الشباب المغربي يؤكد على ضرورة مبدأ المسؤولية واحترام حقوق الإنسان وتوسيع مجال حرية التعبير

في هذا البحث الميداني الذي ملأت فيه بشكل عشوائي استمارات الأسئلة التي تم توزيعها على 517 شابا وشابة، تتراوح أعمارهم بين 20 و40 سنة، تم الوقوف على مجموعة من الخلاصات والنتائج المهمة التي كانت نتيجة للإجابات المقدمة في هذا الإطار على الأسلئة التي تهم المجلس الإستشاري للشباب والعمل الجمعوي، حيث اتضح من خلال قراءة أولية لعينة البحث، أن هذه العينة العشوائية تعد شابة من حيث السن لها تكوين أكاديمي متقدم ومنخرطة مدنيا وسياسيا، وهذا المعطى جعل من الدراسة تأخذ بعدا شبه متقارب من حيث الأجوبة على الأسئلة المطروحة، خصوصا وأن جل الشباب المشارك في الاستطلاع له دراية أكاديمية وفعلية بالحياة السياسية المغربية.

قبل سنوات عديدة، لم يكن الشباب المغربي يجد نفسه في دساتير المملكة وحتى بالنسبة إلى الترسانة القانونية لم تنزل كما أرادها؛ ترسانة قانونية تؤسس إلى تعاقد اجتماعي شبابي، وترسم معالم السياسة العمومية في مجال الشباب.
لقد حركت احتجاجات الشباب المغربي المياه الراكد، وتتبعنا في تلك المرحلة الصعبة كيف رد الخطاب الملكي لـ 9 مارس 2011 الاعتبار للشباب المغربي وجاء بعد ذلك الدستور المغربي الذي يشكل وثيقة “التعاقد السياسي الجديد” لكل الفاعلين، من خلال ترسيم عدة آليات سياسية وترافعية جديدة يجب العمل على تتمة أجرأة عملها كما جاء في الدستور المغربي. وما تواجد الشباب اليوم من خلال الفصل 33 وأيضا فصل 170 من هذه الوثيقة الدستورية سوى تأكيد على مدى الاستعداد السياسي لجل الفعاليات لإعادة الثقة لهذه الفئة، خصوصا أن المغرب يعرف بهرم سكاني شاب، وهذا ما اتضح من خلال خطاب تقديم الدستور، والذي أكد فيه الملك على الدور الذي يجب الاضطلاع به لما يحتله الشباب كشريحة مهمة في المجتمع.
قد نقول إن المعركة الأولى للشباب المغربي قد تحققت، لكن في المقابل يبقى الكثير من العمل لجعل آلية المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي تؤسس لفضاء تشاركي يعمل على وضع سياسة وطنية مندمجة/ فوق قطاعية للشباب المغربي بمشاركة مختلف الفاعلين ومأسسة العمل الجمعوي الذي يتخبط في ارتجالية دائمة تعيق التنمية المحلية والوطنية، اللهم بعض التنظيمات التي تخطت بتوجهاتها العمل العشوائي.
إن دور المؤسسات الآن، وهي تضع نصب أعينها الشباب المغربي، هو العمل على تحقيق ملموس للدستور من خلال إعداد ترسانة قانونية واضحة قادرة على تفعيل دور الشباب كقوة اقتراحية في صياغة القرار والمساهمة بفعالية في البناء الديمقراطي والعمل على وضع مساطر جدية للنهوض بقضايا الشباب وتعزيز مشاركته الإيجابية والمسؤولة وترسيخ ثقافة التطوع لديهم وتعميم النقاش العمومي في أوساط الشباب المغربي؛ وكذا تربية الشباب على قيم المواطنة وقيم التسامح والمسؤولية والموضوعية وإشاعة ثقافة احترام حقوق الإنسان.
لقد كانت تطلعات الحركة الشبابية على المستوى المؤسساتي هي دسترة مجلس وطني للشباب، والآن تطلعات الشباب هي وضع ترسانة قانونية تؤسس لتعاقد اجتماعي-سياسي شبابي جديد، يريدها بالشباب مع الشباب ومن أجل الشباب. إن الشباب يريد من هذه الآلية أن تستجيب لتطلعاته وأن تكون قادرة على وضع هندسة سياسية شبابية متكاملة من داخل السياسات العمومية للدولة، وذلك لطرح بدائل قابلة للتحقيق على مستوى المشاركة السياسية للشباب والتشغيل والتكوين.
بعد إحالة الحكومة لمشروع قانون رقم 89.15 المتعلق بالمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي على مجلس النواب يوم الاثنين 25 يوليوز 2016 وبعد المصادقة على المشروع في جلسة عامة يوم الاثنين 24 يوليوز، بالأغلبية، والذي حظي بتأييد 110 نواب، وامتناع 49 نائبا عن التصويت، مع تسجيل غياب 231 نائبا برلمانيا، والذي حمل في بنوده سلبيات وإيجابيات، حاولت من خلال كتابي الجديد “الشباب المغربي والمشاركة السياسية” الذي صدر لي مؤخرا، تسليط الضوء على موضوع المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي ومحاولة إشراك الفعاليات الشبابية في صنع المجلس الذي يريدون، لذلك قمت باستطلاع للرأي شمل 517 شابة وشاب طرحت عليهم 24 سؤالا مرتبطا بالمجلس وأهدافه وتشكيلته وجاءت نتائج الدراسة كما يلي:

المجالس الشبابية

الدراسة توصلت بخصوص المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي إلى أنه منذ الاستقلال إلى بداية الألفية الثالثة؛ الشباب لا يعرف بشكل كبير وجود مؤسسات وطنية سبق وأن أسست من قبل، حيث عبِر81 % من الشباب عن عدم معرفتهم بمجالس الشباب، بيد أن 19% منهم له دراية نوعا ما بالمجالس المؤسسة في السابق، هذا ما يدل على فرضية أساسية كون المجالس الوطنية الشبابية السابقة لم تكن فاعلة لدرجة لم تسمح للفعاليات السياسية والشبابية بتناولها في مراجعهم التاريخية ولم يكتب حولها الشيء الكثير، حيث إن المجالس الوطنية للشباب يصعب أن تجدها في الأرشيف اللهم المجلس الوطني للشباب والمستقبل الذي ترك خزانته غنية بمجموعة بحوث، لم يتم استغلالها آنذاك. لم نكتف بذلك فحسب، بل إن الشباب المشارك في الاستطلاع لم يتعرف على أي من المجالس السابقة اللهم 10 شباب فقط من أصل 19% ممن عرفوا المجالس السابقة وقدموا بذلك مثالا عن تجربة المجلس الوطني للشباب والمستقبل.
في مقابل ذلك، يعبر مجموعة من الشباب المشارك في استطلاع الرأي عن معرفتهم بتواجد مجالس شبابية عبر العالم، وهذا ما يسجل دراية 38 % بمجالس الشباب العالمية مقابل 19% فقط من يعرفون المجالس الشبابية التي سبق وأن أسست عبر العالم. ورغم ذلك يجب أن نسجل ملاحظة أساسية حول هذا السؤال بارتباطه بالسؤال السابق الذي طرح على الشباب حول مدى اطلاعهم على المجالس الشبابية السابقة في المغرب؛ ففي الوقت الذي وجدنا فيه 19% من الشباب المشارك في الاستطلاع لديهم معرفة بالمجالس الوطنية نجد في مقابل ذلك 38 % يعرفون المجالس الشبابية المتواجدة في باقي الدول. فهذا التناقض يقرأ من زاويتين اثنتين؛ الأولى أن الشباب المغربي أصبح متأثر بشكل كبير ومهتم بما يقع في الدول الأجنبية أما الثانية، فإن المجالس الدولة تتبع خطة تواصلية متميزة تجعل المعلومة تخترق المعرفة المغربية لتصل للشباب المغربي.
عضوية المجلس الاستشاري

