بيان اليوم
تحت شعار “الرضاعة الطبيعية مع العمل، لنحقق ذلك”، تنظم وزارة الصحة في الفترة ما بين 28 مارس الجاري و3 أبريل القادم، النسخة السادسة للأسبوع الوطني لتعزيز الرضاعة الطبيعية.
ويهدف الأسبوع الوطني، الذي ينظم في إطار الاستراتيجية الوطنية للتغذية 2011-2019، إلى التأكيد على ضرورة تقديم الدعم من طرف جميع القطاعات لتمكين الأمهات العاملات من الاستمرار في الرضاعة الطبيعية وإبلاغهن بحقوقهن وضرورة الاستمرار في إرضاع أطفالهن لحمايتهن من الأمراض، وكذا
تشجيعهن على اعتماد الممارسات السليمة لتمكينهن من إنجاح الرضاعة الطبيعية.
ويفيد بلاغ لوزارة الصحة حول الموضوع، توصلنا بنسخة منه، أنه على الرغم من المجهودات المبذولة في مجال تشجيع تغذية الرضع والأطفال، لا زالت ممارسة الرضاعة الطبيعية منخفضة نسبيا، حيث إن نسبة الأطفال المستفيدين من الرضاعة الطبيعية المطلقة خلال الأشهر الستة الأولى، لا تتجاوز 27.8%، مما يساهم في إضعاف مناعة الأطفال الذين لا يرضعون طبيعيا ضد الأمراض التعفنية الخطيرة ويعرضهم إلى الإصابة بالأمراض المزمنة، ويؤثر سلبا على نموهم.
كما بينت نتائج المسح الوطني للسكان والصحة الأسرية لسنة 2011 أن من بين أسباب تراجع الرضاعة الطبيعية تغير أنماط العيش بالوسط الحضري خاصة، بما في ذلك عمل المرأة، وكذلك انتشار بعض الاعتقادات الخاطئة لدى الأمهات حول عدم كفاية حليب الأم كغذاء وحيد للرضع خلال الأشهر الستة الأولى، في حين تؤكد كل المعطيات العلمية والتوصيات على الإرضاع المطلق بحليب الأم طيلة هذه الفترة.
وللتعريف أكثر بالرضاعة الطبيعية، وضعت الوزارة، بمختلف المراكز الصحية، أقساما للأمهات، لتقديم المشورة والتوعية حول صحة الطفل والرضيع والتحسيس بأهمية الرضاعة الطبيعية على مستوى المراكز الصحية.
وتتخلل هذا الأسبوع أنشطة تحسيسية، لفائدة مهنيي الصحة العاملين في كل من القطاعين العام والخاص، وتنظيم ندوات علمية على مستوى معاهد تكوين الأطر الصحية وبكليات الطب وكليات العلوم. كما دعت الوزارة باقي القطاعات الحكومية والمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام الوطنية المختلفة، للمشاركة في دعم مجهودات الوزارة في هذا المجال، وتوفير المعلومات للساكنة عامة من أجل تحقيق الأهداف المسطرة لهذه الحملة، بالإضافة إلى أنشطة تحسيسية لفائدة المرشدات والمرشدين الدينيين، وكذا أيام توعوية للتلاميذ على مستوى المدارس والثانويات.
توصيات عالمية
تؤكد منظمة الصحة العالمية على أن الرضاعة الطبيعية تمثل وسيلة منقطعة النظير لتوفير الغذاء الأمثل الذي يمكن الرضع من النمو والنماء بطريقة صحية، ولها آثار إيجابية هامة أيضا على صحة الأمهات. وأظهرت بيانات منظمة الصحة أن الاقتصار على تلك الرضاعة طوال الأشهر الستة الأولى من حياة الطفل يشكل أنسب الطرق لتغذية الرضع. وينبغي، بعد ذلك، إعطاء الرضع أغذية تكميلية والاستمرار في إرضاعهم طبيعيا حتى بلوغهم عامين من العمر أو أكثر من ذلك.
