حقوقيون ورجال قانون يعتبرون القرار تعسفيا وغير مشروع
ترهن عدد من القيادات بالدوائر القروية، والمقاطعات بالمجال الحضري، الحصول على الوثائق الإدارية “شهادة السكنى، شهادة الخطبة، شهادة عدم الشغل..”، بضرورة التوفر على جواز التلقيح ضد كوفيد-19.
وعاينت جريدة بيان اليوم، ربط قيادة عين شعيب، بأولاد تايمة، بعمالة تارودانت، حصول المواطنين على وثائقهم الإدارية بالحصول على جواز التلقيح، حيث يتم فرض تقديم نسخة من الجواز بمعية الوثائق اللازمة كشرط للحصول على إحدى الشواهد الإدارية، حتى وإن لم يكن حاضرا بشكل شخصي (إذا أوكل طالب الشهادة شخصا آخرا ليحصل له على الشهادة يتم مطالبة الموكول له بجواز تلقيح الموكل الراغب في الحصول على الشهادة رغم عدم حضوره، في حين لا يتم مطالبة الموكل إليه بجواز تلقيحه)، مما يعني أساسا “إجبارية التلقيح بشكل غير مباشر، وربط الحصول على الوثيقة الإدارية بجواز التلقيح”.
وأكد عدد من المواطنين، في اتصال مع جريدة بيان اليوم، اعتماد نفس القرار بعدد من مقاطعات الدار البيضاء والرباط ومكناس ومدن أخرى…، معربين عن استنكارهم واستغرابهم لهذا القرار، خاصة عندما يكون المعني بالأمر غير حاضر.
وفي هذا الصدد، قال الباحث والفاعل الجمعوي والحقوقي عبد الرزاق الحنوشي، إن الولوج للحقوق المدنية والسياسية محددة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، مؤكدا أنه لا يوجد أي حاجز أو مانع يمكن أن يقوم ضد ممارسة هذه الحقوق.
وأضاف الإطار بمجلس النواب الذي شغل مديرا لديوان رئيس مجلس حقوق الإنسان (من سنة 2011 إلى 2018)، في اتصال أجرته معه بيان اليوم، أن الدول التي صادقت على هذا العهد ملزمة بوضع كل الترتيبات لضمان تمتع مواطنيها بهذه الحقوق.
واستطرد الحنوشي: “بطبيعة الحال يوجد ما يسمى بالاستثناءات أو الظروف الاستثنائية، لكن حتى الظروف الاستثنائية لا تعطل فيها الحقوق الأساسية ومن بينها الحقوق المدنية والسياسية، بطبيعة الحال توضع بعض التدابير ذات الطابع المؤقت تفرضها هذه الاستثناءات، لكن لا يمكن أن تصل إلى حدود إلغاء أو منع تمتع المواطنين بالحقوق الأساسية”.
وأوضح المتحدث نفسه، أنه “يمكن فقط وضع إجراءات مبررة ومؤقتة بطبيعة الحال ومتناسبة مع الخطورة التي فرضت هذا الاستثناء، لكن في حالة كوفيد الآن، على الأقل بالنسبة للمعطيات الرسمية حوله تبين أن هناك استقرارا في الوضع الوبائي، و تراجعا ملحوظا في عدد الإصابات، وكل المؤشرات الطبية للحالة الوبائية تؤكد أننا لسنا في وضعية مقلقة، ولا تستوجب استمرار أي نوع من الإجراءات الاستثنائية التي تم من خلالها إقرار حالة الطوارئ الصحية في الوقت الذي كنا فيه في أزمة حقيقية”.
واعتبر الحنوشي، أن هذه القرارات التي تتخذها الإدارات الترابية مشوبة بالتعسف والشطط في استعمال السلطة، مشددا على أنها غير مبررة نهائيا لا من الناحية الحقوقية ولا من الناحية القانونية.
وأشار الحنوشي، إلى أن حالة الطوارئ لا تبرر هذه القرارات، مبرزا أنه يمكن أن تفهم التدابير التي اتخذت في الأزمة، حين كانت كل المؤشرات خطيرة، أما الآن فليس هناك أي مبرر لأي إجراء من هذا النوع.
وأردف الباحث والفاعل الجمعوي والحقوقي عبد الرزاق الحنوشي: “نحن إذا أخذنا بالاعتبار المعطيات الرسمية فنحن في وضع مستقر، بطبيعة الحال لا بد من الحذر ومن التقيد بالاحترازات، لكن في حدود معقولة، لكن منع الناس من حقوقهم الأساسية في التمتع بالخدمات في المرفق العام مع اجبارية الإدلاء بوثيقة جواز التلقيح فيه تعسف في استعمال القانون وشطط في استعمال السلطة”.
من جهته، أكد المحامي بهيئة الرباط، محمد ألمو، أن “اشتراط بعض الإدارات جواز التلقيح كشرط أو كمدخل للحصول على وثائق من قبيل شهادة السكنى أو شهادة العزوبة إلخ، هو قرار تعسفي يتسم بالشطط في استعمال السلطة ولا يتسم بأية مشروعية قانونية باعتبار أن مرسوم حالة الطوارئ، باعتباره القانون الإطار لتدبير الحالة الوبائية ببلادنا والإجراءات المتخذة للتخفيف منها، لا يتضمن أي بند أو مقتضى يلزم التلقيح، أو يلزم بضرورة التوفر على شهادة التلقيح للحصول على استفادة من الخدمات العمومية”.
وأكد المحامي ألمو، في تصريح لجريدة “بيان اليوم”، أنه من شأن لجوء الأفراد للقضاء الإداري أن ينصفهم وأن يلغي هذه القرارات التي تغيب فيها المشروعية القانونية.
واعتبر ألمو أن “مثل هذه القرارات لها تداعيات خطيرة لا يعلم المجتهدون أو صناعها الخطر الذي يمكن أن يصل له هذا الإجراء الذي يبدو أنه بسيط”، مستطردا: “إن شخصا ما لا يتوفر على جواز التلقيح ومستقبله متوقف على وثيقة إدارية حاسمة، من شأن حرمانه من الحصول عليها أن يعصف بمستقبله ومستقبل أسرته، قد يقلب حياته رأسا على عقب”.
ودعا ألمو إلى التراجع عن هذه القرارات بشكل فوري، مردفا: “نحن في المغرب نتحدث عن الضمانة الأساسية للمواطنين وهي دولة الحق والقانون، وهذا هو الشعار، والامتثال للقانون هو المرجع الضامن لحماية حقوق الأفراد”.
عبد الصمد ادنيدن