أما بخصوص عضوية المجلس فإن 51% من الشباب يشيرون على ضرورة المرور عن طريق التعيين لأفراد فاعلين، في مقابل 49% يتشبثون بضرورة تعيين تمثيليات للمنظمات الفاعلة، حيث تكون العضوية مؤسساتية. في هذه النتيجة، يتضح تقارب بين من يدافع عن الفرد كفاعل أساسي وبين من يدافع عن المؤسسات، وهي نتيجة طبيعية إذا ما تم ربطها بالسؤال المرتبط بعضوية جمعية أو حزب سياسي الذي طرح على الشباب، ففئة عريضة من الشباب المشارك في الاستطلاع غير منتمية لا حزبيا ولا مدنيا. وبذلك، فإن من المنطق أن يدافعوا على ذواتهم كفاعل رئيس وتأتي المؤسسة بالصف الثاني، وهذا ناتج بالأساس لعدم رضى فئة كبيرة من الشباب على المؤسسات السياسية والمدنية المتواجدة في الساحة الوطنية. كما يمكن أيضا ربط هذه النتيجة بالمستوى التعليمي للشباب المشارك في الاستطلاع، والذي يتجاوز غالبيتهم التعليم الجامعي، حيث إن من المعروف أن الطالب المغربي من داخل الجامعة يبدأ في الاعتماد على ذاته بشكل فردي أولا ثم بعد ذلك يأتي الانضمام إلى الشكل التنظيمي، سواء أندية أو فصيل طلابي أو تيار سياسي.
وفيما يخص عدد الاعضاء الذي يقترحه 517 المستجوب، فقد اختلفت التوجهات في الأرقام، لكن النسبة الأكثر حظوة وحضورا هي 42 في المائة من الآراء المعبرة عنها تعتبر أن عدد الأعضاء في المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي يجب أن يكون محصورا بين 40 و50 عضوة وعضو. في المقابل ترى نسبة 36 في المائة أن عدد الأعضاء الذي ينبغي أن يمثل في المجلس يجب أن يكون بين 30 و40 عضوة وعضو، في حين عبر 6 في المائة عن ضرورة تقليص العدد ليكون بين 20 و30 عضوة وعضو، أما 16 في المائة المتبقية فهي ترى ضرورة توفر المجلس على أكثر من 60 عضوة وعضو فما فوق.
45% من الشباب المشارك في الاستطلاع لا يحبذون فكرة المناصفة بين الإناث والذكور داخل تركيبة المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، بينما يرى 55% منهم بضرورة التوزيع العادلة للعضوية بين الإناث والذكور، حيث إن من الملاحظ في هذه النتيجة أن 53% من المشاركين في الاستطلاع فئة الذكور و47% من فئة الإناث، حيث إن 82% (200 شابة) من فئة الإناث عبرن عن ضرورة تبني منطق المناصفة أي ما يعادل 38% من النسبة العامة و% 16 (43 شابا) من نسبة الذكور العامة يؤكدون على المناصفة في تكوين المجلس.

التعبير عن أفكار الشباب والتأثير على صناعة القرار

كثيرا ما تطرح إشكالية التمثيلية وما مدى ستلعب دورا في التعبير عن أفكار الشباب، كما أن مجموعة من الشباب يتساءلون في محافل عدة حول إمكانية المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي أن يلعب دورا في التعبير، عن الشباب المغربي، وهي أسئلة لم يكن من السهل الإجابة عنها أو على الأقل، فإن البعض يحتكم إلى أحكام جاهزة ويؤكدون أن المجلس له دور صوري فقط، ولا يمكنه أن يتكلم باسم الشباب أو يعبر عن أفكارهم، بيد أن نتيجة البحث جاءت بشكل مفاجئ تدحض كل ذلك وتؤكد بأن 85% من الشباب مقتنعون بأن المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي قادر على التعبير عن أفكارهم وقادر أن يلعب دور مكبر صوت للشباب، ليسمعها الفاعل السياسي. في المقابل 15% غير متفائلين ويؤكدون عدم جدوى وجود مجلس للشباب، لأنه غير قادر على التعبير عن أفكار الشباب.
إلى جانب هذا، طابع الاستقلالية حاضر بقوة من خلال أجوبة الشباب المشارك في البحث، فغالبية الشباب وبنسبة %94 يؤكدون على ضرورة استقلالية المجلس عن أي جهاز حكومي أو تشريعي وهو في العمق جواب على ضرورة الإعمال بمبادئ باريس التي أكدت في تمثيلية المجالس الوطنية أن “الإدارات الحكومية (وفي حالة انضمامها لا يشترك ممثلوها في المداولات إلا بصفة استشارية)، بمعنى أن الحكومة وإن مثلت داخل هياكل المجلس لن يكون له دور غير الاستشارة فقط، والأمر التقريري يعود للأعداد غير حكوميين.
فاستقلالية المجلس من الناحية التمثيلية تجرنا إلى استقلالية المجلس حتى من الناحية المالية، حيث إنه حسب مبادئ باريس أيضا ينبغي أن تملك المؤسسة الوطنية الهياكل الأساسية المناسبة لسلاسة سير أنشطتها، وبصفة خاصة الأموال الكافية لذلك، وينبغي أن يكون الغرض من هذه الأموال هو تمكينها من تدبير موظفيها وأماكن عملها، لتكون مستقلة عن الحكومة وغير خاضعة لمراقبة مالية قد تمس استقلالها.
كما تعتبر المرافعة من بين الآليات التي يمكن أن يعتمد عليها المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي للتأثير على صناعة القرار، وهي الوسيلة التي اختارها مجموعة من الشباب في سؤال للبحث حول الآليات المعتمدة والرأي المنسجم، والذي أكده الشباب المشارك في البحث، حيث إن 89% من الشباب يظن بأن المجلس قادر على أن يلعب أدوارا جد مهمة في الترافع على قضايا الشباب، بينما تبقى نسبة قليلة تتجلى في 11% غير متحمسة لهذا الموضوع.
ولن يقتصر المجلس على النهوض بقضايا الشباب والعمل الجمعوي، بل سيكون كمرآة للمغرب على المستوى الدولي، وهو الجانب المطروح وبشكل قوي على مختلف الفعاليات، للسعي قدما من أجل لعب أدوار طلائعية في الدبلوماسية الموازية والتعاون الدولي، وهذا الشكل المواطن للمؤسسات والأفراد يطرح بقوة على عمل المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، حيث إن نسبة 79 % من الشباب الذين شملهم البحث يؤكدون بأن المجلس يمكنه أن يلعب دورا في الدفاع عن القضية الوطنية والدبلوماسية الموازية والتعاون الدولي. بينما يرى 21% فقط من الشباب المشارك في البحث على أن أدوار المجلس وأولوياته داخليا وليس على المستوى الخارجي.
لقد حدد الدستور المغربي الأهداف العامة للمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، وتحتاج هذه الاهداف بالضرورة إلى آليات ووسائل من أجل تحقيقها، ويجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في القانون التنظيمي الذي ستنجزه الحكومة المغربية، فالشباب المشارك في البحث يؤكد وبشكل قوي (475 شاب) على أن المجلس يجب أن يقوم بالإعداد لتقارير وتقارير مضادة للهيئات الحكومية و القيام بدراسات ميدانية للبحث عن حلول لمشاكل الشباب ورفعها للجهات المسؤولة التنفيذية والتشريعية، كما أن نسبة 79% من الشباب يحثون على ضرورة استغلال فضاءات التواصل الاجتماعي (الفايسبوك، تويتر…) من أجل تلقي أسئلة ومشاكل الشباب وطرحها لدى السياسيين من أجل الإجابة لديها حيث إن دوره سيكون كوسيط بين الشباب والفاعل السياسي. كما أن 388 شابة وشاب يؤكدون على أن ألية الضغط من خلال وسائل الإعلام جد مهمة من أجل التفاعل مع الرأي العام وإثارة النقاش والاهتمام العموميين. في مقابل ذلك، ترى نسبة جد مهمة من الشباب ضرورة عقد لقاءات مع البرلمان، لنقل مشاكل الشباب على المستوى التشريعي وطرحها أمام الحكومة. ويأتي في المرتبة السابعة وبنسبة مهمة أيضا ضرورة تقوية التعاون والتواصل مع باقي هيئات الحكامة الجيدة من قبيل مؤسسة الوسيط والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي. ويبقى الاحتجاج والنزول للشارع كخيار يؤكده 214 شاب مشارك في البحث.
تحديات وصعوبات