ولتمكين الأمهات من الأخذ بالرضاعة الطبيعية والاستمرار فيها طيلة ستة أشهر توصي كل من منظمة الصحة العالمية واليونيسيف الشروع في إرضاع الطفل طبيعيا في غضون الساعة الأولى من ميلاده، مع الاقتصار على الرضاعة الطبيعية- وذلك يعني أن الطفل لا يتلقى إلا لبن الأم دون أية أغذية أو مشروبات إضافية، بما في ذلك الماء، وإرضاع الطفل بناء على طلبه – أي كلما يرغب في ذلك، في النهار وأثناء الليل، مع الحرص على عدم إعطاء القارورات أو المصاصات أو اللهايات في هذه الفترة من بداية حياة الطفل.
ويوفر حليب الأم كل ما يلزم للرضيع من طاقة وعناصر مغذية في الأشهر الأولى من حياته، كما يستمر ذلك الحليب في تغطية نحو نصف احتياجات الطفل الغذائية أو أكثر من ذلك، خلال الشطر الثاني من العام الأول، ونحو ثلث تلك الاحتياجات خلال العام الثاني من حياته. ويسهم حليب الأم في النماء الحسي والمعرفي وفي حماية الرضع من الأمراض المعدية والمزمنة. كما يفيد الاقتصار على الرضاعة الطبيعية في الحد من وفيات الرضع الناجمة عن أمراض الطفولة الشائعة، مثل الإسهال أو الالتهاب الرئوي، ويساعد على الشفاء من الأمراض بسرعة.
كما تسهم الرضاعة الطبيعية في تعزيز صحة الأمهات وعافيتهن، وتساعد على تباعد الولادات وتحد من مخاطر الإصابة بالسرطان المبيضي أو سرطان الثدي، وتزيد من الموارد الأسرية والوطنية، كما أنها من السبل الغذائية المأمونة التي لا تضر بالبيئة.
الحاجة إلى التدريب
وعلى الرغم من أن الرضاعة الطبيعية هي من الممارسات الطبيعية، فإنها تمثل أيضا سلوكا يكتسب بالتعلم. فقد بينت مجموعة شاملة من البحوث العالمية أن الأمهات بحاجة إلى دعم نشط للأخذ بممارسات الرضاعة الطبيعية المناسبة والاستمرار فيها. وقد أطلقت منظمة الصحة العالمية واليونيسيف مبادرة “المستشفيات الصديقة للرضع”، التي تشتمل على عشر خطوات لضمان نجاح الرضاعة الطبيعية. وتم تنفيذ تلك المبادرة في قرابة 16000 مستشفى في 171 بلدا وقد أسهمت في تحسين نسبة الأخذ بمبادئ الاقتصار على الرضاعة الطبيعية في جميع أنحاء العالم. وفي حين تساعد خدمات الأمومة المحسنة على زيادة معدلات الشروع في الرضاعة الطبيعية والاقتصار عليها، فإن الدعم على جميع مستويات النظام الصحي من الأمور الضرورية لمساعدة الأمهات على الاستمرار في تلك الرضاعة.
