراف والوفاء والعرفان برجالات المغرب الأبرار الذين أخلصوا للوطن وأسدوا وضحوا ذودا عن حريته واستقلاله ووحدته.

من جهة أخرى، خصصت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير إعانات مالية لعدد من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وأرامل المتوفين منهم عرفانا بما أسدوه خدمة للوطن، وتعدادها 43 إعانة بغلاف مالي إجمالي قدره 142.000 درهم، يتوزع على مجالات الإسعاف الاجتماعي (41 إعانة مالية)، ودعم المشاريع الاقتصادية (02). وعرف هذا المهرجان الخطابي، على الخصوص، حضور رؤساء المجالس المنتخبة، وعدد من المنتخبين ورؤساء المصالح الخارجية، وشخصيات مدنية وعسكرية، وأعضاء المقاومة وجيش التحرير المرافقين للمندوب السامي، بالإضافة إلى أفراد من أسرة المقاومة وجيش التحرير بالجهة وذوي الحقوق.

******

رئيس جامعة الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج رضوان الشريف القادري : مكونات الجامعة متشبثون بوطنهم المغرب وبوحدتهم الترابية

 

عبر رئيس جامعة الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج، رضوان الشريف القادري، عن افتخار المغاربة قاطبة، ومغاربة العالم بتاريخ الوطن النضالي الكبير في سبیل تحقيق الوحدة الترابية، واستکمال السيادة الوطنية، ومواكبة عجلة التطور والتنمية، مما يلفت انتباه الأمم إلينا بوصفنا شعبا متميزا بحضارتِه ومنجزاته وأصالته.
وتابع الشريف القادري، في تصريح لجريدة بيان اليوم: “وإذ نذكر المنجزات، فها نحن اليوم في ربوع وطننا الكبير نحتفل تحت إشراف المندوبية السامية لقدماء المقاومين، وأعضاء جيش التحرير نخلد في هذا اليوم العظيم الذكرى الرابعة والأربعين لاسترجاع إقليم وادي الذهب.
واعتبر المتحدث نفسه، أن احتفاء الشعب المغربي قاطبة والمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، بمشاركة جامعة الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج بهذه الذكرى الغالية ذكرى استرجاع إقليم واد الذهب، هو إعلان الفرح والافتخار بهذا المناسبة الغالية على قلوب المغاربة قاطبة داخل وخارج الوطن العزيز وبعودة هذا الإقليم العزيز على القلوب إلى الوطن الأم.
وتابع القادري :”غير خاف أن هذا الإنجاز التاريخي الهام هو ثمرة كفاح ونضال من أجل تحرير هذا الإقليم من المستعمر، وتجديد البيعة لجلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه، من قبل أعيان وشيوخ سائر قبائل وادي الذهب “بيعة الرضى والرضوان”، معبرين عن تعلقهم المكين بالعرش العلوي المجيد وارتباطهم الوثيق والتحامهم بوطنهم المغرب”.
وأردف رئيس جامعة الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج: لاعتبار جامعة الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج تضم خيرة أبناء هذا الوطن من جميع ربوعه من طنجة إلى الكويرة، تعبر عن مدى اعتزازها وفخرها بهذه المناسبة العظيمة، ذكرى استرجاع أقاليم واد الذهب، مؤكدة أن أفراد هذه الجامعة متشبثون بوطنهم المغرب وبوحدتهم الترابية، مساندون لهذا النضال، وهم جنود مجندة إلى جانب باقي المناضلين الأكفاء، وراء جلالة الملك محمد السادس ، مساهمون بنشر ثقافة الوحدة الترابية، داخل بلدان إقامتهم عبر مجموعة من الأنشطة التي تنظمها جامعة الكفاءات المغربية بالخارج”.
وأبرز القادري، أنه بحضور مغاربة وأجانب بتنسيق وشراكة مع المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير يهدفون إلى التعريف بتاريخ المغرب ونضالاته وثقافته وحضارته، وإيصالها من جيل إلى جيل في بلدان المهجر، لتقوية روح الوطنية والهوية المغربية، وتشبث الجالية المغربية المقيمة بالخارج ببلدها الأم، والدفاع عن مصالحه وثوابته ومقدساته.

 مبعوث بيان اليوم إلى الداخلة: عبد الصمد ادنيدن

Top