في خيمة منصوبة في باحة مخيم للاجئين في جزيرة ليروس اليونانية، ينتظر عشرات الوافدين الجدد تسجيل بياناتهم بعدما لزموا حجرا صحيا لمدة 14 يوما.
وتحت أنظار الشرطة وبمساعدة مترجم يعطي مسؤول يوناني توجيهاته للوافدين الجدد قائلا «يمكنكم تقديم طلب لجوء إنما فقط في اليونان»، ويضيف «إن لم تفعلوا ذلك سترحلون إلى بلادكم».
وبعد الخضوع للتفتيش يتم التقاط صور للوافدين الجدد وغالبيتهم صوماليون وبينهم نساء وطفل ومسن، كما يتم أخذ بصمات الأصابع ويخضعون لاستجواب مفصل.
وبمؤازرة طواقم وتجهيزات من الاتحاد الأوروبي عززت اليونان تدابيرها الأمنية منذ اعتداءات باريس في نونبر 2015 حين أقدم جهاديون على قتل 130 شخصا في تفجير انتحاري وهجمات مسلحة.
والاعتداءات التي تم التخطيط لها في سوريا تبناها لاحقا تنظيم الدولة الإسلامية. والأسبوع الماضي بدأت محاكمة المهاجم الوحيد الباقي على قيد الحياة.
وكان اثنان من المهاجمين قد عبرا ليروس بصفة لاجئين في الثالث من أكتوبر 2015 بجوازي سفر مزورين.
وبعد ست سنوات، يشدد المسؤولون اليونانيون على أن البلاد أغلقت منافذ الدخول غير الشرعية.
وتؤكد فيليو كيبريزوغلو المسؤولة عن مخيم ليروس أنها واثقة «بنسبة مئة بالمئة» أن أي متطرف سيتم اعتراضه.
وتوضح أن «الإجراءات فورية»، إذ يستغرق الحصول من اليونانيين وقواعد البيانات الأمنية الأوروبية على تأكيد بشأن مشتبه به «خمس دقائق».
ورصد الاتحاد الأوروبي 276 مليون يورو (326 مليون دولار) لمخيمات جديدة ذات تدابير أكثر صرامة في جزر بحر إيجه الخمس، أي ليروس وليسبوس وكوس وساموس وخيوس، التي تستقبل غالبية المهاجرين الوافدين بحرا من تركيا.
وسيكون مخيم ليروس الجديد الذي يتوقع أن ينجز بناؤه الشهر المقبل مجهزا ببوابات لكشف المعادن وأجهزة أشعة سينية وكاميرات وبمرفق لاحتجاز من يتقرر ترحيلهم، وفق كيبريزوغلو.
كذلك تم تعزيز تدابير نقل طالبي اللجوء الوافدين إلى سواحل اليونان إلى دول أخرى في الاتحاد الأوروبي منذ ذروة أزمة تدفق المهاجرين إلى أوروبا في العام 2015.
وتقول ممثلة المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في اليونان ميراي جيرار «حين يصل أشخاص على متن قوارب، يجب استجواب كل شخص على حدة»، مضيفة «قد لا يكونون لاجئين، لكن لا يمكن معرفة ذلك إلا باستجوابهم».
وقال طاهر وهو شاب سوري من حلب لوكالة فرانس برس إنه خضع حين قد م طلبا لنقله إلى فرنسا في العام 2016 لاستجواب مفصل مدى ست ساعات تولاه عناصر فرنسيون أتوا إلى اليونان للتدقيق في طلبه.
وتابع «أرادوا أن أقر بأشياء لم أفعلها… أرادوا معلومات حول أسلحة يستخدمها الجيش السوري، سألوا إن كنت أعرف أحدا ممن أصبحوا متطرفين. في مرحلة معينة أشاروا إلى أني سافرت سابقا إلى فرنسا، وهذا الأمر ليس صحيحا».
ومنع طاهر من الدخول إلى فرنسا لـ»دواع أمنية». وتعين عليه تقديم طلب لجوء في اليونان، وقد تمت الموافقة على طلبه وهو يعمل حاليا مترجما في أثينا.
وكانت اليونان في العام 2015 الوجهة الرئيسية لطالبي اللجوء الساعين إلى دخول أوروبا، وقد وفد إليها أكثر من مليون منهم غالبيتهم سوريون وعراقيون وأفغان.
لكن مسؤولين يونانيين كثرا يعترضون على اتهام عناصر بلادهم بالتهاون في حراسة حدود أوروبا في العام 2015 الذي شهد أكبر موجة هجرة منذ الحرب العالمية الثانية.
وكانت اليونان ترزح حينها تحت وطأة ديونها.
وتقول الجنرال المتقاعد زاهارولا تسيريغوتي التي كانت ترأس حينها الجهاز المكلف شؤون الهجرة، إن الجهات الدائنة الدولية أجبرت الدولة اليونانية على خفض عديد موظفيها، وخصوصا طواقم الأجهزة المكلفة شؤون اللجوء، وحتى أن دول الاتحاد الأوروبي تجاهلت بادئ الأمر مناشدة أثينا إياها تقديم المساعدة.
وبحسب تسيريغوتي بلغ معدل المهاجرين الوافدين إلى ليروس في صيف العام 2015 ألف شخص يوميا، علما بأنها إحدى أصغر جزر أرخبيل دوديكانيز.
وقالت تسيريغوتي إن الاتحاد الأوروبي كان يحذرنا «لكننا لم نحصل على أي دعم على صعيد العديد أو البنى التحتية».
وكانت ليروس حينها مجهزة بمحطة وحيدة لقواعد بيانات بصمات اللجوء في الاتحاد الأوروبي «يوروداك» وكان التثبت من الهويات يستغرق يومين.
وقدمت ألمانيا لليونان 12 وحدة «يوروداك» في أكتوبر 2015 أي بعد أيام قليلة على عبور المهاجمين ليروس، وقد حذت سلطات أوروبية أخرى حذو ألمانيا.
وفي السنوات التي تلت، تم تعزيز خفر السواحل اليونانيين بطواقم من الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل «فرونتكس».
السلطات اليونانية تخضع اللاجئين الجدد بالمخيمات لتفتيش مشدد
الوسوم