من المخاوف التي تلاحق المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، والتي عبر عليها الشباب في شكل تحديات وصعوبات يمكنها أن تعترض عمل المجلس وتعيق تحقيق أهدافه؛ فالشباب الذي شمله البحث يخشى من غياب التعاون بين الحكومة والبرلمان مع المجلس، وهذا ما سيؤثر على عمله، ولن يجعل له دورا فاعلا في الاستشارة فيما يخص برامج الشباب، كما أن هاجس ضعف ميزانية المجلس حار، مما سيحول دون إنجاز مجموعة من مشاريع المجلس، وهذا ما عبر عنه الشباب من خلال السؤال السابق حول اقتراحهم لميزانية المجلس.
إن غياب الانسجام داخل تشكيلة المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، من المخاوف التي عبر عنها الشباب المشارك في البحث، حيث إن الانسجام من عدمه يطرح سؤال الفعالية والإنتاجية، وهذا ما يحصل في مختلف المجلس وحتى الحكومة بشأنها في حال هدم انسجام أعضائها؛ فهي لا تقدم النتائج التي ينتظرها الشعب المغربي. بالاضافة إلى تحدي الانسجام داخل المجلس يحضر بشكل لافت لدى الشباب إشكالية تدخل الاحزاب السياسية في عمل المجلس وتأثيرها سياسيا على التوجهات العامة للأعضاء وخلط الأوراق بين الدور الاستشاري للمجلس والدور الرقابي أو تصفية الحسابات السياسية، لذلك يؤكد الشباب المشارك في البحث على ضرورة استقلالية المجلس من تدخل أي طرف سياسي في توجيه المجلس. التشويش الإعلامي كما رغب مجموعة من الشباب أن يسميه، وهو ناتج عن عدم تحمل الإعلام المسؤولية المواطنة في نقل الأخبار ونشرها والتعليق عليها، فالانجراف وعدم الحياد الإعلامي في نظر الشباب يمكنه أن يكون تشويشا لعمل المجلس، مما يجعله تحد أمامه يصعب عليه الاشتغال بكل أريحية.
إن المجلس كتنظيم، نص عليه الدستور المغربي، من خلال الفصلين 33 و170 يستلزم وفق مجموعة من الشباب إعمال الحكامة والديمقراطية الداخلية، وهذا هو التحدي الذي أكده الشباب من خلال هذا البحث، حيث إن غياب الديمقراطية الداخلية يمكنه أن يؤدي إلى عدم انسجام الأعضاء وبالتالي نكون أمام سلطوية القرار وغياب الفعالية وعدم مشاركة الجميع.