التغلب على مشاكل الرضاعة الطبيعية
يقر البروفيسور الألماني ميشيل أبوداكن أن الأمهات الشابات قد يواجهن بعض المشاكل في الرضاعة الطبيعية، مثل تأخر نزول الحليب بعد الولادة أو الشعور بآلام أو شد في الثدي. ويوضح الخبير عضو شبكة “الصحة سبيلك للحياة” الألمانية، أن تحضير الثدي من خلال المراهم الخاصة أو الضغط على حلمات الثدي ليس ضروريا لعلاج مشكلة تأخر نزول اللبن، وإنما من المهم تكثيف الاتصال بين بشرة الأم ورضيعها. وينبغي على الأم مثلا وضع الطفل على البطن بعد الولادة مباشرة، مع مراعاة عدم الضغط على الصدر، بالإضافة إلى ضرورة اتباع الأم لوضع الرضاعة الصحيح الذي توضحه لها العاملات في المستشفى بعد الولادة، والذي يتبعه الرضيع من تلقاء نفسه بمرور الوقت. أما شعور الأم بآلام في الثدي أو شعور معظم السيدات – دون سبب واضح- بقلة تكوين الحليب في الثدي، فأوضح البروفيسور الألماني أنه قد يرجع إلى الضغط العصبي. وبالإضافة إلى ذلك، يوصي الخبراء الأم بتفريغ الثدي باليدين برفق بدلا من استعمال مضخة الثدي، في حال شعورها بآلام ضاغطة في الثدي.
الرضاعة الطبيعية في مكان العمل
يعد غياب الدعم في مكان العمل أحد الأسباب الرئيسة التي تجبر الأمهات العاملات على إيقاف الرضاعة الطبيعية قبل انتهاء المدة المفضلة. وتؤكد منظمة العمل الدولية أن الجهود العالمية المبذولة لتشجيع الرضاعة الطبيعية في مكان العمل بدأت تؤتي أكلها خلال السنوات الأخيرة، حيث باتت 65 في المائة من دول العالم تملك تشريعات تمنح الأمهات استراحات مدفوعة الأجر أثناء الدوام أو تخفيضا في ساعات العمل من أجل إرضاع أطفالهن. غير أن ما يقرب من ربع دول العالم ما زالت تمنع الرضاعة الطبيعية في مكان العمل، لاسيما في آسيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي. وحتى في الدول التي تمتلك تشريعات في هذا المجال، يسجل تفاوت في التزام المشغلين بالمقتضيات القانونية في الموضوع.
وتقول لورا آداتي، أخصائية حماية الأمومة والأسر العاملة لدى منظمة العمل الدولية: “تظهر البيانات القانونية المستقاة من قاعدة بيانات حماية الأمومة أن هناك حاجة لمزيد من الجهود لإقناع الحكومات وأرباب العمل – وحتى العمال أنفسهم أحيانا – بأن الجمع بين العمل والإرضاع ليس ممكنا وحسب، بل أنه ضروري للأم والطفل معا، وكذلك لقطاع الأعمال والمجتمع بشكل عام”.
وتضيف آداتي بأن حصول الأمهات المرضعات على إجازة أمومة مدفوعة ليس كافيا، فالرضاعة الطبيعية بعد عودة الأم إلى العمل ينبغي أن توفر للنساء في مقرات عملهن أماكن مريحة مخصصة لتخزين حليب الثدي في ثلاجات خاصة ضمن بيئة نظيفة وآمنة، إضافة إلى مرافق مخصصة للرعاية النهارية وترتيبات مناسبة لأوقات العمل للنساء والرجال، ما أمكن.
وتفيد المعطيات أن دعم الرضاعة الطبيعية يفرض تكاليف محدودة على أصحاب العمل، سواء من حيث ساعات العمل أو البنية التحتية اللازمة. لكنه يضمن بالمقابل الحفاظ على اليد العاملة الماهرة ومردودية افضل على المدى المتوسط والطويل.
وتشير المنظمة أنه على عكس الاعتقاد الشائع، تواجه النساء العاملات في القطاعات غير المنظمة أيضا مشاكل في الاستمرار بالرضاعة الطبيعية عند العودة إلى العمل، نظرا لصعوبة اصطحاب الرضيع إلى أماكن العمل في الحقول والمزارع وفي حالة عاملات المنازل. وإذا فعلن ذلك، فغالبا ما ينطوي الأمر على مخاطر تهدد صحة الأطفال ورفاهه، فضلا عن إمكانية أن يؤدي ذلك إلى عمل الأطفال في سن مبكرة.