يشكل السيناريو عنصرا حاسما في نجاح العمل السينمائي أو فشله، ومع ذلك فإن المشتغلين في هذا الميدان ما فتئوا يشكون من الحيف الذي يتعرضون له من طرف المنتجين والمخرجين على حد سواء.
المنتجون -العديد منهم- ينكرون عليهم حقوقهم المادية، وحتى إذا ما أوفوا بها، فإنها عادة ما تكون دون مستوى حقوق غيرهم من المشاركين في صناعة العمل السينمائي أو الدرامي التلفزيوني.
المخرجون- العديد منهم كذلك- لا يحترمونهم ولا يراعون وضعهم الاعتباري، ويسمحون لأنفسهم بالتصرف في السيناريو، دون الرجوع إلى مؤلفه.
ولهذه الاعتبارات، من الطبيعي جدا أن تصلنا أصداء عن نزاعات بين هؤلاء الأطراف، بين كتاب السيناريو وبين المسؤولين عن العمل السينمائي والدرامي في ما يخص الإنتاج والإخراج.
أستحضر بهذا الخصوص النزاع الذي وصل إلى القضاء بين المخرج عبد الكريم درقاوي وكاتب السيناريو نور الدين وحيد، حول الفيلم السينمائي “وليدات كازا”، بسبب الحقوق المادية، كما أن الكاتب مصطفى لغتيري تنازع مع محمد اليونسي مخرج الشريط السينمائي “الوشاح الأحمر” بسبب التهميش الذي تعرض له، سواء في ما يخص عدم الإعلان عن اسمه ضمن الجينيريك باعتباره كاتب قصة أسلاك شائكة التي اقتبس منها الفيلم، وأيضا بسبب الحقوق المادية المجحفة، ولعل آخر الحوادث من هذا القبيل، هي تلك التي فجرها السيناريست خالد الخضري في الدورة الأخيرة للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، حيث اغتنم فرصة الندوة الصحافية التي أقامها مدير المركز السينمائي، لكي يبث شكواه حول ضياع حقوقه المادية المتعلقة بفيلم سينمائي كان قد أنجز السيناريو الخاص به، وكان رد المدير يفتقر لشيء من اللباقة، وهو يخبره بأن المركز غير مسؤول عن ذلك، ما دام أن الخلاف بينه وبين شركة إنتاج الفيلم التي تعاقد معها، وعلى إثر هذه الواقعة، لا بل نتيجة التراكمات التي حصلت على مدى سنوات، بخصوص الحيف الذي ما فتئ يتعرض له كتاب السيناريو، سواء في تعاملهم مع المخرجين أو المنتجين، اتفقت مجموعة من كتاب السيناريو على تأسيس إطار قانوني ونقابي يحمل اسم الجمعية المغربية لكتاب السيناريو، إسهاما منهم – كما جاء في بيانهم- في الرفع من مستوى كتابة السيناريو السينمائي المغربي وحماية مبدعيه مع تأمين حقوقهم المادية والمعنوية، من أجل تشجيعهم على عطاء إبداعي أفضل، كمحرك أساسي للرفع من مستوى الأفلام السينمائية المغربية وترسيخ عنصر الاختصاص كرافد أساسي من روافد الإبداع في السينما.
إنها مبادرة طيبة هذه التي قام بها كتاب السيناريو، ولعلها غير مسبوقة، ولا شك أنها ستعطي ثمارها في مستقبل الأيام، فلطالما تعرضت حرفة كتابة السيناريو لحيف من طرف المخرجين والمنتجين على حد سواء، وقد آن الأوان لوضع حد لهذا الحيف، سواء ما تعلق منه بالحقوق المادية أو القوة المعنوية لنص السيناريو في حد ذاته.
عبد العالي بركات