أولويات المجلس

يفيد بحث وطني حول الشباب أنجزته المندوبية السامية للتخطيط أن التشغيل وتكافؤ الفرص في الولوج إليه، يتصدر أولويات الشباب المغربي، يليه إصلاح التعليم والسكن والصحة ثم توسيع مجال حرية الرأي والتعبير. وبالأرقام، فإن93 بالمائة من الشباب الذين شملهم البحث أولويتهم هي التشغيل وتكافؤ الفرص في الولوج إليه، في الوقت الذي يعطي 83 بالمائة الأولوية لإصلاح التعليم، ويحتل السكن اللائق المرتبة الثالثة ضمن الأولويات بنسبة 81 بالمائة متبوعا بتحسين الخدمات الصحية بنسبة 76 بالمائة. وقد تم ذكر احترام حقوق الإنسان كأولوية من طرف 72 بالمائة من الشباب وتوسيع مجال حرية التعبير من طرف 62 بالمائة منهم إستنادا إلى نفس البحث. في مقابل ذلك ومن خلال هذا البحث المتواضع، فإن الشباب لم يخرج عن هذا السياق، فأولوياته التي يراها مناسبة لتدخل عمل المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، فهو يرى التعليم والتشغيل والسكن والصحة كأولوية وكمجالات ضرورية يجب على المجلس أن يشتغل عليها ليجيب عنها. ومن خلال أجوبة الشباب، فإننا نجد أن التعليم كأول مجال ينصح به الشباب لتدخل المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، وذلك بنسبة 82% وتليه قضية التشغيل التي احتلت المرتبة الثانية بنسبة 77% ثم السكن كأولوية لتدخل المجلس بنسبة 73%، وتأتي الصحة في المرتبة الرابعة من بين الأولويات بنسبة 60% ثم الديمقراطية وحقوق الإنسان في المرتبة الخامسة بنسبة 58%، وترسيخ قيم الانتماء للوطن في المرتبة السادسة بنسبة 56%.

المرجعيات والمبادئ

لكل تنظيم كان مدنيا أم سياسيا له مبادئ ينبني عليها، وبالنسبة إلى المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، فإن الشباب الذين شملهم البحث، يقترح 498 شابة وشاب؛ أي بنسبة 96% أن يكون أول مبدأ يؤسس عليه المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي هو مبدأ الديمقراطية، ويتضح بالفعل أن الشباب واع جد الوعي بالصعوبات التي يمكن أن تواجه المجلس إذا لم يتم تبني الديمقراطية كمبدأ للاشتغال وهذا المبدأ هو من أهم المخاوف التي طرحها الشباب، فغياب الديمقراطية يعني غياب المؤسسة ككل –في تعليق لإحدى الشباب-. بالإضافة إلى مبدأ الديمقراطية، نجد بأن الشباب المشارك في البحث يؤكد على مبدأ المسؤولية، وهذا المبدأ عبر عليه ما يناهز 80% من الشباب المشارك في البحث، والمسؤولية تعني دلالة الإيمان بالواجب والحق، باعتبار عضوية المجلس هي تكليف بمهمة يستلزم تحمل المسؤولية فيها. في مقابل ذلك يعبر 79% من الشباب على ضرورة تبني مبدأ الشفافية والنزاهة داخل وخارج عمل المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، وأن يشتغل المجلس بشكل مستقل، وهذا ما عبر عنه أزيد من % 77 من الشباب المشارك في البحث. المساواة هاجس آخر يعبر عنه الشباب، حيث إن 75% من الشباب الذين شملهم البحث يقدمون المجلس على أساس مبدأ المساواة في الفرص وفي جميع مناحي عمل المجلس. كما أن المواطنة واحترام الدستور والعدالة الاجتماعية مبادئ يوصي به الشباب من أجل عمل واشتغال المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي.

إسماعيل الحمراوي

Related posts

Top