فتحت البوابات الإلكترونية التي نصبها الاحتلال الإسرائيلي قبالة أبواب المسجد الأقصى الباب على مصراعيه لإمكانية المواجهة الشاملة مع الفلسطينيين، والتي من شأنها أن تمهد لحرب إقليمية ذات طابع ديني.
ووسط تصاعد المواجهات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حذرت أوساط سياسية وعسكرية بإسرائيل من مغبة اندلاع مواجهة عسكرية مع الفلسطينيين، من شأنها أن تتحول لحرب على عدة جبهات بحسب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي آيزنكوت.
لكن ثمة من يعتقد أنه رغم جاهزية الجيش الإسرائيلي للحرب، فإن إسرائيل وجميع الأطراف الإقليمية وحركات المقاومة الفلسطينية والعربية؛ غير معنية بالمواجهة لعدم جاهزيتها وانشغالها بالتحديدات التي تواجهها.
آيزنكوت -المعروف بلهجته التصعيدية ولغة التهديد والوعيد للفلسطينيين وفصائل المقاومة وحركة المقاومة الإسلامية(حماس) وحزب الله- اختار في ظل احتدام التوتر بالقدس والضفة الغربية المحتلتين، بعث رسالة تحذيره مبطنة للقيادة الإسرائيلية وللشعب اليهودي.
وأوضح خلال مراسيم انخراط جنود جدد في وحدتي “جولاني” و “جفعاتي”، أن التصعيد الحالي مع الفلسطينيين يحمل طابعا دينيا لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، لكنه أكد أن المواجهة العسكرية قد تنفجر والجيش مطالب بأن يحقق انتصارا ساحقا يبعد الحرب الشاملة لسنوات.
ويرى المحلل السياسي عكيفا الدار أن الأحداث بالقدس والأقصى مرشحة للاتساع والانفجار لتشمل الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، لكنه استبعد إمكانية الحرب الشاملة، وذلك على الرغم من جاهزية الجيش الإسرائيلي للحرب سواء على الجبهة الجنوبية مع حركة حماس أو الشمالية مع حزب الله.
ويعتقد الدار أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -من أجل تفادي الأزمة وتجنب المواجهة العسكرية- يراهن على المراوغة بالمفاوضات والاستعداد للتسوية مع الفلسطينيين، وضعف الأنظمة العربية، وتكريس الانقسام الفلسطيني واختراق العالم العربي والإسلامي بحلف مع الدول السنية المعتدلة.
وعزا الدار -في حديثه للجزيرة نت- دوافع إسرائيل بعدم الخروج للحرب، إلى الأجواء في العالمين العربي والإسلامي ومحاصرة حماس وشيطنتها إلى حد إضعافها ومحاولة ترويض المقاومة الفلسطينية، وكذلك غرق حزب الله بمستنقع الحرب في سوريا.
هذا في الوقت الذي تعزز فيه إسرائيل علاقاتها الدبلوماسية وتحالفها مع العديد من الدول العربية تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، وبالتالي قبول إسرائيل كجزء لا يتجزأ من الشرق الأوسط.
ولفت إلى أن الاشتباك المسلح في ساحات الأقصى أتى ليبدد وهم الانتصار والسيطرة والسيادة الإسرائيلية على ساحات الحرم القدسي الشريف، وحمل في طياته رسالة مزدوجة لإسرائيل تقول إنه لن يكون هناك استقرار والأقصى تحت الاحتلال، وللعالمين العربي والإسلامي: استفيقوا من سباتكم واخرجوا عن صمتكم حيال ما تقوم به إسرائيل في القدس والأقصى.
وأوضح أن إسرائيل وعلى مدار خمسين عاما تحاول إدارة أزمة الصراع وإطالة أمد الاحتلال من خلال توظيف وهم الحفاظ على الوضع القائم وتصنع الاستعداد لتسوية سياسية، بيد أن الوضع بالأقصى رسالة تحذير بأنه في غياب الحل السياسي المقبول للفلسطينيين، فإن ساحات الحرم ستتحول بأي لحظة لجبل بركان.
بدوره أكد جرشون هكوكين اللواء احتياط بالجيش الإسرائيلي الذي قاد عملية الانسحاب وفك الارتباط الإسرائيلي عن غزة في صيف 2005، أن الجيش الإسرائيلي دائما على أهبة الاستعداد وجاهز لأي سيناريوهات، لكنه لا يخرج للحرب بسبب تطورات إقليمية وميدانية في الضفة الغربية أو قطاع غزة.
ولفت هكوكين إلى أن تصريحات رئيس هيئة الأركان تشدد على جاهزية الجيش، ولكنها تحذر من تداعيات علميات عسكرية ومواجهة قد تتوسع لحرب إقليمية تحمل طابعا دينيا، مؤكدا أنه في الصراع العربي الإسرائيلي وبالذات مع الفلسطينيين، لا يمكن فصل السياسي عن الديني الذي هو جوهر الصراع.
ويجزم هكوكين -وهو الباحث في حركات المقاومة بمركز “بيغن السادات” للدراسات الإسرائيلية الإستراتيجية- أن كافة الأطراف بما فيها إسرائيل وحركة حماس وحزب الله والدول العربية غير معنية بالحرب، ورغم التوتر والتصعيد فإنه يلمس لدى الجميع الاستعداد لتجنب المواجهة العسكرية وتفضيل الحراك الدبلوماسي.
وفي الحال بين إسرائيل والأردن، يرى الباحث أن حادثة حارس السفارة الإسرائيلية وفرت الظروف لرئيس الوزراءبنيامين نتنياهو للنزول عن الشجرة بأزمة القدس والأقصى، بينما الملك عبد الله ظهر منتصرا بإزالة البوابات الإلكترونية في الأقصى، بحيث أن قضية السيادة ما إلا لعبة سياسية للجانبين كل يوظفها لدى شعبه.
السيادة على الأقصى.. صراع ينذر بحرب دينية
الوسوم